قراصنة البحار... أجندات ملتبسة وصور متداخلة

 

شبكة النبأ: في مياه المحيط الهندي تحاول سفن القوات البحرية الدولية التصدي للقراصنة الصوماليين لكن على المدى الطويل ربما يتضح ان القوات التي وصلت في الاونة الاخيرة من الهند والصين وروسيا وغيرها متنافسة بقدر ما هي متحالفة.

وتقدر البحرية الامريكية عدد السفن الحربية التي تنخرط كل يوم للتصدي لقراصنة صوماليين مسلحين بما بين 30 و40 سفينة.

وبينما يكون نصيب الاسد لقوات الولايات المتحدة وحلف شمال الاطلسي والاتحاد الاوروبي الا ان العامين الماضيين شهدا تزايدا في وجود الصين وروسيا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها.

وفي حين أن القرصنة التي أعادت رسم مسارات الملاحة وزادت من تكاليف التأمين تعتبر المحرك الرئيسي وراء ذلك الا انه ينظر الى الجميع ايضا على أنهم يريدون نصيبهم من ممرات ملاحية تزداد أهمية.

ومن المؤكد ان تلك القوات تكشف عن الاسلوب الذي تضطلع من خلاله بعض القوى بدور أكبر في الشؤون العالمية.

لكن ايا من الوافدين الجدد نسبيا لا يقترب من تحدي الهيمنة العسكرية الاقليمية للولايات المتحدة التي تكون لها عادة حاملة طائرات واحدة على الاقل في المنطقة ويكفي ما تحمله من اسلحة وذخائر لاغراق كل القوات البحرية الاخرى.

مخاطر المحيط

فقد قال كريستيان لا ميير خبير الشؤون البحرية بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في لندن "لا تزال هذه قوات صغيرة نسبيا... لكن اذا كنا نتطلع الى العقود القليلة القادمة فلا شك أن القوات البحرية الاسيوية سيكون لها وجود اكبر في المحيط الهندي بالنسبة للقوات الغربية."

وتزداد المنطقة اهمية.

وتمثل 20 في المئة من التجارة البحرية العالمية ونسبة أعلى كثيرا من شحنات الطاقة والحاويات.

وهي طريق الشحن الرئيسي لامدادات النفط من الخليج والصادرات الصينية والاسيوية الى اوروبا والموارد الافريقية المحتملة من الغذاء والمعادن.

وربما تكون للقوى الغربية جداول أعمال أخرى مثل مراقبة التهريب المحتمل للاسلحة الايرانية ومراقبة المتطرفين والمتشددين في الصومال واليمن لكن بالنسبة للقوى الصاعدة فان المصلحة الاساسية هي التجارة.

وقال نيكولاس جفودسيف استاذ دراسات الامن القومي بكلية الحرب البحرية الامريكية "أصبح المحيط الهندي ممرا بحريا رئيسيا. بحسب رويترز.

"الصين لا تثق في ترك هذا الطريق الحيوي في أيدي البحرية الامريكية وتريد تأمين الوصول اليه."

وقوة التدخل الصينية التي تتألف من ثلاث سفن وتسير قوافل في معظم الايام عبر عدن وتتواجد بشكل دائم هي أول قوة لبكين في المنطقة منذ أبحر اليها الاميرال شنغ خه في القرن الخامس عشر.

واقترح قادة البحرية الصينية المعاصرون فتح قواعد بحرية اقليمية لدعم عمليات مكافة القرصنة علاوة على مشاريع جديدة أخرى في موانيء باكستان وسريلانكا وميانمار.

وسيثير هذا قلق الهند التي لطالما اعتبرت المحيط الهندي فناءها الخلفي. وعلى غرار معظم القوى الاسيوية تقوم الهند ببناء قواتها البحرية بينما تخفض الدول الغربية قواتها البحرية.

ويشير الوجود الروسي ويكون عادة بسفينتين الى زيادة في الانتشار البحري خارج منطقة موسكو التقليدية.

