البحوث العلمية وسباق الامم نحو الرقي

شبكة النبأ: ارقى ما يميز الامم هو اهتمامها بالعلم والعلماء، نظرا للأهمية الذي يمثله هذا القطاع الحيوي في نهوض الشعوب وتقدمها على مختلف الاصعدة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا.

وعلى قدر اهتمام الدول بهذا القطاع يحقق العاملون فيه انجازاتهم وابداعاتهم، وبعكسه ينكفئ ويضمر هذا الميدان، ويخلو وفاض الباحثين من كل ما هو جديد ونافع.

حيث تتباين على الدوام مستويات الدول وحسب انظمتها السياسية في سلم ما يحسب لها من بحوث علمية واختراعات جديدة وصناعات مبدعة ترفد به العلم والعلماء.

فيما يترقب العالم بأجمعه بشكل مستمر كل ما هو يسهم في خدمة الانسانية من اختراعات جديدة، حتى باتت بعض المنظمات الدولية والمحلية تؤسس الى مضمار تنافسي مشروع بهدف حث ودعم المنجز الانساني.

الاختراعات الصينية

فقد قالت المنظمة العالمية للملكية الفكرية إن الصين خالفت هبوطا غير مسبوق في تسجيل براءات الاختراع في العام الماضي حيث عززت مستواها بالارتفاع بنسبة 29.7 في المئة بينما شهدت الولايات المتحدة انخفاضا بنسبة 11.4 في المئة.

وحققت كل من اليابان التي تحتفظ شركاتها باربعة من المواقع العشرة الرئيسية بين تسجيل براءات الاختراع لدى الشركات في ظل معاهدة التعاون بشأن البراءات وكوريا الجنوبية زيادة صغيرة على الرغم من المتاعب المالية والاقتصادية الدولية.

وقال فرانسيس جاري المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية "هذا يشير الى اداء قوي لدول شرق آسيا". واضاف ان الشركات في المنطقة من الواضح انها تدرك بان الابتكار احد الطرق للخروج من الازمة.

واحتفظت الولايات المتحدة بموقعها باعتبارها المصدر الاول لتسجيل براءة الاختراع بتسجيل 45800 براءة اختراع تقريبا اي خمسة اضعاف الصين ولكن عددها الاجمالي انخفض بنسبة 11.4 في المئة. وكان نصيب اليابان التي تحتل المركز الثاني 29827 براءة اختراع.

ومن بين الشركات كانت شركة باناسونيك اليابانية هي الاعلى حيث سجلت 1891 بزيادة 162 عن عام 2008. ودفعت بشركة هيواي تكنولوجيز المحدودة الصينية التي كانت تتصدر عام 2008 الى المركز الثاني حيث سجلت الاخيرة 1847 براءة اختراع بزيادة 110.

واطلقت المنظمة العالمية للملكية الفكرية معاهدة التعاون بشأن البراءات في عام 1978 لتمكن الشركات من السعى الى الحماية عبر عدد كبير من الدول في تسجيل البراءة لمرة واحدة ومن ثم تعزيز جاذبية اختراعاتها للمستثمرين العالميين. بحسب رويترز.

وقال كارستين فان كبير الاقتصاديين في المنظمة التابعة للامم المتحدة انها المرة الاولى منذ اقيم النظام التي ينخفض فيها التسجيل البراءات الكلية حيث انخفض من 164 الفا الى 155900 في العام الماضي.

تكاليف براءات الاختراع

من جهتها اقترحت المفوضية الاوروبية خفض تكلفة حماية الافكار على أمل تشجيع المخترعين على ابتكار منتجات جديدة ودفع النمو الاقتصادي.

وحاول الاتحاد الاوروبي الذي يضم 27 دولة على مدى سنوات تبسيط نظامه المعقد والمكلف لتسجيل براءات الاختراع لكنه تعثر بشان كيفية الحد من عدد اللغات المستخدمة وتبسيط التحديات القانونية.

واقترح ميشيل بارنييه مفوض السوق الداخلية بالاتحاد الاوروبي ما يأمل أن يكون حلا لاخر العقبات من خلال اتفاق للحد من عدد اللغات الى ثلاث لغات وهي الانحليزية والالمانية والفرنسية.

وقال بارنييه في بيان "امل أن تعمل الان الدول الاعضاء بسرعة لضمان أن تصبح براءة الاختراع في الاتحاد الاوروبي حقيقة واقعة." بحسب رويترز.

