
شبكة النبأ: طويت صفحة الأزمة الأخيرة
من المشهد السياسي في لبنان خسائر تذكر، لتركن الى جانب الأزمات
المنسية في سياق حلول مؤقتة اعتاد اللبنانيون عليه طيلة العقود الأخيرة
الماضية، بعد ان اثبت التدخل المباشر من السعودية وسوريا جدواه بشكل
ناجع.
فيما كانت لحادثة العديسة واشتباك الجيش اللبناني مع القوات
الإسرائيلية دافعا مضاف للحد من تفاقم الخلاف بين الساسة اللبنانيين
لفترة قد تكون وجيزة، الى ان يزاح الخطر الإسرائيلي المحدق بالبلاد
بحسب المراقبين، وانصراف الفرقاء الى النظر في كيفية التعامل مع ذلك
التهديد، سيما ان لبنان عاجز عن انشاء قوات عسكرية قادرة على حماية
امنه وسيادته في ظل النزاع السياسي والاجتماعي القائم.
الا ان الخلاف على المحكمة الدولية وانعدام الثقة بين مكونات الشعب
اللبناني وعدم وجود رؤية موحدة قادرة على مغادرة الماضي تبقي الباب
مشرعا امام الازمات في المستقبل القريب، وان تريث الناعقون في التأجيج
لها.
المحكمة الدولية
حيث يقف لبنان على أعتاب أزمة سياسية محتملة قد تسقط حكومته
الائتلافية اذا ما وجهت محكمة تابعة للامم المتحدة تحقق في مقتل رئيس
الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري اتهامات الى أعضاء في حزب الله.
وانتقد حزب الله المدعوم من سوريا وايران المحكمة وقال الشهر الماضي
ان أول توجيه اتهامات من الادعاء والذي من المتوقع أن يكون بين سبتمبر
أيلول وأكتوبر تشرين الاول سيشمل بعض أعضائه.
ونفى السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله مرارا أي صلة بين
الحزب ومقتل الحريري ووصف المحكمة بأنها مشروع اسرائيلي.
ويقول محللون ان نصر الله حريص على درء توجيه الاتهامات لاعضاء في
حزب الله بأي ثمن حتى وان أدى ذلك الى مواجهة مع رئيس الوزراء اللبناني
سعد الحريري ابن رفيق الحريري.
وشكل سعد الحريري حكومة وحدة وطنية العام الماضي تشمل وزراء من حزب
الله. وكانت أزمة سياسية شهدها لبنان قبل ذلك بعام أدت الى قتال في
الشوارع بين حزب الله وأنصار للحريري الموالي للغرب في تذكير قصير
بأجواء الحرب الاهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990 .
واذا مضت المحكمة التابعة للامم المتحدة في توجيه الاتهامات لاعضاء
في حزب الله فان الحزب قد يقرر هو وحلفاؤه الشيعة والمسيحيون اسقاط
الحكومة.
وقال بول سالم مدير مركز كارنيجي للشرق الاوسط انه اذا انسحب حزب
الله من الحكومة هذه المرة فانها ستنهار وان الحزب يملك قوة اسقاط
الحكومة هذه المرة. بحسب رويترز.
وأدخل اغتيال الحريري في 2005 لبنان في اضطرابات سياسية وطائفية
وشطره الى معسكر موال لسوريا بقيادة حزب الله ومعسكر مناويء لها وموال
للغرب بقيادة سعد الحريري.
ووافق رئيس الوزراء السابق فؤاد السنيورة بعد ذلك بعام على تأسيس
المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري رغم اعتراضات من حزب الله
وحلفائه مما دفع الحزب للانسحاب من حكومة السنيورة.
وانتهت أزمة سياسية استمرت 18 شهرا بقتال في الشوارع في مايو أيار
عام 2008 عندما حاولت حكومة السنيورة تفكيك شبكة هواتف يديرها حزب الله
الذي رأى في الخطوة اعلانا للحرب.
وانتهت الازمة بعد محادثات في قطر لكن بعض اللبنانيين يخشون تكرار
السيناريو اذا وجهت اتهامات في قضية الحريري لشخصيات في حزب الله.
وقال نصري الصايغ في صحيفة السفير اللبنانية في اشارة الى قتال
الشوارع في 2008 عندما سيطر أنصار حزب الله على بيروت ان حزب الله أثبت
قوته وكسب فحذاري من اختباره مجددا.
