العراق... نظام سياسي عاجز يهيئ لعودة الديكتاتورية

 

شبكة النبأ: بعد مرور أكثر من خمسة أشهر على انتخابات تشريعية غير حاسمة، أدى الإخفاق في التوصل لتسوية سياسية إلى إعاقة تشكيل حكومة جديدة. وإن الأسئلة بشأن العراق تبدأ كلها بعبارات مثل ماذا لو أن الفراغ السياسي أفضى إلى تقويض المكاسب الأمنية؟ وماذا لو أن دول الجوار استغلت اضمحلال النفوذ الأميركي وملأت الفراغ الناجم عن ذلك؟ وماذا لو لم تتشكل حكومة جديدة في هذا النظام الديمقراطي الوليد؟

أن حدوث فراغ سياسي وأمني في وقت واحد من شأنه أن يخلق وضعا خطيرا، وهذا ما نشهده الآن.

وإذا ما استمر العنف وحصل المتمردون على موطئ قدم، فماذا سيكون موقف كل من شارك في العملية السياسية في ظل تدهور الخدمات واستمرار موجة العنف وتلكؤ مفاوضات السياسيين، كما يتساءل العراقيون عن الأسباب التي دفعتهم للذهاب إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم.

استئناف الدور القتالي

فقد قال قائد القوات الامريكية في العراق الجنرال ريموند اوديرنو ان قوات الامن العراقية ستكون مهيأة لسد الفراغ الذي سيتركه انسحاب القوات الامريكية العام القادم لكن الولايات المتحدة قد تعود الى العمليات القتالية اذا دعت الضرورة.

وتعتزم وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) خفض عدد الجنود في العراق إلى 50 ألفا بحلول أول سبتمبر أيلول من 176 ألفا عند ذروة انتشار القوات الامريكية بعد الغزو عام 2003.

وقال اوديرنو في حديث مع قناة (سي.ان.ان) الاخبارية الامريكية بثته يوم الاحد ان تلك القوات ستبقى في العراق للقيام بدور "تقديم المشورة والتدريب والمساعدة" حتى العام القادم "لكن لديها بالتأكيد القدرة على حماية نفسها والقيام في حالة الضرورة... بعمليات قتالية اذا تطلب الامر".

وأضاف ان "التمرد أخمد" في العراق وبرغم استمرار العنف فالوضع الامني يتحسن بوجه عام وكذلك قدرة الدولة العراقية على حماية الشعب والنهوض بمهام الحكم.

لكنه اوضح ان القوات الامريكية قد تعود الى القيام بدور قتالي اذا حدث "انهيار تام لقوات الامن" أو اذ أدت الخلافات السياسية الى انقسام قوات الامن العراقية. وقال اودرينو "لكننا لا نتوقع ذلك."

وقال مسؤول بالادارة الأمريكية إن الرئيس باراك أوباما الذي وعد في حملته الانتخابية للوصول الى البيت الأبيض بانهاء الحرب يعتزم القاء خطاب خلال أيام بشأن خفض القوات الأمريكية في العراق.

وسيلقي أوباما خطابه بعد عودته من جزيرة مارثاس فينيارد بولاية ماساتشوستس حيث يمضي عطلة مع أسرته. بحسب رويترز.

وسئل أوديرنو هل ستكون القوات العراقية كافية للسماح بسحب جميع القوات الامريكية من العراق بحلول نهاية عام 2011 فأجاب "في تقديري الان أنها.. انها ستكون."

وفي مقابلة مع محطة تلفزيون (سي.بي.إس.) قال أوديرنو ان الجيش العراقي قادر الآن على توفير الأمن الداخلي لكنه سيبقى بحاجة للمساعدة من القوات الأمريكية في مجالي التدريب والامداد والتموين. لكنه سلم بأن القوات الامريكية قد تبقى في العراق بعد الموعد المقرر لانسحابها في نهاية العام القادم.

وعلق أوديرنو على تصريح رئيس هيئة اركان الجيش العراقي الفريق اول بابكر زيباري بأنه ينبغي أن يبقى الجيش الامريكي في العراق حتى عام 2020 قائلا ان هذا يتوقف على نوع الوجود الامريكي المطلوب.

وقال "اذا طلبت حكومة العراق بعض المساعدة الفنية في مجالات وأنظمة تسمح لهم بمواصلة حماية انفسهم وفي حالة وجود تهديد خارجي ما فقد نكون هنا."

