عمالة الأطفال... محنة إنسانية تنتهك البراءة

 

شبكة النبأ: بعدما كان من المفترض ان يكونون محط اهتمام الجميع وتتم معاملتهم بأساليب خاصة تتناسب مع أعمارهم وأجسادهم الضعيفة وأناملهم الرقيقة، وذلك كله للحفاظ على براءتهم وصفاء روحهم وبياض قلوبهم، ولكن سلب من الأطفال في وقتنا الحالي كل ما هو جميل فيهم، وأصبحوا أداة تستخدم لقضاء أعمال الآخرين وليس هذا فقط بل الأكثر سوءا هو طبيعة المعاملة التي يتلقوها الأطفال حول العالم، حيث يتعرضون يوميا الى الضرب والحرمان من العطف والحنان بعدما اتخذوا طريق العمل كوسيلة لكسب العيش ومساعدة عوائلهم، فاقدين بذلك حقهم في التعليم وممارسة حياتهم كباقي أطفال العالم الذين لا يضطرون لذلك.

في الوقت ذاته معرضين أنفسهم لخطر الإصابة للمرض او الحوادث أثناء العمل خاصة وان الكثير منهم يعملون في مجالات عدة وقد يضطر فيها الطفل ان يستخدم خلال عمله أدوات مؤذية، وعليه فقد قامت المنظمات العالمية التي تدافع عن حقوق الطفل بأجراء الدراسات والبحوث في سبيل إيجاد حلول لإنقاذ أطفال العالم، ولكن جهودها لم تأتي بنتائج مؤثرة فهم مازالوا يسجلون نسبا عالية في ظاهرة عمل الأطفال، ويرجح البعض ذلك الى انتشار الفقر والنقص في الوعي الثقافي بالإضافة الى التضخم السكاني ومشاكل الهجرة.

تراخي الجهود

فقد أكد تقرير لمكتب العمل الدولي ان الجهود المبذولة للحد من عدد الأطفال العاملين في العالم "تراخت" بين 2004 و2008 اذ لم تؤد سوى الى خفض عددهم بنسبة 3% خلال الفترة المذكورة.

وعبر مكتب العمل الدولي عن قلقه خصوصا إزاء زيادة عمل الأطفال في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى حيث ان طفلا من اصل اربعة يخوض غمار العمل ويحرم من حق الذهاب الى المدرسة.

وتكشف الوثيقة التي نشرت عشية انعقاد مؤتمر عالمي حول هذا الموضوع في لاهاي، ان 215 مليون طفل زاولوا نشاطا اقتصاديا في 2008، مقابل 222 مليونا في 2004 و245,5 مليونا في العام 2000.

كما تشير الى ان 115 مليون طفل تتراوح أعمارهم بين 5 و17 عاما ما زالوا يمارسون أسوأ اشكال العمل مما يعرض صحتهم وسلامتهم للخطر. ولكن بالرغم من ذلك سجل بعض التقدم في السنوات الاخيرة مع تراجع عدد الفتيات اللواتي يعملن بوجه العموم، بنسبة 15% وحتى 24% بالنسبة للواتي يزاولن أعمالا خطرة.

الى ذلك فان عدد العمال الصغار الذين تتراوح اعمارهم بين 5 و14 عاما انخفض ايضا بنسبة 10% وحتى 31% بالنسبة لأولئك الذين يمارسون أعمالا خطرة. لكن بالرغم من هذا التحسن يسجل ارتفاع بنسبة 7% في عمالة الصبيان (127,7 مليون) فضلا عن وضع "مثير للقلق" لمن هم بين الخامسة عشرة والسابعة عشرة من العمر والذين ارتفعت نسبة عملهم 20% ليبلغ عددهم 62 مليونا بحسب مكتب العمل الدولي. وما زالت منطقة "آسيا-المحيط الهادىء" تعد اكبر عدد من الاطفال العاملين (113,7 مليون) بالرغم من التقدم المسجل مؤخرا. بحسب وكالة فرانس برس.

