غلاء السلع يسرق فرحة الأعياد مسبقا من العوائل العراقية

تحقيق: عصام حاكم

 

شبكة النبأ: ربما يذهب عشاق فن التبرير والمهتمين بالأسباب والمسببات إلى تسمية موجة الغلاء العالمي التي يشهد جزءا من فصولها واقعنا المبتلى بالعديد من التحديات والمحن، لتأتي طامة الأسعار وارتفاعها المجنون ونحن على أعتاب عيد الأضحى المبارك لتزيد الطين بله وتنغص على المواطنين ما تبقى من مسراتهم.

فأبو محمد رجل قد تجاوز العقد الثالث بخمسة أعوام، يعمل في البناء وله من الأطفال أربعة وهم جميعا لم يتجاوزوا العاشرة من العمر ويقدر مردودة  لقاء العمل ليوم واحد أو يومين في الأسبوع ما وفقته الأقدار وكان في كاملة صحته. ابو محمد كونه احد أفراد المجتمع العراقي شملهم الشر المتنامي لارتفاع الأسعار. وهو عاجز حسب قوله ان يؤمن لعائلته ضمن حدود الكفاف المأكل والمشرب اذا ما وضعنا في الحسبان، انه مقبل على موسم الشتاء والعيد في آن واحد.

أما(أم علاء) وهي ربة منزل، فأعربت عن ألمها وحزنها الشديدين لما باتت العوائل المتعففة تعاني منه في ظل الغلاء المستفحل في الأسواق، فتقول، "الله يكون في عون الناس الضعفاء الذين يعملون باجر يومي وربما لا يتسنى لهم العمل يوميا، خصوصا إن الأسعار ملتهبة وغير مستقرة".

وتضيف خلال حديثها لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)،  "اليوم كل شيء متجه نحو الارتفاع  ابتداء من أسعار الخضر، ومرورا بباقي الأشياء التي تحتاجها العائلة العراقية، أما أسعار الملابس فالحديث يطول سيما وان إخواننا التجار قد أعدو العدة لاستقبال موعد العيد بأسعار عاليه جدا وساعد الله الناس المحتاجين كيف يوفروا لأبنائهم الكسوة".

في أثناء تجوالنا في احد الأسواق حاورنا البائع (أبو نزار) وسألناه عن سبب تلك الزيادة في أسعار الملابس، فأجابنا قائلا، الكل يعلم إن الزيادة لم تكن محصورة في أسعار الملابس فقط، بل في مختلف السلع في حالة تنامي مستمر وتخضع لميزان العرض والطلب".

ويضيف ابو نزار، "ان اغلب البضائع الموجودة حاليا في الأسواق من منشئ أجنبي وهي تأتينا من الصين او من الدول المجاورة حيث تخضع تلك البضائع لسلسلة من المستحقات منها الكمرك وأجور النقل ناهيك عن إيجار المحال المرتفع".

غياب الصناعات الوطنية

مواطن آخر حدثنا قائلا: أنى لست ممن يصغي إلى تلك الأسباب والذرائع التي هي بمتناول أيدينا في كل الأوقات والأزمنة وهي مؤشر على الفشل والخيبة، ولكن ما يهمنا فعلا ان نعمل على تجاوز مواضع الوهن والإخفاق ونكتشف الحلول او المعالجات الناجعة لمحاولة السقوط في فخ تلك الأزمات التي باتت تهدد الكيان العراقي واخص بالذكر العائلة العراقية ذات الدخل المحدود او غير موجودة الدخل أصلا، فهناك والكل يعلم بان ما من عمل الا ويقتضي عوامل او عناصر تمكنه من أداء دورها الفاعل في عملية البروز او الظهور، واقصد هنا بان العراق اليوم يعتمد على المنتج الأجنبي ونحن بحاجة الى إيجاد صناعة وطنية من شانها ان تكون منافس قوي للمنتج الأجنبي، فضلا عن كونها ذات قيمة اقل نسبيا وهي بمثابة المعين الحقيقي للأسر الفقيرة".

ويضيف لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "العراق لديه الكثير من المعامل الحكومية والأهلية القادرة على ان توفر المنتج الوطني وبأقل الأسعار الا ان الأمر يحتاج إلى إراده حكومية قوية من شانها ان تحد من ظاهرة الاعتماد على المستورد ومن دون وضع ضوابط صارمة اتجاه الألبسة الجاهزة مما يجعل من المنتج الوطني في موقف صعب".

وينوه خلال حديثه لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، "نحن اليوم في أمس الحاجة إلى قرار وطني جرئ من قبل الحكومة تلزم نفسها بدعم القطاع الصناعي كما هي تعمل اليوم من خلال اللغط الزائد في مجال إعمار العراق، وهذه المسؤولية يتحمل جزءا كبيرا منها وزارة الصناعة وهي غير حريصة فعلا على استثمار هذا القطاع الحيوي بشكل يتناسب مع واقع المرحلة التي نمر بها من خلال دعم الصناعيين وإنعاشهم من حالة اليأس والانهيار.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/أيلول/2010 - 24/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م