حرق القرآن رُبَّ ضارة نافعة

عقيل عبدالله ألازرقي

لست ممن يعترضون على بناء المساجد ودور العبادة فالله قد أضافها لنفسه فهي الركيزة الأولى واللبنة الأساس في تكوين المجتمع بالنسبة للمسلمين. وهي أيضا دليل على التزام المسلمين بدينهم وأخلاقهم التي هي أخلاق السماء وتدعو للمحبة وتنبذ العنف وهو ما شهد به أعداء المسلمين.

 وخصوصاً وهم يعيشون بعيدأ عن بلادهم الاسلامية. ولكن بناء المساجد يجب أن يكون خالصاُ لله ولا يترتب على ذلك فتنه أو أي ضرر يحلق بالاَخرين من باقي المسلمين. حتى يتسبب بناء مسجد إلحاق ضرر بآخرين أبرياء يكونون ضحية تصرف غير حكيم وحتى لا تهتك حرمه المقدسات كما حدث مع صاحب الرسوم التي أساءت للرسول الاكرم صلى الله عليه واله وأصبح يكرم صاحب الرسوم وكأنه فاتح.

فالرسول أمر بهدم مسجد ضرار لان المسجد كما يحدثنا كان الغرض منه الفتنه وليس الصلاة حيث وصف الله تعالى القصة بقوله "وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ" فأنزل الله عز وجل " لا تقم فيه أبدا" أي المسجد.

 فالجميع يعلم أي وضع يمر به المسلمون وخصوصا العرب بأمريكا فمع تزامن حلول عيد الفطر المبارك مع الذكرى لأحداث الحادي عشر من سبتبمر يستمر الجدل وخصوصا مع ظهور حركات التطرف المسيحي التي هي بمثابة الضد النوعي للقاعدة من حيث التشدد والعداء للإسلام التي تجد لها الداعم في تيار من الجمهوريين من أمثال الرئيس السابق بوش الأبن وسارا بالن الحاكم لولاية الالاسكا.

وبفعل هذه الجهات المتطرفة مدعومة من اللوبي الصهيوني تحول اليوم مسجد منهاتن الى قنبلة موقوتة ونقمه على مسلمين أمريكا وقد استطاعت هذه الحركات أن تؤلب الرأي العام وان تشيطن الاسلام في عيون الشعب الامريكي معتمدة على أفعال الجهلة من أنصار بن لا دين وطالبان الذين لا يمتون للاسلام بصلة. موهمين الناس من أن الاسلام يغزو العالم ويحاول أسلمة أمريكا وأن المسلمين يريدون فرض شريعتهم على الولايات المتحدة، ووصل ألامر أن عادت قضية اسلام أوباما الى السطح مره اُخرى وهو ما أظهرته أستطلاعات الرأي أن ثلث الشعب ألامريكي يعتقد أن اوباما لايزال مسلم. فهذا الحدث جعل من اوباما عرضه الى سهام الجمهوريين. وهو ما اعترف به السناتور الجمهوري جون كورنين ان حزبه قرر وضع مشكلة مسجد نيويورك على برنامج انتخابات تشرين الثاني.

 أوباما الذي يعتبر صديق للمسلمين أو ممن لا يحسب ضدهم قد جاء بعد حكم بوش الابن الذي كان يمثل الصهيوينية المسيحية واليمين المتطرف وهو الذي لا يزال يؤمن بالحرب المقدسة ويحاول إيقاف يأجوج ومأجوج حسب قول الرئيس الفرنسي جاك شيراك.

 والمضحك ان هذا القس المجنون تيري جونز يردد نفس ماردده بوش عندما قال ان الله اخبره بالذهاب الى العراق حيث نقلت صحيفة در شبيغل الالمانية ان "جونز وزوجته كانا يتصرفا على أساس أنهما يؤديان مهمة سماوية برعاية من الله.

جونس وهو لا يمثل شيء وهو نكرة في عالم النكرات أصبح بين يوم وليله بطلاً للقنوات ومحطات التلفزة وهو يمثل مجموعة وكنيسة بروتستانتية لا يبلغ عدد اعضائها اكثر من خمسين شخص الى نجم لمحطات التلفزة واللقاءات التلفزيونية. في حين انه قد تم اعتقاله سابقا لتوزيعه صورا اباحية للاطفال.

ولكن يبدو ان هذه القس هو عبارة عن أداة وواجة استخدمه التيار المسيحي المتصهين لكي يقوم بهذا الامر للضغط على المسلمين للتراجع عن بناء المسجد في زيرو كراوند وهو ماجعله يفكر بالتراجع عن فعلته اذا ماقرر الغاء بناء المسجد في منهاتن.

هذا الاحمق قدم خدمه للمسلمين ربما يجهلها الكثير فقد وضح للعالم ان التطرف لا يمثل دين وان الإرهاب لا يختص بالاسلام وحدهم فهو ظاهرة موجودة في كل الاديان. كما ان القس اظهر للعالم ان المسلمين غير مسؤولين عما فعل أبن لادن وماتفعله طالبان من أفعال يندى لها الجبين.فهم لا يستطيعوا رد أو ردع ابن لادن ومنع شروره كذلك وهو الامر نفسه بالنسبة للإدارة الأمريكيه من ردع هذا القس المجنون. لان السلطات الأمريكية لم تكن جادة بمنعه ولكن كان الامر خطير لهم فقط لان قواتهم قد تتعرض الى خطر من قبل المتطرفين وليس الأمر له علاقة بتدنيس مشاعر أكثر من مليار مسلم. هذا بالإضافة الى أن القس جعل من المسلمين في امريكا وفي العالم كافه بموضع المدافع وليس المهاجم فالجميع رأى أن المسلمون كانوا أصحاب حق وكان معتدى عليهم.

أما في مايخص شرعية حرق كتاب الله المقدس فالدستور الامريكي الذي يعطي حرية لمثل هذه الاعمال الشنيعة يقف بالضد من المساس بقضايا يعتبرها هو من المقدسات مثل المحرقة اليهودية. فهل يستفيد المسلمون من هذا الدرس وتكون لهم كلمه الفصل ويجنبوا أنفسهم شر القوم.

[email protected]

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/أيلول/2010 - 3/شوال/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م