وفي افريقيا وتحديدا في بعض الدول مثل مالي، فان "اكثر من نصف الاطفال يعملون" كما اوضح مسؤول من البرنامج الدولي لإزالة عمل الاطفال في مكتب العمل الدولي فرانك هاغمان. وتبقى الزراعة القطاع الذي يشغل اكبر عدد من الاطفال (60%) وكذلك قطاع الخدمات (25,6%) ثم بنسبة اقل الصناعة (7,0%). لكن العمال الصغار لا يتقاضون ثمن أتعابهم في معظم الاحيان، اذ ان 80% من الاطفال العاملين في العالم لا يتقاضون اجرا بحسب مكتب العمل الدولي.

وكانت الوكالة الأممية حددت هدفا لها في 2006 القضاء على اسوأ انواع العمل بالنسبة للأطفال بحلول العام 2016، لكن "الخطوات المنجزة (في هذا المجال) غير منتظمة، فهي ليست سريعة بما يكفي كما انها ليست واسعة بما يكفي لبلوغ الأهداف التي حددت" على ما ينقل البيان عن الأمين العام لمكتب العمل الدولي خوان سومافيا.

وقال سومافيا "علينا ان نبذل جهودا جديدة على نطاق واسع، لان الوضع يتطلب حملة نشطة".

وأكدت مديرة البرنامج الدولي لإزالة عمل الأطفال كونستانس توماس "ليس لدينا اي أعذار لأننا نعلم ما يتوجب عمله في معظم الحالات" مشيرة خصوصا الى برامج اجتماعية حكومية للعائلات ذات الأوضاع الأكثر هشاشة. لكنها أقرت مع ذلك ان الأزمة قد تتسبب بوضع مزيد من العقبات أمام الجهود المبذولة.

تتفاقم بين العراقيين

من جانب آخر، تعمل اللاجئة العراقية أسيل البالغة من العمر 16 عاماً وأمها في مشغل للحرف اليدوية في دمشق ولا تكسبان معاً سوى 174 دولاراً شهرياً، وهو مبلغ بالكاد يكفي لدفع إيجار منزلهما وشراء احتياجاتهما من الطعام.

وتحدثت أسيل قائلة: "علي أن أساعد أمي بعد أن نفذت مدخراتنا. نحن نبدأ في الصباح الباكر ولا ننتهي إلا عند الرابعة مساءً. وأحياناً نأخذ بعض العمل معنا إلى البيت". وكانت أسرة أسيل قد غادرت العراق إلى مصر عام 2006. وقد اختفى والدها عندما عاد في زيارة قصيرة إلى العراق وفقدت الأسرة بعدها أي أثر له.

وبعد أن نفذت مدخراتها، عادت أسرة أسيل إلى العراق في يناير 2009 على متن إحدى الرحلات الجوية المجانية التي نظمتها الحكومة في محاولة لتشجيع العودة الطوعية. ولكن سرعان ما بدأت الأسرة بتلقي التهديدات بالقتل ثم تعرض أخو أسيل البالغ من العمر 12 عاماً للاختطاف والتعذيب. وبعد إطلاق سراحه، قررت الأم الهروب من العراق مرة أخرى متجهة هذه المرة إلى سوريا.

ولم تذهب أسيل إلى المدرسة منذ مغادرتها العراق عام 2006 حيث كانت مصاريف المدارس الخاصة في مصر تفوق القدرة المالية للأسرة. وحتى عندما انتقلت إلى سوريا حيث يحصل اللاجئون العراقيون على التعليم بالمجان في المدارس الحكومية، لم تستطع الانتظام في المدرسة لحاجتها للمال لمساعدة أسرتها على مواجهة تكاليف العيش. بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

ووفقاً لمسح صادر في نوفمبر 2007 عن مؤسسة إبسوس للأبحاث، أفاد 37 بالمائة من اللاجئين العراقيين الذين تم استجوابهم أن مدخراتهم تشكل المصدر الرئيسي للدخل بالنسبة لهم، في حين أفاد 24 بالمائة أنهم يعتمدون على التحويلات و24 بالمائة على الأجور التي يتقاضونها. كما أفاد 33 بالمائة ممن شملهم المسح أنهم يتوقعون ألا تدوم أموالهم أكثر من ثلاثة أشهر، في حين لا يدري 53 بالمائة كم ستدوم مدخراتهم.

