رحيل في ذكرى الرحيل

احمد جويد

يتهيأ أعضاء مركز الإمام الشيرازي للدراسات ومعهم بقية أعضاء المؤسسة في أيام عيد الفطر المبارك ليقدموا مساهماتهم بذكرى رحيل الإمام السيد محمد الحسيني الشيرازي(قد سره) وهذا هو ديدنهم في تقديم أعمالهم يتنافسون لتخليد ذكرى المفكرين والمبدعين، وكلٌ منهم يحاول الإبداع في التعبير عن أفكاره ضمن مؤسسة كفلت حرية التعبير والرأي لجميع منتسبيها(مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية) التي أحبت جميع العاملين فيها وأحبوها.

إلا أن أحدهم أختار في هذا العام أن يجد لنفسه طريقة خاصة للتعبير في ذكرى الرحيل رغبةً منه في التفوق على الجميع زملائه في هذه المؤسسة ويقدم مساهمته بإبداعه المعهود كي يضفي بطابعه المميز لوناً آخر ألوان من التعبير، ليس غريباً عليه وهو صاحب المبادرات والسَبّاق في الإبداع وابتكار كل ما هو جديد.

"أحمد باهض تقي" أراد هذه المرة أن يبدع في ألم الرحيل في ذكرى الرحيل، ليرحل بنفسه عن جميع محبيه مخلفاً في قلب كل من عرفه لوعة وحزن وأسى، "أبا مصطفى" إن رحيلك قد خلف اللوعة والحزن لدى الجميع، مركز الفرات الذي رفعت اسمه وحرصت على رعايته منذ بدأ اسماً بلا محتوى ومنذ كان فكرة في الأذهان قبل أن يكون واقعاً على الأرض، لا أتخيل شعور هذا المركز وهو يتلقى نبأ رحيلك، أعرف إن وقع الخبر مَثلَ له صدمة كبيرة تركته في ذهول كما تلقته مؤسسة النبأ وأنا أشاهد الزميل "علي حسين عبيد" وهو يضرب على صدر بيده حينما سمع بالخبر أو كما تلقاه الزميل "عدنان الصالحي" في مركز الإمام الشيرازي وهو يضرب كفا بكف حسرة على فراقك، إنني لا أنسى أيضاَ بكاء الدكتور"محمد عبد الحسين" من جامعة كربلاء حينما كان يكلمني وهو يبكي-ولا أريد أن ابالغ في ذلك- فقد كان كالطفل الذي فقد والده، كل تلك الآلام والآهات أعتقد أنها جاشت في مشاعر سماحة الشيخ "مرتضى معاش" والدكتور"خالد عليوي" والأستاذ"سمير الكرخي" وجميع من سمعوا بالخبر في الأوساط الأكاديمية والمؤسساتية والعشائرية.

"أبا مصطفى" كنت ملحاً لـ(مطبخ الأفكار) الذي يعقد كل خميس وكان طعمها ومذاقها بنكهة مميزة حينما تكون بيننا، أنت لم تيتم أطفالك فقط، بل يتمت برحيلك ثلاثون ممن كنت ترعاهم من طلبتك المتميزين الذين كنت تطمح أن يشكلوا مورداً بشرياً في مؤسسات الفكر والمعرفة.

هكذا ودعت مؤسسة الإمام الشيرازي العالمية عَلماً من أعلام الفكر والإبداع يضاف إلى قافلة الراحلين عن هذا العالم بأجسادهم مخلفين خلفهم إرثاً فكرياً ضخماً وفراغاً يصعب ملئه، هكذا يرحل عنا الدكتور المغفور له "أحمد باهض تقي" كما ارتحل عنا بالأمس القريب سماحة حجة الإسلام والمسلمين الشيخ "فاضل الفراتي" رحمه الله، شاء القدر أن يرحل عنا هؤلاء الأحبة وغيرهم بصورة مفاجئة ودون وداع كما فعلها آية الله السيد محمد رضا الشيرازي (اعلى الله درجاته) قبلهم.

نعم "أبا مصطفى" فإن رحيلك في هذا الوقت أنسانا كل أحزاننا وآلامنا (والجرح يسكنه الذي هو أألم)، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وانا لله وانا اليه راجعون.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 18/أيلول/2010 - 8/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م