حروب أمريكا المبعثرة... تسقط هيبة المارينز وتبدد أموال البنتاغون

احمد عقيل الجشعمي

 

شبكة النبأ: يجمع المتابعون للشؤون الأمريكية على إن البنتاغون يمر بفترة عصيبة وعلى أكثر من صعيد، بحسب ما تظهره المعطيات في هذا الصدد، فيما تقف الضائقة المالية وتداعياتها سببا في تعزيز وديمومة التواصل مع قواته العسكرية المنتشرة حول العالم وتطويرها بالشكل الأمثل، خصوصا بعد تشتيت القوات المسلحة كان ابرز الأسباب للنقص الحاصل في إمدادات الجيش الأمريكي، سيما بعد الدخول في حروب لا دخل لأمريكا فيها هو ما جعل الميزانية الأمريكية تبعثر أموالها وتعاني من شحت في الأموال بحسب معظم رأي المحللين السياسيين.

من جانبها قامت الولايات المتحدة وكأجراء لابد منه لتفادي وقوع فضيحة مستقبلية لأقوى جيش في المنطقة كما تراه أمريكا بإغلاق عدد من القواعد العسكرية بسبب ما اسماه بعض المسئولين تبذير للأموال، كما يثير البعض من المسئولين مخاوف من ان تنتهز بعض الجهات المعادية لأمريكا هذا الفرصة لتنفيذ ما تطمح إليه، وليس هذا فقط بل هناك إشارات الى فقدان بعض المناصب الكبيرة إذا استمر الحال على ما هو عليه.

غيتس يؤكد استقالته

فمن جانبه أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عزمه على الاستقالة من منصبه العام المقبل وذلك بعد أن يتأكد من بدء انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان.

وقال الوزير الجمهوري في مقابلة مع مجلة "فورين بوليسي" الاميركية "اعتقد انه بحلول العام المقبل سنكون في موقع نعرف فيه ما اذا كانت إستراتيجيتنا تحقق نجاحا في أفغانستان". وقال انه بحلول ذلك الوقت "سنكون قد انتهينا من إرسال التعزيزات. وسنكون قد أجرينا التقييم في كانون الاول/ديسمبر (2010). ويبدو لي انه ستتاح لي فرصة منطقية لان أستقيل في يوم ما في 2011".

وقال غيتس انه يعتقد انه سيكون من الخطأ بالنسبة له ان ينتظر حتى كانون الثاني/يناير 2012 لترك منصبه  صعبا نظرا لأنها سنة انتخابية قد تخسر فيها الإدارة الحالية الرئاسة. وأضاف "المسالة هي انه من غير المستحسن ان تملأ مثل هذا المنصب في ربيع الانتخابات الرئاسية. واعتقد ان (الاستقالة) خلال عام 2011 أمر جيد".

وكان الرئيس السابق جورج بوش أول من عين غيتس في هذا المنصب الذي أبقاه باراك اوباما فيه ليحصل بذلك على غطاء جمهوري لإستراتيجيته الحربية في افغانستان.

وقال متحدث باسم البيت الابيض بيل بورتن معلقا على المقابلة ان "الرئيس ممتن (لغيتس) بأنه خدم" في هذا المنصب، مشيرا الى ان غيتس سبق وأعرب عن نواياه. وقال بورتن "ليست مفاجأة ان يبدي نيته في الانتقال الى امر آخر".

من جهته خفف المتحدث باسم البنتاغون جيف موريل من وقع تصريحات غيتس وقال انه في كل مرة "فكر (غيتس) في التخلي نهائيا عن مهامه، قرر البقاء في الخدمة". وأضاف ان الوزير "لم يعلن تقاعده" في المقابلة مضيفا ان "كل ما فعله هو التفكير في الوقت المناسب لوقف مهامه". بحسب وكالة فرانس برس.

وصدرت تصريحات غيتس في وقت ظهر تعارض بينه وبين قائد القوات الأميركية والدولية في افغانستان الجنرال ديفيد بترايوس. ففي حين أكد غيتس في حديث نشرته صحيفة لوس انجليس تايمز إن "لا احد يساوره الشك في ان انسحاب القوات سيبدأ بالفعل في تموز/يوليو 2011"، أعلن بترايوس للتلفزيون انه لا يعتبر هذا التاريخ "ملزما".