انعدام البيانات

حيث إن لا تتوفر أية بيانات حديثة حول عمالة الأطفال بين مجتمع اللاجئين، غير أن المسؤولين واللاجئين أنفسهم يعتقدون أن العدد في تزايد مستمر. ولا تسمح القوانين السورية للاجئين العراقيين بالعمل بشكل رسمي في البلاد مما يضطرهم للعمل في الخفاء والحصول على أجور جد متدنية لا تمكنهم من سد جميع احتياجاتهم، حسب المسؤولين.

وقد أوضحت سيدة شابة تعمل في مركز دوما لتسجيل اللاجئين التابع للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن العديد من الأطفال العراقيين في محيطها لا يرتادون المدارس، بل "يزاولون أعمالاً مختلفة لمساعدة أسرهم على تحمل تكاليف العيش". وحسب تقديرات المسح الذي أجرته مؤسسة إبسوس، فإن 10 بالمائة من الأطفال العراقيين المقيمين في سوريا والذين هم في سن الدراسة يعملون.

يعمل لإبقاء أخيه في المدرسة

من جهتها، أفادت منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) في إستراتيجيتها لحماية الطفولة لعام 2008 -2009، نقلاً عن ورقة قدمتها الحكومة السورية في مؤتمر دولي حول اللاجئين العراقيين تم عقده في جنيف عام 2007، أن عمالة الأطفال بدأت تشكل ظاهرة واسعة الانتشار بين اللاجئين العراقيين.

الانقطاع عن المدرسة

وقالت فرح دخل الله، مسؤولة الإعلام بمكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بدمشق أن "الأسر استنفذت مدخراتها وأصبحت تعاني من الفقر بشكل متزايد. وهناك دلائل على أن المزيد من الأطفال ينقطعون عن المدرسة ويدخلون سوق العمل لمساعدة أسرهم.

كما أن التزويج المبكر للفتيات بدأ يشهد بدوره تزايداً مستمراً نتيجة الظروف الاقتصادية الصعبة". وأضافت دخل الله أنه "وفقاً لتقديرات الحكومة، هناك عدد أقل من الأطفال العراقيين المسجلين في المدارس خلال العام الدراسي 2008 -2009 مقارنة بالعدد المسجل في السنة التي قبلها. نحن نعتقد أن هذا مرتبط بشكل أساسي بالصعوبات الاقتصادية وإعادة التوطين والعودة".

دراسة حديثة

وقد أطلقت اليونيسف، بالتعاون مع وزارة الشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية، دراسة حول أسوأ أنواع عمالة الأطفال في سوريا، حسب تصريح مسؤولة حماية الطفل بالمنظمة ثيودورا تسوفيلي التي قالت أن "هذه الدراسة ستستغرق ثلاثة أشهر وستشمل الأطفال السوريين والفلسطينيين والعراقيين... من خلال هذه الدراسة فقط، سنحصل على معلومات حديثة حول هذه الظاهرة. لدينا تقديرات بأن الانقطاع عن المدرسة مرتبط بعمالة الأطفال ولكننا لا نملك دليلاً على ذلك. نحتاج لهذه الدراسة حتى نتمكن من دعم أي استجابة مستقبلية".

ضرورة أم ثقافة مجتمع؟

بينما تبيع وردة -وهي فتاة سورية تبلغ من العمر 9 سنوات لم يسبق أن دخلت المدرسة- الحلوى في شوارع دمشق وتحتاج أن تكسب عشرة دولارات في اليوم على الأقل، لتعيش ولتساعد والدها وأسرتها على العيش. وعلى وردة إقناع المارة بشراء الحلوى، وعليها الحذر من مخاطر الوقوف في الطريق .