وأضاف أنه اذا وجهت اتهامات لحزب الله وهلل البعض في لبنان لهذا فمن
يعلم حينئذ الى أين ستنتهي الامور.
وتضع تحذيرات حزب الله سعد الحريري في موقف عصيب فهو أمام خيارين
الاول هو أن يستمر في دعم المحكمة حتى وان وجهت اتهامات للحزب مما يضعه
في مسار تصادمي مع حزب الله. والخيار الثاني أمام الحريري هو أن ينبذ
تحقيقا دوليا في مقتل والده ويجازف بخسارة الدعم الدولي والمصداقية.
وقال سالم ان السؤال الآن هو.. هل هناك منطقة وسط؟ وأضاف أن نصر
الله وصف من يؤيدون المحكمة بأنهم يؤيدون اسرائيل وهو تهديد يعني أن
بامكانه استخدام القوة.
وحتى الآن لم يبد حزب الله اشارات على التراجع عن موقفه. وقال نصر
الله الشهر الماضي ان الحريري قال له بشكل شخصي ان المحكمة ستوجه
اتهامات الى "أعضاء مارقين" في حزب الله لكن نصر الله نفى أي صلة بين
الحزب واغتيال الحريري.
ولتهدئة التوترات السياسية التي ظهرت على السطح بعد أول انتقاد وجهه
نصر الله للمحكمة قام العاهل السعودي الملك عبد الله بزيارة مشتركة
لبيروت مع الرئيس السوري بشار الاسد.
وبدا أن الزيارة لطفت الخلاف دون التوصل لحل حول كيفية تجنب الصراع
في المستقبل لكن محللين يقولون انه طالما عملت دمشق والرياض معا فانهما
يجب أن تكونا قادرتين على وقف التوترات الداخلية في لبنان.
وقال جهاد الزين المحلل الرئيسي في صحيفة النهار اللبنانية ان
السعودية وسوريا هما صمام الامان للبنان.
وتؤيد السعودية وحلفاؤها في لبنان المحكمة الدولية ومقرها لاهاي.
والرياض من أكبر المساهمين في ميزانية المحكمة.
أما سوريا التي أشار اليها في باديء الامر محققون تابعون للامم
المتحدة في قضية الحريري فانها تنظر دائما الى المحكمة بعين الريبة
وتقول ان لها دوافع سياسية.
وعرض نصر الله صورا قال ان طائرات رصد اسرائيلي التقطتها وانها تشير
الى أن اسرائيل هي التي قتلت الحريري. وردت المحكمة بطلب الادلة التي
عرضها.
وذكر أسامة صفا رئيس المركز اللبناني للدراسات أن هذا الامر قد يوفر
نافذة لتأجيل أي توجيه وشيك للاتهامات ويتيح وقتا لتهدئة التوترات
ويعطي سعد الحريري فرصة دعم دعوة حزب الله لتحقيق المحكمة في أي تورط
اسرائيلي في الاغتيال. لكن اخرين يخشون أن المواقف راسخة لدرجة لا تسمح
بأي تسوية.
وقال الياس حنا في صحيفة السفير "هل ستذهب المحكمة لتحقق مع اسرائيل؟
بالطبع كلا. هل سيتراجع السيد عن موقفه من المحكمة؟ بالطبع كلا. هل
يمكن للحكومة الحالية تلبية طلب السيد؟ بالطبع كلا.
"لا يبدو ان هناك مخرجا معينا. الا ازمة سياسية في الحد الادنى. قد
تتطور الى أزمة أمنية خطيرة."
الحريري يؤجل رده على نصر الله
من جانبه اكد رئيس الحكومة اللبناني سعد الحريري انه وكل اللبنانيين
"يريدون الحقيقة ولا شيء اكثر من ذلك" حول اغتيال والده رئيس الوزراء
السابق رفيق الحريري، لكنه اعلن انه سيتكلم "عندما يجب" ان يتكلم، في
تاجيل لتعليقه المنتظر على التطورات الاخيرة المتعلقة بالمحكمة الخاصة
بلبنان.