وهناك براءة اختراع أوروبية بالفعل ولكنها في الواقع مجموعة من براءات الاختراع الوطنية يمكن التحقق من صحتها في كل بلد وهي عملية مكلفة من حيث الرسوم القانونية والترجمة.

ويجعل ذلك براءة الاختراع الاوروبية تتكلف ما يصل الى 20 الف يورو (24470 دولارا) اي عشرة امثال براءة الاختراع في الولايات المتحدة والتي تتكلف حوالي 1850 يورو.

وسيخفض اقتراح بارنييه تكلفة براءة الاختراع الاوروبية التي تشمل كل الدول الاعضاء لاقل من 6200 يورو في ظل تخفيض تكاليف الترجمة.

واتفقت دول الاتحاد الاوروبي في ديسمبر كانون الاول الماضي على اقامة محكمة جديدة لبراءة الاختراع في الاتحاد الاوروبي. وتنتظر دول الاتحاد رأي محكمة العدل الاوروبية وهي أعلى محكمة في الاتحاد في وقت لاحق هذا العام قبل أن يقرر الاعضاء المضي قدما.

سيرن تفتح باب العضوية

كما تفتح المنظمة الاوروبية للبحوث النووية (سيرن) - التي تقوم حاليا بأكبر تجربة علمية في تاريخ البشرية- باب العضوية امام جميع الدول المؤهلة للانضمام اليها.

وحتى الان سمح المركز -الذي تأسس قبل 56 عاما بالقرب من جنيف على الحدود بين فرنسا وسويسرا وتبلغ ميزانيته السنوية 10 مليارات فرنك سويسري (8.7 مليار دولار)- بالعضوية الكاملة للدول الاوروبية فقط رغم مشاركة دول اخرى كثيرة في عمله.

وقال ميشيل سبيرو رئيس المجلس التنفيذي لسيرن والذي اتخذ القرار مطلع هذا الاسبوع "هذه قفزة عملاقة لفيزياء الجسيمات تعترف بالعولمة المتزايدة للمجال."

وقال رولف هوير المدير العام للمنظمة -التي فاز علماؤها بعدة جوائز نوبل وابتكرت فيها الشبكة العنكبوتية في 1989 - ان التغير يعكس اهتماما عالميا بالبحث في نشأة الكون.

وقال المتحدث جيمس جيليز ان التغيير لن يعني بالضرورة حصول سيرن على مزيد من المال التي تحدد ميزانيتها لمدة خمس سنوات ثم تقسم بين اعضائها.

لكنه سيعني مصدرا محتملا لعائدات اضافية للمنظمة التي يقول منتقدوها انها تبتلع تمويلات ضخمة يمكن ان تستخدم في اهداف اكثر عملية.

ويقول المؤيدون والحكومات التي صوتت لتخصيص ميزانيتها ان هناك استفادات اقتصادية وصحية كثيرة من عملها.

وأسست 12 دولة اوروبية في 1954 المنظمة الاوروبية للبحوث النووية (سيرن) بهدف استعادة دور القارة في الابحاث الفيزيائية بعد الحرب العالمية الثانية وهي الان تضم 20 دولة.

لكنها ايضا تضم نحو ثمانية الاف عالم من حوالي 80 دولة يعملون في برامجها او لحسابها.

وهناك ستة دول غير اوروبية تحمل صفة عضو مراقب في سيرن -هي الهند واسرائيل واليابان وروسيا وتركيا والولايات المتحدة- وكذلك المفوضية الاوروبية ومنظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو).

ومن بين هؤلاء فان اسرائيل وتركيا بالفعل في طريقهما لان تصبحا دولتان كاملتا العضوية -ومعهما على الارجح قبرص وصربيا وسلوفينيا وهي دول لا تحمل صفة مراقب- بحلول نهاية العام.

احتجاج علماء بريطانيا

فيما احتشد زهاء 2000 عالم ومؤيد للبحث العلمي أمام مقر وزارة الخزانة البريطانية احتجاجا على تخفيضات متوقعة في الانفاق الحكومي المخصص للبحث العلمي يقولون انها ستعرقل الابتكار وتضر الاقتصاد.

وستعلن الحكومة خطة لتخفيضات كبيرة في الانفاق في 20 أكتوبر تشرين الاول بهدف تقليص عجز قياسي في الميزانية يبلغ حاليا أكثر من 10 بالمئة من الناتج القومي الاجمالي. وتواجه معظم الوزارات تخفيضات تبلغ 25 في المئة أو أكثر.