تقول وردة " مثلاً يأتي رجل يطلب مني أن أذهب معه مقابل 500 ليرة، فأقول لا وأطرده، وأنادي الناس، وهم يطلبون الشرطة ليأخذوه ".

عمالة الأطفال مشكلة كونية

وحول وضع عمالة الأطفال في سورية فأن أفضل الدراسات تعود إلى عام 2002، وترى منظمة الأمم المتحدة للطفولة أن تلك الدراسة ماتزال المؤشر الأفضل حول حالة عمالة الأطفال في سورية.

وبحسب الدراسة فإن ما لا يقل عن 18 في المائة من الأطفال في سورية منخرطون في سوق العمل، وذلك لأسباب خاصة كتدهور الوضع الاقتصادي لأسرهم، أو التفكك الاجتماعي لهذه الأسر.

ويشرح مارك لوست من ممثلية اليونسيف في سوريا الأسباب العامة لعمل الأطفال " يوجد العديد من العوامل القاهرة التي تسبب عمالة الأطفال، مثلاً حالة الجفاف الحالية في سورية وحالات اللجوء الجماعي كهجرة أعداد كبيرة من العراقيين إلى سورية منذ عام 2007 ".

وفي حالات غير قليلة تدفع أسر بأطفالها للعمل دون حاجة اقتصادية، فثقافة كثير من السوريين تعتبر العمل وتعلم المهنة طريقة للتربية الجيدة والإعداد للمستقبل.

الباحث الاجتماعي الدكتور جمعة حجازي قال " لا ننظر نحن كأفراد سوريين وكعائلات إلى عمالة الأطفال على أنها هدر للطفولة أو قتل للمواهب، بالعكس ننظر إليها على إنها تنمية للمواهب وإعداد الطفل للمستقبل ".

الناشطة في مجال حقوق المرأة والطفل رهادا عبدوش قالت أنها تعتقد " أن حجم عمالة الأطفال زاد منذ عام 2002، وزادت نسبة العمالة الأكثر خطورة على الأطفال، وزادت العمالة المقنعة كالعمالة الموسمية والعمالة الجزئية ". بحسب البي بي سي.

ووفق بنود الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، وبحسب نصوص القوانين السورية فإن التعليم إلزامي حتى سن الخامسة عشرة، ولا يجوز العمل مطلقاً لمن هم دون الثانية عشرة من العمر، ويقيد عمل من هم ما بين الثانية عشرة والثامنة عشرة بساعات عمل قليلة وبأعمال غير مجهدة وبأماكن غير خطرة على صحة وسلامة الطفل الجسدية والنفسية.

هذه القوانين تواجه صعوبة كبيرة في التطبيق، خاصة في حالات رضا الأهل عن عمل أطفالهم وقبولهم بفكرة غياب الأطفال عن المدرسة، وفي حالات عدم وجود الأهل.

تهديد 192 ألف طفل بالعمى والربو

من جانبها حذرت دراسة يمنية حديثة نفذتها وحدة مكافحة عمالة الأطفال في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل اليمنية في 6 محافظات على مستوى الجمهورية، من ان نحو 192 ألف طفل يمني يعملون في المزارع مهددون بالإصابة بالعمى والربو والطفح الجلدي نتيجة الاستخدام العشوائي للمبيدات والسموم.

وأكدت الدراسة ان تفاقم الأوضاع الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية الصعبة، وانتشار الفقر والانفجار السكاني في اليمن أدت الى تزايد حجم ظاهرة عمالة الأطفال في البلاد في السنوات الأخيرة، إضافة الى النقص في التعليم والمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي يشهدها العالم جراء الأزمة المالية العالمية التي ألقت بظلالها على الاقتصاد. بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط.