وقال الحريري خلال اولى مادب الافطار الرمضانية التي يقيمها لهذا
العام في دارته في منطقة قريطم في بيروت "سعد الحريري وكل اللبنانيين
يريدون الحقيقة ولا شيء أكثر من ذلك، ونريد ايضا الاستقرار وان نعرف من
اغتال والدي وسائر الشهداء".
واثر الحريري عدم التعليق على التطورات السياسية الاخيرة المتعلقة
بملف التحقيق باغتيال والده، خصوصا لجهة ما ورد على لسان الامين العام
لحزب الله حسن نصرالله في مؤتمره الصحافي الاخير.
وكان نصرالله عرض في مؤتمره الصحافي "معطيات" بينها مشاهد للطريق
الساحلي الذي قتل عليه رفيق الحريري والتقطتها، بحسب قوله، طائرات
استطلاع اسرائيلية وتمكن الحزب من اعتراضها.
واكد نصر الله ان هذه "المعطيات" تشكل "قرائن" و"ليس ادلة قاطعة"
على ضلوع اسرائيل في الجريمة.
وطلب مدعي عام المحكمة الخاصة بلبنان القاضي دانيال بلمار الاربعاء
من السلطات اللبنانية تزويده بكل ما لدى حزب الله من معلومات تتعلق
باغتيال الحريري.
واضاف سعد الحريري "يتوقعون ان يصدر عني اليوم كلام سياسي كبير
(...). هناك الكثير من الكلام سيقال ولكن انا اختار متى اتكلم وليس
لاحد ان يحدد التوقيت الذي اريد ان اتكلم فيه(...). لن يدفعني احد الى
الكلام، سأتكلم عندما أرى انه يجب ان اتكلم".
وتابع "لقد صمت عن الكلام طوال الفترة الماضية وسابقى كذلك لانني
اريد الهدوء. فبالهدوء نتكلم ونسمع بعضنا بعضا اما بالصراخ لا يعود احد
منا يسمع الاخر".
البحث عن العدالة المفقودة
على صعيد متصل لا يؤمن كثير من اللبنانيين بالمحكمة الخاصة بلبنان
التي تدعمها الامم المتحدة والتي تشكلت لمحاكمة قتلة رئيس الوزراء
الاسبق رفيق الحريري.
فبعد نحو 18 شهرا من بدء عملها لم توجه المحكمة اتهامات عن التفجير
الضخم الذي وقع في 14 فبراير شباط 2005 وأودى بحياة الحريري و22 اخرين.
ولا تحتجز المحكمة أي مشتبه بهم.
وبدلا من التوصل للحقيقة وانجاز العدالة ووضع نهاية لثقافة الافلات
من العقاب التي تسود منذ الحرب الاهلية اللبنانية التي دارت بين عامي
1975 و1990 فشلت المحكمة وتحقيق الامم المتحدة الذي سبقها حتى الان في
تبديد شكوك منتقديها. وحتى أنصارها يخفون بالكاد قلقهم.
وتسود التصورات هنا بان المحكمة التي تتشكل من قضاة لبنانيين
ودوليين أضحت رهينة لصراعات غامضة على النفوذ تتورط فيها اسرائيل
وسوريا وايران والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة واخرون.
بحسب رويترز.
يقول رامي خوري المعلق الذي يعيش في بيروت ان هذه ليست عملية
قانونية منعزلة وانها عملية سياسية بشكل كبير.
وتنفي المحكمة رضوخها لامور سياسية وتقول ان عملها يتماشى مع أعلى
المعايير القضائية الدولية. تقول المتحدثة باسم المحكمة فاطمة عيساوي "
تخضع اجراءاتها لهذه القواعد ولعبء الاثبات وليس للتأثير الخارجي."
وبوضوح فان أفضل سبيل كي تؤكد المحكمة مصداقيتها يتمثل في تقديم
أدلة دامغة لتحديد هوية قتلة الحريري وادانتهم. وربما تفعل ذلك لكن
عددا قليلا من اللبنانيين يراهنون على أن تتوفر "أدلة لا تقبل الجدل"
من تحقيق اعتمد في البداية على شهود تراجعوا عن شهاداتهم فيما بعد.
وخبت الفرص في أن يوجه المدعي دانيال بيلمار اتهامات قريبا عندما
تلقى أدلة من حزب الله عبر السلطات اللبنانية يقول الحزب المدعوم من
سوريا وايران انها تشير الى ضلوع اسرائيل في الجريمة.
