المدرسة الشيرازية ووعي التجربة

برير السادة

وعي التجربة يمثل دورا مهما من ادوار البناء والتقدم, ومكون اساسي للنمو الحضاري, واستجابة طبيعية للتراكم المعرفي والثقافي.

من هذه التجارب التي تحتاج الى وعي ودارسة, تجربة الامام الشيرازي, وصياغته الجديدة لدور الفرد والمؤسسة, والقيادة (المرجعية).. بالتاكيد لا ندعوا لقراءة هذة التجربة بعيدا عن التجارب الاخرى, ولكن فرادة التجربة ومحاولة تغييبها القسري تلح علينا لدراستها وفهم منطلقاتها, وهي التي تشكلت على مدى اكثر من نصف قرن بوتيرة سريعة وقوية ومؤثرة على المستوى الجماهيري والنخبوي هذا اولا.

على ان وسمها بالتجربة ياتي تبعا للقناعات التي رسختها عبر ممارستها وتطبيقها للعديد من الافكار والنظريات, وهو لا يناقض كونها ثورة مادامت تتطابق مع تعريفاتها ايضا.

وثانيا, تمثلها في الدور التاريخي دافع اخر من دوافع وعيها ودراستها, لان القفز على الادوار التاريخية او حرق المراحل الزمنية-المعرفية  يولد فراغ ابستمولوجي, او على الاقل يترك فراغا منهجيا كما يرى الفيلسوف السويسري غاستون باشلار في نظرية المعرفة  "فكل معرفة يمكن النظر إليها دائما، بصورة منهجية على أنها متعلقة بحالة سابقة لمعرفة اقل، وعلى أنها قابلة لأنها تمثل هي ذاتها هذه الحالة السابقة بالنسبة لمعرفة أقوى".

اول سؤال نجده في هذه التجربة طبيعة المنهج, وعقد تكوينه, لكونها مغايرة في جزئياتها للمناهج القائمة, وهو امر يفرضه الابداع والتجديد, تبعا لعمق الشعور بضرورة التجديد, وخلق البديل والمناسب.

في التجربة الشيرازية يستوقفنا ضخامة الانتاج وحجم المفردات الحاضرة في فكر الامام الشيرازي, لسؤال عن حجم الشعور المنتج والمبدع لهذه التجربة, الشعور الذي اختزل امة في رجل.

لاشك ان دراسة تاريخ العراق الحديث, وتاريخ وتجربة الحركات الاسلامية المعاصرة, وتاريخ المرجعية قد تجيب عن اسباب وكيفية تكون هذه المدرسة, لكنها لن تقدم بالضرورة صورة واضحة واجابة وافية لضخامة الشعور بالمسؤولية عند الامام الشيرازي, والتي سجلها مرارا وتكرارا متسائل عن سبب تخلف العالم الاسلامي, وتفشي الجهل والمرض والفقر..ودورنا في النهوض.

لقد قدمت هذه المدرسة تجربة جديدة للاصلاح والتغيير, تعتمد على الشمول والتعدد, فمدارس الاصلاح الحديثة ركزت على قضايا ومفرادت متفرقة من تكوين الامة والدولة, فعبدالرحمن الكواكبي راى في الاستبداد آفة التختلف, وراى الطهطاوي وطة حسين ومحمد عبده في اصلاح التعليم الديني نقطة التحول نحو الحضارة. في حين ان المدرسة الشيرازية طالت تجربتها الاصلاحية كل مكونات الفرد والامة والدولة.

من هنا فهي تنطلق في الكثير من الاحيان من الاخوة الاسلامية لتنتهي بشورى الفقهاء او من الوعي لبناء الدولة الحديثة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 30/أيلول/2010 - 20/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م