اللوحات الفنية... بين اهتمام العاشقين وأيدي المزورين

 

شبكة النبأ: العديد من الفنانين العالميين الذين اشتهروا بمجال الرسم ومن مختلف العالم، تركوا إرثا فنيا الى من يحب فن الرسم واللوحات التي لم يكرر رسمها من قبل أي رسام جاء من بعدهم، بسبب ما تحمله اللوحة من بصمة خاصة يضعها كل رسام في أعماله، ومن هذه البصمة يستطيع الباحثون في وقتنا هذا بالتعرف على أسلوب كل فنان في استخدامه للألوان او ريشة الرسم بل وحتى طبيعة الخطوط التي يرسمها بأنامله، وعليه فصار من المستطاع على الخبراء ان يعرفوا الى من تعود هذه اللوحة عند فحصها.

لكن في الوقت الذي يتنافس فيه محبي وعاشقي الفن القديم على شراء اللوحات العالمية وبأي سعر كانت، نجد هناك من يحاول تزوير هذه اللوحات لغرض بيعها وكسب المال، غير واعين لما تحمله اللوحة الأصلية من وقيمة كبيرة معنى روحي.

سعرا قياسيا

باعت دار مزادات سوذبي واحدة من أشهر لوحات الرسام البريطاني جوزيف مالورد تيرنر مقابل 29.7 مليون جنيه استرليني (45.10 مليون دولار) وهو سعر قياسي لأعماله التي بيعت في مزادات ويفوق التوقعات السابقة على البيع والتي تراوحت من 12 الي 18 مليون إسترليني.

وحققت لوحة "روما المعاصرة -- كامبو فاتشينو" Modern Rome -- Campo Vaccino أعلى سعر بين الأعمال الفنية التي بيعت في المزاد الصيفي المسائي الذي اقامته سوذبي للاعمال الفنية القديمة واللوحات البريطانية في لندن سجلت فيه ارقام قياسية لاعمال تسعة فنانين. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وقالت سوذبي ان اللوحة التي تصور مدينة روما حققت هذا الرقم القياسي بعد مزايدة لم تستمر سوي خمس دقائق. وتنافس ستة أشخاص على الفوز بالعمل الفني النادر الذي لم يعرض للبيع سوى مرة واحدة فقط منذ ان رسمه تيرنر قبل 171 عاما.

والرقم القياسي السابق كان 20.5 مليون استرليني للوحة "جيوديكا" Giudecca التي رسمها تيرنر لمدينة البندقية والذي سجل في ابريل نيسان 2006. وبلغت القيمة الاجمالية للمبيعات في المزاد 53.5 مليون استرليني متجاوزة التوقعات السابقة التي تراوحت بين 33.8 و49.6 مليون استرليني.

بشرة الموناليزا

فيما توصل العلماء إلى فك غموض آخر في لوحة الموناليزا الشهيرة، إذ عرفوا كيف قام الرسام ليوناردو دافنشي بإعطائها في اللوحة لون بشرة لا عيب فيه.

وباستخدام تقنيات الأشعة السينية، قام فريق من الباحثين بعمل ما يشبه "التقشير" لطبقات اللوحة الشهيرة، لمعرفة كيف تمكن الأسطورة الايطالي من رسم بشرتها بتناغم فائق الدقة في التدرج بين من الضوء والظل.

ويطلق على تلك التقنية المستخدمة من قبل دافنشي وبعض رسامي عصر النهضة "سفوماتو،" أو "المزج التدريجي للألوان،" وقد تمكن العلماء من تحديد تكوين وسمك طبقات الطلاء في اللوحة التي يعتقد مؤرخو الفن أنها رسمت في عام 1503.

وقال فيليب والتر، كبير الباحثين في مختبر باريس لبحوث وترميم متاحف فرنسا"هذا سيساعدنا على فهم كيفية صنع دافنشي المواد المستخدمة، وكمية الزيت التي استعملها والتي كانت مختلطة مع أصباغ وطبيعة ومواد عضوية، هذا سيساعد مؤرخي الفن جميعا." بحسب وكالة السي ان ان.

