استهلاك اللحوم: تهديدات صحية واخطار بيئية

 

شبكة النبأ: رغم طعمها اللذيذ وشكلها الشهي لاسيما وإنها تقدم للأكل وبطرق مختلفة بالإضافة الى أنواعها التي لا تنتهي، لكن كل هذا لم يمنع الباحثين من ان يحثوا العالم على التقليل من تناولها، مفسرين ذلك الى الكميات الهائلة التي تستهلك من اللحوم حول العالم، فهناك نسب وأرقام وأطنان كبيرة تصدر وتؤكل من قبل الإنسان وهو غير مدرك الى ما يسببه من نقص في لحوم الحيوانات، فقد أرجح الباحثين ذلك الى التحسن الحاصل في مستويات المعيشة التي تبعث على زيادة الطلب على اللحوم.

فيما وجد عدد من الباحثين ان هناك خطرا حقيقيا على جسم الإنسان الذي يدمن على أكل اللحوم، ولا يقتصر هذا الخطر على جسم الإنسان بل يتعدى الى مناخ العالم بأكمله شارحين ذلك عن طريق دراسة أقاموها لمراقبة تأثيرات استهلاك اللحوم المتزايد على نظام الحياة، بالإضافة الى إنهم وجدوا هناك تأثيرات على هرمونات الجسم وخاصة الأنثوي إذا تم مواصلة تناول اللحوم باستمرار.

الإفراط في اللحوم يعجل بالبلوغ

حيث توصلت دراسة بريطانية إلى أن الإكثار من تناول الفتيات للحوم خلال مرحلة الطفولة يجعلهن تصلن مرحلة البلوغ بأسرع من غيرهن.

وقارن باحثون بريطانيون في دراستهم التي نشرت في مجلة "التغذية في الصحة العامة" غذاء أكثر من 3 آلاف فتاة في الثانية عشر من عمرها. ووجد هؤلاء أن الاستهلاك العالي للحوم في سن الثالثة "أكثر من ثماني حصص أسبوعيا" وفي سن السابعة "12 حصة" مرتبط ارتباطا قويا بحدوث الدورة الشهرية لدى الفتيات لأول مرة. ويقول الباحثون إن استهلاك غذاء غني باللحوم قد يعد جسم الفتاة للحمل وبالتالي يتسبب في البلوغ المبكر. وقد انخفض خلال القرن العشرين متوسط سن البلوغ لدى الفتيات بشدة، رغم أنه يبدو الآن وكأنه يثبت عند حد معين.

ويعتقد أن هذا يعود إلى تحسن نوعية الغذاء وارتفاع نسبة البدانة لدى الفتيات والتي تؤثر على مستوى الهورمونات في الجسم.

واستخدم فريق البحث بيانات عن مجموعة من الإناث منذ الولادة. وعند سن الثانية عشر وثمانية أشهر تم تقسيم البنات إلى قسمين تبعا لحدوث الدورة الشهرية لديهن. وبمقارنة غذاء البنات عند سن الثالثة ثم السابعة والعاشرة وجد أن استهلاك اللحوم في سن مبكرة مرتبط بحدوث الدورة الشهرية. وفي الحقيقة فهناك زيادة بنسبة 75% لمن تحدث لديهن الدورة الشهرية لأول مرة وهن في الثانية عشرة من العمر بالمقارنة بمن استهلكن كميات أقل.

ورغم أن الدراسة لم تدخل وزن الجسم كأحد المتغيرات، إلا أنها توصلت إلى نفس ما توصلت إليه دراسات سابقة بأنه كلما ازداد وزن الفتاة كلما زادت فرصة حدوث الدورة الشهرية لديها في سن مبكر.

علاقة محتملة

كما يذكر أن دراسات طبية قد وجدت علاقة بين بدء الدورة الشهرية مبكرا والإصابة بسرطان الثدي، ربما لأن الفتاة هنا تتعرض لمستويات أعلى من هرمون الاستروجين خلال عمرها.

إلا أن باحثين أكدوا أنه لا حاجة هناك أمام الفتيات صغيرات السن لتقليل كمية اللحوم التي يتناولنها، لأن الاستهلاك العالي للحوم مقصود به استهلاك كميات ضخمة بالفعل.

