إيران وإسرائيل سجال الحرب ودول الإقليم

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: بالرغم من حساسية الوضع بين إيران وإسرائيل، خصوصا بعد تصاعد التهديدات بين تلك الدولتين، فرض هذا الواقع على دول الإقليم وبعض الدول البعيدة أيضا الانسياق الى ذلك السجال العقيم، فما يصدر من تصريحات من مسئولي طهران وتل أبيب غالبا ما يكون ذو صدى على المجتمع الدولي، خصوصا إن تلك التصريحات أخذت تخرج عن مضمونها بحسب اغلب المراقبين.

حيث بادرت العديد من الدول بعد طول انتظار الخروج من صمتها والتعبير عن رأيها في ذلك الصراع، والتعليق على ما يصدر من تصريحات ومواقف رسمية وغير رسمية.

كاسترو يدافع عن اليهود

انبرى الزعيم الكوبي فيديل كاسترو للدفاع عن الشعب اليهودي "المفترى عليه تاريخيا اكثر بكثير من المسلمين" وذلك في حديث لشهرية اميركية طلب منها كاسترو نقل هذه الرسالة الى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد.

وقال فيديل كاسترو "لا اعتقد ان احدا تعرض لافتراءات مثل اليهود. اكثر بكثير من المسلمين" وذلك في لقاء على مدار ثلاثة ايام في كوبا مع جيفري غولدبرغ الصحافي في مجلة "ذي اتلانتيك" الشهرية.

واضاف الرئيس الكوبي السابق (84 سنة) "اليهود تعرضوا للافتراءات اكثر بكثير من المسلمين لانهم اعتبروا مسؤولين عن كل شيء. لكن لا احد يلوم المسلمين" وذلك في لقاء اول استغرق خمس ساعات نشره جيفري غولدبرغ في مقال بث على الموقع الالكتروني للمجلة.

واكد كاسترو في هذا اللقاء على ضرورة ان تدرك الحكومة الايرانية ان اليهود "طردوا من ارضهم، واضهدوا واسيئت معاملتهم في جميع انحاء العالم بصفتهم قتلة الرب". واضاف ان "اليهود عاشوا وجودا اصعب منا بكثير. لا شيء يمكن ان يقارن بالهولوكوست (المحرقة)".

وروى الصحافي انه سأل انذاك الزعيم الشيوعي عما اذا كان سيردد هذا الكلام للرئيس الايراني الذي يهاجم باستمرار اسرائيل والصهيونية في تصريحاته ويؤكد ان المحرقة "خرافة" فرد قائلا "اقول كل ذلك حتي يمكنكم ايصاله".

وفي حديث صحافي سابق في منتصف اب/اغسطس الماضي مع صحافيين كوبيين اعتبر كاسترو ان اسرائيل تريد توريط الولايات المتحدة في حرب ضد ايران. وضاعف كاسترو، الذي تفرغ منذ اربع سنوات للكتابة، من ظهوره العلني منذ شهر ونصف للتحذير من "هولوكوست نووي".

من جهة اخرى اكد كاسترو في حديثه للصحافي الاميركي انه يتفهم ايضا مخاوف الشعب الايراني من عدوان اميركي اسرائيلي محتمل لكنه اعتبر ان العقوبات الاميركية والتهديدات الاسرائيلية لن تردع طهران عن مواصلة برنامجها النووي. وقال "هذه المشكلة لن تحل لان الايرانيين لن يذعنوا للتهديدات" مضيفا ان "قدرة ايران على الحاق الضرر يساء تقديرها".

ويتهم الغرب ايران بالعمل على امتلاك السلاح النووي الامر الذي ترفضه الجمهورية الاسلامية مؤكدة ان برنامجها النووي مخصص للاستخدام المدني فقط.

وكتب جيفري غولدبرغ في مقاله "فوجئت بسماعه يتحدث بهذا التعاطف عن اليهود وعن حق اسرائيل في الوجود (الذي ايده بكل وضوح)" وروى ايضا كيف علم، اثناء اجازته، ان كاسترو يريد مقابلته.

