العراق وتشكيل الحكومة... سلال سياسية فارغة

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: على الرغم من توالي التصريحات المستمر عن انفراجه محتملة لازمة تشكيل الحكومة العراقية، إلا إن بوادر الانفراج المزعومة لم ترى النور بحسب آخرين، حيث لم تسفر المباحثات الماراثونية التي تجريها الكتل والأحزاب السياسة على مدى الشهور الخمس الماضية في التوصل إلى أرضية مشتركة تجمع الفرقاء السياسيين على رؤية موحدة، فيما لم تنجح الدعوات الخارجية او الاحتجاجات الداخلية إلى نتائج ايجابية تذكر.

دعوة أمريكية

فقد دعا البيت الابيض الزعماء العراقيين الى ابداء "شعور بالحاجة الى الاسراع" بجهود تشكيل حكومة جديدة بعد النتيجة غير الحاسمة لانتخابات مارس اذار لكنه قال انه يجري احراز تقدم.

وقال بن رودز نائب مستشار الامن القومي الامريكي للصحفيين على متن طائرة الرئيس الامريكي "على العراق أن يمضي قدما بشعور بالحاجة الى الاسراع... حان الوقت لبحث بعض القضايا الجوهرية وهذا هو ما كان القادة العراقيون يفعلونه في الايام الاخيرة."

وكانت المحادثات لتشكيل حكومة ائتلافية بين نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي واياد علاوي رئيس الوزراء الاسبق قد تعثرت بشكل متكرر مما سمح بظهور فراغ سياسي في العراق بينما يتصاعد العنف.

وقال رودز "نعتقد ان الحكومة يجب أن تضم الجميع ويجب أن تمثل نتائج الانتخابات الديمقراطية التي جرت ونعتقد ان العراقيين يحرزون تقدما تجاه هذا الهدف."

من جانبه قال المتحدث باسم ائتلاف العراقية حيدر الملا، إن نائب الرئيس الامريكي جوزيف بايدن اكد خلال لقائه قادة ائتلاف العراقية دعم أمريكا لتقارب العراقية ودولة القانون لتشكيل الحكومة.

واوضح الملا ان بايدن قال “نحن نقف على مسافة واحدة من جميع الكتل وندعم حكومة الشراكة الوطنية مؤكدا دعم امريكا لتقارب العراقية ودولة القانون لتشكيل الحكومة”.

وكان نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بادين وصل الاثنين الماضي الى بغداد، في وقت استكملت القوات الامريكية عملية الانسحاب من العراق. بحسب اصوات العراق.

وأضاف ان بايدن اشار الى ان الولايات الأمريكية المتحدة “متجذرة في العملية الديمقراطية وتفهم معنى نتائج الانتخابات ومعنى  احترام الاستحقاق الدستوري” مبينا ان “المرحلة القادمة يجب ان تشهد مصالحة وطنية حقيقية وان تشهد انجاز التعديلات الدستورية بما يخدم المصلحة الوطنية”.

وتابع الملا ان “امريكا تعتقد ان حكومة الشراكة  تحتاج الى ارضية صلبة وان الكتلتين الأكثر اعضاء  قادرة على تشكيل ارضية رصينة تحت قبة مجلس النواب لكي تكون اساسا لتشكيل الحكومة”.

من جهته قال نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي خلال لقائه بنائب الرئيس الأمريكي بايدن، ان العراق ربما يحتاج إلى جهود المجتمع الدولي  في تشكيل الحكومة القادمة، مستدركا ان من يصنع القرار ومن سيشكل الحكومة هم العراقيين أنفسهم.

وأوضح الهاشمي في بيان أن “العراقية تحتفظ بحقها في البحث عن خيارات تعمل على الإسراع بتشكيل الحكومة وتضع العراق بشكل حقيقي على أعتاب مرحلة جديدة خلال السنوات الأربعة القادمة”.

واضاف ان  “قرار الائتلافات وتشكيل الحكومة قرار عراقي ويترك للعراقيين أنفسهم وهذا ما أكده السيد نائب الرئيس الأمريكي في أكثر من مناسبة ولكن ربما نحتاج إلى جهود المجتمع الدولي في تشكيل الحكومة القادمة لكن من سيصنع القرار ومن سيشكل الحكومة هم العراقيين أنفسهم”.