فالبنات في سن السابعة ذوات الاستهلاك العالي للحوم كن يتناولن 12 حصة من اللحوم أو أكثر أسبوعيا، ومن هن في الثالثة من العمر كن يستهلكن اكثر من 8 حصص أسبوعيا. وتقول الدكتورة إيموجن روجرز رئيسة فريق البحث والمحاضرة في قسم التغذية البشرية بجامعة بريتون ببريطانيا إن الوزن لا يمكن أن يكون العامل الوحيد في حدوث الدورة الشهرية مبكرا حيث أن معدل العمر لدى البلوغ لم ينخفض مع زيادة نسبة البدانة.

وأضافت أن "اللحوم مصدر جيد لعنصري الزنك والحديد واللذين يزيد احتياج الجسم إليهما أثناء الحمل". ويمكن أن يكون استهلاك غذاء غني باللحوم إشارة إلى توفر الظروف الغذائية المناسبة لحدوث حمل مكتمل لطفل سليم".

من ناحيته قال الدكتور كين أونج أستاذ غدد الأطفال في مجلس البحث الطبي ببريطانيا إن علاقة استهلاك اللحوم بالبلوغ لدى الفتيات "محتملة". وأضاف "إن هذه العلاقة غير مرتبطة بزيادة وزن الفتاة، وإنما قد يعود إلى وجود تأثير مباشر أكبر لاستهلاك البروتين في الغذاء على مستويات الهورمون في الجسم".

ارتفاع استهلاك اللحوم

فيما بلغت قيمة الواردات الدولية من اللحوم ومشتقاتها 87.97 بليون دولار عام 2008 بنمو 19 في المئة مقارنة بعام 2007 . فيما بلغ عدد الأسواق التي استوردت اللحوم ومشتقاتها 161 دولة، ما يدل على زيادة درجة الاعتمادية بين دول العالم في الواردات لتغطية احتياجات أسواقها المحلية وسد الفجوة الغذائية من اللحوم من السوق العالمية.

وقالت دراسة أصدرتها وزارة التجارة الخارجية بدولة الإمارات حول تجارة اللحوم: تعد اليابان المستورد الرئيس للحوم ومشتقاتها على مستوى العالم خلال الفترة 2005-2008 بلغت في المتوسط 10 في المئة من الواردات العالمية، يليها في الترتيب في 2008، كل من روسيا 8.2 في المئة وألمانيا 7.7 في المئة وبريطانيا وإيطاليا في المركزين الرابع والخامس على الترتيب.

وبلغت حصة الدول الخمس الأولى في استيراد اللحوم ومشتقاتها 40 في المئة من الواردات العالمية للحوم وهي تعد من الدول المتقدمة والصناعية ذات الدخل المرتفع. ولفتت الدراسة الى أن صادرات الأبقار الطازجة تمثل 20 في المئة من الصادرات العالمية للحوم ومشتقاتها وتتصدّر هولندا لائحة الدول المصدّرة للحوم الأبقار الطازجة بنسبة 13 في المئة ويليها في الترتيب ألمانيا وايرلندا وأستراليا وأميركا.

وتمثل الصادرات من لحوم الأبقار المجمدة 14 في المئة وتعد البرازيل صاحبة أكبر حصة على مستوى العالم من الصادرات من اللحوم الأبقار المجمدة بنسبة 28.1 في المئة عام 2008 وبإضافة حصة أستراليا إليها تقفز حصتاهما إلى 46 في المئة من صادرات العالم من لحوم الأبقار المجمدة .

وبلغت قيمة الصادرات من الماعز والضأن 4869 مليون دولار عام 2008 تمثل 5 في المئة من الصادرات العالمية للحوم ومشتقاتها. وتربعت خمـــس دول من دون مــنازع على رأس لائحة الصادرات من الماعز والضــأن خــلال الفترة 2005-2008 بحيث احتفظت تلك الدول بمراكز خاصة، مثل نيوزيلندا التي تصدر بمفردها نحو 40 في المئة.

وبـلغت حصة الدول الخمس مجتــمعـة 83 في المــئة مـن الــصادرات.