فقد قال له رئيس شعبة رعاية المصالح الكوبية في واشنطن جورج بولانوس في محادثة هاتفية ان كاسترو "قرا مقالكم في اتلانتيك بشان ايران واسرائيل. وهو يدعوكم الى الحضور الى هافانا للتحدث عن المقال".

وروى الصحافي "استقبلنا فيديل ضعيف ومسن. كان يرتدي قميصا احمر وسروالا رياضيا وحذاء رياضيا اسود الون" مشيرا الى انه التقى الزعيم الشيوعي في مكتب بمركز مؤتمرات كانت به ايضا زوجته داليا وابنه انطونيو ووزير ومترجم وطبيب وعدة حراس.

وكان كاسترو تخلى عن الرئاسة في 31 تموز/يوليو 2006 لشقيقه ومساعده الاول راوول بسبب المشاكل الصحية الخطيرة التي يقول انه تعافى منها الان.

تهديد للأردنيين

في سياق متصل أظهر استطلاع للرأي العام أعلنت نتائجه في عمان أن إسرائيل تمثل التهديد الأول للأردنيين في حين جاءت إيران في المرتبة الثانية.

 وأفادت نتائج الاستطلاع الذي أجراه مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية أن 83% من أفراد العينة الوطنية و95% من قادة الرأي يرون أن إسرائيل تمثل تهديدا للمصالح الأردنية.

 وانقسم الرأي العام الأردني بشأن إيران، ففي حين قال 54% إنها تشكل تهديدا للأردن، أفاد 46% أنها تدعم المصالح الأردنية، وبدا موقف قادة الرأي أكثر وضوحا حيث قال 69% إن إيران تهدد المصالح الأردنية.

 وكان لافتا الإجماع بين قادة الرأي والمواطنين على اعتبار تركيا داعما للمصالح الأردنية وبنسب بلغ متوسطها الحسابي 90%.

وأفرد الاستطلاع قسما خاصا للعلاقات مع كل من تركيا وإيران، حيث اعتبر 69% من المواطنين و90% من قادة الرأي أن مواقف الحكومة الإيرانية من القضية الفلسطينية وإسرائيل هدفها "تعزيز نفوذ إيران في المنطقة العربية".

أما بخصوص تركيا فأفاد 84% من المواطنين و82% من قادة الرأي أن مواقف الحكومة التركية من القضية الفلسطينية وإسرائيل "نتيجة الإيمان بحقوق الشعب الفلسطيني".

وظهر التضارب جليا في مواقف الأردنيين من البرنامج النووي الإيراني، ففي حين أيد نحو 70% من المواطنين وقادة الرأي امتلاك إيران السلاح النووي، انقسم الطرفان حول خطر هذا السلاح على الدول العربية.

كما تعزز الانقسام عند السؤال عن ضرورة أن تعمل الدول العربية لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، بالمقابل أيد 78% من المواطنين وقادة الرأي أن يعمل العرب على امتلاك سلاح نووي إذا حصلت إيران عليه.

ويرى الكاتب والمحلل السياسي فهد الخيطان أن السبب في تناقض مواقف الأردنيين من إيران والملف النووي الإيراني يعود لعاملين.

وتابع "عندما يتم الحديث عن امتلاك إيران للسلاح النووي تحضر إسرائيل في أذهان المواطنين المتفقين على أنها التهديد الأول لهم".

نجاد وتدمير إسرائيل

من جهته عاود الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أثناء زيارته لدولة قطر التحذير من أن أي هجوم يستهدف بلاده سيؤدي إلى دمار إسرائيل.

وأضاف نجاد -في مؤتمر صحفي عقده الأحد مع أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني- أن "الولايات المتحدة والكيان الصهيوني لن يقدرا على ضرب إيران في الوقت الراهن، وأي هجوم على إيران يعني محو الكيان الصهيوني من خريطة العالم".

ودعا الرئيس الإيراني إلى إزالة إسرائيل التي تعتبر إيران تهديدا لوجودها، ولم تستبعد اللجوء لإجراء عسكري لمنع طهران من صنع قنبلة نووية.

من جانبه أكد أمير دولة قطر أن المسؤولية عن حصار قطاع غزة هي مسؤولية عربية، وأنه لولا الدور الإيراني والتركي لكان وضع الفلسطينيين أكثر بؤسا.