وقالت الشرطة ومنظمو الاحتجاج ان حوالي 2000 شخص احتشدوا أمام مبنى وزارة الخزانة في منطقة وايتهول في وسط لندن وكان بعضهم يرتدي معاطف المختبرات العلمية ويمسكون لافتات مكتوب عليها "العلم يساوي النمو" و "العلم ينقذ الأرواح".

وقالت جيني روهن باسم حملة (العلم شيء حيوي) "نريد أن نبعث رسالة الي وزارة الخزانة. تخفيض الانفاق العلمي سيكون معناه أننا نطلق الرصاص على أقدامنا.. لان العلم والتكنولوجيا والابتكار هم وقود الاقتصاد."

وتنفق بريطانيا حوالي 3.5 مليار جنيه استرليني سنويا على العلم والاكاديميات. ويخشى العلماء هجرة للعقول مع انتقال بعض من كبار العلماء الي دول مثل الولايات المتحدة وكندا والصين حيث تتزايد الاستثمارات العلمية.

روسيا تفقد الريادة

في سياق متصل جاء في تقرير اخباري ان المشاكل السياسية وهجرة العقول المتمثلة في نزوح العلماء الروس حول روسيا من دولة أطلقت أول سفينة فضاء الى مجرد لاعب صغير بدرجة اخذة في التزايد في عالم العلم.

وجاء في التقرير ان تحليل الابحاث التي نشرها العلماء الروس كشف عن انخفاض ملحوظ في جميع المجالات وهو ما يعكس تقلص تأثير روسيا لا في العلم فقط بل أيضا في الصناعات التي تستند الى العلم مثل الطاقة النووية.

وقال التقرير "قاعدة الابحاث الروسية تعاني من مشكلة ولا مؤشرات تذكر في الافق على حلها. بحسب رويترز.

"كانت روسيا قائدة الابحاث العلمية والفكر الثقافي في أوروبا والعالم لفترة طويلة جدا مما جعل رؤيتها وهي تملك نصيبا صغيرا ومتناقصا في الانشطة الدولية مفاجئا بل صادما ويؤدي الى تاكل محور قواها."

وفي اكتوبر تشرين الاول وقع اكثر من 170 عالما روسيا في الخارج رسالة الى الرئيس الروسي ديمتري ميدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين يشكون فيها من "الاوضاع الكارثية للعلم الاساسي."

وقال جوناثان ادامز مدير التقييم البحثي في طومسون رويترز "في الوقت الذي زادت فيه دول اخرى من أبحاثها جاهدت روسيا للحفاظ على حجم ابحاثها بل حتى تراجعت الى الوراء في مجالات منها الفيزياء وعلم الفضاء وكانا تاريخيا من نقاط قوتها."

وجاء في التقرير ان الابحاث الروسية تمثل 2.6 في المئة من الابحاث العالمية التي نشرت في مجلات فهرست لها طومسون رويترز على مدى خمس سنوات.

وقال التقرير "على سبيل المقارنة هذا يزيد على البرازيل (102 الف بحث اي 2.1 في المئة على مستوى العالم) لكنه اقل من الهند (144 الف بحث اي 2.9 في المئة) وأقل بكثير من الصين (415 الف بحث اي 8.4 في المئة)." وتتصدر الولايات المتحدة دول العالم في الابحاث العلمية.

سويسرا تدعم 11 مليار دولار

الى ذلك أظهرت دراسة سويسرية أن الشركات الخاصة أنفقت 11.2 مليار دولار تقريباً في أنشطة البحث العلمي والتطوير، التي أجريت في سويسرا، في عام 2008.

وذكرت الدراسة الصادرة من المكتب السويسري الاتحادي للإحصاء واتحاد الأعمال السويسري "إيكونومي سويس" اليوم أن هذا المبلغ يتجاوز نفقات البحث العلمي في عام 2004 بنحو 2.15 مليار دولار، أي ما يعادل زيادة مقدارها 24 %. ويقول معدو الدراسة إن هذه النتيجة تضع سويسرا في صدارة الترتيب العالمي في تمويل الأبحاث العلمية والتطوير عبر القطاع الصناعي، حيث تعادل تلك المبالغ نحو 2.2 % من الناتج المحلي الإجمالي.