وبعد أن طلب من حزب الله تقديم المواد التي بحوزته سيحتاج بيلمار
الان وقتا لمراجعتها بالرغم من أن قلة في لبنان يرون أن المحكمة
الدولية ما كانت ان تشكل اطلاقا اذا ما أحاطت الشبهات بتورط اسرائيلي
منذ البداية.
واختلاف وجهات نظر اللبنانيين بشأن ما اذا كان هذا هو الحال بالفعل
يعكس الخلافات بين من يعتبرون الغرب الخادم الخبيث لاسرائيل وبين من
تتركز أسوأ مخاوفهم على ايران وسوريا.
يقول نديم شحادي من مؤسسة أبحاث تشاثام ببريطانيا "لدى الجانبين من
الاسباب ما يدفعهم لعدم الثقة بالعملية."
وأضاف "أولئك الذين يريدونها أن تنجح يفقدون الامل لانها بطيئة
للغاية وبيروقراطية ومكلفة. واولئك الذين لا يريدون لها النجاح لديهم
نظريات المؤامرة" متهما معارضي المحكمة بانهم من يسيسونها. وبالنسبة
لعمر نشابي الصحفي في صحيفة الاخبار المتعاطفة مع حزب الله فان العكس
هو الصحيح.
يقول "الامر القاسي هو عندما تزعم أن هذه الالية ستحقق العدالة لكن
في عقلك الباطن تخلق الية تخدم مصالحك السياسية." في اشارة الى القوى
الغربية التي تتحكم في مجلس الامن التابع للامم المتحدة.
وكانت المحكمة وهي ذات تفويض أضيق كثيرا من ذلك الممنوح لهيئات
دولية أخرى تأسست لمحاكمة جرائم الحرب والابادة الجماعية وليدة اللحظة
عندما وحد قتل الحريري الكثير من اللبنانيين والرأي العام الغربي
والعربي ضد سوريا وأجبرها على تخفيف قبضتها العسكرية والامنية
والسياسية التي أحكمتها على لبنان طيلة 29 عاما.
وأشارت التقارير الاولية لمحققي الامم المتحدة الى تورط سوريا التي
تنفي أي صلة لها والتي خرجت منذ ذلك الحين بصورة كبيرة من عزلة
دبلوماسية لتستعيد الكثير من نفوذها في لبنان.
وحتى الحريري الذي اعتاد اتهام السوريين بقتل والده اصلح الجسور مع
دمشق منذ أن أصبح رئيسا للوزارء وقال أن المحكمة هي الجهة المخولة
بتقديم الحقيقة.
وبعد أن بدأت المحكمة عملها في مارس اذار 2009 مباشرة أطلقت سراح
أربعة من كبار ضباط الجيش اللبنانيين الموالين لسوريا كانوا قد احتجزوا
أربع سنوات دون أن توجه لهم أي تهم وقالت انه لم يتوفر لديها ما يكفي
من الادلة لتوجيه الاتهامات لهم. والتزم بيلمار الصمت الى حد بعيد بشأن
خطواته التالية.
يقول مايكل يانج محلل الشؤون اللبنانية الذي انتقد التحقيق في عدة
مناسبات لفشله في تعقب الدلائل السورية بنشاط كاف "نقف عند نقطة حرجة
حاليا.
"اذا لم يكن لدى بيلمار ما يكفي لتوجيه اتهام الان فمن الصعب للغاية
أن نتوقع ما هي العصا السحرية التي يملكها والتي ستمكنه من تقديم لائحة
اتهام رسمية في المستقبل القريب."
وبدلا من ذلك يتوقع يانج أن يطلب ادعاء المحكمة من لبنان تنفيذ
عمليات اعتقال وهو مطلب ستجد حكومة الوحدة اللبنانية التي تضم وزراء من
حزب الله من الصعب الالتزام به.
ويضيف "تقوم مقامرة نصر الله على ان أمور السياسة سيكون لها الغلبة
على الجانب القانوني للتحقيق."
ويأسف منتقدو المحكمة وبعض من أنصارها أيضا للطبيعة الانتقائية
لتحقيقاتها الضرورية لتقديم القتلة للعدالة في بلد شهد تاريخا دمويا
طويلا من الاغتيالات والحروب وعمليات الغزو الاسرائيلية.