والتر وزملاؤه استخدموا الأشعة السينية والوميض الطيفي لتحديد تكوين وسمك كل طبقة من رسم لوحة الموناليزا في متحف اللوفر في باريس، حيث يتم الاحتفاظ عادة باللوحة وراء زجاج مضاد للرصاص.

ووجد الباحثون أن بعض الطبقات رقيقة سمكها لا يتعدى واحد أو اثنين من الميكرومتر، بينما  تزيد هذه الطبقات سماكة تصل إلى 30-40 ميكرومتر في أجزاء قاتمة من اللوحة.

اكتشاف

من جانب آخر، يعكف الخبراء حاليا على فحص لوحة فنية مملوكة لطائفة "اليسوعيين" الكاثوليكية في روما، للتأكد مما إذا كانت هذه اللوحة من أعمال الفنان الإيطالي الأشهر مايكل أنجلو، بحسب مقال منشور في صحيفة تصدر عن الفاتيكان.

ونشر المقال في صحيفة "لوزرفاتوري رومانو" بينما يخطط العديد من الكنائس والمتاحف في روما والتي تضم أعمالا لكارافاجيو المشهور باسم مايكل أنجلو، لمد ساعات العمل إلى الليل احتفالا بالذكرى الـ400 لوفاته.

وتصور اللوحة التي تحدثت عنها "لوزرفاتوري رومانو"، وفاة سانت لورنس الثالث في القرن الثالث، والذي تواترت أنباء عن إحراقه حيا حتى الموت عام 258 إبان حملة اضطهاد قادها الإمبراطور فاليريانوس ضد المسيحيين. بحسب وكالة الأنباء الألمانية.

وقالت المؤرخة الفنية ليديا سالفيوتشي أنسوليرا، كاتبة المقال إن توثيق هذا العمل على أنه من إنتاج كارافاجيو "لا يزال بانتظار تأكيد رسمي". "المؤكد هو أن اللوحة لا تشوبها شائبة من حيث الأسلوب، وما يجذب الانتباه "فيها" هو خلفية الضوء والظل".

وأكدت أن اللوحة تشترك في أوجه شبه معينة مهمة مع العديد من أعمال كارافاجيو الأصلية، ومنها "اهتداء سانت بولس" و"استشهاد سانت ماثيو" و"جوديث تذبح هولوفيرنس" وكلها معروضة في كنائس ومتاحف روما.

خبراء ينفون

في حين اعتبر خبراء في روما ان لوحة "شهادة القديس لوران" التي نسبت الى الايطالي كارافاجيو (1571-1610) لا تعود الى هذا الرسام الكبير، لكنها "تثير الاهتمام رغم ذلك".

وقالت مينا غريغوري الاستاذة في جامعة فلورانسا ورئيسة مؤسسة لونغي خلال عرض اللوحة في روما "هذه اللوحة لم ترسم بريشة كارافاجيو لكنها مثيرة للاهتمام جدا. والنور المتدرج والظلال تجعل منها لوحة تنتمي الى مدرسة كارافاجيو".

وأوضحت "ريشة كارافاجيو أكثر أناقة. فعلى سبيل المثال كان الرسام الكبير ليرسم الحركة التي يقوم بها القديس لوران بطريقة اخرى".

واكدت ان "اللوحات التي تنتمي الى مدرسة كارافاجيو نادرة جدا وعندما نقع على عمل كهذا يجب الاهتمام به كثيرا. مشكلتنا الان هي معرفة مصدر اللوحة، استبعدنا روما ربما تكون من نابولي او مالطا او حتى صقلية". بحسب وكالة فرانس برس.

وأوضحت مينا غريغوري ان لوحة "شهادة القديس لوران"، رسمت "قبل العام 1625 بالتأكيد"، مشيرة الى ان اللوحة عثر عليها اخيرا في دير للآباء اليسوعيين وقامت بترميمها جمعية المصارف الايطالية.