وكان اوباما اضطر قبل اقل من شهرين الى إقالة سلف بترايوس الجنرال ستانلي ماكريستال بعدما كشف في مقابلة صحافية عن انقسامات عميقة داخل الإدارة الأميركية حول الإستراتيجية في أفغانستان، وعين الجنرال بترايوس محله.

ويأتي تأكيد غيتس نيته الاستقالة في وقت حرج بالنسبة لجهود الحرب في أفغانستان مع إرسال 30 ألف جندي إضافي الى هذا البلد ليرتفع عدد القوات الأميركية فيه الى 100 الف جندي خلال الأسابيع المقبلة.

وايد بورتن موقف غيتس موضحا ان التاريخ المحدد للانسحاب "غير قابل للتفاوض" لكنه أكد من جهة أخرى ان الرئيس والجنرال بترايوس على توافق وان تصريحات الأخير أخرجت من سياقها.

وصرح غيتس لمجلة فورين بوليسي انه يعتقد ان قرار أوباما إرسال تعزيزات يعني ان الأمور تسير باتجاه التقيد بالموعد المحدد للانسحاب الذي يوافق عليه هو كذلك. وأوضح "لقد كان موعد تموز/يوليو 2011 عائقا كان علي تخطيه لأنني كنت ضد تحديد تواريخ (للانسحاب) من العراق بشكل مستمر".

وأضاف "ولكنني أصبحت مقتنعا ان تحديد تواريخ معينة أمر ضروري لكي نلفت انتباه الحكومة الأفغانية بان عليهم تحمل المسؤولية .. كما أنني أدركت المخاطر". وينسب الى غيتس الفضل في توجيه القوات الأميركية نحو الخروج من العراق، والتغلب على النقاد في الكونغرس حتى بعد تبنيه قرار إرسال 30 ألف جندي إضافي الى العراق، وهو القرار الذي لم يلق تأييدا ولكنه حقق نجاحا هناك.

واوباما هو سابع رئيس يعمل غيتس (67 عاما) في إدارته خلال حياته المهنية الممتدة 40 عاما في قلب جهاز الأمن القومي الأميركي. وكان غيتس احد صقور الحرب الباردة في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية التي عمل مديرا لها عام 1991.

وقالت المجلة ان هناك العديد من التوقعات بشان الخليفة المحتمل لغيتس. وأشارت الصحيفة من بين هؤلاء المرشحين الى ميشيل فلورنوي المساعدة الحالية لوزير الدفاع لشؤون السياسة، وجون هامري رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، ومدير السي اي ايه ليون بانيتا، ووزير البحرية السابق ريتشارد دانزيغ.

اتهام جنود أميركيين

تزامن ذلك حينما قال البنتاغون انه يشعر بالقلق من انعكاسات جريمة قتل بشعة يتهم فيها نحو 12 جنديا أميركيا بقتل مدنيين أفغان والتآمر للتغطية على الجريمة.

وصرح جيف موريل سكرتير البنتاغون الصحافي ان التهم الموجهة لجنود أميركيين تم نشرهم في جنوب أفغانستان مؤخرا لم تثبت بعد، إلا إنها "رغم ذلك اتهامات خطيرة".

ويواجه خمسة من الجنود اتهامات بارتكاب جريمة قتل بينما يتهم السبعة الآخرون بالمشاركة في التغطية عليها والاعتداء بالضرب على زميل لهم حاول الإبلاغ عن الجريمة، طبقا لوثائق كشف عنها الجيش الأميركي.

والجنود المتهمون هم من لواء المشاة الثاني في قاعدة رامرود المتقدمة في ولاية قندهار التي تعد معقلا لطالبان. وتشكل هذه الحادثة كابوسا بالنسبة للجيش الأميركي الذي يحاول تدريب جنوده على كسب ثقة السكان الأفغان في حملته ضد التمرد. وقال موريل انه حتى لو ثبت عدم صحة الاتهامات، فان القضية تؤثر على تلك الجهود.

وأضاف ان الحادثة "لا تساعد على تحسين صورة قواتنا في العالم. والناس في المنطقة المتأثرة بتلك الحادثة سيأخذون فكرة مختلفة عنا نتيجة ذلك". وأكد ان هذا الحادث هو "حالة شاذة" بالنسبة للقوات المنتشرة في أفغانستان والبالغ قوامها نحو 100 ألف جندي.

