حركة طالبان... برابرة القرن الحادي والعشرين

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: حفل تاريخ حركة الطالبان الإرهابية بالعديد من الجرائم والمجازر التي يندى لها جبين الإنسانية جمعاء، حيث تتصف تلك الحركة التي تتخذ من الإسلام غطاء لتمرير أجندتها المتشددة بالوحشية والهمجية العمياء لبسط نفوذها على أي منطقة تسقط تحت براثنها، وقد روعة العديد من المدن والمجتمعات الأفغانية والباكستانية على حد سواء بالفظائع التي أقدمت على ارتكابها حركة طالبان منذ بداية تشكيلها المشبوهة.

مجدوعة الأنف

فقد وصلت الفتاة الأفغانية مجدوعة الأنف التي ظهرت صورتها على غلاف مجلة تايم الأمريكية أخيراً إلى كاليفورنيا بعد أن تبرعت مؤسسة خيرية بتكاليف إجراء جراحة تجميلية لها لتعديل وجهها المشوه.

وأثارت صورة عائشة (18 عاماً) بعد نشرها جدلاً واسعاً بسبب توقيتها عقب تسريب موقع "ويكيليكس" الشهر الماضي نحو 93 ألف وثيقة سرية تكشف بعضاً من الأسرار في حرب أفغانستان منها تفاصيل عن مقتل مدنيين من قبل القوات الأمريكية، وتلقى حركة طالبان دعماً من قبل بعض ضباط الاستخبارات الباكستانية.

ووفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي)، قالت مؤسسة جروسمان بيرن، ومقرها لوس أنجليس، إن عائشة وصلت إلى كاليفورنيا حيث ستكون بضيافة أسرة أمريكية طوال فترة وجودها في الولايات المتحدة.

وتقول عائشة إن أنفها جدع عقوبة لها على هربها من زوجها الذي كان يضربها، ويهينها، ويعاملها معاملة قاسية.

وقال جراح التجميل الدكتور بيتر جروسمان إنه سيجتمع مع عائشة لاحقاً للبحث معها في كيفية إجراء الجراحة التجميلية.

وأضاف الطبيب أنه يتوقع أن يقوم بزرع قطع من أجزاء أخرى من جسمها مكان القطعة المجدوعة من الأنف.

ووفقاً لبي.بي.سي، أعرب ناشطون في قضايا حقوق المرأة عن سعادتهم بوصول عائشة إلى كاليفورنيا لتلقي العلاج.

ويقول هؤلاء إن هناك الآلاف من الأفغانيات يتعرض للعنف المنزلي وسوء المعاملة من قبل أزواجهن أو أقاربهن.

وذكرت المجلة الأمريكية في تبرير نشر الصورة الصادمة على غلاف أول عدد أسبوعي منها لشهر أغسطس/آب الجاري، إن عائشة تود نشر صورتها ليعرف العالم من هي طالبان، وماذا تعني عودتها لحكم أفغانستان.

ولكن الانتقادات التي وجهت للمجلة تضمنت اتهامات باستخدام الغلاف كوسيلة بروباغندا (دعاية سياسية) لتأييد الحرب في أفغانستان رغم انفضاح تعثرها والفساد الذي ولده الاحتلال في تلك البلاد البائسة.

ويرى كثيرون أن الغلاف يستجدي تأييد الحرب ودعم التواجد الأمريكي دون تحديد مدته لعلاج انتهاكات حقوق الإنسان فيها. وحملت بعض التحليلات عناوين مثل، "صورة بتسعون ألف ملف سري" الذي يلمح إلى أن الصورة هي حملة إعلامية للرد على تسريب تسعين ألف ملف سري لمجريات الحرب في أفغانستان، والتي جرى تسريبها مؤخراً.

فسرعان ما تحولت الصورة إلى رمز لرهانات الحرب التي تدور رحاها منذ ما يقرب من العقد. وقد تم التلويح بالصورة أمام رئيسة مجلس النواب، نانسي بيلوسي، على التلفزيون وأثارت تعليقات على الإنترنت وتسببت في انطلاق نقاشات حول الكثير من القضايا بدءا من محاربة الإجهاض إلى العنف ضد المرأة.

وقال كوري ألبركت، خبير تكنولوجيا الاتصال في كتشنر بكندا، الذي علق على الصورة في حسابه على «تويتر»: «مثيرة للفزع على الكثير من الأصعدة». وقال في رسالة بريد إلكتروني: «ضرورية بكل تأكيد، لسوء الحظ».

إذا ما أثبتت الاستجابة أنه لا يزال هناك إمكانية لأن تقوم صور باستثارة ثقافة مشبعة بصريا، فستظهر أيضا المقدار الذي يمكن من خلاله للمشاهدين قبول الصور الفوتوغرافية. وقد هيأت «تايم» نفسها لصرخات استهجان - حتى إنها استشارت أساتذة في علم النفس حول كيفية تأثير الصورة على الأطفال - لكن جانبا بسيطا من النقاشات تركز على طبيعة الصورة الفوتوغرافية.

