عصابات السياسة في العراق

محمد الوادي

لايحتاج الوضع في العراق الى مراقب فذ ومتحفص فريد وعقل نادر لتأشير جوهر الخلل الكبير الذي يعاني منه البلد مما جعله مثل ملاكم قوي يترنح وهو مستمر في تلقي الصفعات بشكل مستمر دون انقطاع. هذا هو حال البلد مع العاملين في السياسة في عراق اليوم، لانهم وببساطة ينظرون الى العراق كغنيمة تم الاستحواذ عليها ويجب سرقة اكبر رقم ممكن قبل ان يحين وقت الهروب او زوال بعض المجموعات التي يطلق عليها ظلما " بالسياسيين "، لانهم في حقيقة الامر الاقرب الى وصف الحرامية والانتهازية، الذين فقدوا حتى أدنى درجات الخجل او حتى مخافة الله تلك التي اغتصبوها بالشعارات الفارغة وبالادعاءات الخائبة.

 لايوجد في العالم سياسي يعمل في الواجهات الامامية يرتجف ويصاب بالشحوب لمجرد أبدى رأي يطالبه بالتنحي عن الكرسي !! ومن الجانب الاخر لايوجد سياسي في كل الكرة الارضية يتحول فجأة الى التكلم بمنطق " عصابات الشوارع " لمجرد مطالبته لنفسه بالمنصب او بنفس الكرسي الذي يحتله غيره !!

اما المواطن ومستلزمات عيشه ومفردات حياته الانسانية والخدمات الغائبة فتلك الأبعد عن ضمائر هولاء عمال السياسة الذي أبتلى بهم العراق شر ابتلاء.

تعريف أزلام العصابات وبشكل مبسط.. هي مجموعات تتفق على اهداف معينة تعمل على الوصول اليها باي طريقة ممكنة دون أدنى رادع من ضمير او ضوابط إنسانية، لذلك هذه العصابات تعتبر كل ماتصل اليه غنيمة مكتسبة يتم تقاسمها بشكل هرمي ونسبي " حسب الحزبية والعشائرية والعائلية وايضا قوة العضلات المسلحة " و بغض النظر عن احتياجات الاخرين من الغالبية الساحقة التي تمثل المجتمع، بل أن هذا الشعور الذي لاينتمي الى الجنس البشري يصل الى ذروته حينما يتم التلذذ من هولاء الازلام باوجاع عامة الناس فينامون وكروشهم منفوخة بالسحت الحرام الذي يطلق عليه " الامتيازات القانونية لاعضاء البرلمان والحكومة وغيرهم " في وقت ينام سبعة ملايين عراقي وهم تحت خط الفقر " كما جاء بتقرير مشترك بين الامم المتحدة ووزارة حقوق الانسان العراقية ".

 وهم ايضا لا يعرفون معاناة العراقيين ولا يعيشون ولو جزء بسيط منها لذلك مثلا رواتب اعضاء البرلمان العراقي القديم والجديد وامتيازاتهم تصرف بشكل منتظم رغم ان هذا الخيبة العراقية الذي يسمى برلمان لم يعقد حتى يومنا هذا جلسة رسمية دستورية قانونية واحدة !! ونفس الشيء ينطبق على الحكومة التي أصبحت مفردة دستورية مثل " حكومة تصريف اعمال " عاجزة ولاتفي بالغرض امام ما يحدث في عراق اليوم.

لابد من الاعتراف اننا نحن العراقيون وليس غيرنا من يتحمل جزء كبير من هذه الكوارث، فنحن بحاجة الى وعي مجرد من العواطف ومجرد من لعبة الطائفية السياسية وايضا مجرد من بساطة التفكير وضعف التأشير.

لذلك هذا الوعي اذا امتلكنا سماته الجوهرية سيكون التغير القانوني والدستوري من خلال اصواتنا التي منحناها في غفلة من الزمن لهذه العصابة او تلك. لكن الواقع يفرض علينا اليوم النظر الى الحاضر والمستقبل والعمل على التغير الدستوري من خلال صندوق الانتخابات وبصمت الحكماء بعيدا عن الاهازيج الفارغة والتصفيق الممل وبعيدا عن طرق تفكيرنا الطائفية العشائرية والعائلية والحزبية. فبقصد او دونه ساهم الناخبين في العراق بصنع هذه العصابات السياسية وبقصد أكيد ومن نفس الناخبين يجب ان يتم التغير الدستوري باقرب فرصة ممكنة.

md-alwadi @hotmail.com

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 19/آب/2010 - 8/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م