يقول كريم مقدسي مدرس العلاقات الدولية بالجامعة الامريكية في بيروت
"كان جزءا من قرار سياسي أكبر لممارسة ضغوط على سوريا وحزب الله اللذين
يفترض أنهما كانا الاشرار في هذه القصة.
"في المنطقة العربية هناك كم هائل من انعدام الثقة في "المجتمع
الدولي" وما حدث في لبنان وفلسطين والعراق."
ويضيف "لا يمكنك أن تأتي وتفرض شيئا مثل المحكمة ثم تقول .. حسنا
هذا أمر مختلف ولا يجب أن يؤمن الناس بنظريات المؤامرة."
اعادة التحقيق
من جهتها دعت الصحف السورية المحكمة الدولية الى اعادة التحقيق في
اغتيال رفيق الحريري استنادا الى "القرائن" التي عرضها الامين العام
لحزب الله حسن نصر الله، معتبرة ان تغييب اسرائيل عن التحقيق "تقصير
قانوني".
وقالت صحيفة البعث الناطقة باسم الحزب الحاكم ان هذه القرائن "تفتح
بابا عريضا للوصول الى الحقيقة الكاملة وتعيد وضع البينات على السكة
الصحيحة من التطبيق في هذه المنطقة من العالم".
واضافت ان "القرائن" التي عرضها نصر الله "كافية لان تدفع باي لجنة
تحقيق جدية واي قاض نزيه للبناء عليها ومباشرة التحقيق مع الاسرائيليين"
في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق.
وقالت "البعث" ان "القاعدة القانونية" تقول ان "القاتل هو من له
مصلحة في القتل"، متسائلة "كيف للمحكمة الدولية ان تستبعد اسرائيل من
شرط المصلحة في جريمة الاغتيال وهي متربصة بلبنان منذ مطلع الثمانينات".
وشددت على ضرورة ان "تصر القوى الوطنية اللبنانية ومن خلفها لبنان
جيشا وشعبا ومقاومة على ابقاء العدو الاسرائيلي المتهم الاول والاساسي
في هذه الجناية".
من جهتها دعت صحيفة الوطن الخاصة والقريبة من الحكومة لجنة التحقيق
الدولية الى ان "تعيد التحقيق بالدوافع السياسية الحقيقية التي ادت"
الى الاغتيال. بحسب فرانس برس.
واشارت خصوصا الى "المشروع السياسي الذي رسم للمنطقة واوقفته
المقاومة بانتصارها في حرب تموز/يوليو 2006 وليس القرار 1559 الذي
استندت اليه لجنة التحقيق".
ورأت ان "الحقيقة وكل الحقيقة تكمن في دوافع ذاك المشروع الذي كان
يحبك للمنطقة وليس في الدوافع التي روج لها الشهود او من يتهم ويشير
الى المقاومة التي كانت ايضا حريصة كل الحرص على رفيق الحريري لما كان
يمثله من ضمانة لها لبنانيا ودوليا".
واكدت "الوطن" ان "ما بني على باطل فهو باطل واي قرار ظني سيصدر
بناء على الدوافع التي اعتمدت في التقارير السابقة هو باطل بكل تأكيد".
اما صحيفة الثورة الحكومية فاعتبرت ان ما اذاعه نصر الله "ضرب اركان
الوجود الإسرائيلي، أي الكذب".
واضافت ان ما عرضه نصر الله "قد لا يكون دليل إدانة جنائية كاملا
لكنه اماطة اللثام عن جانب مهم من جوانب العمل الصهيوني في المنطقة
والذي طابعه التجسس اليومي على تفاصيل الحياة اللبنانية لتتمكن دائما
من فعل ما تريده".
واخيرا، دعت صحيفة تشرين الرسمية الى "البحث عن الحقيقة المجردة
وليس الحقيقة المزورة" انه "لا يمكن للعدالة أن تكون في مكانها عندما
يكون البريء متهما والفاعل الحقيقي يملك سلطة الاتهام والعبث بدهاليز
العمل التحقيقي".
واضافت الصحيفة "رغم ان القرائن التي قدمها السيد حسن نصر الله ليست
ادلة وما قدم لا يشكل ملفا متكاملا لهذا الاتهام الصريح، لكنه حتما
يشكل سببا قانونيا وموضوعيا يدعو كل من له صلة بهذا الملف للمطالبة
بفتحه".