ويصف بعض المحللين وجود السفن اليابانية وطائرات الدورية التابعة لها بأنه الاول من نوعه منذ الحرب العالمية الثانية.

ويشير قادة في الاساطيل البحرية الى الانتشار بوصفه مثالا واعدا للتعاون الدولي. وفي حين أنه لا يوجد قائد عام للجهود الدولية فان هناك تنسيقا من خلال اجتماعات شهرية وغرف دردشة مؤمنة على الانترنت.

ويشتكي البعض من أن القوات البحرية للقوى الصاعدة تركز بشدة على حماية ملاحتها الوطنية ويمكن الاستفادة منها بشكل افضل لو تم تحسين التنسيق. وتركز معظم الدول الصاعدة على مرافقة السفن التي ترفع علمها غير أن الهند على وجه الخصوص حريصة على ان تؤكد أنها رافقت سفنا من جميع الجنسيات.

والمؤكد أنه على الرغم من تحقيق السفن الحربية بعض النجاح في تعطيل الهجمات فان عدد القراصنة لا يزال في تزايد. لكن في العموم يقول عاملون بقطاع الشحن ان تواجد القوات البحرية خبر سار.

وقال بيتر هينشكليف أمين عام الغرفة الدولية للشحن "يتعلق هذا بحماية الطرق التجارية."

وأضاف "من المؤكد أننا نرحب بالتعاون البحري. فالقوات البحرية التي ان لم تكن فعلا في حالة حرب فمن المؤكد أنها تتنافس مع بعضها البعض لكنها تعمل معا وأصبحوا رفاق سلاح."

لكن البعض يرى ايضا أن اندفاع السفن الحربية الى المنطقة الذي بدأ معظمه في عام 2008 بعد اختطاف ناقلة نفط سعودية وسفينة اوكرانية تحمل دبابات يذكيه جزئيا تنافس دولي متزايد يثير القلق.

وقال جوفسديف من كلية الحرب البحرية "لا أعتقد أنه بالضرورة هذا او ذاك يمكن أن يكون الاثنان."

أعلى ذروة منذ خمس سنوات

من جانبه قال مكتب الملاحة الدولي ان خطف السفن في أنحاء العالم بلغ أعلى مستوى له منذ خمس سنوات خلال التسعة أشهر الاولى من العام الجاري نتيجة نقل القراصنة الصوماليين لانشطتهم بعيدا عن سواحل البلاد لتجنب دوريات القوات البحرية.

وقال المكتب ان مركز الابلاغ عن القرصنة التابع له في العاصمة الماليزية كوالالمبور سجل 39 حادث خطف من يناير كانون الثاني الى سبتمبر أيلول هذا العام بعد أن كان العدد 34 في الفترة ذاتها من العام الماضي و11 فقط عام 2006 .

وأضاف المكتب في تقريره الربع سنوي أن اجمالي عدد حوادث القرصنة على مستوى العالم والذي يشمل هجمات على السفن واعتلائها تراجعت قليلا بنسبة 5.5 في المئة الى 289 حادثا هذا العام بعد أن كان العدد 306 خلال التسعة أشهر الاولى من 2009 .

وقال نويل تشونج رئيس مركز الابلاغ عن القرصنة التابع لمكتب الملاحة الدولي "يمارس القراصنة الصوماليون أنشطتهم بعيدا عن المياه التي تتوفر لها حراسة جيدة مثل خليج عدن الى مناطق أخرى مجاورة أكبر."

وكان القراصنة الصوماليون المدججون بالاسلحة الآلية والقذائف الصاروخية مسؤولين عن 35 حادثا من بين 39 حادث خطف هذا العام.

وبلغ العام الماضي اجمالي عدد حوادث القرصنة أعلى مستوى منذ ست سنوات اذ وصل العدد الى 406 نتيجة الهجمات قبالة ساحل الصومال حيث يربط خليج عدن والمياه المجاورة أوروبا باسيا.

وأدى وجود بحري أجنبي قوي في خليج عدن منذ مستهل عام 2009 الى تراجع الحوادث في البحار من 100 في يناير كانون الثاني الى سبتمبر أيلول العام الماضي الى 44 حادثا عن نفس الفترة هذا العام.