 واشار الهاشمي الى أن “الإدارة الأمريكية تعمل منذ فترة على تقريب وجهات النظر بين كل الفرقاء العراقيين وعلى وجه الخصوص بين دولة القانون والعراقية، لكن اليوم نائب الرئيس استمع الى تقيمي للحوارات التي جرت مع ائتلاف دولة القانون حتى هذه اللحظة وعدم التوفيق الذي حالفنا في مناقشة العديد من الملفات الحاسمة خصوصا فيما يتعلق بالشراكة بالسلطة”. مضيفا “أننا نستعين بالاخرين حتى لو كانوا أصدقاء و مسالة استحقانا بتشكيل الحكومة كان المفروض ان تحسم مبكرا من خلال الاعتراف بنتائج الانتخابات ومن خلال الاقرار بمبادئ الديمقراطية ووضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الفئوية والحزبية والطائفية”.

 وجدد الهاشمي  دعوته إلى “الشركاء في العملية السياسية ان يعيدوا النظر بمواقفهم وان يتعاونوا مع العراقية وان يقروا بفوزها الانتخابي بما يفسح المجال أمام تأسيس حكومة شراكة وطنية حقيقية يشارك فيها الجميع وبدون استثناء وفق الاستحقاق الانتخابي”.

مشكلة دستورية

من جانب آخر قال زعيم ائتلاف العراقية ورئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، إن المشكلة في العراق هي دستورية وكل الصلاحيات مركزة في قبضة رئيس الوزراء، مضيفا ان ايران لها التأثير الاكبر في السياسية العراقية.

واوضح علاوي، في حوار اجرته معه مجلة دير شبيغل الالمانية، تنشره بالاتقاق معها صحيفة الشرق الاوسط السعودية “لدينا مشكلة دستورية في العراق، فكل القوى مركزة في قبضة رئيس الوزراء، سواء أكان ذلك الشخص أنا أم المالكي”.

واضاف “اقترحت قائمتي (العراقية) مبدأ تقاسم السلطة، والفكرة تنطوي على التوصل إلى طريقة عمل يمكنني من خلالها قبول منصب، لن يكون بالضرورة منصب رئيس الوزراء، ويمكنه هو (المالكي) قبول منصب وزاري، وليس بالضرورة أيضا رئاسة الوزراء، بحيث نشكل معا جزءا من عملية صنع القرار ونحمل أهم المفاتيح في أيدينا”.

وتابع “لقد كنت أنا من أقنع الولايات المتحدة والأمم المتحدة بالتحرك قدما وطرح مبدأ تقاسم السلطة”.

وتشهد الساحة السياسية العراقية خلافات بدأت بالتزايد منذ اعلان نتائج الانتخابات النيابية التي جرت في اذار مارس الماضي، بلغت اشدها بين اكبر ائتلافين، العراقية ودولة القانون، بعد حصول الاول على 91 مقعدا والثاني على 89 مقعدا الذي شكل تحالفا مع كتل اخرى بغية تكوين الكتلة الاكبر برلمانيا وهو الامر الذي عارضه ائتلاف العراقية معتبرا كتلته هي الفائز الاكبر الذي تقع عليه مهمة تشكيل الحكومة.

واضاف علاوي ان “المالكي ليس بالزعيم القوي”، متسائلا “كيف تعرف القوة أهو حكم كيلومتر مربع في وسط بغداد”، مضيفا ان “المظاهرات تندلع من البصرة في الجنوب إلى الموصل في الشمال، فالخدمات مثل الكهرباء والماء وجمع القمامة معطلة، حتى أن المنطقة الخضراء بدأت تتعرض للقصف بصورة يومية مرة أخرى، فما هي القوة في ذلك”.

وحول تأثير القوى الاجنبية في السياسة العراقية، قال علاوي ان “ايران لها التأثير الأكبر في السياسة العراقية”.

وبشأن انسحاب القوات القتالية الامريكية من العراق، قال علاوي “إنه مهم من الناحية السياسية، بيد أن المشكلة هي أننا لم ننشئ التجهيزات الداعمة، ولم ننشئ الأساس السياسي؛ ولم نبنِ جيشا يستطيع تحمل المسؤولية”. بحسب اصوات العراق.

وتابع “يجب عليهم المغادرة في النهاية، لقد وجدوا في العراق منذ سبعة أعوام، ولم نحقق أي شيء بأنفسنا، من يستطيع ضمان أن الوضع سيكون مختلفا بعد سبعة أعوام أخرى من الآن”.

