التخسفات في شبكات الصرف الصحي وخطر الشتاء القادم

 

شبكة النبأ: تواجه شبكات الصرف الصحي في معظم محافظات العراق لاسيما العاصمة بغداد تخسفات متواصلة نتجت عنها حالات طفح واضحة للمياة الثقيلة الآسنة واختلطت في بعض الاحيان بماء الشرب الذي لم يعد صالحا للشرب وفقا لكل المعايير الصحية العالمية والمحلية المتعارف عليها.

ولم يتوقف الامر عند هذا الحد، حيث بدأت بعض الجهات المعنية بالأمر تتهم بعضها بالتقصير في هذا المجال الخدمي، واذا كانت بغداد هي المدينة الاوسع والاكثر كثافة سكانية فلابد أن تكون اكثر المدن التي ستعاني من خطر هذا الطفح الذي وصفه بعض المسؤولين في أمانة العاصمة بأنه خطر كبير قد يصل الى اغراق احياء بالمياه الثقيلة ومحال كثيرة الامر الذي قد يؤدي الى توقف الحركة وانشطة العمل اليومي كافة.

وقد ذكرت بعض وسائل الاعلام اطلاق الاتهامات المتبادلة بين مجلس محافظة بغداد وأمانة العاصمة في هذا الصدد، والمشكلة أن هاتين الجهتين الرقابية والتنفيذية تثيران هذا الامر وأخطاره الكبيرة على مناطق سكنية واسعة، في وقت أصبح فيه الشتاء وموسم الامطار على الابواب، بينما كان يتوجب على هاتين الجهتين التعامل مع هذا الخطر البيّن في وقت مبكر، أي في فصل الصيف، وهو أمر متعارف عليه في عموم البلدان الاخرى، حيث يتم استباق فصل الشتاء بالقيام بمشاريع الصرف الصحي، صيانة او استحداثا، لكي تتجنب مخاطر زيادة نسبة مناسيب الامطار.

أما لو اردنا الحديث عن المدن الاخرى واحيائها فإن ظاهرة طفح المجاري واختلاطها بمياه الشرب موجودة فعليا وفي اماكن كثيرة، وقد أشار عدد من المسؤولين الى هذه الظاهرة لكي يتجنب المساءلة ويقول إنني نبّهت الجهات المعنية على هذا الخطر، في الوقت الذي يجب أن لا يكتفي المسؤولون التنفيذيون بتنبيه الجهات التنفيذية الخدمية فقط.

بمعنى حين يشير المحافظ الفلاني للمحافظة الفلانية الى هذه الظاهرة ويحذر منها، فإن هذا لا يكفي ولا يعفيه من مسؤولياته بل لابد أن يصدر الامر الكفيلة بانجاز الهمل المطلوب ومتابعة مراحل الانجاز والمساعدة على تذليل العقبات في هذا الجانب وليس الاكتفاء بتذكر الجهات المعنية بوجوب القيام بمهامها فقط.

كما أننا نرى أن المسؤولية التنفيذية لا تتوقف عند التذكير فقط والقاء الحجة على الآخرين الأقل درجة او المسؤولين على التفيذ المباشر، بل لابد أن يكون هناك امر حاسم بوجوب التنفيذ ومحاسبة الجهات ذات العلاقة فوريا في حالة وقوع خلل او خطأ في تنفيذ المشاريع الخدمية التي تساعد الناس على مواصلة حياتهم العملية بصورة طبيعية، وحينما يغرق احد الاحياء في بغداد او غيرها فلابد أن يكون الخاضع الاول للحساب هو قمة الهرم في الجهة التنفيذية، وليس مقبولا أن تقول هذه الجهة المسؤولة او تلك بأنها ذكرت الآخرين بهذا الخطر، هذا وحده عذر غير كاف، فالمطلوب هو الشروع بالعمل ومتابعة نسب انجازه ومحاسبة المتلكئين وإثابة والمخلصين من اجل تحقيق نسب انجاز أعلى وأدق في العمل ناهيك عن تجاوز الخلل الواضح في جانب الخدمات.

أما اطلاق الاتهامات المتبادلة في وسائل الاعلام فإنها لا تجدي نفعا، إذ لابد أن تكون هناك سياقات عمل متعارف عليها، مثلما هناك قواعد واضحة وثابتة للعقاب والثواب، كما أن الجهات التنفيذية الأعلى ممثلة بقمة الهرم لابد أن تأخذ دورها في هذا المجال، وهل يعقل أننا نتنبه لواجباتنا ومسؤولياتنا فقط عندما يداهمنا الخطر او يصبح وشيكا كما هو الحال مع اعلان الخوف من غرق بعض احياء بغداد بسبب التخسفات الموجودة والمستجدة في شبكة مياه الصرف الصحي؟.

إن الاعذار والتبريرات كثيرة وهي في الغالب لا تجدي نفعا، فالصحيح هو أن تقوم الجهات المعنية بالخدمات بواجباتها في الوقت المناسب، ولايجوز التحذير وحده كدريئة لوقوع الخطر او التخلص من الحساب، وهنا لابد أن يصبح تحمّل المسؤوليات متبادلا بين جميع الجهات المعنية.

وقد أُثيرت الكثير من التساؤلات حول هذا الجانب، اذ يتساءل كثيرون ما فائدة الاتهامات المتبادلة الآن اذا غطّت المياة الثقيلة مساحات ومناطق سكنية واسعة عندما تسقط امطار الشتاء بمناسيب متصاعدة؟ وهل نبقى نعوّل على قلة الامطار وعل ما تضمره لنا مجاهيل المستقبل.

الجميع يقول إن الصحيح هو أن تؤدي الجهات المعنية واجباتها وتستعد لفصل الشتاء بصورة مقبولة وجيدة على أن يتم هذا الاستعداد قبل حلول موسم الامطار، كما هو متعارف عليه، أما التبرير الذي يقول بأن شبكات الصرف الصحي قديمة ومتهالكة وبحاجة الى استبدال وصيانة، فالجميع يؤيد ذلك ويقول للمعنيين هذا واجبكم الذي تتقاضون عليه رواتب شهرية مجزية من خزينة الدولة، وقد أخذتم الوقت الكافي والطويل لانجاز ذلك، فهل أنتم فاعلون ؟.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 26/أيلول/2010 - 16/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م