وأفادت وكالة الأنباء القطرية (قنا) بأن الزعيمين عقدا جلسة مباحثات رسمية في الديوان الأميري، بحثا فيها العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل دعمها وتطويرها، كما تم استعراض القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. بحسب فرانس برس.

وتعتبر إسرائيل -التي يرجح أنها الدولة الوحيدة بالشرق الأوسط التي تمتلك سلاحا نوويا- البرنامج النووي الإيراني تهديدا لوجودها، ولم تستبعد تل أبيب اللجوء لإجراء عسكري لمنع إيران من صنع قنبلة نووية.

وفرضت الأمم المتحدة عقوبات على طهران لإجبارها على وقف هذا النشاط المثير للجدل، لكن إيران تؤكد أن برنامجها مخصص للأغراض السلمية فحسب.

منشات اسرائيل النووية

في السياق ذاته قال رئيس أركان القوات المسلحة الايرانية الجنرال حسن فيروزابادي ان طهران سترد بضرب منشات نووية اسرائيلية اذا تعرضت الانشطة النووية الايرانية لهجوم اسرائيلي. بحسب رويترز.

وقال فيروزابادي لوكالة انباء مهر الايرانية شبه الرسمية "بوسع اسلحتنا المتطورة ضرب اي جزء من النظام الصهيوني (اسرائيل).. نأمل ألا نضطر الى مهاجمة منشاتهم النووية." ولا تعترف ايران باسرائيل. وتعتبر اسرائيل برنامج ايران النووي تهديدا لوجودها.

وطلب الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد من اسرائيل - في كلمة بثت مباشرة من جامعة طهران في ذكرى يوم القدس السنوية - ترك بلاده وشأنها. وقال "أود أن أقول ان الصهاينة وسادتهم أيضا أصغر من أن يمسوا الامة الايرانية وحقوقها."

ولم تستبعد اسرائيل التي يعتقد أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة في المنطقة العمل العسكري ضد ايران اذا فشلت الدبلوماسية في انهاء نزاع بشأن الطموحات النووية للجمهورية الاسلامية. ويشتبه الغرب في أن ايران تسعى سرا لتطوير أسلحة نووية وهو ما تنفيه طهران.

امر غير غير مقبول

الى ذلك قالت اسرائيل ان تزويد أول مفاعل نووي ايراني بالوقود أمر "غير مقبول على الاطلاق" وحثت على بذل مزيد من الضغوط الدولية لاجبار ايران على الكف عن تخصيب اليورانيوم.

وتقول اسرائيل - التي يعتقد على نطاق واسع انها الدولة الوحيدة في الشرق الاوسط التي لديها أسلحة نووية - ان امتلاك ايران اسلحة نووية خطر يهدد وجودها مما يثير قلقا من ان اسرائيل قد تهاجم المواقع النووية لدى ايران.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الاسرائيلية يوسي ليفي في بيان صدر بعد ان احتفلت الجمهورية الاسلامية بتدشين مفاعلها في بوشهر "ليس مقبولا على الاطلاق ان ينعم بلد ينتهك بشكل صارخ قرارات مجلس الامن (التابع للامم المتحدة) وقرارات الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتزاماتها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي بثمار استخدام الطاقة النووية."

وقال ليفي "يجب على المجتمع الدولي زيادة الضغوط لاجبار ايران على الالتزام بالقرارات الدولية ووقف أنشطتها لتخصيب اليورانيوم وانشاء مفاعلات."

وتخشى الولايات المتحدة واسرائيل وبعض الدول الغربية ان يكون النشاط النووي الايراني يهدف الى صنع اسلحة نووية. وتقول ايران انها تريد الطاقة النووية لهدف واحد هو توليد الكهرباء.

المفاوضات الفلسطينية

من جهته اعلن المتحدث باسم الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست ان مفاوضات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين لن تفضي الى نتيجة طالما لم تتم معالجة "جذور" المشكلة. وقال خلال مؤتمره الصحافي الاسبوعي "لا نعتقد ان مفاوضات (السلام) ستعطي نتيجة".