وقال بوتنجال موكوندان مدير المكتب الملاحي الدولي "لكن هذه منطقة شاسعة ولا يمكن للقوات البحرية تغطيتها بشكل واقعي. لكن وجود القوات البحرية يظل حيويا في السيطرة على القرصنة بالمنطقة."

وكان بحر الصين الجنوبي محور قلق اخر بعد أن اعتلى قراصنة 21 سفينة هذا العام بزيادة ثلاثة أمثال عن العام الماضي.

حلول مقترحة

الى ذلك ربما يلجأ عدد من القراصنة الصوماليين أكثر من أي وقت مضى الى خطف السفن خلال الشهور المقبلة.. ومن الخطط المقترحة لمحاربتهم اقامة "غرف احتماء" والاستعانة بسفن حماية حربية خاصة.

لكن ليس من الواضح بأي حال أن تمثل هذه الوسائل نقطة تحول في المعركة مع القراصنة وهناك مخاوف من أن تزيد الاوضاع سوءا.

وتقوم عشرات من السفن الحربية الدولية بدوريات لمكافحة القرصنة لكن تفويضها ينتهي بانتهاء حدود المياه ويقول قادة ان عددها محدود لدرجة تجعل من الصعب حراسة المحيط الهندي بمساحته الشاسعة.

وفي الوقت ذاته يحصل عدة مئات من الصوماليين على دخل يفوق كثيرا الاجور التي يمكن أن يتقاضوها في بلادهم من خلال تكوين مجموعات صغيرة والاستعانة بسلالم وبنادق كلاشنيكوف لاعتلاء السفن واجبارها على الابحار الى مراس تابعة للقراصنة. ويجري حاليا احتجاز نحو 19 سفينة و350 من أفراد أطقمها.

وظهرت شركات تعرض تقديم المشورة والحماية وتوفير المعدات المتخصصة. ويقترح البعض تسيير سفن حراسة على غرار سفن الحراسة العسكرية وعلى متنها أطقم خاصة.

قال جريج ستنستروم مؤسس شركة مارك ستار ومقرها الولايات المتحدة " هدفنا هو توفير حماية وثيقة للسفن التي تمر عبر منطقة الخطر."

وأضاف "نحاول أن نبتعد عن مصطلح (البحرية الخاصة) وان كان مناسبا. نفضل أن نصف أنفسنا بأننا شركة أمن بحرية خاصة."

وسيجري تسليح أسطح السفن بأسلحة الية ذات فاعلية أكبر من الاسلحة التي يستخدمها القراصنة حاليا. وقد يخصص لها طائرات بلا طيار أو مناطيد للمراقبة.

ويقول ستنستروم وهو ضابط سابق بالبحرية الامريكية انه واجه تشككا واسع النطاق عندما طرح الفكرة لاول مرة قبل عامين.

لكن مع تزايد القرصنة اكتسبت هذه الفكرة زخما. وتجمع الشركة تبرعات لكنها تأمل أن تعرض مرافقة السفن التي تطلب حماية بحلول عام 2011 أو قبل ذلك. وتقول مصادر بقطاع الشحن ان عددا اخر من الشركات لديه خطط مماثلة.

وكانت الفكرة تطرح من حين لاخر منذ أن بدأ القراصنة عملياتهم انطلاقا من الصومال في منتصف العقد وأثارت انزعاج بعض مسؤولي البحرية.

وتزايدت الاستعانة بشركات الامن الخاصة في العراق وأفغانستان لكنها أثارت جدلا. ويخشى البعض من أن تصبح بعض الشركات يوما جزءا من المشكلة.

وتقوم قوات بحرية تابعة لعدد من الدول منها قوى ناشئة مثل الهند والصين وروسيا وكوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها بحراسة المنطقة وهي تنسق العمل فيما بينها من خلال غرفة دردشة امنة عبر الانترنت. بحسب رويترز.

