العائلة العراقية وإشكالية التوفيق بين ما تتطلبه المائدة الرمضانية وما توفره البطاقة التموينية

عصام حاكم

 

شبكة النبأ: انعطافا على حالة السلوك اليومي وما توفره تلك المساحة المحصورة ما بين العصر والمغرب لربات البيوت البغدادية القديمة، على اعتبارها تعد متنفسا يوميا وملتقى للأحبة، وقد تتخلل تلك الجلسات الاعتيادية بعض التصورات الميدانية للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تصيب أبناء المحلة، إلا أن هذه الأيام قد تغيرت تلك الصورة وأصبحت الحوارات تحاكي معايير أخرى، اقل ما يقال عنها بأنها ذات طابع سياسي أو اقتصادي في أناء واحد، لاسيما وان العائلة العراقية اليوم تناقش ما يدور على الساحة وما تتطلبه المرحلة الراهنة من متطلبات عبادية وفروض للطاعة والغفران يجب تأديتها في شهر رمضان المبارك، لكنها قد تصطدم بعوامل مناخية واقتصادية لا سبيل الى التغاضي عنها أو معالجتها او حصرها في حدود الإمكانيات المتاحة.

وقد تبدو في مقدمة تلك القضايا النقاشية هي قضية الكهرباء وكيفية تجاوز محنة ارتفاع درجات الحرارة حيث يقابلها من الطرف الآخر انخفاضا حادا في نسبة التيار الكهرباء بدلالة أن اليوم قسم في العراق الى أربعة أقسام متساوية فكل ستة ساعات مستمرة من القطع حتى تأتيك انبيرات الوطنية المسحونة بداء الحمرة والخجل من ضعف أدائها وقلة توفرها.

وهذا هو ليس بين القصيد أو بيت الشاهد إلا أن ما يشغل بال ام عماد وغيرها من النسوة اللواتي أثرن الاجتماع في الهواء الطلاق وأمام بيوتهن المتواضعة للتساؤل وبصوت عالي عن ماهية الدوافع والأسباب المقنعة التي يمكن أن تسوقها حكومتنا الموقرة وكيفية أقناع العائلة العراقية بضرورة التوفيق بين ما تتطلبه المائدة الرمضانية وما توفره البطاقة التموينية.

الا أن الجارة أم سعد ترى بتلك المفارقة العجب العجاب وهو نوع من الاستهتار بالمواطن العراقي من وجهة نظرها فما بين التبريرات المطروحة وعمق الواقع المشهود ثمة فواصل غير طبيعية فمن جهة تتكئ الحكومة على ميزان التغطية المادية والنقص الحاصل في حجم السيولة النقدية الواجب توفرها في حال الوفاء بمستلزمات استيراد مفردات البطاقة التموينية الا انها بالمقابل على أتم الاستعداد والجاهزية لسداد تكلفة نفقات وإسراف وتبذيره الرئاسات الثلاث والمناصب الوهمية وقد تقدر ميزانية المؤسسة البرلمانية لوحدها ولسنه واحده 18 مليار دولار وهي تتساءل وبعفوية مفرطة هل ميزانية وزارة التجارة ترتقي الى مستوى ما تستهلكه المؤسسات الحكومية، وما سر تلك المعادلة الصعبة والمحيرة للكثير من أبناء هذا الشعب أذ يتسنى للحكومة تغطية نفقات ومستحقات ومخصصات وامتيازات ومغانم السادة المسئولين وعلى أكمل وجه الا أنها عاجزة عن تلبية احتياجات قوت الشعب وعلى اقل تقدير في شهر رمضان المبارك والى الله المشتكى واليه المصير.

وما أن انتهت أم سعد من روايتها وحجتها الدامغة حتى جاء دور الحاج أم حاتم وهي تقول وبصوت عربي فصيح: أتمنى على الحكومة إن تكون منصفه على اقل تقدير مع ذاتها وتناشد الشعب بطريقة شفافة وتشرح لهم آلية عمل وزارة التجارة وطريقة استيراد المواد وكمية المبالغ المصروفة ومحاولة تسوية الأمر بطريقة ودية وبالتراضي حيث تمكن المواطن من دفع نصف المبلغ والنصف الآخر على الحكومة، وهناك خيار آخر مطروح ان يتم صرف المبالغ المخصصة لاستيراد البطاقة التموينية على أفراد الشعب وبالتساوي وعلى أساس عدد أفراد الأسرة كي نضمن ساعتها عدم سرقة تلك الأموال وتحويلها الى جيوب المسئولين والمقاولين وبعض السماسرة العاملين في مجال الاستيراد.