وحذرت من احتمال تعرض الأطفال اليمنيين العاملين في المزارع للعمى والطفح الجلدي والربو وأمراض الجهاز التنفسي، وذلك بعد ان تم الكشف عن وجود إصابات خطيرة بين أوساط الأطفال العاملين في الزراعة بالتهابات في العيون. وجاء في الدراسة ان نحو %45 من الأطفال العاملين في الزراعة مصابون بالتهابات جلدية، و%30 مصابون بالتهاب صديدي خفيف، بينما %20 مصابون بأمراض معوية.

دورة الكومنولث

في وقت ذاته يحاول فيه المسؤولون الهنود التعامل مع تصاعد الانتقادات الدولية تجاه سلامة وأمن دورة ألعاب الكومنولث، برزت أدلة جديدة على أن أطفال لا تتجاوز أعمارهم سبع سنوات يتم استخدامهم في بناء مرافق الدورة.

وقال الخبير في قضايا الاتجار بالشر كارا سيدارت إن ظاهرة عمالة الأطفال منتشرة ومعروفة تماما في نيودلهي. وأضافت "لقد وثقت بشكل صحيح في بضعة أيام فقط 32 حالة من حالات العمل القسري و14 حالات عمالة الأطفال في أعمال بناء متصلة بدورة العاب الكومنولث."

ومضى يقول "الحالات التي رأيتها ووثقتها كانت لأطفال يعملون في المواقع، مستخدمين المعاول والمطارق لتكسير الحجارة، لتعبيد طرق أو زرع العشب على طول الممرات لتجميلها، يعملون لساعات طويلة." وقال كارا "لقد وثقت حالات لأطفال تتراوح أعمارهم بين سبعة وثمانية، وتسعة أعوام يعملون جنبا إلى جنب مع أسرهم في هذا الاندفاع المجنون لاستكمال الأبنية،" المعدة لاستضافة الألعاب. بحسب وكالة السي ان ان.

ويوضح أن الأطفال يعملون في ظروف قاسية وأجبر جزء منهم على العمل، ويقول "إن الظروف التي يعملون تحتها لا تليق بالبشر وهذه هي حقا الكلمة الوحيدة الذي استطيع أن أصف بها الوضع." ولفت إلى أن الأطفال "يعيشون في القاذورات، ويذهبون إلى المرحاض وراء الشجيرات والأشجار وهذا هو السبب الذي جعلهم يجدون فضلات البشرية في قرية الرياضيين قبل بضعة أيام."

وبعد محاولات عدة دامت أكثر من شهر للحصول على تعليق من الحكومة الهندية، قالت شيلا ديكسيت وهي وزيرة دولة في الهند إنها "لو كانت على علم بالادعاءات حول عمالة الأطفال لكانت اتخذت إجراءاتها." وأضافت "لو كان هذا الرجل (كارا) لجأ لنا، وقال إن تلك الأشياء تحدث هناك، لكنا اتخذنا إجراءات فورية،" مشيرة إلى أنها "تمنت لو أن أحدا جاء ليبلغها بتلك المزاعم."

تحت الضوء

في حين يعمل أحمد رمضان، البالغ من العمر 13 عاماً، 11 ساعة في اليوم في مخبز يقع في حي خربة خير الله الفقير في القاهرة. ويقول أنه يتعامل مع آلات خطرة ويتعرض لحرارة الفرن الشديدة للغاية ويعاني من معاملة سيئة من قبل رب العمل.

وقد شكا ظروف عمله قائلاً: "أستيقظ كل صباح في الساعة السادسة وأسرع إلى المخبز لأحصل على فرصة العمل هناك في ذلك اليوم. فبالرغم من كون المخبز يتعامل مع أربعة أطفال، ولكنه لا يقبل سوى أول الواصلين كل يوم". وإذا تمكن أحمد من الوصول أولاً، فانه يجني 15 جنياً (2.6 دولار) في اليوم تذهب لمساعدة أسرته على دفع الإيجار وفواتير الماء والكهرباء.

ولا تختلف ظروف العمل كثيراً بالنسبة لصديقه طارق السيد، الذي يعمل نجاراً منذ ثلاث سنوات ويتطلب معظم العمل الذي يقوم به استخدام منشار كهربائي. وقد تحدث قائلاً: "أعمل 12 ساعة في اليوم وأكسب 30 جنيهاً (5.2 دولار) في الأسبوع".