قال الميجر جنرال باستر هويس قائد قوة مكافحة التجسس التابعة للاتحاد الاوروبي (نافور) "هذه المنطقة من المحيط تشيع بها الفوضى... واذا أضفنا مجموعة من الشركات الخاصة التي تقوم بتسيير سفن فان هذا ربما يضيف قيمة لكنه قد يحدث تعقيدا أيضا... علينا أيضا أن نضع في اعتبارنا ما سيعنيه هذا بالنسبة للارواح التي يحتجزها القراصنة."

وقال ستنستروم ان السفن ستلتزم بقواعد اشتباك صارمة ولن تطلق النار الا للدفاع عن النفس ويتوقع أن يلوذ أغلب القراصنة بالفرار دون اشتباك.

ومن الخيارات الاخرى الاستعانة بحراس أمن خصوصيين على متن السفن وهو خيار أيدته بالفعل بعض شركات الشحن وان رأى البعض أنه ينطوي على صعوبات مماثلة. كما ينظر لتسليح البحارة في السفن التجارية العادية على أنه خيار غير عملي وربما ينطوي على مخاطر.

وقال هويس قائد نافور "أن يتسلح شخص لحماية سفينة في البحر مهمة صعبة... سيغير هذا من وضع السفن التجارية المدنية وسيتولد احتمال اشعال سباق للتسلح مع القراصنة."

ومن حين لاخر تضع عدة دول منها الولايات المتحدة وروسيا فرقا من مشاة البحرية على سفنها التجارية للحماية لكن دولا أخرى تفتقر الى الموارد الكافية لذلك.

ومن استراتيجيات الحماية التي أصبحت السفن التجارية تلجأ اليها بشكل متزايد "غرفة الاحتماء" التي يمكن أن يتحصن بداخلها أفراد الطاقم في حالة استيلاء قراصنة عليها مما يتيح لقوات عسكرية اقتحام السفينة دون تعريض الطاقم للخطر.

وأمكن استعادة بعض السفن بعد أن لجأ الطاقم الى هذه الطريقة. وفي الشهر الماضي تخلى قراصنة عن سفينة تابعة لليونان عقب الاستيلاء عليها بعد أن تحصن الطاقم داخل غرفة المحركات. ويقول البعض ان القراصنة ربما خافوا من تعرضهم لهجوم.

ويقول خبراء ان طريقة الاحتماء بالغرف ربما تكون فعالة لكن لابد أن تكون مضادة للرصاص وأن تحتوي على مخزون كاف من المواد الغذائية ومعدات الاتصال ويفضل كذلك نظام لايقاف السفينة.

وحتى الان لم يبد القراصنة ميلا للدخول في اشتباك لدى اعتلاء السفن. لكن هذا يمكن أن يتغير.

وأعدت جيوش غربية ومؤسسات ملاحية قائمة توصيات للسفن التي تمر بالمنطقة وتقول انه ما من سفينة طبقت تلك التوصيات وتعرضت للقرصنة.

وأهم ما في الامر المراقبة الجيدة اذ ان بعض السفن لا تلاحظ القراصنة الا بعد اقتحامهم لغرفة القيادة. كما أن التوصيات تشمل استخدام السفن لرشاشات المياه ووضع أسلاك شائكة على السلالم والمرور في مناطق الخطر ليلا والالتزام بالمسارات المحددة واخطار القوات العسكرية بوجودها.

ويتفق الجميع تقريبا على أن الحل الطويل الاجل الوحيد يكمن في تحقيق الاستقرار على شواطيء الصومال لكن لا يتوقع كثيرون أن يتحقق ذلك قريبا. ويعتقد كثيرون أن الوجود البحري الدولي الذي كان ينظر له يوما على أنه مؤقت سيصبح شبه دائم.

ويقول أصحاب السفن انه لن يكون أمامهم بمجرد خطف السفينة سوى دفع الفدية التي يطلبها الخاطفون. وقال بيتر هينشكليفه الامين العام للاتحاد الدولي للشحن "بعدها تصبح مشكلة متكررة."

