الواقعية الحياتية والرأي العام عند الإمام الشيرازي "رحمه الله"

تلخيص: فريد النمر

المصدر: كتاب الفقه الرأي العام والإعلام

تأليف: آية الله السيد محمد الحسيني الشيرازي

تحقيق: الشيخ صاحب مهدي

عن دار العلوم للتحقيق والطباعة

مؤسسة الوعي الأسلامي

 

 

 

تمهيد

عندما تنطلق الرؤى والدراسة الإنسانية في مفهوم الراحل الإمام الشيرازي قدس سره تتجلى مفاهيم الإنسان بما هو انسان يريد أكبر قدر من المصلحة في جلب الراحة العقلية والنفسية ودفعها نحو واقع الملائمة الحياتية بكل تجلياتها المتفقة وابعادها عن التنافرات الجسدية العقلية والجسدية النفسية وذلك لا يتيسر إلا باضفاء لغة مشتركة من الناحية الطبيعية لقدرة الإنسان وقدراته المكتسبة بالعلم والمعرفة وصقلها بالقدرة التي أسس لها الدين من خلال الإيمان والإتنتفاع بما يحتويه هذا الدين من مفهوم

فتبلور الشخصية عند الإنسان هو طبيعي في ذاته معرفي في اكتسابه مصلحي بمعناه بغض النظر عن سلبية المصلحة من ايجابيتها فالتعلم هو الرافد الأساسي الذي يجعل من طبيعة الحواس الخمس والنفس البشرية على وفاق عقلي وحسي يقود للنجاحات وبلوغ الأهداف التي تحقق المصلحة والنفع على حد سواء في نطاق تحقيق النصر الذاتي أو الجمعي او كلاهما معا

الواقعية:

يرى السيد الشيرازي قدس سره ان الواقعية: هي الحالة السائدة المتفق عليها من قبل الرأي العام باتجاه سلوك ما او حالة ما أو وضع ما تكون هي الصفة السائدة المتفقة فيما بينهم سواء كان هذا السلوك سلوكا اجتماعيا او اقتصاديا او ثقافيا او حتى عقديا فرضه الواقع المعاش بين مجموعة من الناس وارتضوه فيما بينهم وسواء كان ذلك الرضى بالإقتناع أو بالإكراه من قبل قوى غالبة شكل عندهم الدافع للاستجابة لذلك الواقع والحقيقة على الأرض

الرأي العام

يعبّر الأمام الشيرازي عن الرأي العام إنه عبارة عن ضروب من سلوك أفراد يتضمن التعبير باللغة والألفاظ الخاصة بما يفهمه ذلك الشعب او تلك الأمة وهو قد ينشط نحو موضوع معين او موقف معروف وقد يأخذ اشكالا من التعبيرات المختلفة والمتناقضة أحيانا حسب ما يفرضه الواقع والأحداث تشكل الرأي الأعم والأغلب.

وهنا يفيد قدس سره انه يجب على العامل بالرأي العام ملاحظة أقسامه والعمل وفقها عند إرادة فهم المستقبل وأبعاده فإن للرأي العام آثارامستقبلية يجب التوجيه إليها ومنها وقسم الرأي العام الى قسمين اساسيين هما –عفوي – وتحصيلي.

مفيدا ان عادة الرأي العفوي هو ما يرتبط بالناس مباشرة مت فعل ككسب الرزق والتعاملات اليومية النابعة من حاجتهم اليومية.

اما التحصيلي فهو منجز يكون نتيجة لعمل دؤوب لتغيير بنية المجتمع من وضع سيء الى حسن او من حالة فساد الى حالة اصلاح يحشد لها قواه الذهنية والجسدية والحسية لتحقيق هذه الغاية والتي يمثل الرأي العام عصب القدرة والأداة الفاعلة للوصول الى الهدف المرجى تحقيقه.

ثم يضيف قدس سره الى الأقسام للرأي العام قسما آخرا ينعته بالقسم الخامل كأن يقف الناس موقف اللا مبلاة من كل ما يدور حولهم سواء من تغيير او اطهاد او فساد قد ينجم عن تأخرهم وتراجعهم على النحو العام وهو غالبا ما يستغله المتسلطون في تنفيد مآربهم ضد الناس باشاعة الخوف وما اشبه ذلك.

