شيعة السعودية... من قمع السلطة الى فتاوى التكفير

احمد عقيل

 

شبكة النبأ: يمر المسلمون الشيعة في السعودية والتي تمثل عاصمة المسلمين لما فيها من صرح إسلامي مهم وهو الكعبة الشريفة وهي تمثل القبلة الوحيدة لهم والتي يتوجه إليها جميع المسلمين أينما كانوا في بقاع العالم، الى انتهاكات لحقوقهم في تأدية مراسيمهم العبادية الخاصة بهم تحت مسمى الخوف من الامتداد الشيعي في المملكة، حيث تقوم الحكومة السعودية والتي تعتبر من المسلمين السنة بإجراءات أمنية تعسفية ضد الشيعة ومنع أداة الصلاة وغلق المساجد الشيعية.

بينما انتقد العديد من الكتاب السعوديين وشيوخ المنابر الإسلامية السنية ما تقوم به السلطات السعودية من مذكرات اعتقال وسجن أهم رموز الشيعة في السعودية وتهديدهم بعدم إقامة صلاة جماعة في منازلهم او المساجد الخاصة بهم، حيث أكد الكتاب السنة من ان هذه ليست طريقة صحيحة للتعامل مع إخواننا الشيعة مهما اختلفنا في كثير من الأمور، ولابد ان تغير الحكومة السعودية أسلوبها في التعامل مع الشيعة في السعودية.

تطويق مسجد

فقد طوقت الدوريات الأمنية السعودية مسجدا شيعيا في مدينة الخبر ومنعت المصلين من الوصول إليه لإقامة صلاة الجمعة.

وذكرت مصادر مطلعة أن أكثر من عشر دوريات أمنية طوقت قبل الظهيرة منزل الوجيه الشيعي البارز وعمدة مدينة الخبر الأسبق الحاج عبد الله المهنا حيث موقع المصلى بحي الجسر ومنعت وصول المصلين اليه.

وجاء منع إقامة الصلاة بعد أيام على منع السلطات المواطنين الشيعة من إقامة صلوات الجماعة في استراحة مستأجرة خارج مدينة الخبر.

وكان وفد من أهالي الخبر التقى مؤخرا نائب وزير الداخلية الأمير أحمد بن عبدالعزيز في مدينة جدة وسلمه "معاملة" جديدة تطالب بالسماح للمواطنين الشيعة بإقامة صلاة الجماعة.

ونفذت السلطات الأمنية على مدى أسابيع سلسلة استدعاءات أمنية أسبوعية لعدد من أبرز الشخصيات الشيعية في مدينة الخبر ضمن إطار المضايقات الطائفية المستمرة بحق المواطنين الشيعة في المدينة.

وذكر مصادر أن محافظ الخبر سليمان الثنيان ومدير ادارة البحث الجنائي في الخبر محمد التويجري تناوبا على نحو أسبوعي على استدعاء رجل الدين إمام جمعة حي الجسر السيد محمد باقر الناصر والحاج المهنا المشرف على المصلى الواقع بمنزله.

وشدد المسئولان في أغلب الاستدعاءات على إبلاغ الناصر والمهنا بمنع إقامة المواطنين الشيعة لصلاة الجماعة دونما ذكر أسباب واضحة.

ومارست السلطات ضغوطا متواصلة على الوجيه المهنا للامتناع عن فتح المصلى لإقامة صلوات الجماعة إلى جانب التوقف عن استقبال ضيوفه من الشخصيات الشيعية. وسبق للحاج المهنا أن تعرض في العام الماضي للسجن لأكثر من خمسة أسابيع بذريعة إقامة صلاة الجماعة في المصلى الملحق بمنزله.

كما احتجزت السلطات في شهر مارس وابريل الماضي أربعة مواطنين شيعة آخرين على مدى شهر كامل بذريعة فتح منازلهم الخاصة لإقامة صلوات الجماعة.

وكان السيد الناصر استنكر في فترة سابقة شنّ السلطات السعودية حملة استدعاءات أمنية متواصلة ضد المواطنين الشيعة في مدينة الخبر على خلفية إقامتهم صلوات الجماعة المحظورة رسميا. وتشن السلطات الأمنية في الخبر حملة طائفية منذ منتصف 2008 أغلقت خلالها أربعة مساجد شيعية في المدينة كما حظرت إقامة صلاة الجماعة في المنازل الخاصة تحت طائلة السجن والملاحقة.

وتحظر السلطات السعودية على مواطنيها الشيعة بناء المساجد في المدن السعودية خارج مناطقهم التاريخية في الأحساء والقطيف ونجران دون تبريرات واضحة.

الحبيب ينتقد

من جانبه انتقد الشيخ محمد حسن الحبيب منع الحكومة السعودية مواطنيها الشيعة في مدينة الخبر من ممارسة حرياتهم العبادية بذريعة وقف التمدد الشيعي في المنطقة.