وعلى الرغم من توقيع مصر على اتفاقية منظمة العمل الدولية 138 التي تحدد الحد الأدنى لسن العمل والاتفاقية 182 بشأن "أسوأ أشكال عمالة الأطفال"، إلا أن هناك عدداً كبيراً من الأطفال الذي يعملون في مصر، حسب الخبراء.

وقد كشف مسح وطني حول عمالة الأطفال تم إجراؤه في عام 2001 بتفويض من المجلس القومي للطفولة والأمومة والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن 2.7 مليون طفل ممن تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و14 عاماً (21 بالمائة من جميع الأطفال في هذه الفئة العمرية) يعملون.

 قانون الطفل المصري

• يحظر تشغيل الأطفال قبل بلوغهم 14 سنة ميلادية كاملة، كما يحظر تدريبهم قبل بلوغهم 12 سنة ميلادية.

يحمي الأطفال دون سن 17 من تشغيلهم في وظائف خطرة.

• لا يجوز تشغيل الطفل أكثر من ست ساعات في اليوم، ويجب أن تتخلل ساعات العمل فترة أو أكثر لتناول الطعام والراحة لا تقل في مجموعها عن ساعة واحدة.

• لا يجوز تشغيل الطفل أكثر من أربع ساعات متصلة، ويحظر تشغيلهم ساعات عمل إضافية أو تشغيلهم في أيام الراحة الأسبوعية أو العطلات الرسمية.

• لا يجوز تشغيل الأطفال بين الساعة الثامنة مساء ً والسابعة صباحاً.

الفقر وانعدام الثقافة

وقد ألقت نهاد جوهر، مسؤولة حماية الطفل في منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسف) في مصر، باللوم في هذه الظاهرة على "الفقر وانعدام الوعي والانقطاع عن المدارس بسبب العنف أو عجز الآباء عن دفع الرسوم" بالإضافة إلى "ثقافة تقبُّل عمالة الأطفال".

وطالبت بالمزيد من الجهود لإدماج الأطفال الذين تم تخليصهم من براثين العمل في المدارس، مشيرة إلى أنه في حال تعذر ذلك يجب التركيز على قوانين أكثر صرامة فيما يخص صحة وسلامة هؤلاء الأطفال في العمل. وأضافت أن "معظم عمالة الأطفال تتركز في الورش الصغيرة أو في أماكن أخرى في القطاع غير الرسمي "حيث لا تتوفر تدابير الصحة والسلامة المهنية أو لا يتم تطبيقها". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

الأمل

وقد حصل أحمد وطارق على فرصة جديدة بفضل منظمة بلان إيجيبت Plan Egypt ، وهي منظمة غير حكومية تابعة لمنظمة بلان إنترناشيونال Plan International المعنية بقضايا تنمية الطفل، التي منحتهما ثلاثة أشهر من التدريب المهني لرفع مستوى وعيهما بقضايا الصحة والسلامة.

وتحدثت جاسانت إبراهيم، مستشارة حقوق الطفل في منظمة بلان إيجيبت، عن دور منظمتها في هذا المجال قائلة: "هدفنا الرئيسي هو عودة الأطفال إلى المدارس، سواء الرسمية منها أو غير الرسمية. أما إذا كان الطفل بحاجة ماسة للعمل بسبب الفقر الشديد، فإننا نعمل مع أصحاب الورش والأمهات لضمان حماية الأطفال في بيئة العمل المحيطة بهم.. ولكن التحدي الرئيسي يتمثل في إقناع أرباب العمل بالسماح للأطفال بالذهاب إلى المدرسة، بالإضافة إلى التحدي الآخر المتمثل في تغيير معتقدات وعقليات الآباء والأمهات الذين يرغم بعضهم أطفاله على العمل بهدف المساعدة في إعالة الأسرة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 3/تشرين الأول/2010 - 23/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م