وتصف الاتهامات قتل ثلاثة أفغان في كانون الثاني/يناير وشباط/فبراير وايار/مايو العام الماضي بعد ان قام الجنود بإلقاء قنابل يدوية وإطلاق النار على الضحايا.

ويقول المدعون ان السيرجنت كالفين غيبس احتفظ بعظام من أصابع وسيقان جثث القتلى كما احتفظ بأحد الأسنان. واتهمت السلطات الجندي مايكل غاغنون بالاحتفاظ بجمجمة احد الضحايا. ويتهم العديد من الجنود بالتقاط الصور للجثث كما يتهم جندي آخر يدعى كوري مور بطعن إحدى الجثث. بحسب وكالة فرانس برس.

ويتهم العديد من الجنود بالاعتداء على جندي آخر في محاولة لإخافته ومنعه من الإبلاغ عن تدخينهم الحشيش وارتكابهم عددا من المخالفات الأخرى.

ويواجه الرجال عددا من التهم الأخرى من بينها تعاطي الحشيش وعرقلة سير العدالة وحيازة قذائف صاروخية وقذائف هاون للاستخدام الشخصي وعدم الإبلاغ عن أسلحة حصلوا عليها من قوات الشرطة الأفغانية.

وذكر مسؤولون في الجيش الأميركي انه يتوقع خلال الفترة القادمة او في الخريف عقد جلسات استماع أولية يتم فيها تقديم الأدلة واتخاذ قرار حول ما إذا كان سيتم إحالة القضية الى المحكمة العسكرية. ويتواجد الجنود المتهمون حاليا في قاعدة لويس ماكورد في ولاية واشنطن.

الجنرال ماكريستال أستاذا مساعدا

في حين علم ان الجنرال ستانلي ماكريستال الذي أقيل في حزيران/يونيو الماضي من منصبه قائدا للقوات الأميركية في أفغانستان، سيعطي دروسا في جامعة يال العريقة.

وقالت دوري بيكر المتحدثة باسم الجامعة الواقعة في نيو هيفن (كونيتيكت، شمال شرق) ان "الجنرال ماكريستال سيكون أستاذا مساعدا في معهد جاكسون" للعلاقات الدولية في يال.

وأقيل ماكريستال (56 عاما) في 23 حزيران/يونيو اثر توجيهه انتقادات لاذعة الى إدارة الرئيس باراك اوباما بشان الإستراتيجية في أفغانستان في مقابلة أجرتها معه مجلة رولينغ ستون. بحسب وكالة فرانس برس.

وأعلنت جامعة يال على موقعها الالكتروني ان معهد جاكسون للعلاقات الدولية حصل هذه السنة على ميزانية إضافية بقيمة 50 مليون دولار. وستكلف شخصيات أخرى إعطاء دروس هذه السنة في يال، ولا سيما السفير السابق جون نيغروبونتي ورئيس المكسيك السابق ارنستو ثيديو.

توفير النفقات

فيما أعلن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس سلسلة من الإجراءات الرامية الى خفض نفقات عمل البنتاغون ولا سيما إلغاء واحدة من قياداته الرئيسية وخفض ميزانيته السنوية للمتعاقدين من الباطن بنسبة 10% .

وينوي غيتس إلغاء قيادة القوات المشتركة (جوينت فورسز كوماند) ومقرها فيرجينيا (شرق الولايات المتحدة). وتتمثل مهمة هذه القيادة في تنظيم تدريب ونشر جنود من أسلحة مختلفة يتم استدعاؤهم للقتال معا. وأوضح غيتس في مؤتمر صحافي ان الميزانية السنوية لهذه القيادة تبلغ 240 مليون دولار.

وشهدت ميزانية عام 2011 للبنتاغون، الذي استبعد من تجميد النفقات الذي قررته الإدارة الأميركية، زيادة بسيطة لتصل الى 700 مليار دولار بما في ذلك نفقات المجهود الحربي في العراق وأفغانستان.

لكن البنتاغون كان أعلن في حزيران/يونيو الماضي عزمه على توفير مائة مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة للتأقلم مع خفض الزيادة المقررة لميزانيته في السنوات القادمة في سياق الأزمة الاقتصادية وبعد الزيادات السنوية الضخمة في عهد إدارة بوش. بحسب وكالة فرانس برس.