وتستأنف مفاوضات السلام المباشرة بين الاسرائيليين والفلسطينيين في الثاني من ايلول/سبتمبر في واشنطن بحضور الرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الاردني الملك عبدالله الثاني ويمكنها ان تفضي الى نتيجة "خلال عام"، كما اعلنت الجمعة وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون.

ويشدد الفلسطينيون على ضرورة ان تفضي المفاوضات الى قيام دولة فلسطينية مستقلة وتجميد اسرائيل للاستيطان. وينتهي قرار الحكومة الاسرائيلية وقف اعمال البناء موقتا في مستوطنات الضفة الغربية في 26 ايلول/سبتمبر.

وقال مهمانبرست انه "يجب تسوية المشكلة الفلسطينية من جذورها". واضاف "لا يمكننا ايجاد حل للمشكلة الفلسطينية في الوقت الذي طرد فيه الفلسطينيون من بلدهم وهجروا منه وحل محلهم محتلون اتوا من دول اخرى".

ولا تعترف ايران بوجود اسرائيل، وهي تدعم الحركات الفلسطينية الاسلامية ولا سيما حركة المقاومة الاسلامية (حماس) التي تسيطر على قطاع غزة.

وتتهم اسرائيل بانتظام ايران بالسعي الى انتاج السلاح الذري تحت غطاء برنامج نووي مدني تعتبر انه يشكل تهديدا على وجودها. ودعا الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد مرارا الى شطب اسرائيل عن الخريطة.

طهران مصدومة

فيما ابدت ايران الاحد صدمتها للانتقادات التي وجهتها السلطة الفلسطينية السبت لرئيسها محمود احمدي نجاد ردا على تنديده باستئناف المفاوضات المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست ان الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة "عليه ان يكون اكثر حذرا في اختيار كلماته"، بحسب ما نقلت عنه وكالة انباء فارس.

واضافت الوكالة ان مهمانبرست اعرب عن اسفه "للتصريحات المهينة والمناقضة لمصالح الامة الاسلامية" التي وردت على لسان ابو ردينة.

وكان ابو ردينة هاجم السبت الرئيس الايراني، متهما اياه بانه "زور الانتخابات" في ايران، وذلك ردا على الانتقادات الحادة التي وجهها الرئيس الايراني للقيادة الفلسطينية مشككا بشرعية تمثيلها.

وقال ابو ردينه في بيان نشرته وكالة الانباء الفلسطينية الرسمية (وفا) "لا يحق لمن لا يمثل الشعب الايراني، والذي زور الانتخابات وقمع الشعب الايراني وسرق السلطة ان يتحدث عن فلسطين او عن رئيس فلسطين او عن التمثيل الفلسطيني". بحسب فرانس برس.

وانتقد احمدي نجاد الرئيس الفلسطيني محمود عباس من دون ان يسميه، واصفا اياه بانه "رهينة" في يد اسرائيل. وفي اشارة الى القيادة الفلسطينية تساءل الرئيس الايراني في كلمة القاها بمناسبة يوم القدس "من يمثلون؟ وعلى ماذا يريدون التفاوض؟ من اعطاهم الحق في بيع شبر واحد من الاراضي الفلسطينية؟".

ورد ابو ردينة على هذه التصريحات بالقول ان "الرئيس محمود عباس هو رئيس منتخب بانتخابات حرة ونزيهة شارك فيها اكثر من ألفي مراقب دولي وعربي بصورة ديموقراطية ونزيهة ومشاركة عربية ودولية كبيرة".

وتابع "نحن الذين قاتلنا من اجل فلسطين والقدس، والقيادة الفلسطينية مع شعبها قدمت آلاف الشهداء وعشرات آلاف الجرحى والأسرى ولم تقمع شعبها كما فعل النظام الايراني بقيادة احمدي نجاد".

ويدعم النظام الايراني، الذي يعتبر العدو اللدود للدولة العبرية التي توقع مرارا زوالها، حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة وتعارض استئناف المفاوضات مع اسرائيل. واستأنف الاسرائيليون والفلسطينيون مفاوضات السلام المباشرة بينهما في واشنطن الخميس بعد توقف استمر 20 شهرا.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/أيلول/2010 - 8/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م