وتؤكد الدراسة أن النمو السكاني المقترن بنمو الدخل والتحضُر على مدى العقود الثلاثة الماضية أدى إلى ازدياد النمو في الطلب على اللحوم وغيرها من المنتجات الحيوانية، إذ تساهم الثروة الحيوانية والتي تشمل اللحوم ومنتجات البيض والألبان بنسبة 15 في المئة من مجموع الطاقة الغذائية وبنسبة 25 في المئة من البروتين الغذائي.

وازداد الإنتاج العالمي من اللحوم من 136.7 مليون طن عام 1980 إلى 285.7 مليون في 2007 بمعدل نمو 109 في المئة وتشمل اللحوم المنتجة أنواعاً متعددة بخاصة لحوم الماشية. وتنفرد الولايات المتحدة بإنتاج 20 في المئة من الإنتاج العالمي تليها البرازيل 13 في المئة والصين 12 في المئة والأرجنتين 5 في المئة وأستراليا 4 في المئة.

مراتب عالمية

ولفتت الدراسة الى وجود اختلاف في هيكل الصادرات العالمي عن هيكل الإنتاج، وقالت : على رغم أن أستراليا تنتج 4 في المئة من الإنتاج العالمي من لحوم الماشية وتحتل المرتبة الخامسة في الإنتاج، إلا إنها تبوأت المرتبة الأولى في هيكل الصادرات العالمية من اللحوم بنسبة 14 في المئة تليها هولندا بنسبة 9 بالمئة.

أما البرازيل صاحبة ثاني أكبر إنتاج في العالم من اللحوم فحلّت ثالثة في الصادرات بنسبة 8 في المئة. وعلى رغم أن الولايات المتحدة أولى في الإنتاج، إلا إنها خرجت من قائمة أهم خمس دول مصدرة وحلّت سادسةً بنسبة 5 في المئة ما يعطي مؤشراً إلى توجيه الإنتاج الأميركي نحو تغطية الفجوة الغذائية المحلية لديها.

وأضافت الدراسة أن الإنتاج العالمي من لحوم الأغنام بلغ 14 مليون طن عام 2007 بنمو 35 في المئة عن 1995. وتعد الصين صاحبة أعلى إنتاج في العالم من الأغنام بحصة 34 في المئة تليها أستراليا 5 في المئة ونيوزيلندا 4 في المئة وبريطانيا وإسبانيا 2 في المئة لكل منهما.

وباستبعاد الصين من هيكل الإنتاج والمقارنة مع هيكل الصادرات الدولية من الأغنام يتحقق توافق نسبي في الترتيب بحيث حلّت نيوزلندا في الترتيب الأول في تصدير الأغنام عالمياً بنسبة 40 في المئة ثم أستراليا 25 في المئة وبريطانيا 8.5 في المئة.

وخلصت الدراسة في هذا الصدد إلى أن الإنتاج والتصدير في المنتجات الغذائية من اللحوم تحكمه عوامل من أهمها توجيه إنتاجها لتغطية الفجوة الغذائية المحلية نتيجة متغيرات التركيبة الســكانية ومستوى دخل الفرد.

همبورغر لحوم "الكوبرا"

في حين بدأت العديد من مطاعم الوجبات السريعة "التيك آوي" في إندونيسيا تقديم وجبات لذيذة من لحوم الثعابين، وسط معارضة عدد من رجال الدين، الذين يعتبرون أن تناول لحم الثعابين "محرم شرعاً" في الدولة الإسلامية، في الوقت الذي تشير فيه أبحاث علمية إلى أنها قد تمثل علاجاً ناجعاً لكثير من المشاكل الصحية، في مقدمتها الضعف الجنسي.

ويُعد طبق الهمبورغر المُعد من لحوم ثعبان "الكوبرا" أحد الأطباق المفضلة لدى النخبة في كثير من دول جنوب شرق آسيا، ومن بينها إندونيسيا، بسبب الأساطير التي يحفل به تراث تلك الشعوب، حول هذا النوع من الثعابين، التي تُصنف كأحد أكثر أنواع الزواحف خطورة.