خسائر تقدر 16 مليار دولار

في سياق متصل قدر خبراء في مجال القرصنة البحرية، وتحديداً تلك التي تجري في خليج عدن، أن تكلفة الهجمات التي تستهدف السفن التجارية التي تشكل الوسيلة الأساسية لتبادل البضائع في العالم تتجاوز 16 مليار دولار سنوياً، مشيرين إلى أن قراصنة الصومال تمكنوا خلال 2009 من جمع 100 مليون دولار على شكل فدى.

وقال عدد من قادة القوات الدولية العاملة في تلك المنطقة لحماية خط النقل البحري، في لقاءات حصرية مع برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" أن الهجمات مرشحة للتصاعد في الفترة المقبلة، رغم تزايد صعوبة تنفيذها، محذرين من تأثير ذلك على التجارة الدولية.

وهناك 25 سفينة حربية تعمل لمكافحة القرصنة قبالة الصومال، وبسبب اعتماد التجارة الدولية على البحار فإن مياه خليج عدن تعتبر ممراً دولياً حيوياً، وأدى ذلك إلى تزايد نشاطات القرصنة التي شهدت عام 2009 قفزات بمعدل 70 في المائة طمعاً بالعائدات الضخمة التي تدفع كفدى للإفراج عن المخطوفين وحمولة سفنهم.

وقد ارتفعت القيمة المتوسطة للفدية إلى ما بين 3.5 وأربعة ملايين دولار، ما يظهر الطمع المتزايد للقراصنة وتحول نشاطاتهم إلى تجارة رابحة.

وتمكنت كاميرا أسواق الشرق الأوسط CNN من القيام برحلة نادرة على القوات العسكرية الدولية التي تقوم بحماية تلك المياه، حيث استمعت إلى روايات عناصر تلك القوات عن كيفية اعتقال عدد من القراصنة في تلك المنطقة البحرية التي تعتبر الأخطر بالعالم، والعوائق القانونية التي تحول دون توقيفهم.

وخلال المطاردة المصورة، قام القراصنة برمي أسلحتهم في البحر، ونظراً لعدم وجود أدلة حاسمة على نواياهم العدوانية، اضطرت القوات الدولية لإخلاء سبيلهم.

وقالت ترايسي رينولدز، وهي مستشارة قانونية لدى قوات مكافحة القرصنة: "للأسف ليس لدى الكثير من الدول قوانين خاصة بمحاكمة القراصنة وهذا ما يصعّب مهمتنا لأننا أمام خيارين، إما أن نحاكم القراصنة أو نعود ونطلق سراحهم بعد القبض عليهم، وهذا ما يحصل في معظم الحالات حيث نضطر للاكتفاء بمجرد تعطيل القوارب السريعة للقراصنة وتركهم مع ما يكفي من الطعام والوقود للعودة إلى بلادهم."

أما الضابط البحري جورد بوث، قائد إحدى السفن الدولية فقال: "هذه المنطقة هي مركز لمطامع القراصنة، ونتوقع أن تتزايد عمليات القراصنة مع الوقت."

وتشكل القوات الدولية مظلة حماية لأكثر من 33 ألف سفينة تعبر هذه المنطقة سنوياً، وبفضل تدخلها تراجعت وتيرة هجمات القراصنة خلال النصف الأول من 2010، ولكن بسبب اتساع مساحة الموقع فإن من الصعب تأمين العدد اللازم من الجنود لتوفير الحماية.

ويشير قائد إحدى وحدات التدخل السريع إلى أن الأسلوب المستخدم لدى القراصنة هو الاقتراب بمراكب سريعة من السفن الكبيرة وتثبيت سلم مرتفع عليها ومن ثم تسلقها والسيطرة على طاقمها، وهذا الأمر يتم خلال فترة لا تتجاوز خمس دقائق.

ويضيف القائد أن هذه الفترة القصيرة لا تمنح الوقت الكافي للقوات الدولية للتدخل لأنه ليس لديها القدرة على الوصول إلى كافة مواقع الأحداث حلال هذا الوقت القصير.

يشار إلى أنه من المتوقع أن يحقق القراصنة خلال 2010 مكاسب تعادل 120 مليون دولار، وذلك بسبب ارتفاع قيمته الفدى التي يطلبونها.