واستنكر الحبيب في محاضرة بمناسبة ذكرى استشهاد الإمام علي، منع المواطنين الشيعة من إقامة صلاة الجماعة في أحياء مدينة الخبر "أمام مرأى ومسمع الجميع".

واستغرب اعتبار الرغبة في إقامة الصلاة جزءا من التمدد الشيعي في المنطقة في إشارة على ما يبدو إلى التجاذب السياسي والطائفي بين القوى الإقليمية الكبرى في الخليج والشرق الاوسط.

ومضى يقول "هذه الشكاوى أمام أعين الجميع، يمنع المؤمنون من الصلاة جماعة أمام مرأى ومسمع الجميع" متسائلا عن غياب أي تدخل ايجابي في القضية. وتسائل الحبيب "هل من العدل ان يمتلك شخص مئات المخططات والأراضي بينما الكثير من أبناء البلاد لا يملكون منزلا".

وتابع "أليست الأرض أرض الله. لماذا تملكها فلان وفلان، ولماذا لا تسلم إلى الناس". ودعا "الحكام المسلمين" إلى إجراء ما وصفها بمراجعة في تطبيق العدل.

الشيخ العمري

من جانبها أطلقت السلطات السعودية سراح ابرز الشخصيات الشيعية في المدينة المنورة الشيخ كاظم العمري بعد ثلاثة أسابيع على احتجازه بذريعة مخالفة أنظمة البلدية. وأكدت مصادر مطلعة في المدينة المنورة أن السلطات أطلقت الشيخ العمري دون مزيد من التوضيحات حول التهم التي وجهت إليه.

وجاء إطلاق العمري بعد سلسلة من الاتصالات والمساعي التي بذلتها شخصيات شيعية عديدة مع السلطات على مدى فترة طويلة.

وكانت السلطات اعتقلت الشيخ العمري بذريعة مخالفته أنظمة البلدية بسماحه لبائعين متجولين بالعمل في مزرعة خاصة بعائلته. وتعد المزرعة التي تضم مسجد ومكتب الشيخ محمد علي العمري أبرز المراكز الشيعية في المدينة المنورة والتي يزورها يوميا عشرات الوفود الشيعية التي تزور المدينة.

وأثار اعتقال العمري سلسلة من ردود الفعل غاضبة كان أبرزها انتقادات حادة وجهها للسلطات السعودية المرجع الديني في قم المقدسة آية الله ناصر مكارم شيرازي دان فيها الإساءة للمواطنين الشيعة في السعودية.

وكان الشيخ عبد الكريم الحبيل طالب في خطبة الجمعة السلطات بإطلاق الشيخ العمري منتقدا اعتقال شخصية "بهذا الحجم والشرف والمكانة". كما دانت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان استمرار اعتقال الشيخ العمري واقتحام منزل ومزرعة والده الشيخ محمد علي العمري وتمزيق اللوحات واللافتات الخاصة الدينية في مسجد ومكتب العمري الواقعان ضمن محيط المزرعة نفسها.

وانتقد عدد من الكتاب والمثقفين المحليين عبر سلسلة من المقالات احتجاز السلطات للشيخ العمري. والشيخ كاظم هو نجل رجل الدين الأشهر في المدينة المنورة الشيخ محمد علي العمري الذي اقعده المرض منذ فترة طويلة فيما لا يزال على رأس الهرم الديني للشيعة في المدينة.

أسباب طائفية

كما أطلقت السلطات السعودية سراح مواطنين شيعيين بعد احتجازهما لأسباب طائفية عدة أشهر في قضيتين مختلفتين.

وذكرت مصادر حقوقية أن السلطات أطلقت الشاب يوسف محمد زاهري من بلدة العوامية بعد احتجاز دام ثمانية أشهر بذريعة مشاركته ضمن مسيرة احتجاجية في العوامية أعقبت ما عرف بأحداث البقيع.

وكان آلاف من الزوار الشيعة في المدينة المنورة تعرضوا لاعتداءات دموية في تلك الأحداث التي جرت العام الماضي على يد عناصر الأمن وأفراد هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بعد تصوير الأخيرين وتعديهم بألفاظ جنسية بذيئة على نساء شيعيات.

واعتقل زاهري مطلع ديسمبر الماضي على حاجز تفتيش عند مدخل العوامية واقتيد فورا لقضاء عقوبة السجن دون محاكمة حتى ساعة إطلاقه. هذا ولا يزال عدد من أبناء البلدة رهن الاعتقال للسبب نفسه ومنهم الناشط الاجتماعي رمزي جمال والمدون منير الجصاص ومحمد اللباد.

إطلاق الجويهر

هذا وأطلقت المباحث السعودية المواطن أحمد علي الجويهر بعد احتجاز دام ستة أشهر على خلفية اتهامه باقتناء علم دولة أجنبية وفقا لمصادر حقوقية محلية.