وقال اوديرنو ان الولايات المتحدة ابرمت اتفاقيات مع المملكة العربية السعودية ومصر لمساعدتهما على تطوير "بنيتهما التحتية وهيكلهما الامني". وأضاف "اذا كان هذا ما نتحدث بشأنه (في العراق) فمن المحتمل ان نظل هناك بعد عام 2011."

وعندما سئل أوديرنو ان كان احتمال انزلاق العراق الى دكتاتورية عسكرية يمثل باعثا للقلق قال لمحطة (سي.بي.إس.) "كلا. فالشعب (في العراق) يريد المشاركة في العملية الديمقراطية.. يريد اختيار زعمائه.

النفوذ الايراني

من جهته قلل نائب الرئيس الاميركي جو بايدن الاثنين امام محاربين قدامى من اهمية النفوذ الايراني في العراق، في رد غير مباشر على المخاوف التي عبر عنها مسؤولون اميركيون واعضاء في الكونغرس في هذا الشأن.

وقال "النفوذ الايراني في العراق ضئيل، ويتم تضخيمه بشكل كبير". واضاف "الحكومة الايرانية انفقت اكثر من مئة مليون دولار لمحاولة التاثير على نتائج الانتخابات الاخيرة" في العراق في اذار/مارس و"فشلت فشلا ذريعا". وتابع "العراقيون صوتوا للمرشحين الذين اختاروهم، والذين لم يكن احد منهم، اكرر، لا احد، من اختيار ايران".

واعرب بايدن عن تفاؤله ازاء مساعي تشكيل الحكومة العراقية، التي لا تزال متعثرة بعد اكثر من خمسة اشهر على الانتخابات العامة في السابع من اذار/مارس. بحسب فرانس برس.

وقال "هذه العملية قد تكون محبطة في بعض الاحيان، وهناك صعود ونزول، لكن (...) لدي ثقة مطلقة في واقع ان العراق سيشكل حكومة قادرة على ادارة شؤون البلاد". ورد بايدن على الاصوات التي حذرت من تبعات الانسحاب الاميركي من العراق.

واوضح "بعضهم قال ان انسحابنا سيجلب المزيد من العنف. كانوا على خطأ، لان العراقيين جاهزون لتولي زمام الامور"، مشيرا الى ان مستوى اعمال العنف تراجع عما كان عليه قبل اربع سنوات. وانسحبت اخر كتيبة مقاتلة اميركية من العراق الاسبوع الماضي.

المالكي تلقى دعما أمريكيا واقليميا

الى ذلك قال المستشار الإعلامي لزعيم المجلس الأعلى الإسلامي السيد عمار الحكيم، أن المالكي تلقى دعما إقليميا ودوليا لأن يبقى في منصبه لدورة ثانية، سواء عبر  المشروع الأميركي في إيجاد توافق بين ائتلاف العراقية ودولة القانون او عبر ما وصفه بالضغوطات الاقليمية.

واوضح باسم العوادي أن المالكي بكل تأكيد تلقى دعما دوليا لأن يبقى لدورة ثانية في منصبه وهذا واضح جدا، ولم يعد مخفيا على وسائل الإعلام، من خلال المشروع الأميركي وهو إيجاد توافق بين ائتلاف العراقية ودولة القانون، وقد طرح المالكي كرئيس للوزراء بالمقابل يتسلم علاوي منصب آخر.

وكانت النائبة عن ائتلاف العراقية عالية نصيف قالت بوقت سابق من اليوم ان هناك دعما إقليميا ودوليا لتولي المالكي رئيس الوزراء المالكي لولاية ثانية، مشيرة إلى مقترح أمريكي بهذا الشأن رفضته قائمتها يتمثل بان يتسلم اياد علاوي رئاسة المجلس السياسي للسياسات الإستراتيجية والمالكي رئاسة الوزراء.

وأضاف العوادي ان لدعم الإقليمي جاء من خلال رسائل خاصة أو عامة أو شفوية التي طالبت ببقائه لرئاسة ثانية، لكن الإرادة العراقية لا يمكن أن تتحقق من خلال الضغوطات، بالتالي فان الضغط علي أي كتلة لا يؤدي إلى أي نتيجة، والدليل انه لغاية الآن لم تشكل الحكومة.حسب اصوات العراق

وحول مفاوضات الائتلاف الوطني وائتلاف العراقية، قال العوادي إن  المفاوضات مع العراقية جيدة، ووصلت الى حد تبادل المقترحات حول لمن ستكون رئاسة الوزراء، ويحاول الطرفان أن يصلا إلى صيغة معينة ومن السابق لأوانه الإعلان عن الصيغة الآن.

