فلسفة اللاعنف في فكر المجدد الثاني

جمعية المودة والازدهار النسوية تحيي الذكرى التاسعة لرحيل الإمام الشيرازي

تقرير: انتصار السعداوي

 

شبكة النبأ: بمناسبة الذكرى السنوية التاسعة لرحيل المجاهد الإمام آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي أقامت جمعية المودة والازدهار النسوية ندوة بعنوان (اللاعنف صناعة الأمن والحياة). وذلك في يوم السبت 30 شوال 1431ه الموافق 9/10/ 2010 م.

وكان المحور الأول لرئيسة الجمعية السيدة ام محسن معاش الحديث بالتفصيل عن ثقافة اللاعنف والسلام والمودة ونبذ لغة العنف في فكر الإمام الشيرازي رحمه الله.

وأشارت إلى الإمام الشيرازي الذي ترك لنا مشروعا نهضويا فكريا وتربويا كان يهدف إلى إقامة حكومة إسلامية ذات الألف مليون مسلم حيث يحتاج المجتمع إلى مقومات للتغيير في سبيل الوصول الى الهدف وأهم هذه المقومات هي السلام وااللاعنف.

حيث كان الإمام الشيرازي يدعو إلى التعامل مع الآخرين على أساس السلم مستشهدا هذه الفلسفة من سيرة الرسول الأكرم (ص).

وتطرقت السيدة معاش إلى سيرة بعض العظماء والقادة في العالم والذي غيروا تأريخ السياسة بواسطة فلسفتهم السلمية ومنهم من المهاتما غاندي الذي حول اللاعنف إلى ثورة غيرت تاريخ الهند.

وأضافت: إن الإمام الشيرازي قسم اللاعنف على ثلاثة أقسام: القسم الأول اللاعنف اليدوي ويقصد به عدم استعمال السلاح في الخلافات والنزاعات واستبداله بالتحاور.

واللاعنف الكلامي ويقصد به عدم استعمال الألفاظ النابية والجارحة وان يلزم الإنسان لسانه ويلجم كلامه عن النيل من المعتدي.

أما النوع الثالث وهو اللاعنف القلبي وهو ان لايملأ قلبه بالعنف وكم نحن بحاجة إلى القلب المسالم الذي يتعامل مع الناس بسعة صدر ولا يدخل قلبه الكره والحسد والنفاق.

وأجابت معاش عن من يعتبر اللاعنف هو استسلام ذليل نابع من الضعف قائلة: تنص نظرية الامام الشيرازي على أن اللاعنف يتطلب إلى الصبر والتحمل قبل الإقدام على أي عمل فهو فعل بطولي يتطلب السيطرة التامة على الذات والعنف ماهو الا قناع لضعف حقيقي يختفي خلفه ضعاف النفوس، وهو يرى أن إسلوب اللاعنف مثل البلسم الذي يوضع على الجرح فيشفى.

المحور الثاني كان عن اثر اللاعنف في بناء النفس وإيجاد الوئام مع الذات حيث تحدثت فيه الأستاذة ندى الزيادي، اختصاص علم النفس ومدرسة في معهد المعلمات، قائلة: وهي أن يكون الإنسان راق في التعامل مع الناس وهذا يحتاج إلى بنية تحتية واستعداد وراثي واصل إلى مستوى من الثقافة والرصانة الذاتية الفعلية والنفسية والجسمية. وهذا التكوين الوراثي تضاف إليه عوامل أخرى منها الخبرات والتجارب الاجتماعية والمادية لمواجهة الأزمات.

فضلا عن ذلك فان هذه الشخصية تحتاج إلى التزام ديني وأخلاق فاضلة وترويض النفس تدريجيا وفق هذه التجارب.

وأضافت الزيادي: إن صاحب هذه الأخلاق الرفيعة هو صاحب الإرادة القوية وتكون علاقاته الاجتماعية مع الآخرين ناجحة وعلى قدر عال من المسؤولية وقادر على حل مشاكله الاجتماعية.

والمحور الثالث عن دور اللاعنف في الحياة الاجتماعية :تحدثت فيه الإذاعية رؤى علي من إذاعة الكفيل وأشارت في البداية إلى حديث الرسول (ص): تعافوا تسقط أضغانكم بينكم.

