طرود القاعدة... قنابل عابرة القارات

 

شبكة النبأ: جاءت طرود القاعدة المفخخة التي استهدفت الولايات المتحدة كضربة قاصمة للجهود الامريكية والدولية للتصدي لذلك التنظيم او الحد من قدراته.

فعلى الرغم من مضي اكثر من عشرة اعوام متتالية للحرب المعلنة على القاعدة، والتي تمثلت بإسقاط حكومة طالبان الافغانية، التي كانت تعد الراعي الرسمي لابن لادن، الا ان القاعدة استطاعت بمرور الزمن على التكيف مع واقعها الجديد واتخاذ حواضن جديدة وقيامها بهجمات بالغة الدقة كادت ان تكون مكلفة لو لا محاسن الصدف.

حيث يسود قلق كبير لدى أوساط الأجهزة الأمنية والاستخبارات الأميركية بشكل متزايد هذه الأيام بشأن اليمن، بالرغم من التعاون الملحوظ بين صنعاء وواشنطن بشأن محاربة الإرهاب.

وهناك خشية أميركية من أن يصبح اليمن ملاذا آمنا لتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ينطلق منه لتنفيذ هجمات ضد الولايات المتحدة الأميركية والدول الغربية.

فيما يجد المحللون في التهديدات الإرهابية القادمة من اليمن ان من شأنها التأثير في الانتخابات النصفية المزمع إجراؤها بعد أيام في الولايات المتحدة نفسها.

خصوصا ان تلك المحاولة لتنظيم القاعدة أثارت قلقاً كبيرا في مختلف البلدان الأوربية جاءت التهديدات هذه المرة عبر إستراتيجية مختلفة.

طرود مفخخة

ففي محاولة تفجير طرود ناسفة خرجت من اليمن تفاقمت المخاوف الامنية بشأن الدولة العربية التي تعاني من عدم الاستقرار والتي ينظر اليها الغرب باعتبارها موطن أحد أكثر أجنحة القاعدة ابداعا وجرأة.

واعلن اوباما موقفه بعد الانذار العالمي الذي تسبب به اكتشاف طردين على متن طائرتي شحن والمخاوف من اعتداءات تستهدف الولايات المتحدة.

وقال اوباما من البيت الابيض اريد ان اعلم الاميركيين بتهديد ارهابي حقيقي يطال بلدنا.

واضاف ان فحصا دقيقا لهذين الطردين يدل على انهما يحويان على ما يبدو على متفجرات.

واوضح ان هذين الطردين كانا موجهين الى اماكن عبادة يهودية في شيكاغو معقله الانتخابي حيث من المقرر ان يمضي في اطار جولة اخيرة على الولايات الاميركية قبل الانتخابات التشريعية.

ولا يزال التحقيق جاريا. لكن ارسال الطردين من اليمن يوجه الشكوك الى تنظيم قاعد الجهاد في جزيرة العرب الذي حاول سابقا استهداف الولايات المتحدة خصوصا عبر محاولة الاعتداء الفاشلة التي نفذها شاب نيجيري لتفجير طائرة كانت تقوم برحلة بين امستردام وديترويت يوم عيد الميلاد من العام الماضي.

وقال الرئيس الاميركي سنواصل تعزيز تعاوننا مع الحكومة اليمنية بهدف احباط اعتداءات جديدة وتدمير تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

واشار الى ان مستشاره لمكافحة الارهاب جون برينان تحدث الى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.

وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما ان المسؤولين الامنيين في بريطانيا ودبي اعترضوا طردين ناسفين أرسلا من اليمن الى الولايات المتحدة في "تهديد ارهابي فعلي. حسب رويترز

وأضاف أن الطردين كانا في طريقهما الى مكاني عبادة يهوديين في شيكاجو.

ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن ارسال الطردين على الفور. لكن أوباما قال ان مسؤولين أمريكيين يشتبهون في أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب  الذي يقاتل للاطاحة بالحكومة اليمنية  وراء ارسال الطردين .

واكتسبت الجماعة بفضل أنشطتها سمعة كأشد أجنحة تنظيم القاعدة المتناثرة في أنحاء العالم عدوانية.

وكانت الجماعة أعلنت مسؤوليتها عن محاولة فاشلة في 25 ديسمبر كانون الاول 2009 لتفجير طائرة ركاب فوق ديترويت قام بها متشدد نيجيري. الا أن الشحنة الناسفة التي كانت مخبأة في الملابس الداخلية للرجل الذي يدعى عمر فاروق عبد المطلب لم تنفجر. وكان عبد المطلب زار اليمن كما أجرى اتصالات مع متشددين هناك.

وقبل ذلك بعدة شهور قامت الجماعة بعملية عبر الحدود في السعودية كادت خلالها أن تغتال الامير محمد بن نايف أحد أفراد الاسرة الحاكمة والذي يقود حملة مكافحة الارهاب في المملكة.

