عراقيات على هامش الحياة... شظف العيش والنظرة الدونية

تحقيق: ابتهال بليبل

 

شبكة النبأ: عندما تسأل سميرة جاسم ذات الخامسة والعشرين عاماً: ماذا تفعلين في هذه الصالة التابعة لإحدى منظمات المجتمع المدني؟ فستجيبك بصوت حزين: انتظر أن يحين دوري لتسلم الكرسي المتحرك.

سميرة شابة تعاني من عوق ولادي في أطرافها السفلى أقعدها عن السير والحركة. بينما أجبر الفقر والعوز والدتها على طرق ابواب هذه المنظمات للحصول على بعض ما يسد حاجتها من علاج ومستلزمات تساعدها على البقاء على قيد الحياة.

حال سميرة، كحال الكثيرات من الفتيات المعاقات جسدياً، اللواتي اصبن بالعوق من جراء مرض أو سوء علاج أو بسبب تعرضهن لحادث انفجار ارهابي وبتن يعانين من شظف العيش والأمية، ناهيك عن عدم اهتمام الجهات المعنية بهن.

قصص "معاقة"

ترى ميسون شقيقة المعاقة حنان قاسم "23" عاماً ومصابة بعوق جسيم اقعدها عن الحركة ايضاً أن أسعار المستلزمات الخاصة بالمعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة غالية جداً. وان عائلتها لا تسطيع توفير ما تحتاجه حنان من كرسي متحرك وبعض المستلزمات الطبية، فوالدها يعمل سائق سيارة أجرة وما يحصل عليه من مورد لا يكفينا. مناشدة الجهات المعنية بالنظر الى حال النساء المعاقات.

أم زهراء، أم لطفلة معاقة عمرها أربعة أعوام عبرت عن معاناتها في الحصول على علاج لطفلتها قالت: انا ووالد زهراء بدأنا نشعر بالعجز من توفير مبلغ "700 "الف دينار لكل ثلاثة أشهر لعلاج التشنجات الخطيرة التي تصيب زهراء. لافتة الى عدم وجود جهات تهتم بالمعاقين وتوفير العلاج المجاني لهم.

ولم تكن معاناة جميلة "18" عاماً تختلف عن الأخريات، بل ربما كانت أشد كونها لا تمتلك معيناً لها يساعدها على ممارسة حياتها اليومية. وهذا ما أكدته ام محمود أحدى قريباتها، حيث أوضحت أن جميلة تعرضت هي وأسرتها الى حادث انفجار ارهابي منذ ثلاثة أعوام، الأمر الذي ادى الى استشهادهم جميعاً باستثناء جميلة التي ظلت على قيد الحياة ولكنها للأسف بدون حركة حيث فقدت اطرافها السفلى في الحادث. ولا أدري من سيهتم بها واين ستسكن ؟! فانا سيدة طاعنة في السن وحالتي الصحية لا تساعدني على الاهتمام بجميلة، وبالرغم من انها تسكن معي حاليا، الا انني أخشى المجهول. وأخاف ان أفارق الحياة في أية لحظة.

فاطمة، معاقة وعمرها "37 سنة "أعربت عن معاناتها وهي ترى اسرتها تعيش في دوامة توفير علاجها الاسبوعي.

وتعاني منال احمد من عدم استطاعتها التواصل في دراستها بسبب خجلها من الاختلاط بالاخرين. لافتة الى انها تشعر دائماً بأنها مختلفة عنهم بسبب عوقها!

ومن جهتها ترى اقبال أن حياة المعاقات في العراق اشبه بالعدم ولا توجد مراكز ترفيهية خاصة بالفتيات اضافة الى انها تعاني من نظرة المجتمع لها. متسائلة عن ما قدمته الجهات المعنية من خدمات للمعاقين. ففي جميع دول العالم نجد خصوصية في التعامل مع المعاق من حيث توفير وسائط نقل خاصة ناهيك عن سلالم صعود خاصة بالمعاقين في المؤسسات الرسمية وغيرها. فيما تفتقد دوائرنا وشوارعنا لذلك. مناشدة الجهات المعنية بالاهتمام بحالهم ومعاناتهم.