وابتدأت رحلة العنف الأسري من بداية التاريخ بين قابيل وهابيل إلى يومنا هذا قائلة: إن العنف الأسري والاجتماعي موجود منذ بداية التاريخ وعلى مدى يوم مراحله إلا أن الله سبحانه وتعالى لم يكن تارك الموضوع على الغارب بل كان يرسل الأنبياء والمختارين والمبشرين للتوجيه والهداية.

وأكملت رؤى حديثها عن أهمية الود والتحاور والتفاهم في الحياة الزوجية منذ ليلة الزفاف الأولى والتي أما تترك أثرا سيئا بوهيميا لدى الزوجة أو تؤسس اللبنة الأولى لحياة زوجية رحيمة ملؤها الود والتفاهم.

وأردفت رؤى إن الإسلام جاء أساسا ليعالج قضية الصراع بين العنف واللاعنف. حين قال (وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت)، كانت الصرخة الأولى بوجه العنف الأسري.

وقد احتدمت مداخلات الحاضرات في الندوة في هذا الخصوص:

حيث انتقدت أم مريم، مدرسة تاريخ في مدرسة نهج البلاغة طريقة عرض سيرة حياة القادة والرؤساء في كتاب التاريخ المدرسي من صفحاتهم العنيفة وبطريقة تجعل الطلبة في مختلف المراحل المتوسطة والإعدادية معجبين ومقلدين لهؤلاء في سيرهم وثقافتهم وقد أكدت على انه يجب الاهتمام بالمدرسة كمؤسسة نهضوية وهي مكان الإعداد الأول لبذرة اللاعنف والسلام.

في حين قالت الأستاذة عفاف كاشف الغطاء (مديرة إعدادية الثقافة للبنات) ان من أسماء الله الحسنى هي الرحمن الرحيم الودود القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الباريء المعز المذل السميع العليم. وكلها أسماء تدل على الرحمة والمودة،وإن الإنسان في قراره نفسه يميل إلى الرحمة والرأفة واللطف،وأضافت: إن السلام والوئام والمودة هي أساس بناء المجتمعات والمتحضرة.

وقالت الأخت (ضمياء) مسؤولة قسم الإعلام في المعهد التقني إن مواجهة العنف بالمودة والسلام واللاعنف ليست قضية سهلة وهي مواجهة للنفس قبل أن تكون مواجهة للآخر وقد تكون الخطوة الأولى صعبة وقاسية وكبيرة ولكنها تبدأ بالزوال والتصاغر مع الزمن.

وتحدثت عن تجربة خاصة لها مع إحدى زميلاتها في العمل استطاعت أن تكسبها بالهدوء والابتسامة والمودة.

كما ووزعت في نهاية الندوة كتاب اللاعنف في الإسلام للإمام الشيرازي وبعض توصياته (قدس سره) في هذا المجال منها:

- عندما يطبع الإنسان نفسه على اللين واللاعنف، فان آثار ذلك يوما بعد آخر ستنعكس على سائر جوارحه وجوانحه.

- حركة اللاعنف وإن كانت صعبة جدا على النفس لكنها مثمرة جدا في الوصول إلى الهدف، والعاقل يقدم الصعوبة على الفشل.

- اللين والرفق يفعلان ما لا يفعله الدينار والدرهم، إن الفظ العنيف لا صديق له، وان أنفق حتى أسرف، والليّن الرفيق يكتنفه الأخلاء، وإن كان فقيرا معدما، كيف لا والدينار حظ الجسم، واللين حظ الروح.

- إن السلام يؤدي إلى صاحبه بالنتيجة الأحسن، والمسالمون يبقون سالمين، مهما كان لهم من أعداء.

- العنف يوجب فوضى الحياة لا إستقامتها.

- ليس اللاعنف في بعد السلاح فقط، بل يشمل حتى الكلمة، والنظرة، والإهانة، وغيرها، كما يشمل وسائل الإعلام كالصحف والمجلات وما أشبه.

- السياسة المملوءة بالعنف والغلظة لا تؤدي إلا إلى الهزيمة.

- إن الإنسان بطبيعته يغضب ويثور، ويذكر معايب الآخرين، ويدخل مع الناس في صراع وحقد وبغضاء وعداء ومقاطعة، وإن الإنسان مسالم حازم عاقل مفكر مدبر، فإذا لقن نفسه بهذا التلقين ليله ونهاره، وشهره وسنته فانه يتطبع بطابع السلم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/تشرين الأول/2010 - 12/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م