تعود قصة الصورة إلى أن عائشة تعرضت بموجب أمر من قائد طالباني، إلى قطع أنفها وأذنها العام الماضي كعقاب لها على الفرار من منزل زوجها، بحسب رواية «تايم» والروايات الأخرى للقصة. لكنها قالت إنها فرت من بطش وانتهاكات عائلة زوجها.

ترقد عائشة الآن في أحد الملاجئ الخاصة بالنساء، وقد تقرر إجراء عمليه تجميلية لها في الولايات المتحدة بمساعدة مجلة «تايم» ومنظمات إنسانية وآخرين.

وقالت المجلة إن عائشة وافقت على الظهور على غلاف مجلة «تايم»، لأنها كانت ترغب في أن يرى القراء العواقب المتوقعة لتمرد طالبان. وقد عبرت الكثير من النساء الأفغانيات عن مخاوفهن من أن تكون تكلفة المصالحة الحكومية المتوقعة مع المتمردين حريتهن التي حصلن عليها في أعقاب الغزو الأميركي لأفغانستان في عام 2001 وإسقاط حكومة طالبان.

ومنذ أن طرحت المجلة في أكشاك بيع الصحف، تمت مناقشة الصورة في الكثير من البرامج الإخبارية، شملت برنامج «هذا الأسبوع» على محطة «إيه بي سي» عندما رفعت المذيعة كريستيان أمانبور الصورة وسألت نانسي بيلوسي عن الالتزام الأميركي تجاه المرأة الأفغانية في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة الأميركية بتقييم التدخل المستقبلي في هذه البلاد. أشاحت بيلوسي بوجهها بعيدا قبل أن ترد بأن الأهداف التعليمية والأهداف الأخرى للمرأة الأفغانية تعتمد على توفير الأمن والقضاء على الفساد.

استقطبت الصورة أكثر من 500 تعليق على موقع مجلة «تايم» على الإنترنت، إضافة إلى عدد لا يحصى على المواقع الاجتماعية والمواقع الأخرى التي تدور ما بين مواقع سياسية ضخمة مثل «هافنغتون بوست» و«باغ نيوز»، وهو منتدى لهواة التصوير. وعلى الرغم من أنه لا يزال من المبكر معرفة ما إذا كانت الصورة قد رفعت من مبيعات المجلة، فإنها ضاعفت من حجم الرسائل الإلكترونية التي تصل إلى المحرر، بحسب تصريح المجلة.

وقال ريتشارد ستينغل، مدير التحرير في المجلة: «أثارت الصورة قدرا هائلا من النقاش، وهذا ما كنا ننشده تحديدا. فقد أثارت كلا من اهتمام المواطن العادي واستيائه، لكنها أجبرتهم على النظر إليها والتعليق عليها».

وقد عقد بعض المراقبين مقارنات مع بعض أكثر الصور تأثيرا التي كان من بينها القبض على لاجئة خضراء العينين ظهرت على غلاف مجلة «ناشيونال جيوغرافيك»، عام 1985 وأصبحت في ما بعد رمزا لمعاناة أفغانستان تحت الاحتلال السوفياتي.

لكن إذا كانت عائشة «فتاة أفغانستان» الجديدة، فإن البعض يشعر بأنها استغلت لأغراض سياسية.

وكتبت الصحافية إيرين كارمون، على مدونة «جيزيبيل» التي تناصر قضايا المرأة: «القضية ليست الصورة، إنه العنوان... وهناك ارتباط بين ما يمكن وما ينبغي أن يقوم به الجيش الأميركي الموجود هناك».

وقد أبدى بعض المعلقين، الذين كتب بعضهم من منظور إسلامي، قلقا من الصورة ذاتها أو وضعها على غلاف مجلة توزع 3.25 مليون نسخة وموقع يجتذب 9 ملايين زائر أميركي الشهر الماضي.

كتب دانيل مارتن، أستاذ الأنثروبولوجي في جامعة هوفسترا، على موقع «Tabsir» الإسلامي أن الصورة «مثال مؤسف للأخبار التي تقلل من المكاسب التي حققتها المرأة الأفغانية».

وكانت كيفية وتوقيت استخدام الصورة لتحقيق توازن بين اعتقاد أنك تخبر الحقيقة الصعبة مع الاعتبار لحساسية المواضيع والقراء، مثار نقاش بين الصحافيين.

ويقول كنيث إيربي، خبير الصحافة البصرية في معهد بوينتر: «انفتحت وسائل الإعلام الأميركية بصورة أكبر على نشر مثل هذه الصور نتيجة مواجهتها منافسة شرسة من المواقع لاستقطاب جمهور اعتاد صور العنف بدلا من صور الترفيه».

وقال ستينغل إنه فكر كثيرا في شأن استخدام صورة عائشة، التي صاحبتها ملحوظة من المحرر حول السبب وراء نشرها والاعتذار لبعض القراء ممن قد تثير الصورة استياءهم.

