لا تخسروا دمشق

هادي جلو مرعي

ساد حديث صعب في لبنان مؤداه :أن الخلاص من الحضور السوري سيكون هو الحل لمشاكل البلد المستعصية.

إكتشف اللبنانيون - خاصة المعارضون منهم - لحضور دمشق أن الاخيرة لابد من مغازلتها سواء كانت المشاعر محتقنة ضدها من جهة فريق الموالاة او هادئة ووادعة من جهة حزب الله وحلفاؤه الذين يرون في سوريا حليفا وضامنا.

ميزة لسوريا لايشاركها فيها بلد آخر أنها مطلوبة حين تكون عدوا بنفس الرغبة حين تكون صديقا. هذا مايدركه اللبنانيون وهم يحكمون أحد أصغر البلدان مساحة واقلها سكانا وتأثيرا في السياسة الدولية التي تسعى إليه ولايسعى إليها. هذا مايفسر إندفاع فريق الموالاة الى دمشق ويفسر رغبة المعارضة بدوام العلاقة الحميمة التي داوم عليها الطرفان من زمن ليس بالقليل شهد خروج البعض عن دائرة التاثير السوري ثم عودته بهدوء كالرئيس الحريري او بصخب كالعماد ميشال عون وحتى الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.

الحال مع العراق في علاقته بسوريا قد يكون مختلفا لكن لابأس من إحداث مقاربة تصلح لان تكون مثلا خاصة مع الحديث الذي تداوله الاعلام المحلي والدولي وتناقله مرتادو الصالونات السياسية عن الحالة اللبنانية وشبهها بالحالة العراقية لجهة الإصطفاف الطائفي والحزبي والمناطقي ونوع الصراع السائد في البلدين والدور السوري والصدام مع الولايات المتحدة الأمريكية ووجودها المربك للمصالح والنوايا.

 ومن ثلاثين عاما انصرمت كانت العلاقة بين دمشق وبغداد مسكونة بالهواجس والمخاوف والاتهامات. دمشق إتهمت بغداد بإيواء منشقين عن حزب البعث مثل ميشيل عفلق وقيادات أخرى وهو إتهام بادلته بغداد بما هو أفجع حين اعدمت عشرات البعثيين بتهمة التآمر مع دمشق ضد نظام الحكم في بغداد.

الحرب مع ايران شهدت حضورا سوريا مثيرا لجهة التعاون مع ايران في تلك الحرب ووقوفها الى جانب طهران وإحتضانها لقوى المعارضة العراقية التي تحولت الى الحكم بعد 2003 وهو العام الذي شهد تحولا في العلاقة لجهة إتهام دمشق بدعم المسلحين المناوئين للوجود العسكري الامريكي في بلاد الرافدين وبجملة التفجيرات المروعة التي ضربت العاصمة وقتلت العشرات من لابرياء ودمرت مؤسسات الدولة الناشئة.

هذه الاتهامات والهواجس لم تمنع الحكومة العراقية من التفكير بواقعية سياسية لجهة البحث في طريقة ملائمة للحوار مع سوريا التي لم تفقد أهميتها مع كل المشاكل التي واجهتها والاتهامات التي تكال لها من الغرب بدعم المسلحين والاصوليين وبالتحالف مع ايران في صراعها مع الولايات المتحدة.

لايمكن الركون في العلاقة بين بلدينا الى الاتهامات فقط إنما التحلي بالواقعية السياسية التي تحتم التواصل حتى في ظل العداء لإيجاد وسيلة ناجعة لحل المشاكل القائمة ومنعها من أن تكون سببا في إيذاء المواطنين العاديين وتعطيل مصالح العامة لأن العلاقة ليست فقط بين الأنظمة ومؤسسات الحكم أنما تتعدد المصالح وتتنوع وتتشكل وفق رؤى وتصورات متباينة ومتجددة ومتقاطعة في احيان.

الأفضل لحكومة بغداد الحالية والتي ستليها العمل على ترتيب العلاقات مع دول الجوار على أساس المصالح المشتركة وحيوية الحديث بصراحة في القضايا العالقة وإيجاد سبل ناجعة لحل القضايا العالقة وسواها من قضايا تحكم العلاقة بين العراق وجواره. وسوريا في المقدمة من ذلك ،ولابد أن لانخسر العلاقة مع أقدم عاصمة في الدنيا.

hadeejalu@yahoo. com

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/أيلول/2010 - 15/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م