فيما أيدت النائبة عن ائتلاف العراقية عالية نصيف، ان هناك دعما إقليميا ودوليا لتولي المالكي رئيس الوزراء المالكي لولاية ثانية، مشيرة إلى مقترح أمريكي بهذا الشأن رفضته قائمتها التي لازالت متمسكة باستحقاقها الانتخابي.

وقالت نصيف ان مقترحا قدم من قبل الولايات المتحدة على ان يتسلم اياد علاوي رئاسة المجلس السياسي للسياسات الإستراتيجية والمالكي رئاسة الوزراء لكن نحن رفضنا هذا المقترح ولا  زلنا نتمسك باستحقاقنا الانتخابي.

وأضافت في آخر الاتصالات التي حصلت بين العراقية والولايات المتحدة بينّا لجو بايدن نائب الرئيس الامريكي بأن هناك مماطلات تحدث من قبل ائتلاف دولة القانون باتجاه تشكيل تحالف يضم العراقية ودولة القانون.

وتابعت نصيف ان من اهم الاسباب التي عرقلت تشكيل الحكومة هو التحالف الوطني الذي وجد كمسمى  وحجر عثرة أمام العراقية في استحقاقها الانتخابي .

وبينت نحن فسحنا المجال امام التحالف الوطني لأكثر من ثلاثة أشهر من اجل ان يكون له رئيس والصيغة القانونية والدستورية في اختيار رئيس الوزراء من هذا التحالف، لكنهم فشلوا في تحديد مرشح واحد للتحالف وبالتالي كان كل منهما يفاوضنا باسم ائتلافه كوطني او القانون ولم تكن المباحثات باسم التحالف الوطني.

واضافت اذن السبب في التأخير كان التحالف الوطني وكذلك قرار المحكمة الاتحادية فضلا عن  التدخلات الاقليمية في العملية السياسية.

من جهة أخرى اعلن مصدر رسمي سوري ان الرئيس السوري بشار الاسد وكبير مستشاري المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية الايرانية علي خامنئي للشؤون الدولية علي اكبر ولايتي اكدا على ضرورة تشكيل حكومة عراقية باسرع وقت ممكن. بحسب فرانس برس.

وافادت وكالة الانباء الرسمية (سانا) ان الاسد وولايتي بحثا خلال لقاء في دمشق "ضرورة تشكيل حكومة عراقية تحظى بتأييد الشعب العراقي باسرع وقت ممكن بما ينعكس امنا واستقرارا على العراق والمنطقة".

ولا يزال العراق من دون حكومة منذ الانتخابات التشريعية في السابع من اذار/مارس الفائت.

العقبة الاكبر

من جانب آخر اظهر استطلاع للراي اجراه مركز الشرق للبحوث ان غالبية العراقيين يعتقدون ان ايران تشكل العقبة الاكبر امام تشكيل الحكومة العراقية.

واظهر الاستطلاع الذي شمل عينة من 12000 شخص في محافظات العراق كافة ان 41,2% من العراقيين يرون ان ايران وراء تاخر تشكيل الحكومة.

فيما يرى 31,5% ان الولايات المتحدة هي السبب. واعتبر نحو 11,5% ان دول الخليج العربي وراء ذلك، فيما رأى 8,9% ان السعودية هي السبب.

وشمل الاستطلاع الذي اجري من مطلع حزيران/يونيو الى نهايته، المناطق الحضرية والريفية، والذكور والاناث.

واعتبر 38,3 بالمئة من المستطلعين ان الصراع على السلطة وراء تاخير تشكيل الحكومة، فيما رأى 19 بالمئة ان تدخل دول الجوار السبب في ذلك، بينما اعتبر 17,5 بالمئة فشل العملية الديمقراطية هي السبب.

وحول افضل شخصية لرئاسة الوزراء، اختار 35,5% من المستطلعين ان نوري المالكي رئيس الوزراء المنتهية، فيما فضل 25,5% منافسه اياد علاوي، و15,8% عادل عبد المهدي نائب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته. بحسب فرانس برس.

وحصل نوري المالكي في الانتخابات التي جرت في السابع من مارس/اذار الماضي على اعلى نسبة اصوات مع اكثر من سبعمائة الف صوت في بغداد التي شارك فيها نحو مليوني شخص، فيما حصل علاوي على نحو اربعمائة الف صوت.

واعتبر نحو 43% ان نوري المالكي سيشغل المنصب، فيما راى 25,6% انه سيعود لعلاوي، فيما ابدى 10,6% اعتقادهم ان عادل عبد المهدي هو من سيتسلم رئاسة الوزراء.

واعتبرت غالبية المستطلعين، بنسبة 47,1%، ان الرئيس الحالي جلال طالباني هو الشخصية الافضل لتسلم رئاسة الجمهورية مرة ثانية.