يذكر أن الاقتصاد السويسري سجل بين عامي 2004 و2008 أعلى مستويات النمو منذ بداية تسعينيات القرن الماضي، وبالرغم من هذا فإن نفقات الأبحاث والتطوير نمت بمعدل أسرع من الناتج المحلي الإجمالي خلال هذه السنوات الأربع. بحسب وكالة الأنباء الكويتية.  

واستطاعت سويسرا أن تضع نفسها على المستوى الدولي، حيث يستحوذ البحث العلمي والتطوير في الاتحاد الأوروبي في المتوسط على 1.1 % من الناتج المحلي الإجمالي.

إسرائيل تهزم مصر

على صعيد متصل كشف مصدر مطلع بالجهاز المركزى للمحاسبات، أن الجهاز انتقد وبشدة فى تقرير أعده مؤخراً خروج الجامعات المصرية من تصنيف الجامعات العالمية.

وأشار المصدر إلى أن الجهاز أكد فى تقريره انزعاجه من هذه التصنيفات التى تعكس واقعاً مريراً للمستوى العلمى الذى وصلت إليه الجامعات المصرية بشكل خاص، ومستوى البحث العلمى برمته، وهو ما ينعكس على إعداد خريجين غير مؤهلين علميا.

وأوضح المصدر أن الجهاز المركزى للمحاسبات، أعد هذا التقرير لأول مرة عن ترتيب الجامعات المصرية بين قوائم ترتيب وتصنيف الجامعات العالمية، وأن التقرير كشف عن حقيقة كارثية تمثلت فى أن هناك قائمة تضم أفضل 60 بحثًا فى منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا، لا يوجد بينها بحث مصرى واحد، فى الوقت الذى ضمت القائمة 47 بحثًا من إسرائيل بمفردها، و7 أبحاث من جنوب أفريقيا، والمفاجأة أن السعودية دخلت القائمة بأربعة أبحاث ولكن لباحثين أجانب.

وأكد المصدر أن التقرير كشف عن حقيقة مذهلة، وهى أن 70% من الأبحاث العلمية فى مصر ضعيفة، وبعيدة عن العلوم الأساسية، وتتركز فقط فى العلوم الإنسانية، ووجه التقرير انتقاداً حاداً للمسئولين عن التعليم فى مصر.

السويد متقدمة على أمريكا

من جانب آخر أظهر تقرير أن السويد انتزعت المرتبة الاولى من الولايات المتحدة في التصنيف السنوي لاكثر الدول استخداما لتكنولوجيا الاتصالات مثل الشبكات والهاتف المحمول والكمبيوتر.

ويقوم معيار الربط الالكتروني الذي وضعه ليونارد ويفرمان الاستاذ بكلية الاعمال في لندن عام 2008 بتصنيف 50 دولة على أساس عشرات المؤشرات منها المهارات التكنولوجية واستخدام تكنولوجيا الاتصالات.

وقال ويفرمان "السويد فضلا عن امتلاكها أفضل مزيج من المعايير لم تظهر دلائل تذكر على فقد الريادة."

وأضاف "وعلى العكس ظهرت بداية فجوة فيما كان ذات يوم جوهر الريادة الامريكية في أغلب قطاعات الصناعة والخدمات والتعليم والمهارات."

وجاءت السويد في المرتبة الثانية في الاستطلاع السابق بعد الولايات المتحدة. واحتلت النرويج المرتبة الثالثة صاعدة من المرتبة الخامس العام الماضي.

ويقول الباحثون ان المؤشر الجديد -الذي أعدته شركة معدات الاتصالات نوكيا سيمنس نتوركس - يستخدم بالفعل في العديد من الدول في تطوير استراتيجيات الابتكار.

وقال ويفرمان "الانتعاش الاقتصادي وخطط التحفيز الحكومية الرامية لتعزيز نشر شبكات الانترنت فائقة السرعة وتطوير تكنولوجيا معلومات الاتصالات.. كلها عوامل تتيح مجالا للتفاؤل في الاعوام القادمة."

واحتلت دول في شرق وجنوب أوروبا مثل ايطاليا واسبانيا واليونان وبولندا المراتب الاخيرة على قائمة من 25 دولة متقدمة في حين جاءت اليابان في المرتبة العاشرة.

وظلت ماليزيا تتصدر قائمة الدول النامية مدعومة بتعاون جيد بين القطاعين العام والخاص وصعدت جنوب افريقيا الى المرتبة الثانية مدعومة بانفاق كبير من جانب الشركات على معدات وبرامج وخدمات تكنولوجيا المعلومات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/تشرين الثاني/2010 - 26/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م