11 لوحة مفقودة

وعلى صعيد متصل، قال مسؤولون امريكيون ان إحدى عشرة لوحة زيتية أخذها جنود أمريكيون من مخبأ من الغارات الجوية في ألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية أعيدت الى متحف ألماني.

وقال مسؤولو إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية ان اللوحات (التي تقدر قيمتها الاجمالية بنحو 200 الف دولار) كانت ضمن 50 لوحة اخذت في 1945 من المتحف المحلي لبلدة بيرماسينز الالمانية بالقرب من الحدود الفرنسية. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وبعض اللوحات المعادة من رسم الفنان هاينريتش بيركل الذي ولد في بيرماسينز في القرن التاسع عشر. واكتشف اصل اللوحات على يد امرأة أمريكية ورثت بعضا منها عن عمها الاكبر والذي كان جنديا امريكيا يرابط بالقرب من بيرماسينز.

عصابة تزوير

من جانبها أصدرت محكمة كريتاي (منطقة باريس) أحكاما بالسجن تصل الى سنتين ونصف السنة في حق 12 شخصا ضالعين في شبكة واسعة للاتجار باللوحات المزورة.

وكان احد أعضاء الشبكة يقلد لوحات لرسامين كبار أمثال بيكاسو وشاغال فيما يشرف الآخرون على بيعها.

وبين العامين 1997 و2005 باعت العصابة حوالي مئة لوحة مزورة لبيكاسو وشاغال وفرنان ليجيه بعد ان قدم أفرادها انفسهم على انهم ورثة يحتاجون الى اموال امام زبائن اثرياء.

وحكم على باسكال روباغليا وهو صاحب صالة عرض باريسية في الخامسة والخمسين اعتبر العقل المدبر للعصابة بالسجن خمس سنوات من بينها 30 شهرا مع وقف التنفيذ ودفع غرامة قدرها 50 الف يورو. بحسب وكالة فرانس برس.

اما رسام العصابة غي ريبز (61 عاما) فحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات بينها سنتان مع وقف التنفيذ. وقد ادعى نحو 20 من ضحايا هذه العصابة بالحق العام في اطار هذه المحاكمة.

وكان بعضهم قد دفع حتى 300 الف يورو للحصول على لوحات كانوا يعتقدون انها اصلية.

وريبز يعشق الرسم منذ سن الثامنة وقد بدأ تزوير لوحات منذ العام 1975 "بسبب تجاهل الآخرين للوحاتي خصوصا" على ما اكد. وقد زور ريبز حوالى 500 لوحة.

سرقة

وفي السياق ذاته، أعلن مسؤولون أمريكيون ان متحف ليوبولد في النمسا وافق على دفع 19 مليون دولار الي تركة امرأة يهودية نمساوية مقابل لوحة سرقها النازي منها أثناء الحرب العالمية الثانية.

وتنهي هذه الخطوة معركة قضائية استمرت عقدا وبدأت بعد ان اكتشف ان اللوحة الزيتية "بورتريه اوف والي" Portrait of Wally للرسام ايجون شيله أعيرت إلى متحف نيويورك للفن الحديث في 1997.

وضبط مسؤولون امريكيون اللوحة في 1999 وبدأت الولايات المتحدة إجراءات مدنية لإعادة اللوحة الى ممتلكات بوندي جاراي التي توفيت في 1969. واثناء الاجراءات القانونية أصر متحف ليوبولد على ان اللوحة لم تسرق من جاراي. لكن المتحف وافق على تسوية القضية ودفع 19 مليون دولار لتركة جاراي. بحسب وكالة الأنباء البريطانية.

وجادلت السلطات الأمريكية بأن النازي سرق اللوحة من جاراي في 1939 ثم أعيدت الي الحكومة النمساوية بعد الحرب ثم انتهى بها المطاف ضمن مجموعة فنية لعاشق الأعمال الفنية النمساوي رودلف ليوبولد في عقد الخمسينات من القرن الماضي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 9/أيلول/2010 - 29/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م