وهذا الرأي الخامل قد تحركه أيضا عاطفة ما تجاه ظروف معينة ناشئة وظرفية كالتي تحدثه الطبيعة لزلزال او فيضان او هزة أرضية او حريق مدمر ولكن لا يلبث هذا الرأي الموقت ان يزول بزوال المؤثر وانتهاء الخطر المحدق عادة, وهذا النوع من الرأي هو ما يستفيد منه الاستعماريون عبر جواسيسهم وعبر عصاباتهم المدسوسة خلال الناس ليقلبوا الأمور لحساباتهم عبر الإشاعة وصرف انظار الناس لغير الحقيقة والتي عادة ما تنطلي على السذج والبسطاء من الناس.

كما يضيف قدس سره ان هناك رأيان في هذه المسألة وهو ما عرفهما بالرأي الباطني والرأي الظاهري , فالظاهري عو عبارة عن الرضى عن شيء دون ان يستطيع المجتمع اظهار رأيه والتعبير عنه الا بخلاف ما يؤمن به كقول الفرزدق للأمام الحسين عليه السلام وهو راجع من الكوفة حين التقاه في الطريق "قلوب الناس معك وسيوفهم عليك" فهو تعبير عن رأي باطني لا يعد سريع المفعول ولكنه فعال قد يقلب الموازين في أي لحظة باتجاه الكفة التي يراها الناس حقة وهذ ما أشار له قدس سره للثورات التي عقبت قتل الحسين سلام الله عليه في الإقتصاص من قتلته عليه السلام.

وفي قبال الرأي الباطني هناك الرأي الظاهري وهو أن يكون الشعب قد استطاع بوسائل الإعلام الحرة والمختلفة ان يعبر عن رأيه في موضوع معين دون ضغط او إقصاء كتعبير الأفراد في المجتمعات الديمقراطية ويسمي هذا النوع من الرأي بالرأي الحقيقي وفهو يبقى ما بقيت الميول النفسية بعيدة عن الخوف لذهاب المصالح وطغيان الأطماع في مال او سلطة وما اشبه ذلك.

وهنا يضيف قدس سره بوجوب الأخذ بكلا الأمرين لمن يريد تكوين الرأي العام بمعنى ان يكوّنوا الميول الداخلي والكامن في النفس الأنسانية ثم بعد ذلك يظهروا تلك الميول الى الخارج لأن ذلك له آثار مستقبلية على الرأي العام المستقبلي والأسباب التي تكوّن من خلالها الرأي العام اذ من خلال المقارنات والدرسات نستوعب ان الرأي الأساسي الذي يقف خلفه الناس ليشكل الرأي العام المستقبلي هو حصيلة فرز الأوضاع بجميع معطياتها.

ويضيف ان هناك فرق شاسع بين تكوين وتبني الرأي العام عند الطبقة المثقفة من الأمة وبين الرأي العام الذي ينشده الجمهور فالأول مستند الى العقل والعلم والثاني مستند الى العاطفة والتي بدورها إما ان تدفع نحو تكون الرأي العام الإيجابي أو النقيض تماما وهو الرأي العام السلبي.

السلوك الإنساني

 الامام الشيرازي قدس سره يعدد من خلال رؤيته في أنماط السلوك المختلفة في صورة الإنسان التي عادة ما تستند الى حب البقاء وتستند الى دفع الضرر عنها بتحقيق الرأي العام من خلال التفكير في الغريزة الطبيعية لتكوين البشر حيث يمكن ان يرجع هذا السلوك الى عوامل غيبية قد يكون ورثها الإنسان منذ أزمنة بعيدة كما هو في المجتمعات البدائية حيث إن تكوين هذا السلوك الموروث لا يقبل التحريك او التغيير لأنه من ثوابت المعتقد والتقاليد وهي توجب السلوك الذي يسلكونه.