وحرصت المعاقة فاطمة "33" عاماً على القول: ان المعاقات في بلادنا لا يحصلن على المعونة المادية من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي قد خصصت سابقاً راتباً مقداره "50" الف دينار شهرياً. مشيرة الى ان هذا الراتب قد تم حجبه عن النساء المعاقات منذ اكثر من سبعة اشهر بينما المعاقون من الرجال يتسلمون راتباً كل ثلاث اشهر وقدره "150" الف دينار.

مناشدة الجهة المعنية باستئناف صرف راتب المعاقات لانهن جزء من هذا الشعب ومعاناتهن لا تختلف عن الرجال بل ربما تكون اكبر.

الرعاية الطبية بلا كوادر!

مدير قسم التأهيل والوقاية من العوق في وزارة الصحة قال: تقدم الرعاية الطبية التأهيلية للمعاقين في محافظات البلد كافة خدماتها من خلال مراكز تأهيل المعاقين ومصانع ورش الاطراف الصناعية ومستشفيات تأهيل المعاقين.

مشيراً الى ان مسببات العوق كثيرة ولكننا نقوم بالتركيز على سبعة منها وهي: الجهد الاولي في العوق الجسدي، الذي يشمل التشوهات الولادية والعوق الناتج عن الاصابات الخارجية من حوادث وامراض. لافتاً الى ان القسم يقدم خدماته بغض النظر عن سني عمر المعاق سواء اكان طفلا ام شاباً ام كبير السن، ذكراً أم انثى. مؤكداً الخدمة متاحة للطرفين بصورة متساوية ومتوازية.

أما عن المشكلة التي يعاني القسم حاليا منها فهي بنظر المدير تكمن بتوفير كادر متخصص يقدم الخدمات التأهيلية للنساء المعاقات، والتركيز عليهن من خلال توفير كادر نسوي طبي متخصص. مشيراً الى مجتمعنا وتقاليدنا وثقافتنا ترفض تواجد كادر رجالي في معالجة النساء. لذا تحتم علينا توفير معالجات طبية وكذلك مسؤولات عن صناعة الاطراف "تقنيات اطراف صناعية"، بالاضافة الى توفير كادر نسوي تمريضي لتقديم الخدمة الفعالة. مشيراً الى أن تجهيز المعدات الطبية قد لاقى لفترة ما بعض التلكؤ.

مؤكداً الان قد تجاوزنا ذلك من خلال الايعاز لمؤسساتنا واقسامنا بشراء المعونات الطبية من الاسواق المحلية في حالة نفاذها كالكراسي والعكازات وتوفيرها للمعاقين.

المركز التأهيلي للمعنفات

فيما كشفت الدكتورة سناء طارق سلمان- مسؤولة الوقاية من العوق في دائرة العمليات الطبية والخدمات المتخصصة عن مشروع التأهيل النفسي للمعنفات جسدياً في العراق باعتبار أن الوقاية من العنف هو احد اهم اسباب العوق. مشيرة الى انها قدمت دراسة شاملة عن النساء.

ووجدت ان نسبة العنف بسبب العوق الجسدي تقارب "25 % ". لافتة الى ان المعاقات جسدياً هن في أمس الحاجة الى التأهيل النفسي لغرض مساعدتهن ودمجهن مع المجتمع وتحويلهن الى عناصر منتجة.

ولعل ما دفع الناشطة حمدية جبر الى مطالبة الجهات المعنية بتطبيق المادة "32" من الدستور في رعاية المعاقين والاهتمام بهم لضمان حقوقهم هي مناشدات اهالي المعاقين في توفير احتاجات ابنائهم المعاقين واطلاق رواتب النساء المعاقات. لافتة الى اهمية زيادة الراتب الشهري المخصص لهن الذي لا يتناسب مع تلك الاحتياجات.

وأضافت: على الدولة ان توفر مراكز ترفيهية وخدمية وفرص عمل للمعاقين ودمجهم مع المجتمع ليشعروا بانه لا فرق بينهم وبين اقرانهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/آب/2010 - 11/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م