واضافت ان "تغييب الفرضية القائلة بضلوع اسرائيل بالاغتيال ابتداء
هو تقصير قانوني كان سببه بالتأكيد (الغرض السياسي)".
واكدت الصحيفة ان "الاقرار بأهمية هذه الفرضية (ضلوع إسرائيل) الآن
والعمل عليها والتحقيق بشأنها هو حاجة ضرورية لتحقيق العدالة من جهة
ولسلوك نهج قانوني جنائي بحثي وفق ابسط القواعد المتعارف عليها من جهة
اخرى".
بحث عن دليل مفقود
الى ذلك اكدت المتحدثة باسم المحكمة الخاصة بلبنان لوكالة فرانس برس
ان مدعي عام المحكمة يدعو كل من يملك دليلا متصلا بقضية اغتيال رئيس
الوزراء السابق رفيق الحريري الى عرضه عليه، وذلك بعد يومين على عرض
حزب الله "قرائن" قال انها تشير الى تورط اسرائيلي في الجريمة.
وقالت فاطمة العيساوي ان "مكتب المدعي العام دعا على الدوام وهو لا
يزال يدعو كل من لديه دليل متصل بالهجوم على رئيس الوزراء السابق رفيق
الحريري الى عرضه عليه".
وشددت العيساوي التي ذكرت انها تتحدث باسم المحكمة وليس باسم مكتب
الادعاء العام، على ان المدعي العام دانيال بلمار "اعلن اكثر من مرة
انه سيلاحق كل الادلة الموثوقة".
واوضحت ان "مكتب المدعي العام اعلن ايضا وعلى الدوام ان اي معلومات
مستندة الى عناصر موثوقة ومقدمة اليه ستخضع الى مراجعة دقيقة".
وجاءت تصريحات العيساوي بعد عرض الامين العام لحزب الله السيد حسن
نصرالله "معطيات" بينها مشاهد اكد ان طائرات استطلاع اسرائيلية رصدتها
لموقع اغتيال الحريري.
واكدت العيساوي ان "المحكمة الخاصة بلبنان تاخذ اي معلومات مستندة
الى حقائق وادلة حول وجود تسريبات على محمل الجد". وتابعت ان "للمحكمة
ثقة كاملة في الاجراءات الداخلية التي تتبعها لمراقبة اي تصرف يخرق
قوانينها". بحسب فرانس برس.
ونقلت صحيفة "الديار" اللبنانية اليوم عن رئيس الجمهورية ميشال
سليمان "ثقته بان الصعوبات التي يواجهها لبنان في الوقت الحاضر بسبب
الخلاف حول المحكمة الدولية وما يتسرب عن القرار الاتهامي (...) لن
تؤدي الى تدهور الاوضاع في البلاد كما يخشى البعض".
واضافت الصحيفة ان سليمان اكد "ان ما يحكى عن تأزم وتوتر حاصلين منذ
مدة ليسا سوى الاوجاع التي تسبق الولادة، معتبرا ان لا مصلحة لاحد
بتفجير الوضع سوى اسرائيل".
مساعدات مشروطة
من جهة أخرى اعلن وزير الدفاع اللبناني الياس المر ان الجيش لن يقبل
مساعدات مشروطة من اي جهة، وذلك بعد قرار نائب اميركي تجميد مساعدة
بقيمة مئة مليون دولار كانت مخصصة للجيش اللبناني لانه ليس واثقا من ان
الجيش لا يتعاون مع حزب الله.
وقال المر في مؤتمر صحافي في وزارة الدفاع "من عرض مساعدة الجيش
قلنا له اهلا وسهلا، واليوم اذا قال انه يريد ان يوقف هذه المساعدة،
فهو حر".
واضاف "نرحب بمن يحب ان يساعد الجيش من دون قيد او شرط، اما الذي
يريد ان يشترط تقديم المساعدة بعدم حماية الجيش لارضه وشعبه وحدوده في
وجه العدو الاسرائيلي، فليبقي امواله له وليعطيها لاسرائيل". وتابع "نحن
سنواجه بالامكانات التي نملكها".