ذكاء الشخصية

إن معرفة القوى والخصائص الاجتماعية والثقافية والمعتقدات واختلاف الناس في واقعهم يتلطب ذكاء غير عادي لمعرفة هذه الأمور بكليتها ومعرفة التطبيق الجزئي لها في المجتمع اذ ان مقياس القدرة والذكاء في الشخصية يمكن إدراكه لتشكيل شخصية متوافقة مع الرأي العام المراد تحقيقه وهنا يورد الامام مثلا لو ان بشكل تلقائي ان الشخصيات او المجتمعات الدينية أراد لها أن تنتخب فانها ستنتخب من الشخصيات الدينية التي تتوافق معها في الرؤى مثلا وكذلك العلمانيون لو أراد لهم الإنتخاب لأنتخبوا من صنفهم كما فعل المتدينون لذلك يضيف ان الشخصية المنفردة لا يأتي منها ذلك لكن الشخصية المتعدد يأتي هي التي يأتي منها ذلك.

أما الشخصية التي تعمل على الرأي العام والتي تدفع به الى الأمام فهي ليست على وتيرة واحدة وانما تتغير بحسب الظروف والمواصفات والخصوصيات والمزايا الفردية والأجتماعية فالتعامل مع فرد من طبقته او من مجموعة ليس على حد سواء مع من هو من خارج طبقته فلو فرضنا ان يتعامل ارستقراطيا مع طبقته فهو يتعامل ديمقراطيا مع الذين هم خارج طبقته وهكذا يتعامل الأفراد او الجماعات مع بعضهم البعض لتشكيل الرأي العام بأشكال مختلفة وسلوكيات ناجمه عن فن التعامل وجرعة الذكاء التي يحملها.

موازنا بين الدافع وقوة الدفع التي لأن علاقة بين المنبه والدافع هي علاقة ذات شقين بين المنبه والمؤثر ومعا يشكلان الدافع كأن يهيء الفرد للبحث عن دافع جديد تتقدم الحياة من خلاله كالبحث عن سبل الرزق والطعام عند الجائع تماما.

الرأي الميداني وأقسامه

لقد قسم السيد يرحمه الله الرأي العام الميداني الى عدة اقسام تحوم حول شخصية الفرد عنصر والمجتمع كلبنة أساس لتحقيق مثل هذا الرأي فهناك

-الرأي المؤيد

- الرأي المخالف

-الرأي المحايد

-الرأي المنقسم الى نصفين وهو في الحقيقة ليس برأي عام لأن وجوده يكون شبه معدوم من الأساس لأن الرأي العام يتبع الغالبية في تغليب الرأي ولا يمكن ان يستساوى بهذا النحو

وكل هذه اللآراء تتجلى في مثال واحد هو عندما يطرح تصويتا لمجلس إدارة ما لشركة او حركة او ما يشابه ذلك ويكون هنالك ثلاثة مرشحون لذلك يتكون حول هؤلاء الثلاثة ثلاثة آراء لكل مرشح رأي عام اما ايجابي او سلبي وبتفاعل هذه الآرارء بين السلب والإيجاب يتم اختيار أحد الثلاثة للمنصب أما اذا انحصر المرشحون حول جانبين او جهتين فقد ينتج عن ذلك كل الآراء المتقدم فهناك رأي عام مؤيد وهناك رأي عام مخالف وقد يكون هناك رأي عام محايد.

الرأي العام والحياة

هنا يقرر سماحته رحمه الله بمقولة عظيمة وهو ما ينبغي على وسائل الاعلام تطوير طرق الوصول للرأي العام الذي شهد ميدانها تطورا كبيرا وهائلا في العلوم التقنية والمعرفية والفنون والآداب فالرأي العام المتطور من وجهة نظره هو عالم متغير وقادر على التأثير لأن هناك علاقة طردية ومتبادلة بين التأثير والرأي العام والحياة فكلما تقدمت الحياة تقدم الرأي العام وكلما فسدت الحياة فسد الرأي العام أيضا ويرد هنا مثالا لأستغلال الوسائل من قبل الغرب رغم إن الأرضية في وقت الاستعمار كانت لصالح الناس والمعتقد الا إن تجنيد بعض الأدباء والشعراء لصالحهم استطاعوا أن يغيروا بعض المعادلة لصالحهم كما حصل في الدعوة لسفور المرأة آن ذاك مستغلين فاعلية الأدب والشعر في تحريك مشاعر الناس لولا تصدي بعض الشعراء للنقيض من هذه الدعوة.