ويقطن الشاب الذي اعتقل في يناير الماضي في مدينة الدمام وهو من أصول أحسائية. ووفقا للمصدر حصل الجويهر على علم إيران داخل إحدى السيارات وذلك ضمن عمله الاعتيادي بإحدى شركات القطاع الخاص بالدمام والمتعلق بفحص السيارات. وتعرض الجويهر لإجراء تأديبي داخل شركته بعد بلاغ من مجهول وصل لإدارة شئون الموظفين حول تعليقه العلم الإيراني داخل سيارته واستدعى بعد ذلك بنحو شهر من قبل إدارة المباحث بالخبر والتي إحالته للسجن بعد تحقيق قصير.

تأييد ضد إسرائيل

فيما اعتقلت السلطات السعودية مواطنين شيعيين في مدينة القطيف بذريعة كتابة شعار على زجاج سيارتهما مؤيد للمقاومة اللبنانية في وجه إسرائيل.

وذكر الأهالي أن دورية أمنية في حي المحدود بمدينة القطيف أوقفت سيارة يستقلها شابان واقتادتهما للسجن ولم تفلح محاولات إطلاقهما بكفالة.

والشابان المعتقلان هما محسن علي العقيلي (28 سنة) ويعمل في القطاع الخاص وابن شقيقته حسين علي العقيلي (18 سنة) وهو طالب في الأول ثانوي. واقتيد الأول للتوقيف في شرطة القطيف فيما نقل الآخر لسجن الأحداث في الدمام.

وسبق للسلطات أن احتجزت العديد من الشبان الشيعة في أعقاب الاعتداء الإسرائيلي على لبنان عام 2006 بذرائع اقتناء صور أو تعليق شعارات مؤيدة للمقاومة داخل سياراتهم.

في السياق نفسه ذكر الأهالي أن عناصر هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تدخلوا لتخريب مظاهر الاحتفال بالقرقيعان في العديد من قرى ومدن الأحساء وسط تذمر الأهالي الذين وصفوا التدخل بمحاولة إجهاض الاحتفالات ومظاهر الفرح.

كاتبة سعودية تنتقد

من جانبها انتقدت كاتبة سعودية ما وصفته تغلغل المد الطائفي في المساجد السعودية ولجوء أئمة الجماعة "المتطرفين والعابثين" في خطبهم بالدعاء بالهلاك على المواطنين الشيعة.

وذكرت الكاتبة في صحيفة الوطن السعودية مرام عبد الرحمن مكاوي أن إمام المسجد الذي تقطنه في مدينة جدة وضمن صلاة القيام اختار الدعاء "بحرارة بالهلاك على الرافضة".

وأضافت مكاوي "علمت بعدها بأن الإمام قد خصص خطبتي جمعة مؤخرا للحديث عن الخطر الشيعي الذي يحدق بنا، مع أنه ليس في حينا شيعي واحد!".

وتابعت الكاتبة بأنها أدركت لاحقاً بأن الحادثة ليست استثنائية "لا في جدة، ولا في السعودية حيث لا تزال دعوات الكراهية للمخالفين، من عينة "اللهم يتَّم أطفالهم" سارية المفعول".

ورفضت مكاوي التعاطي مع المواطنين الشيعة على هذا النحو. وقالت "نختلف مع إخوتنا الشيعة في أمور كثيرة، لكن أن نتعامل معهم بهذا الشكل هو أمرٌ مرفوض". ودعت الكاتبة إلى أن تكون منابر المساجد "وسيلة للتقريب لا للتخريب" داعية السلطات السعودية للتدخل وحماية المساجد من عبث العابثين على حد تعبيرها.

وتسائلت "كيف يستطيع هذا الرجل أن يتفوه بكلام كهذا دون أن يخشى أي لوم أو عقاب، كنت أظنّ أننا انتهينا منذ زمن من أولئك الذين يختطفون مايكرفونات المساجد ليبثوا علينا سمومهم ويدرسونا فكرهم".

كما تسائلت الكاتبة في مقالتها التي جائت بعنوان "منابر للهداية أم للكراهية" عن سبب السماح الآن لما وصفته المد الطائفي بالتغلغل عبر المساجد في المدن السعودية. وتابعت تساؤلاتها عن موقف المواطنين الشيعة وما إذا كانوا سيشعرون بالحب والولاء تجاه وطنهم وهم يسمعون الدعوات عليهم وعلى أهلهم بالهلاك من على منابر المساجد.

وشهدت الآونة الأخيرة بروز العديد من الكاتبات والكتاب السعوديين الذين انتقدوا بجرأة التشدد السلفي تجاه المواطنين الشيعة وعزا متابعون ذلك إلى تنامي حالة التواصل بين الفاعليات الشيعية والسنية في المملكة.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/أيلول/2010 - 8/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م