وذكرت وسائل إعلام أمريكية في 18 آب اغسطس الماضي، أن آخر الفرق القتالية الأمريكية غادرت العراق واجتازت الحدود باتجاه الكويت، بعد حوالي سبعة أعوام ونصف العام على الاجتياح الأمريكي للعراق في مارس 2003، وذلك وفقا للاتفاقية الامنية المبرمة بين واشنطن وبغداد والتي تقضي بانسحاب آخر جندي أمريكي من العراق بحلول نهاية العام 2011.

وحول تصريحات سابقة لقائد الأركان في الجيش العراقي الفريق اول با بكر زيباري إن الجيش العراقي لن يكون على أتم استعداد قبل عام 2020، قال زعيم ائتلاف العراقية “أتفق معه في الرأي وقد يستغرق الأمر عشر سنوات أخرى”.

وكان رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول بابكر زيباري، قد قال، في تصريحات سابقة لتقييم جاهزية القوات الأمنية لحماية البلاد بعد انسحاب القوات الأمريكية، إن “الجيش العراقي لن يكون قادرا على تولي الملف الأمني بصورة كاملة قبل اكتمال صفوفه بحلول عام 2020″، مقترحا بقاء الجيش الأمريكي حتى تكامل الجيش العراقي.

وعن واقع تنظيم القاعدة في العراق، قال علاوي أن “القاعدة تعرضت لهزيمة واضحة، ولكن الإشارات التحذيرية المبكرة التي تراكمت خلال الأشهر القليلة الماضية، من تصاعد وتيرة العنف وموجة الاغتيالات الجديدة والهجمات الانتحارية يجب ألا ينظر إليها كأمر عرضي أو حوادث فردية”.

وتابع “فقد شهد يوم واحد 13 هجمة راح ضحيتها عشرات القتلى من العراقيين، وهذا تطور ممنهج، ولعل أكبر الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة العراقية والقوات الدولية هو التخلي عن قوات الصحوة التي حاربت ضد القاعدة، والتي تم تفكيكها، وتم حرمانها من حقوقها لتعود إلى اليأس والفقر”.

وحول عدم وجود توافق سياسي بين الكتل، ذكر علاوي ان “العملية السياسية التي شهدناها خلال السنوات السبع الماضية كانت فاسدة شوهها الإرهاب والعنف وهذه العملية لم تنشأ من مصادر عراقية”.

واضاف “لقد كانت عملية رعتها وحمتها الولايات المتحدة، فمن أين سيأتي التوافق والاستقرار بعد هذه العملية وكان يفترض علينا أن نربط اتفاقية وضع القوات مع الولايات المتحدة بالإصلاح السياسي.

التمسك بالتحالف الوطني

من جانبه قال عضو الائتلاف الوطني العراقي قاسم الأعرجي، إن ائتلافه ما يزال متمسكاً بالتحالف الوطني برغم  استمرار رفضه ترشيح رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي لولاية ثانية، نافياً الأنباء التي ترددت بشأن اتفاق لتقاسم السلطة مع ائتلاف العراقية.

وأضاف الأعرجي أن الائتلاف الوطني “ما يزال متمسكاً بالتحالف الوطني لوجود الكثير من القواسم المشتركة مع ائتلاف دولة القانون”، مستدركا “إلا أن الائتلاف الوطني ما يزال يرفض ترشيح المالكي لولاية جديدة”.

وأوضح أن “إجماع مكونات الائتلاف الوطني على ترشيح عادل عبد المهدي لرئاسة الوزراء لا يعني بالضرورة تقاسم السلطة مع ائتلاف العراقية لأن هذا الحديث سابق لأوانه”.

وأفاد الأعرجي أن الوضع السياسي الراهن “أكثر صعوبة من السابق في ظل الركود الذي يشوب العملية السياسية”، مشددا على تصميم الائتلاف الوطني على “إنجاح التحالف الوطني كونه المشروع الذي يمثل غالبية أبناء الشعب العراقي”.

وبشأن آلية اختيار مرشح التحالف الوطني لرئاسة الوزراء قال الأعرجي إن آلية اختيار المرشح وفقاً لنسبة 80% “رفضت من قبل ائتلاف دولة القانون سابقاً لذا فقد أصبحت من الماضي ولن يتم تطبيقها الآن إذا وافقوا عليها”، وتابع “سيتم إيجاد آلية جديدة لاختيار مرشح التحالف الوطني بعد تخلي دولة القانون عن التمسك بترشيح المالكي واستبداله بآخر من دولة القانون أو من حزب الدعوة”.