وتاتي تصريحات المر هذه ردا على رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس
النواب الاميركي الديموقراطي هاورد برمان الذي اعلن في بيان انه جمد
مساعدة بقيمة مئة مليون دولار في الثاني من اب/اغسطس، عشية اشتباكات
حدودية بين الجيشين اللبناني والاسرائيلي.
واضاف في وقت لاحق "حتى معرفتنا تفاصيل اكثر عن الحادث وطبيعة نفوذ
حزب الله على الجيش اللبناني (...) لا استطيع بروحي وضميري السماح
للولايات المتحدة بمواصلة ارسال اسلحة الى لبنان".
وقتل في الثالث من اب/اغسطس ثلاثة لبنانيين هم جنديان وصحافي اضافة
الى ضابط اسرائيلي في اشتباكات اندلعت بعد محاولة جنود اسرائيليين قطع
شجرة في منطقة متنازع عليها على الحدود.
واعلن الرئيس اللبناني ميشال سليمان في موقع الاشتباكات في قرية
العديسة الحدودية السبت ان الحكومة ستضع في جلستها المقبلة خطة لتسليح
الجيش "بكل ما يلزم" و"بغض النظر عن مواقف بعض الدول" حيال هذا الامر.
وذكر المر في مؤتمره الصحافي ان الدولة اللبنانية "قررت ان تشتري
السلاح للجيش بحسب النوعية والسعر الافضل (...) استنادا الى خطة ثلاثية"،
مؤكدا ان "هذا الامر سيبحث في اول جلسة لمجلس الوزراء".
ويعاني الجيش اللبناني من نقص في العتاد والتجهيزات، ويعتمد في
تسلحه بشكل خاص على هبات من دول عديدة مثل الولايات المتحدة وروسيا
وفرنسا.
واكد السفير الايراني لدى لبنان غضنفر ركن ابادي خلال لقائه قائد
الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ان بلاده "مستعدة لمساعدة الجيش
اللبناني (...) وتطبيق بنود الاتفاقية الدفاعية الموقعة من قبل وزارتي
الدفاع في البلدين"، بحسب ما ذكرت وكالة الانباء الرسمية الايرانية.
تسليح الجيش
كما أعلن لبنان عن فتح حساب مصرفي كي يساعد اللبنانيون في تسليح
الجيش اللبناني الذي يفتقر الى العتاد المناسب وذلك بعد أن أعاق
الكونجرس الامريكي تقديم مساعدات عسكرية للبنان.
وقال وزير الدفاع اللبناني الياس المر ان الحساب يستهدف اجتذاب
تبرعات ملايين اللبنانيين الذين يعيشون في الخارج وكذلك المواطنين
المقيمين. وقال المر انه يقدم أول تبرع بقيمة مليار ليرة لبنانية (670
ألف دولار).
وقال نائبان ديمقراطيان في واشنطن انهما اعاقا منحة تمت الموافقة
عليها بقيمة 100 مليون دولار من المساعدات العسكرية الامريكية الى
لبنان بسبب مخاوف من أن الجيش يعمل بشكل وثيق مع جماعة حزب الله. جاءت
الخطوة بعد وقوع اشتباكات عبر الحدود بين قوات لبنانية واخرى اسرائيلية.
وانتقد المر الاعلان قائلا ان أي طرف يريد مساعدة الجيش فعليه أن
يفعل ذلك دونما شروط. وأوضح وزير الدفاع اللبناني ان الحساب الجديد
يجيء ضمن مبادرة أطلقها الرئيس اللبناني ميشال سليمان من أجل بناء
الجيش. ودفع اعلان سليمان السفير الايراني لدى بيروت الى عرض تقديم
الدعم العسكري.
وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان عرض ايران المساعدة والذي من
شأنه أن يزعج الدول الغربية من تزايد نفوذ طهران على الحدود الشمالية
الاسرائيلية يظهر الحاجة الى استمرار الدعم الامريكي للبنان.
وقدمت الولايات المتحدة ما يزيد على 720 مليون دولار في صورة
مساعدات عسكرية للبنان منذ العام 2006.
هيئة الحوار اللبناني
من جانبها قررت هيئة الحوار الوطني اللبناني "الاسترشاد من الدروس
المستفادة" من الاشتباكات الحدودية الدامية التي وقعت قبل اكثر من
اسبوعين بين الجيشين اللبناني والاسرائيلي خلال بحثها في استراتيجية
دفاعية للبلاد.