حقيقة الرأي العام

أن الرأي العام عند سماحته رحمه هو خلاصة أو نتيجة لتكون ذرات صغيرة جدا تتجمع يوما بعد يوم لتصبح سيلا جارفا لا يمكن إيقافه وهنا يدعو سماعته العاملين في حقل الرأي العام بأن لا يستعجلوا قطف الثمار وأن لا يحقروا شيئا صغيرا حتى لو كان بحجم ذرة كان ذلك صلاحا او شرا ويضيف رأي لأحد الفلاسفة في قوله"ان الرأي العام هو الجواد الذي يمتطيه الحاكم ليصل الى هدفه"

ويستدرك السيد الإمام قدس سره ان الأذان بالأوقات الخمسة او الثلاثة هو شكل من أشكال الرأي العام حيث يبعث الناس للتسابق نحو الصلاة مكونا رأي عاما عند المسلمين.

الفطرة والرأي العام

كما يوجب سماحته قدس سره إن من أهم مقومات كسب الرأي العام وتكوينه أن يكون منسجما مع فطرة الإنسان التي فطر عليها الإنسان وان لا تصطدم في الحياة مع سلوكه ومصيره نحو الزوال ويقول في ذلك ان الرأي العام" كالماء الآسن لا يطهر الا بماء طاهر"

وهكذا هو الرأي العام يتوافق مع الفطرة ويمكن ان يقوم مقام الشاذ عن فطرة الإنسان كما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله عندما جاء برأي موافق للفطرة البشرية في مقابل الرأي العام المخالف لها والمطابق للجاهلية حيث تمكن رسول الله صلى الله عليه وآله من جعل الرأي العام السوي يوصل كلمته الى قلوب الناس الذي تحول الى فكرة محركة في المجتمع الى حلقات عالمية الرسالة والدعوة.

علاقة الرأي العام بالإنسان

وهنا يضيف يقرر سماحته بأن الإنسان مهما تنوع في فكره وكان ثلاثي الأبعاد في تفكيره او ذي بعدين فإن حتمية التأثر بالرأي العام هو حقيقة حتمية وقلما نجد انسانا لا يتأثر بمحيطه والرأي العام الذي يعيش من حوله.

وبعد عرض جميل لأقوال الفلاسفة والعلماء المفكرين في هذا الشأن يدلي هنا سماحته برأيه ويقول:

إن الرأي العام في أغلب الناس يستند الى حقائق في داخل الإنسان مثل العدالة والرفاه والحرية والتعاون وما أشبه وقد يكون مستندا لطائفة كما يحدث في الحكومات الدكتاتورية مثلا المتمثل بالضغوطات التي تحدثها طائفة من الناس لصالح الدكتاتور وليس نابعة من الناس انفسهم.

ولكن يبين سماحته قدس سره إنّ الرأي العام الأول هو الذي ينمو ويظهر وينتشر ويمتد على طول زمن بقاء الناس والرأي العام الثاني يزول بزوال المؤثر الذي يستسقي منه قوته وإن تباينت الفترات.

فالأسلوب الذي يمارس هو مايجعل من حكومة الدكتاتور مثلا ان تعيش مدة أطول فالشد والرخاء والعدل والظلم وتفاوت فتراته هو ما يجعل من الفترات تطول وتقصر كما حدث للأموين والعباسيين وتفاوت نسبة الظلم الذي أحدثوها وأمراء العدل الذين رئسوا خلال حكوماتهم كعمر بن عبد العزيز في الدولة الأموية وهكذا.

ضريبة الرأي العام

ويسترسل هنا سماحته في تبيين أوجه الرأي العام بين ما هو متوافق مع العامة من الناس وبين ما هو محل ازدراء فيقول:

اذ ليس هناك أحد الا فيما نذر من الأطفال أو السفهاء يستطيع أن يعتبر ما يفعله عملا سائغا وعادلا مطابقا للواقع اذا ما اعتبره الآخرون عملا خاطئا منحرفا او كأن يعتبر نفسه بطلا مثلا بينما العالم كله يعتبره جبانا أو نزيها والعالم يراه شريرا, وهكذا ويؤكد سماحته هنا ان الإسلام دائما ينسجم مع إتجاه العام الا في الحالات التي ينبغي السير في اتجاه آخر لبطلان الاتجاه السابق اذ ان السفهاء نادرا ما يرون صحة اعمالهم وهذا ما نراه منطبقا في مجتمعاتنا والمجتمعات التي تصلنا اخبارهم.