 أم رجاء من جهتها تساءلت وبحرقة عن جدوى فتح الحصار وما هي الآلية التي كانت يتبعها النظام السابق أيام حكمه يوم كانت القرارات الدولية والإرادة العالمية تتوعد ذلك النظام من كل حدب وصوب إلا إن مفردات البطاقة التموينية كانت في كامل حلتها وعافيتها وربما تكون في الكثير من الأوقات هي العون للعائلة العراقية من خلال ما تحققه من عوائد مادية مناسبة، الا ان القيادة العراقية اليوم عاجز هو بشكل لا يقبل اللبس عن تلبية متطلبات وحاجة المواطن من مواد البطاقة التموينية رغم ما تشهده الساحة من انفتاح اقتصادي وعلاقات تجارية وعائدات النفطية الكبيرة ولكن هناك ثمة إرباك كبير وشلل تام في قطاع وزارة التجارة ، وهذا ما لا أستطيع تفسيره ولا تأويله، فالبطاقة التموينية فقدت قدرتها على الصمود وهي لا توفر أي شيء سوى الورقة البيضاء فليس هناك مادة السكر ولا يوجد رز والحليب هو الآخر غادرنا ومساحيق الغسيل والصابون لا نحتاج إليها أضف الى ذلك الزيت، وال أنكى من ذلك كله بان التجار الصغار قد مكنتهم الأقدار وحالة الاستيراد المفتوح والتجارة الحرة الى تغطية كل تلك المواد ومن مناشئ مختلفة إلا إن حكومتنا الوطنية الديمقراطية عاجزة تماما على تحقيق تلك الغاية.

أم هادي من جهتها توجهت الى الأخريات باقتراح مفاده بان الحكومة قادرة على مفاتحة إحدى الشركات العالمية بهذا الخصوص بشرط أن تزودها بإعداد المشمولين بالبطاقة التموينية وبكمية المواد المراد توريدها الى العراق وحسب الإحصائيات الموجودة في وزارة التجارة ومحاولة معرفة كميات المبالغ الواجب توفرها للبطاقة التموينية وعلى الحكومة أن تضع بعض البنود من حيث نوعية المواد والمناشىء العالمية وعلى هذا الأساس يتحقق لدى الحكومة ما تصبو إليه في عدم سرقة الأموال وضمان تغطية البطاقة التموينية ومساعدة الشعب العراقي المظلوم لتجاوز محنته الغذائية والاقتصادية ناهيك عن ذلك ترفع عن كاهل الدولة تبعات التقصير في هذا الجانب على المدى القصير على اقل تقدير الى أن يستقر الحال وتنتهي تلك الأزمة لإيجاد حلول علمية سليمة، وربما يكون هذا هو الحل الأنسب بالنسبة للمواطن وللحكومة في آن واحد وربما تعمم تلك الفكرة على باقي القطاعات الأخرى كالأعمار والطاقة والكهرباء والى ما الى ذلك من القطاعات ذات التماس المباشر مع الواقع الحياتي.

إما محطتنا التالية فكانت مع الأخت سناء ولأسباب عمريه بحته حيث تصغر المؤتمرات سنا وهي إذ تنتهز تلك الفرصة لتعبر عن سخطها وامتعاضها اتجاه الوعود الكذابه التي أصيبت بها الدوائر الحكومة وعلى وجه التحديد وزارة التجارة فبين الفينة والأخرى تتوعدنا بسيل من المكارم والمنجزات الغذائية المخصصة لشهر رمضان إلا إن فيض أحلام تلك الوزارة ذهب أدراج الرياح ونحن نودع العشرة الأولى من رمضان واعتقد بان الأيام القادمة سوف تكون كسابقتها ليس هناك من شيء يقدم سوى التبريرات والوعود غير الصادقة و لربما كان الرهان الوحيد هو الاتكال على الله سبحانه وتعالى ليكون الى جانب الضعفاء والمساكين وسوف يخسف الأرض بالمتجبرين وغير المنصفين.

مسك ختام تلك الجولة كان مع أم رعد وهي تناشد كل الاقتصاديين في العالم أن يضع كل خبراتهم العلمية والميدانية من اجل وضع موازنة دقيقة تأخذ في الحسبان تغطية نفقات مولدة الشارع وتعيل أولادها السبعة وتوفر لها الماء البارد في صيفنا الحار وتحقق لها حياة كريمة شريطة ان تكون البرامج خاضعة الى قيمة الراتب الشهري الذي تتقاضاها وهو لا يتعدى 250 إلف دينار عراقي بعد الزيادات المدروسة التي قام بها أعضاء البرلمان العراقي والشرفاء من المسئولين الذين كان همهم وانشغالهم وعلى مدى السنوات السبعة الماضية منصب في كيفية انتشال العائلة العراقية من واقعها المرير وبعدما حققوا لها مزايا الاكتفاء الذاتي في كل المجالات الحياتية وجاءت ساعة الصفر لتكون البطاقة التموينية هي الحكم على إخلاصهم وتفانيهم في العمل من اجل تبديد ليل الجوع الظالم ايام رمضان المبارك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/آب/2010 - 14/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م