مآرب أخرى

على صعيد متصل توقع المحلل الأمني كريستيان لومير أن يزداد التحرك العسكري لعدد من الدول الكبرى والنامية في المياه الدولية خلال الفترة المقبلة، بذريعة مواجهة القرصنة وضمان أمن خطوط التجارة العالمية، مشيراً إلى أن الصين تبحث منذ أكثر من سنة إمكانية إقامة قاعدة بحرية ستكون الأولى لها خارج أراضيها، في إحدى الدول العربية المطلة على بحر العرب.

ورفض لومير، التعليق حول ما إذا كانت الدول النفطية تقوم عن غير قصد بتشجيع القرصنة من خلال مسارعتها لدفع الفدى لدى اختطاف ناقلاتها، لكنه أشار إلى أن الأثر العسكري لهذا الأمر يظهر من خلال قيام دول نفطية مثل ماليزيا والإمارات وسلطنة عمان بالتعاون مع القوات الدولية لمواجهة القراصنة.

فالكثير من الدول المتقدمة تقوم بكل ما بوسعها لضمان المرور الآمن لبضائعها وخطوط إمداد استثماراتها عبر خليج عدن، ويقول البعض إن هذا في الواقع ما تفعله الصين التي تقوم بنشاط عسكري متزايد في أفريقيا. بحسب السي ان ان.

وقال أكريستيان لومير، الخبير الملاحي في المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية: "أعتقد أن الأوساط الأمنية اليابانية والهندية تشعر بالقلق من احتمال أن تمدد الصين تواجدها العسكري في المياه الدولية أو أن تقوم ببناء قواعد خارجية لها، علماً أن اليمن أو سلطنة عمان ستكون أماكن مناسبة لقواعد من هذا النوع."

وعن موقفه من التعاون الدولي لمواجهة القرصنة قال لومير: "من المهم أن ندرك بأن الصين والهند وروسيا ودول أخرى هي حالياً خارج التحالفات الدولية العسكرية، وهي تحافظ على استقلاليتها ضمن القوات الدولية العاملة قبالة سواحل الصومال، فرغم أن الهدف الاستراتيجي واحد، لكن التعاون غير موجود بالمستويات المطلوبة."

وأقر لومير بمدى أهمية خليج عدن الذي يمر عبره سنوياً أكثر من ترليوني طن من النفط، غير أنه رأى بأن القلق حول هذا الموضوع غير مبرر حالياً، باعتبار أن الهجمات على ناقلات النفط ظلت نادرة حتى الآن.

وعن مسارعة الدول المنتجة للنفط إلى دفع الفدى لتحرير ناقلاتها من القراصنة والتأكد من وصول النفط إلى الأسواق في الوقت المحدد قال لومير: "من الصعب أن نتخذ موقفاً أخلاقياً حيال الفدية وما إذا كان يتوجب على الدول المنتجة للنفط دفعها، ولكن هذه الظاهرة حفّزت بالتأكيد بعض الدول المنتجة على اتخاذ خطوات عسكرية."

وتابع: "لقد أرسلت ماليزيا التي أرسلت سفنها الحربية إلى خليج عدن، ولدينا تعاون عسكري اليوم بين القوات الأمريكية في الخليج والقوى البحرية المحلية مثل الإمارات وسلطنة عمان بمواجهة القراصنة.

السطو على أطقم سفن قبالة سواحل البصرة

من جهة أخرى قال مسؤول في البحرية ان مسلحين سطوا على أطقم أربع سفن كانت راسية الاسبوع الماضي قبالة سواحل مدينة البصرة الغنية بالنفط في جنوب العراق في المياه الاقليمية العراقية التي تحرسها دوريات من البحرية الامريكية.

وذكر الليفتنانت جون فيج من الاسطول البحري الخامس الامريكي أن المهاجمين استهدفوا السفينة أرمينيا التي ترفع علم أنتيجوا والسفينة كريستال ويف التابعة لكوريا الجنوبية والسفينة السورية سنا ستار والسفينة الامريكية ساجامور يوم الاحد الماضي واستولوا على أمتعة شخصية من أفراد الاطقم.