وفي العام نفسه نفذ التنظيم هجوما انتحاريا قتل فيه أربعة سياح كوريين جنوبيين في اليمن. كما استهدف في العام الحالي مسؤولين أمنيين يمنيين مرارا.

ولم تكن الهجمات وحدها هي التي أكسبت القاعدة في جزيرة العرب تلك السمعة السيئة.

ويرجع الفضل في ذلك أيضا الى كونها منتج نشط لدعاية القاعدة كما أنها تنشر مجلة للتنظيم باللغة الانجليزية بعنوان انسباير أدهشت الكثيرين بشكلها الاملس والذي يضاهي المجلات التي تستهدف المراهقين.

كما تستضيف أبرز دعاة التنظيم الذين يتقنون الانجليزية وهو أنور العولقي الداعية الامريكي المتشدد الذي ترجع أصوله الى اليمن والذي يستخدم في جداله بفاعلية مصطلحات وأفكار غربية وهي موهبة نادرة في صفوف القاعدة.

ويعد العولقي ورفاقه المساهمون في اصدار انسباير أبرز نماذج موجة جديدة من المعلقين الناطقين بالانجليزية والذين يؤثرون في بعض الشبان المسلمين في الغرب.

وكان العولقي القيادي الوحيد في القاعدة الذي ذكره بالاسم رئيس المخابرات الخارجية البريطانية جون سويرز عندما عرض التهديدات التي تواجهها بريطانيا يوم الخميس الماضي في أول كلمة على الاطلاق يلقيها رئيس للجهاز الامني البريطاني أثناء تواجده في الخدمة.

وقال مسؤولون أمريكيون ان واشنطن فوضت وكالة المخابرات الامريكية (سي.اي. ايه) لقتل أو اعتقال العولقي. وهدد تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الولايات المتحدة بمزيد من الهجمات اذا أصيب العولقي بسوء.

وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب واحد من بين عدة أجنحة تابعة لتنظيم القاعدة ظهرت خلال السنوات الثلاث الماضية وتحاول اجتذاب متشددين من الغرب الى صفوفها يشجعها على ذلك فيما يبدو زعيم التنظيم أسامة بن لادن.

وتحت ضغط هجمات الطائرات دون طيار لجأ ابن لادن وهو سعودي من أصل يمني الى تبني استراتيجية تقوم على شن هجمات أصغر وأسهل تنظيما تنفذها فروع بعيدا عن منطقة الحدود الافغانية الباكستانية التي يعتقد انه مختبئ فيها.

وقال رئيس جهاز المخابرات الداخلية البريطاني ام.اي.5 في 17 سبتمبر ايلول ان مؤامرات يشتبه انها من تدبير القاعدة ضد بريطانيا تنشأ بشكل متزايد في الصومال واليمن فيما يرجع لاسباب من بينها ضغوط اجراءات مكافحة الارهاب على زعماء التنظيم في باكستان.

وقال جوناثان ايفانز هناك خطر حقيقي من أن يستجيب أحد أتباع (العولقي) لدعوته الى العنف ويشن هجوما في المملكة المتحدة .. وربما يتحرك بمفرده ودون تدريب منهجي يذكر.

وبينما قتل تنظيم القاعدة في اليمن العشرات من الجنود وأفراد الشرطة، فإنه زاد من نشاطه المتمثل في تجنيد الشباب عبر الإنترنت، وأطلق مجلة باللغة الإنجليزية تحوي مواد ومقالات بشأن كيفية صناعة القنابل، وبعناوين مثل كيف تصنع القنابل في مطبخك.

وأما العدد الأحدث من المجلة الذي صدر الشهر الماضي فيضم مقالا للأميركي سمير خان بعنوان أنا فخور بأنني أخون أميركا، ويعتقد أن خان الذي نشأ وترعرع في كارولينا الشمالية ونيويورك قد انضم إلى تنظيم القاعدة في اليمن السنة الماضية.

وقالت نيويورك تايمز إن القاعدة في اليمن تسعى للإطاحة بحكومتيْ اليمن والمملكة العربية السعودية، مشيرة إلى الهجوم ضد السفارة الأميركية في صنعاء عام 2008 الذي أسفر عن مقتل 16 شخصا من بينهم ستة مهاجمين. حسب نييورك تايمز

وقال مستشار الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب جون برينان إنه لم يمر يوم نال فيه حراسنا استراحة سواء أكان في يوم انتخابي أو يوم عادي.

وشن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقيادة ناصر الوحيشي - المساعد اليمني السابق لاسامة بن لادن زعيم تنظيم القاعدة - ونائب سعودي له سلسلة من الهجمات ضد أهداف غربية وعربية خلال الشهور الثمانية عشر الماضية.

واكد الرئيس الاميركي باراك اوباما تصميمه على تدمير تنظيم القاعدة في اليمن بعد اكتشاف طردين مشبوهين في بريطانيا ودبي ارسلا من اليمن ويحويان على ما يبدو مواد متفجرة موجهة الى اماكن عبادة يهودية في شيكاغو.