ويمكن إعداد نحو عشرة أطباق من لحوم الكوبرا، بالإضافة إلى استخدامها في إعداد الحساء، أو وضعها مع أنواع أخرى في طبق اللحوم المشكلة "كوكتيل"، بالإضافة إلى شرائح الهمبورغر، التي بدأت تلقى إقبالاً كبيراً بين متناولي لحوم الثعابين.

وتبدأ عملية الإعداد بعد اصطياد الثعابين، لتتوجه بعد ذلك إلى المسالخ حيث تجري عملية فصل رؤوسها عن أجسامها، ثم يتم سلخها لانتزاع جلودها، التي يمكن استخدامها في صناعة أنواع فاخرة من الحقائب والأحذية، ويتم بعد ذلك تقطيعها إلى شرائح أو فرمها لتبدأ عملية الطهي بعد ذلك. بحسب وكالة أنباء السي ان ان .

وتلجأ بعض المطاعم إلى جذب زبائنها من خلال وضع ثعابين الكوبرا في صناديق زجاجية بمدخل المطعم، بحيث يقوم كل زبون بانتقاء ثعبانه المفضل بنفسه، كما يختار طريقة طهيه، ليتم بعد ذلك نقله إلى المطبخ لبدء عملية الطهي.

ولم تقتصر الاعتراضات على أكل لحوم الثعابين على رجال الدين فقط، بل امتدت إلى العديد من الناشطين البيئيين، خاصةً في دولة مثل الصين، التي انتشرت فيها ما يمكن وصفه بـ"حمى" تناول هذا النوع من اللحوم، الأمر الذي أدى إلى انقراض أنواع من تلك الزواحف، التي يزيد عددها على مائتي نوع.

ونقلت تقارير محلية أن 43 نوعاً من ثعابين الصين البالغ عددها 209، مدرج في القائمة الحكومية للحيوانات البرية المهددة بالانقراض، تحديداً الثعبان المعروف بملك الكوبرا وأفعى الحفرة وأنواع أخرى قد تنقرض تماما إذا لم توفر لها الحماية. وحسب التقاليد الشائعة فإن جلد الأفعى وأجزاء أخرى منها تعود بالنفع على الصحة وتقوي القدرات الجنسية.

خطرا على البيئة

بينما ذكر مقال انه يتعين على الناس تقليل اللحوم في وجباتهم اليومية اذا كان للعالم أن يبقى في حدود آمنة من الغازات المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض ويعالج التلوث وتدمير المواطن الطبيعية.

ويتفق الخبراء على أن تناول المنتجات النباتية قد يكون أفضل للبيئة وذلك لان تناول اللحوم يتضمن استهلاك الحيوانات التي تنمو على النباتات وهذه عملية أقل كفاءة. ولكن هناك بعض الجدل الى أي مدى ينبغي أن يتجنب الناس اللحوم ويتجهوا الى الخضراوات والحبوب للحد من الضرر الذي يلحق بالبيئة وذلك جزئيا بسبب خلافات واسعة بشأن ما هي هذه الآثار بالضبط.

واستخدمت الورقة البحثية التي نشرت تقديرات أولية لتناقش انه بناء على الاتجاهات الحالية فان تربية الماشية من تلقاء نفسها - بغض النظر عن كل نشاط إنساني أخر - سيدفع العالم بالقرب من مستويات الخطر بالنسبة لتغير المناخ ويدمر المواطن الطبيعية بحلول منتصف القرن. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وفي مقالهم بعنوان "التنبؤ بالتكاليف البيئية العالمية المحتملة للإنتاج الحيواني 2000-2050" قال كتاب من جامعة دالهوزي بكندا "نقترح إعطاء الأولوية لكبح جماح نمو هذا القطاع." ووصف المقال "انفصالا عميقا بين النطاق المتوقع للآثار البيئية المحتملة المرتبطة بمستويات الإنتاج الحيواني المتوقعة وحتى استراتيجيات التخفيف الأكثر تفاؤلا."

وذكر المقال الذي نشرت في دورية وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم "Proceedings of the National Academy of Sciences" ان حلول المشكلة تتضمن استخدام أفضل الممارسات مثل استبدال السماد بالأسمدة النيتروجينية وزيادة الإنتاجية الزراعية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 13/تشرين الأول/2010 - 5/ذو القعدة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م