وقال فيج "الهجمات الاربعة كلها وقعت بين الساعة الثانية والساعة الرابعة صباحا يوم الثامن من أغسطس (اب)."

وتزايد غموض الصلة بين هجمات المتمردين والجريمة في العراق منذ اتجه المسلحون الى السطو لتمويل عملياتهم بعد سبع سنوات من العزو الذي قادته الولايات المتحدة والذي أدى الى موجة من أعمال العنف.

ويشهد العراق يوميا نحو 15 هجوما ينفذها متشددون يعتقد أنهم اسلاميون من السنة أو مسلحون من الشيعة في الوقت الذي يستعد فيه الجيش الامريكي لوقف العمليات القتالية رسميا يوم 31 أغسطس اب تمهيدا لانسحاب كامل العام المقبل. ويقول مسؤولون أمريكيون ان العراق سيكون فيه زهاء 50 ألف جندي أمريكي بحلول مهاية الشهر.

والهجمات البحرية نادرة الى حد بعيد.

ووقعت عمليات السطو على السفن على بعد نحو 145 كيلومترا من الميناء في البصرة احدى أكبر المدن العراقية وقلب صناعة النفط في البلاد.

ويعتمد العراق على مبيعات النفط التي تحصل منها الخزانة الاتحادية على نحو 95 في المئة من ايراداتها وتعول عليها في الحصول على مليارات الدولارات اللازمة لاعادة الاعمار بعد سنوات من الحروب والعقوبات الدولية والتراجع الاقتصادي.

ولم تكن الهجمات قرصنة وفقا لمعاهدة الامم المتحدة لقانون البحر لانها حدثت في مياه العراق الاقليمية لا في أعالي البحار.

وذكر فيج أن طاقم ساجامور أبلغ بأن رجلين مسلحين ببندقيتين طراز ايه.كي 47 اعتليا السفينة وقال ان الرجلين لم يقبض عليهما.

لكن مصدرا في خفر السواحل العراقي ذكر أن اثنين من المهاجمين اعتقلا بينما فر الاخرون الى المياه الايرانية.

وذكر صلاح عبود المدير العام للشركة العامة للموانئ العراقية المملوكة للدولة أنه علم أن شخصين مشتبه بهما قد اعتقلا. وقال انه لم تقع اي أضرار وان كل ما أخذه اللصوص استرد.

قائمة بالسفن التي يحتجزها قراصنة صوماليون

* سقطرى: اختطفت في 25 ديسمبر كانون الاول عام 2009 . وسيطر القراصنة على السفينة المملوكة ليمنيين في خليج عدن بعد مغادرتها ميناء الشحر باليمن. وكان على متنها طاقم من ستة يمنيين.

* النسر السعودي: اختطفت في الاول من مارس اذار عام 2010 . وكانت الناقلة المملوكة لسعوديين في طريقها من اليابان الى جدة وعلى متنها طاقم مكون من يوناني و13 سريلانكيا.

* ايسبرج: اختطفت في 29 مارس اذار. واعتلى قراصنة السفينة على بعد 16 كيلومترا من ميناء عدن. ويتكون طاقمها من 24 فردا.

* البراري: اختطف في 31 مارس اذار. واحتجز الزورق التجاري الهندي الصغير بعد مغادرته مقديشو. وكان على متنه طاقم من 11 فردا.

* سامهو دريم: اختطفت في الرابع من ابريل نيسان. وكانت سامهو دريم في طريقها من العراق الى الولايات المتحدة حين خطفت على بعد 1561 كيلومترا شرقي الصومال. والسفينة المسجلة في جزر مارشال مملوكة لكوريين جنوبيين ويتألف طاقمها من خمسة من كوريا الجنوبية و19 فلبينيا وكانت تحمل مليوني برميل من النفط الخام. وفي 12 ابريل هدد قراصنة صوماليون بتفجير الناقلة العملاقة ما لم يحصلوا على 20 مليون دولار فدية.