الأوفر حظ

في سياق متصل كشف عضو الائتلاف الوطني حبيب الطرفي، عن أن القيادي في الائتلاف عادل عبد المهدي هو المرشح الاوفر حظا لرئاسة الحكومة المقبلة، لأنه “مقبول” من جميع الاطراف السياسية.

وقال الطرفي “طلبنا وفي بيان واضح من دولة القانون استبدال السيد المالكي لأمور لعل اهمها الاداء غير الحسن للحكومة، ولا يوجد خلاف شخصي مع المالكي، لكن هناك اختلاف في البرنامج الحكومي والشعب ينتظر منا التغيير”، مبينا أن “موضوع المطالبة باستبدال المالكي موضوع قديم ومتجدد”.

وعن الانسحاب الامريكي من العراق ذكر الطرفي وهو قيادي في المجلس الاعلى الاسلامي أن “هناك اتفاقية امنية، والانسحاب تم ضمن جدول معّد حسب هذه الاتفاقية، إلا أن هناك تصريحات غير مسؤولة حول الجيش العراقي وجاهزية القوات الامنية، الغاية منها هي مطالبة اقليمية لابقاء القوات الامريكية في العراق”.

وأوضح أن “الانسحاب سيجير إلى اوباما والحزب الديمقراطي بمنافع سياسية كبيرة، ونرى أن عملية الانسحاب حالة ايجابية جاءت ضمن السقف الزمني المطلوب، لكنه تزامن مع عقدة عدم تشكيل الحكومة إلى الآن”.

وذكرت وسائل اعلام أمريكية أن واشنطن انفقت تريليون دولار تقريبا وقتل أكثر من 4400 جندي امريكي وما لا يقل عن 100 ألف مدني عراقي منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003.

وحذر الطرفي من أن تأخر تشكيل الحكومة “سيؤدي بالعملية السياسية إلى نفق مظلم وإلى انعطافة قد تكون غير محمودة العقبة، وبالتالي يجب أن يكون هذا الانسحاب مصحوبا بالاسراع في تشكيل الحكومة”.

التحالف الكردستاني

الى ذلك قال عضو التحالف الكردستاني محمود عثمان، أن تحالفه متمسك بمنصب رئاسة الجمهورية، مبينا ان ليس هناك اعتراض على ذلك من قبل الكتل السياسية، فضلا عن عدم وجود مرشح آخر.

وأوضح عثمان ان” الأكراد متمسكون برئاسة الجمهورية لكن اختيار رئيس الوزراء يمكن ان يحدث تأثيرات وإذا أصبحت هناك تغيرات يمكن ان ندرس الموضوع ونخرج بقرار موحد “مضيفا ان” القوائم لم تبد اي اعتراض على رئاسة الجمهورية وليس هناك مرشح آخر لهذا المنصب”

وحول الورقة الكردستانية قال أن” الكتل لم ترفض هذه الورقة لحد الآن وسوف تناقش عند تشكيل الحكومة كما ستدرس كل الأوراق المطروحة من الكتل الفائزة واذا لم ترفض هذه الورقة ستصبح جزء من البرنامج الحكومي”.

وكان الوفد المفاوض لائتلاف الكتل الكردستانية قد عرض على الكتل السياسية في بغداد ورقة تفاوضية تتضمن 20 بندا، يأمل من خلالها التفاوض مع الكتلة التي تستجيب الى اكبر قدر من المطالب. بحسب اصوات العراق.

مطالبات فرنسية

طالبت فرنسا القادة العراقيين بضرورة التوصل إلى تشكيل حكومة بأسرع وقت ممكن. ووقال برنار فاليرو المتحدث الرسمي باسم الخارجية الفرنسية اليوم أن تشكيل حكومة جديدة سوف يجسد رغبة الشعب العراقي في سيادته وذلك بعد انتهاء المهمة القتالية للجيش الأمريكي في العراق.

وأضاف بأن سحب القوات الأمريكية يشكل خطوة جديدة في إطار استعادة شعب العراق سيادته الكاملة.

وأشار المتحدث الفرنسي الى ان بلاده تقف إلى جانب عراق مستقل وديمقراطي ومتحد وتؤكد مساندتها الكاملة للسلطات العراقية وهي تقوم بإعادة بناء العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/أيلول/2010 - 24/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م