غياب الدور العربي في عصر التكتلات

مرتضى بدر

تابعتُ بقلقٍ شديدٍ كلمة الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في القمة العربية الاستثنائية في مدينة سرت الليبية، والتي أنهت أعمالها الأسبوع الماضي دون اتخاذ أية قراراتٍ مهمة. الكلمة كانت مؤثرة، وتفوح منها آهات الألم والحسرة لما وصل إليه الوضع العربي الراهن، نتيجة التباين العميق في مواقف القيادات العربية حول العديد من القضايا والملفات التي استعصى حلها، وبقت معلّقة، تؤرق الدول والشعوب العربية.

كان موضوع “تطوير منظومة العمل العربي” و”سياسة الجوار العربي” أهم ملفين على جدول أعمال القمة التي سميت “بالاستثنائية”، رغم أنها لم تختلف عن سائر القمم العربية التي سبقتها، والتي يغلب عليها طابع الروتين!! الأمير سعود الفيصل خصص جُلّ كلمته لمقترح الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى حول إقامة “رابطة الجوار العربي”، وأكد في كلمته “أن مثل هذه المبادرة مهمة للغاية وجديرة بالاهتمام والعناية، ولا يخالجنا شك في الأهداف النبيلة التي تسعى إليها والمصلحة التي تروم إلى تحقيقها، وإذا كان هناك من ملاحظة حولها فتتعلق بتوقيت طرحها وطبيعة العلاقات المتوترة بين بعض الدول العربية والدول المجاورة... الأمر الذي لا يساعد على بلوغ غاياتها”.

 ودعا الأمير إلى توفير بيئةٍ مناسبةٍ تساعد على بلوغ مقترح سياسة الجوار غايته المنشودة، والتي من أهمها معالجة المعوقات والإشكالات التي تعترض قيام نظام عربي فاعل وقادر على التعامل مع دول الجوار ككتلةٍ متجانسةٍ وموحدة.

الأمير سعود الفيصل أوضح “ان غياب الدور العربي الفاعل والمؤثر خلق فراغًا استراتيجيًا يتم استغلاله من قبل الكثير من الدول المجاورة”. باعتقادي حينما يتخذ قطب عربي مهم بحجم السعودية موقفاً صريحاً من مبادرة الأمين العام بهذه الدرجة من الوضوح والصراحة، فذلك يعني أن المبادرة ستتحول إلى أرشيف الجامعة العربية، وإنها ربما لن ترى النور إلا بعد عقود من الزمان، خاصة وان الأمير قد وضع تشكيل كتلة عربية متجانسة وموحدة شرطًا لقبول المبادرة من حيث المبدأ. هذا الشرط يعتبر - حسب فهمي - بعيد المنال، وربما يحتاج تحقيقه إلى معجزة.

 اليوم قد يتساءل المواطن العربي: متى يتمكن العرب من تشكيل كتلة متجانسة وموحدة؟ وما هي التحديات التي تعرقل تشكيل هكذا نوع من التكتل؟ وماذا يترتب على تخلف العرب عن دخول عصر التكتلات؟ أجوبة بعض تلك التساؤلات ربما تكمن في علم الغيب، لكن المؤكد أن الزمن لن يرحم الدول التي لا تتماشى وروح العصر، ولن يتعطف على تلك التي قررت البقاء على هامش الحضارة، أو تحاول التسلق على جدارها.

باعتقادي، في عصر التكتلات وعصر المعرفة وتقنية المعلومات لا قيمة للدول الصغيرة، وخاصة ذات الاقتصاديات الضعيفة، ولا قيمة لتلك الدول التي لا تتماشى دساتيرها وقوانينها مع روح العصر.

 القوانين التي لا تؤدي إلى قيام حكم رشيد، ولا تساهم في ترسيخ الحرية والديمقراطية، فإنها ستبقى مجرد نصوص إنشائية. الدول العربية لن تتمكن من تشكيل كتلة متجانسة وموحدة إذا استمرت على ما هي عليه الآن، وبوضعها المتردي الداخلي اليوم سوف تساهم في تمكين الدول الإقليمية المجاورة من الريادة، ولعب دور أساسي في المنطقة العربية. وحينئذ لا ينفع الندم ولا البكاء على اللبن المسكوب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 21/تشرين الأول/2010 - 13/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م