ومنذ 2001 ارتفعت ميزانية الدفاع الأميركية بأكثر من الضعفين. وكان غيتس، الذي أعلن بالفعل اقتطاعات واضحة في العديد من برامج التسلح، انتقد مؤخرا تضخم نفقات عمل البنتاغون. وتمثل ميزانية البنتاغون اكبر حافظة في ميزانية الولايات المتحدة و40% من إجمالي النفقات العسكرية العالمية.

إغلاق مقر قيادة

بينما كشفت وزارة الدفاع الأمريكية التي تحاول توفير الأموال في مواجهة عجز متزايد في الميزانية الأمريكية عن سلسلة من الإجراءات لخفض الإنفاق تتضمن إغلاق مقر قيادة بالكامل وتوفير آلاف الوظائف.

وعبر وزير الدفاع الأمريكي روبرت جيتس عن أمله في ان تظهر هذه التغييرات للكونجرس الأمريكي ان البنتاجون حريص على ان ينفق بتعقل أموال الضرائب التي يتحملها الأمريكيون خلال أوقات اقتصادية عصيبة وان يتعامل مع مخاوف قديمة بشأن الإنفاق المبذر.

لكن جيتس حذر بلهجة قوية من أي محاولات مستقبلية لخفض الإنفاق الإجمالي على الدفاع الذي مازال ينمو لكن بمعدل أكثر بطئا من السنوات التي أعقبت هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 على الولايات المتحدة. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقال جيتس "خوفي الأكبر هو ان يرى الناس في هذه الأوقات الاقتصادية الصعبة في ميزانية الدفاع مجالا لحل مشكلات العجز التي تواجه الأمة. "كلما نظرت حول العالم ورأيت عالما أقل استقرارا والمزيد من الدول التي فشلت والآخذة في الفشل ودول تستثمر بشدة في جيوشها... اعتقد أن هذا سيكون كارثيا."

وبلغ العجز في الميزانية الأمريكية مستوى قياسي وصل الى 1.41 مليار دولار عام 2009 ومن المتوقع ان يزداد هذا العام وهو ما يزيد الضغط على أمريكيين يعانون من بطالة زائدة بلغت 9.5 في المئة. لكن الكثير من إجراءات الخفض المقترحة ستزعج أعضاء الكونجرس الذين يواجهون فقدا محتملا للوظائف في ولاياتهم في عام الانتخابات.

خسائر القوات الأمريكية

وفي سياق منفصل، وبعد ان شن الرئيس الأمريكي جورج بوش الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 والذي أطاح بالرئيس العراقي الراحل صدام حسين. لم تكن الحرب تحظى بشعبية بين الأمريكيين مع تزايد أعداد القتلى في صفوف الجيش الأمريكي.

وحتى 18 أغسطس اب قالت وزارة الدفاع ان 4419 فردا من القوات الأمريكية قتلوا منذ غزو عام 2003. وفيما يلي قائمة بالحروب الأخرى والمدة التي ظلت الولايات المتحدة مستمرة في كل منها وعدد القتلى في صفوف الجيش الأمريكي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

الحرب            التاريخ        القتلى

الحرب الثورية 1775-1783 4435

حرب 1812 1812-1815   2260   

الحرب المكسيكية 1846-1848 13283

الحرب الاهلية 1861-1865 364511

الحرب الاسبانية الامريكية 1898 2446

الحرب العالمية الاولى 1917-1918 116516

الحرب العالمية الثانية 1941-1945 405399

الحرب الكورية 1950-1953 36574

حرب فيتنام 1964-1973 58220 حرب الخليج 1990-1991 383

الحرب الافغانية 2001- 1230*

* حتى 19 أغسطس اب 2010

حجم القوات الأمريكية في الخارج

وبعد ان خفض الجيش الأمريكي قواته في العراق الى أقل من 50 ألف فرد لإنهاء المهمة القتالية الممتدة منذ سبع سنوات ونصف والتي أطلقها الرئيس السابق جورج بوش. وتتغير طبيعة العمليات رسميا الى مساعدة القوات المسلحة العراقية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

فيما يلي تفاصيل عن أعداد القوات الأمريكية في مسارح العمليات الكبرى:

مسرح العمليات العدد

أفغانستان 94000

ألمانيا 52332 **

العراق 49700

اليابان 35562 **

كوريا الجنوبية 28500 *

ايطاليا 9677 **

بريطانيا 9239 **

* رقم تقديري

** حتى 31 مارس آذار

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 4/تشرين الأول/2010 - 24/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م