تعليق الشحن

من جانب آخر اعلنت الشركتان الاميركيتان للبريد السريع يو بي اس وفيديكس الجمعة انهما علقتا شحن البريد المرسل من اليمن بعد اكتشاف طردين مشبوهين على متن طائرتي شحن في دبي وانكلترا كانتا متجهتين الى الولايات المتحدة.

وقالت شركة فيديكس في بيان ان الشحنة كانت قادمة من اليمن. وفي اطار اجراءات امنية مشددة، علقت فيديكس كل شحناتها المرسلة من اليمن. حسب فرانس برس

واضافت الشركة مبررة اجرائها ان السلطات المحلية وبالتعاون مع مكتب التحقيقات الفدرالي اكتشفت طردا مشبوها في مكاتب فيديكس في دبي.

واعلنت يو بي اس ايضا تعليق شحناتها المرسلة من اليمن للاسباب نفسها. وقالت الشركة في بيان لان القضايا الامنية ترتدي اهمية كبرى، تعلق يو بي اس فورا خدماتها انطلاقا من اليمن.

و نقلا عن مصادر في الشرطة ان شحنة مشبوهة مخبأة داخل محبرة مطبعة تم اكتشافها على متن طائرة شحن تابعة لشركة يو بي اس كانت متجهة من اليمن الى شيكاغو خلال توقفها في لندن. حسب سي ان ان

وقال خبراء ان قرار فيديكس ويو بي اس يفترض الا يؤثر على الشركتين بل سيترجم باجراءات امنية مشددة وعمليات مراقبة للطرود القادمة من المنطقة.

وقال داغ كالدويل مدير بارسل ريسيرش مكتب الدراسات المتعلقة بالشحن اعتقد ان ذلك لن يكون له تأثير كبير على العمليات لكن بالتأكيد سيؤثر على ما هو مرسل من اليمن والشرق الاوسط.

واضاف ان الشركتين الاميركيتين ستعملان على الارجح على تركيز جهودهما على الاجراءات الوقائية المتخذة من قبل زبائنهما العاديين ومراقبة زبائنهما الموقتين وطرودهم.

وتنقل يو بي اس وتوزع اكثر من عشرة ملايين طرد يوميا، حسب ارقام نشرتها الشركة.

وعلقت الشركتان من قبل عمليات شحن الى بعض الدول مثل ايران وسيراليون والسودان، كما فعلت فيديكس.

وفي بورصة نيويورك، خسر سهم فيديكس اكثر من واحد بالمئة من قيمته وسهم يو بي اس حوالى 0,5 بالمئة.

استراتيجية القاعدة في المغرب

امريكيون من جهتهم شعروا بالقلق بشأن ظهور ما يسمى بالمتشددين الذين ينشأون محليا داخل الولايات المتحدة والذين يتبنون النهج المتشدد على ما يبدو من خلال زيارة مواقع الكترونية تنشر تعليقات اسلامية مناهضة للغرب مكتوبة باللغة الانجليزية.

ويعتبر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جناحا من تنظيم القاعدة العالمي الإرهابي. وقد اعتمد هذا التنظيم، وكان يسمى في السابق الجماعة السلفية للدعوة والقتال، اسمه الجديد في 25 يناير/كانون الثاني 2007 يوم أعلن بشكل واضح وصريح ولاءه لزعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن.

وينشط هذا التنظيم الإرهابي في منطقة الساحل والصحراء الممتدة بين جنوب الجزائر، موريتانيا، النيجر، مالي وتشاد.

وهدف هذا التنظيم هو فرض الجهاد في أرجاء المغرب العربي. وفي السنوات الأخيرة نجح هذا التنظيم الإرهابي في اختطاف عدد من الأجانب طمعا في تعزيز نفوذه والحصول على المال.

أحد زعماء هذا التنظيم، المدعو أبو زيد متهم منذ 2009 بقتل البريطاني إدون داير في يونيو/حزيران 2009 ويشتبه أيضا بكونه المسؤول عن اختطاف ميشال جيرمانو.

وإضافة إلى الفدى التي ينالها تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي جراء عمليات الاختطاف، يوفر التنظيم أيضا تمويله عبر تسهيل عمليات تهريب المخدرات من أميركا الجنوبية مرورا بأفريقيا وصولا إلى أوروبا.

وعبر البيت الابيض عن شكره للسعودية التي سمحت "بالحصول على المعلومات المتعلقة بتهديد قريب مصدره اليمن.

واكدت صحف بريطانية عدة ان جهاز الاستخبارات البريطاني (ام آي سيكس) ابلغ الولايات المتحدة بالتهديد.

وقالت صحيفة ديلي تلغراف ان الاستخبارات البريطانية اكتشفت وجود طرود بفضل معلومات قدمها احد عملائها مسؤول عن شؤون اليمن.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 31/تشرين الأول/2010 - 23/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م