وافاد بيان صادر عن المجتمعين في قصر بيت الدين المقر الصيفي لرئيس
الجمهورية، انه جرى الاتفاق على "مواصلة البحث في الاستراتيجية الوطنية
الدفاعية واستكمال تقديم الدراسات الخاصة بهذا الموضوع والاسترشاد في
هذا المجال من الدروس المستفادة من واقعة العديسة".
ووقع في الثالث من آب/اغسطس اشتباك حدودي بين الجيشين اللبناني
والاسرائيلي تسبب بمقتل جنديين وصحافي في الجانب اللبناني وضابط
اسرائيلي في مواجهة عسكرية هي الاخطر منذ حرب تموز/يوليو 2006 بين
اسرائيل وحزب الله، والاولى من نوعها بين الجيشين منذ عقود.
واطلق رئيس الجمهورية ميشال سليمان في السابع من اب/اغسطس من موقع
الاشتباك قرب قرية العديسة اللبنانية الحدودية "حملة وطنية وعربية
ودولية لتسليح الجيش اللبناني".
وبحسب البيان، نوه سليمان في افتتاح جلسة الحوار "بالتصدي البطولي
للجيش اللبناني في مواجهة العدوانية الاسرائيلية وبموقف المقاومة التي
وضعت نفسها بتصرف الجيش"، في اشارة الى حزب الله.
واكد سليمان "اهمية تسليح الجيش وتوفير العناصر اللازمة لوضع خطة
تسليحه موضع التنفيذ". ويعاني الجيش اللبناني الذي يضم ستين الف عنصر
على الاقل، من نقص في العتاد والتجهيزات، ولا يملك منظومة عسكرية جوية
تستطيع التصدي لسلاح الجو الاسرائيلي الذي يخترق الاجواء اللبنانية
بشكل شبه يومي.
وعقدت جلسة الحوار التي تضم القيادات اللبنانية الممثلة لكل الاطراف
والاحزاب السياسية برعاية سليمان وفي حضور رئيس الحكومة سعد الحريري
ورئيس البرلمان نبيه بري، وغياب وزير الدفاع الياس المر "بدواع صحية"
والزعيم المسيحي ميشال عون الذي يقود التيار الوطني الحر.
وعقدت القيادات اللبنانية حتى الآن احدى عشر جلسة حوار تستهدف في
الاساس البحث في استراتيجية دفاعية للبلاد ومن ضمنها سلاح حزب الله.
ويتمسك حزب الله، ابرز اركان قوى 8 آذار الممثلة بالاقلية النيابية،
بالاحتفاظ بسلاحه في مواجهة اسرائيل. ويشير حلفاؤه الى عدم امتلاك
الجيش اللبناني القدرات اللازمة لهذه المواجهة، للدفاع عن سلاح الحزب.
في المقابل، تدعو قوى 14 آذار (اكثرية) الى ان تصبح ترسانة الحزب
التي تضم كمية كبيرة من الصواريخ، جزءا من منظومة الجيش.
وخلال الجلسة طرح سمير جعجع، رئيس الهيئة التنفيذية لحزب القوات
اللبنانية الذي ينتمي الى قوى 14 آذار، على المجتمعين "مداخلة دفاعية
موضوعية ومرحلية على اثر حادثة العديسة، وذلك حتى التوصل لحل لسلاح حزب
الله". بحسب فرانس برس.
وجاء في مداخلة جعجع "يطلب من حزب الله ان يضع مجموعاته واسلحته في
امرة الجيش وان لم يطلعه على نقاط تمركزها ووجودها".
وعلق النائب عن حزب الله الذي شارك في الجلسة محمد رعد بالقول
للصحافيين عقب الجلسة الحوارية ان مداخلة جعجع "لم تكن ايحابية ولا
مشجعة".
وحدد المجتمعون في بيت الدين 19 تشرين الاول/اكتوبر موعدا لانعقاد
الجلسة المقبلة في القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت.
واكد البيان الصادر عن الاجتماع ايضا "اهمية الوفاق الوطني وترسيخ
الاستقرار السياسي والامني (...) والاستمرار بنهج التهدئة الاعلامية
والسياسية". كما اعلن "المضي في الحملة الوطنية الهادفة لتاكيد حق
العودة ورفض التوطين". |