وحول الشخصية المفضلة لرئاسة البرلمان اعتبر 20,2% ان طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية المنتهية ولايته هو الافضل، وحصل اياد السامرائي رئيس البرلمان السابق على 11,5% وتلاهما كل من عادل عبد المهدي وابراهيم الجعفري مع نحو سبعة بالمئة لكل منهما.

وعلى الرغم من مرور خمسة اشهر على الانتخابات الا ان مسالة تشكيل الحكومة لاتزال تراوح مكانها بسبب التنافس على منصب رئاسة الوزراء.

وحصلت القائمة العراقية بزعامة اياد علاوي على اكبر عدد في المقاعد (91 مقعدا) في الانتخابات التشريعية لكن زعيمها لم يتمكن من تشكيل الحكومة بسبب مواقف منافسيه.

فقد شكلت قائمة دولة القانون (89 مقعدا) بزعامة المالكي، تحالفا مع الائتلاف الوطني العراقي (70 مقعدا من اصل 325) اطلق عليه التحالف الوطني.

واعلنت القائمتان تحالفها رسميا في الرابع من ايار/مايو الماضي، بهدف قطع الطريق امام القائمة العراقية التي اصبحت في موقف صعب بعد هذا التحالف، كون القانون يعطي منصب رئاسة الحكومة الى الكتلة الاكبر في البرلمان.

ومركز الشرق للبحوث شريك لمؤسسة غالوب ومؤسسة الزغبي الدولية، كما هو عضو في الجمعية العالمية لباحثي الراي العام في جامعة نيوجرزي والجمعية العالمية لبحوث السوق في هولندا وشريكة منظمة الراي العام العالمي في واشنطن.

واجرت المؤسسة التي تعمل في العراق منذ خمس سنوات عددا من الاستطلاعات في عدد من المجالات السياسية والاقتصادية في البلاد.

اشتباكات بين الشرطة ومحتجين

من جانب آخر قال مسؤولون ان الشرطة العراقية استخدمت خراطيم مياه وهراوات لتفرقة محتجين في مدينة الناصرية بجنوب العراق بعدما اندلعت احتجاجات بسبب انقطاع التيار الكهربائي ونقص الخدمات.

وزادت الاضطرابات الناجمة عن تردي الخدمات العامة في حين تنهي القوات الامريكية عملياتها القتالية بعد سبع سنوات من الغزو من احباط العراقيين من القادة السياسيين الذين لم يشكلوا الى الان حكومة بعد خمسة اشهر من الانتخابات البرلمانية التي لم تسفر عن فائز واضح.

وقالت مصادر من الشرطة في الناصرية ان شرطة مكافحة الشغب فرقت نحو 250 متظاهرا مساء يوم السبت بعدما تجاهلوا حظرا للتجول فرضته السلطات المحلية على السكان لمنع خروج احتجاجات في الشوارع دون اذن.

ونظمت مظاهرات مماثلة في الناصرية في يونيو حزيران عندما حاول الف محتج اقتحام مبنى مجلس المحافظة واشتبكوا مع الشرطة وكذلك في البصرة المركز النفطي في الجنوب حيث قتل شخصان في اشتباكات مع الشرطة. بحسب رويترز.

واضاف مصدر بشرطة الناصرية "المتظاهرون بدأوا برمي قوات الشرطة بالحجارة وبعد ذلك تدخلت قوات الشغب لتفريق المتظاهرين" مشيرا الى أن المتظاهرين لم يحصلوا اذن بالتظاهر.

وقال مسؤولو مستشفى الحسين بالناصرية انهم استقبلوا ما يصل الى تسعة مصابين بينهم ستة من رجال الشرطة اصاباتهم طفيفة. وقالت الشرطة ان 37 محتجا اعتقلوا.

واقال رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي وزير الكهرباء في يونيو حزيران حين اندلعت الاحتجاجات للمرة الاولى.

وبينما تتراجع أعمال العنف الطائفية تتنامى الشكاوى من انقطاع التيار الكهربائي طول اليوم باستثناء بضع ساعات يوميا خاصة مع ارتفاع درجة الحرارة التي تصل الى 50 درجة مئوية خلال فصل الصيف.

ويتزامن تنامي الاحباط الشعبي مع فراغ سياسي خطير في اعقاب الانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس اذار والذي يسعى مسلحون لاستغلاله عبر مواصلة الهجمات قبل نهاية العمليات القتالية الامريكية في 31 اغسطس اب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 25/آب/2010 - 13/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م