* راك افريكانا: اختطفت في 11 ابريل نيسان. واحتجزت سفينة الشحن التي ترفع علم سان فينسنت وجرينادين على بعد نحو 289 كيلومترا غربي سيشل. والسفينة مملوكة لشركة راك افريكانا للشحن بسيشل.

* اختطفت ثلاث سفن صيد تايلاندية هي برانتالاي 11 و12 و14 في 17 و18 ابريل وعدد أفراد طواقمها 77 .

* الظافر: اختطفت في السابع من مايو ايار. واحتجزت سفينة الصيد اليمنية وعلى متنها طاقم من سبعة أفراد قبالة ساحل اليمن.

* ماريدا مارجريت: اختطفت في الثامن من مايو. كانت ناقلة الكيماويات في طريقها من كاندلا في جوجارات الى انتويرب في بلجيكا عندما اختطفت في خليج عدن وعلى متنها طاقم مكون من 22 هم 19 هنديا واثنان من بنجلادش وأوكراني.

* ايليني بي: اختطفت في 12 مايو. وكانت السفينة التي ترفع علم ليبريا ومملوكة ليونانيين تحمل شحنة من الحديد وفي طريقها من اوكرانيا الى الصين عن طريق سنغافورة قد اختطفت في خليج عدن. ومن بين 24 شخصا على متنها كان هناك يونانيان والبقية من الفلبين.

*جولدن بليسينج: اختطفت في 28 يونيو حزيران. واحتجزت ناقلة الكيماويات المسجلة في سنغافورة قبالة ساحل شرق افريقيا وهي في طريقها من السعودية الى الهند. كان على متنها طاقم من 19 صينيا.

*موتيفيتور: اختطفت في الرابع من يوليو تموز. واختطفت الناقلة في البحر الاحمر وعلى متنها طاقم من 18 فلبينيا وتحمل زيت تشحيم. وترفع علم جزر مارشال.

*السويس: اختطفت في الثاني من أغسطس اب. وهي سفينة شحن ترفع علم بنما واحتجزت في ممر العبور الموصى به دوليا بخليج عدن. وكانت السفينة تحمل أكياس أسمنت وعلى متنها طاقم مكون من 23 من مصر وباكستان وسريلانكا والهند.

*اوليب جي: اختطفت في الثامن من سبتمبر ايلول. واحتجزت السفينة التجارية التي ترفع علم مالطا اثناء ابحارها غربا في ممر العبور الموصى به دوليا وعلى متنها طاقم من 12 اوكرانيا. وكانت متجهة الى موريشيوس. وطاقمها مكون من 18 فردا 15 من جورجيا وثلاثة أتراك.

*لوجيلا: اختطفت في 25/26 سبتمبر.. وكان على متن السفينة طاقم من 12 اوكرانيا. وكانت متجهة الى موريشيوس بحمولة من حديد التسليح والاسلاك.

*اسفلت فنتشر: اختطفت في 29 سبتمبر. وكانت تحمل شحنة من القار متجهة من مومباسا الى دربان. وكان على متنها طاقم من 15 جميعهم هنود. وتديرها شركة اومكي لادارة السفن ومقرها مومباي وهي مملوكة لشركة بيتومين انفست ايه.اس الاماراتية.

* فنج جوو 168: اختطفت في السابع من اكتوبر وهي سفينة صيد يعتقد أنها تايوانية واحتجزت على بعد نحو 322 كيلومترا شمالي موريشيوس. ويتألف طاقمها من 14 فردا.

* جولدن ويف: اختطفت في التاسع من اكتوبر. وكان على متن سفينة الصيد الكورية الجنوبية جولدن ويف طاقم من 39 كينيا وكوريين جنوبيين وصينيين اثنين.

* ايزومي: اختطفت في العاشر من اكتوبر وترفع علم بنما وكانت في طريقها الى مومباسا بحمولة من الصلب. وأفراد طاقمها من الفلبين وعددهم 20 .

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 30/تشرين الأول/2010 - 22/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م