ويضيف سماحته: ان أول قوة يملكها الناس هي قدرتهم على توجيه السفيه أو الخارج عن التيار ضد نفسه ووضعه وفق الآراء التي يعتنقونها بصرف النظر عن مدى مطابقتها للواقع, اذ إن الإنسان مهما كان على صحة او بطلان والمجتمع مهما كان على سداد أو فساد فانه يعاقب المخالف لذا كان النبياء يقتلون ونكل بهم ويستهزأ بهم كما ورد في القرآن الكريم من أخبارهم.

هكذا يعتبر الرأي العام المحور الأساسي في الأخذ والعطاء بالإستحسان والإزدراء في شكل إنتقام اقتصادي او اجتماعي او سياسي او عنف جسماني.

الرأي العام والقوالب الجاهزة

لا يختلف في رأي سماحته ان الرأي العام قد يكون بسبب صب جماعة من الصالحين او المفسدين على السواء في قالب خاصة جاهزة تكوّن الرأي العام عند العموم كطبعة مكررة لعدة نسخ من كتاب , وحيث ان الناس غير معتادون على التفكير الا في أمور المتعلقة بحياتهم كالسكن والمأكل والملبس فهم لا يتعبون انفسهم في التفكير فيما عدا ذلك.

الا ان بعض الناس يستغلون هؤلاء البسطاء في عقولهم فيملئونها بما يريدون من حق أو باطل كما فعل هتلر في مقولته " عليك اعادة القصة مرات ومرات ومرات " حتى يتعلق بها الجمهور وتصبح ذاكرتهم وأفكارهم اليومي حتى قال وزير هتلر غلوبر الكذب المتكرر هو الأسلوب الأنجع للتصديق او ما يسمى بسحر الغلوبري الذي جعل من النازيين أكثر تصديقا لزعيمهم بعد أن أخذ بمسامعهم ومشاعرهم واستعدادهم النفسي حتى قال إنهم يذوبون كشمع العسل في يدي.

الرأي العام والتوازن بين الأهم والمهم

يبن هنا سماحته ان قاعدة "الأهم والمهم" هي قاعدة عقلية قبل أن تكون قاعدة شرعية ومنها ينطلق رحمه الله ان نشأة الرأي العام تعتمد على التدبيرات التي توازن بين الأهم والمهم فقد نجد الإنسان لا يريد الشيء ولكن يطلبه لأنه دائر بين الأهم والمهم وإن التبديل الذي قد يجري من الداخل الى الخارج مثلا هو بمقتضى أولويات يعيشها هذا الانسان وقد يلمس من هذا التبديل بنقل الشيء من مكانه الواقعي الى مكان آخر وقد يكون الرأي العام على العكس من ذلك تماما ويضيف أيضا:

فالأمان والأمن والوصول الى الحوائج والأهداف الواقعية يحتاجها الإنسان بطبيعته وحيث يعرف الإنسان انه لا يستطيع ان يكون متوافقا دائما مع الآخرين لكنه يميل الى التوافق في الأمر الأغلب لأن مصلحة التوافق أهم من مصلحة الإنفراد بنظراياته الشخصية ومن هنا إن الرأي العام إنما يتكون من إرادة التوافق بين الآراء المختلفة وملاحظة قانون الأهم والمهم في موازنة الأمور لجلب النفع والمصلحة للعموم لا على قدر الكثرة.

الخاتمة

هكذا كان يعيش سماحته تلك السمات العالية في دقة التواصل مع الرأي العام والتشديد على إعطائه من قبل العاملين في هذا النهج الواقعية والتوازن في تقديم الرأي العام في منعطفات الحياة المختلفة بين ما هو فطري وما هو شاذ من انحراف وتكوين حوله رأي مصلحا لحال الأمة يقوم على تقديم الأهم على المهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/أيلول/2010 - 5/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م