دعايه يائسة

من جانبها نفت حركة طالبان مسؤوليتها عن قطع انف شابة افغانية احتلت صورتها مؤخرا غلاف العدد الاخيرة لمجلة تايم الاميركية، معتبرة نشر هذه الصورة ضربا من "الدعاية اليائسة"، كما ذكر الاثنين موقع سايت لمراقبة المواقع الاسلامية المتطرفة.

وبحسب سايت فقد نشرت حركة طالبان بيانا على موقعها الالكتروني اكدت فيه ان مجلة تايم تكذب باتهامها اياها بقطع انف واذني عائشة (18 عاما) عقابا لها على فرارها من منزلها الزوجي في منطقة اوروزغان في افغانستان العام الماضي. بحسب فرانس برس.

واضاف البيان الصادر بحسب سايت عن متحدث باسم الحركة ان "هذا العمل الدعائي اليائس الذي قامت به مجلة تايم اظهر للعالم اجمع التجاوزات التي تكون وسائل الاعلام على استعداد للقيام بها ارضاء للولايات المتحدة، حتى وان كان الثمن نزاهتها الصحافية".

وتابع المتحدث ان حركة طالبان تدين ما تعرضت له عائشة، مؤكدا ان "قطع انف واذني انسان، سواء كان حيا ام ميتا، هو غير شرعي وحرام".

اعدام ارملة

في سياق متصل اعلنت الشرطة المحلية ان عناصر طالبان قاموا بجلد ارملة افغانية حامل قبل اعدامها في ساحة عامة بثلاث رصاصات في الرأس، لاتهامها بالزنى. لكن قيادة طالبان نفت ذلك.

وقال نائب قائد شرطة ولاية بدغيس، غرب افغانستان، محمد سيدي ان بيبي سانوبار (35 عاما) احتجزت ثلاثة ايام من قبل طالبان وجلدت مئتي مرة ثم اعدمت علنا في احد معاقل الحركة التي اتهمتها بالزنى.

وقال سيدي انها "اعدمت بثلاث رصاصات في الرأس رغم انها كانت حاملا". دون ان يحدد متى ترملت هذه المراة. بحسب فرانس برس.

وقتل المرأة محمد يوسف احد القادة المحليين لطالبان. وقد القيت جثتها بعد ذلك في قطاع تسيطر عليه قوات الامن الافغانية.

ونفى الناطق باسم الحركة يوسف احمدي اي تورط لطالبان في هذا الامر وندد بـ"دعاية وسائل الاعلام الغربية". واضاف "لم نفعل شيئا كهذا في بدغيس او اي ولاية اخرى".

وحركة التمرد هذه ليست متجانسة ويمكن ان تقوم مجموعات صغيرة فيها بتحركات مستقلة عنها. وكانت حركة طالبان لجأت الى عقوبات مماثلة خلال حكمها لافغانستان من 1996 الى 2001.

كما ان قصة الأفغانية بيبي سانوبار نطالعها في سياق تحقيق تنشره صحيفة التايمز لمراسلها في كابول، جيروم ستاركي، ويكشف فيه تفاصيل تنفيذ الحكم بحق المرأة في منطقة نائية بإقليم بادغيس الذي يخضع لسيطرة المسلحين.

وينقل المراسل عن الملاَّ داؤود، وهو أحد كبار قادة حركة طالبان وعضو اللجنة التي أصدرت الحكم على سانوبار، قوله: كان هنالك ثلاثة ملالي شاركوا بإصدار الحكم، وقد كنت واحدا منهم .

ويضيف الملاَّ داؤود تعليقا على الحكم أيضا: لقد أصدرنا هذا القرار، ولذلك لا يجب أن يدخل أي شخص بهكذا علاقة في المستقبل. لقد قمنا بجلدها أمام أعين الناس المحليين أجمعين لكي نجعل منها عبرة لم يعتبر. بعد ذلك، أطلقنا عليها النار .

تصفية الأطباء الأجانب

فيما أعلنت الشرطة الأفغانية ايضا مقتل عشرة أشخاص، هم أفغانيان وستة أمريكيين وألماني وبريطاني، على يد مليشيات أفغانية مسلحة، في حادث تبن حركة طالبان المتشددة مسؤوليته.

وقال آغا نور كينتوز، قائد قوة شرطة ولاية "باداكشان" إن المسلحين أوقفوا الضحايا وسلبوهم ممتلكاتهم قبل أن يقوموا بتصفيتهم واحداً تلو الآخر.

ويعتقد أن الضحايا من الأطباء الأجانب، وهم ستة ألمان وأمريكيان اثنان بالإضافة إلى اثنين من الأفغان فيما نجا ثالث.

وقالت السفارة الأمريكية في كابول، إن لديها من الأسباب التي  تدعوها للاعتقاد بأن العديد من الأمريكيين من بين القتلى، ونوهت: "لا يمكننا في الوقت الراهن تأكيد أي تفاصيل، ونعمل مع السلطات المحلية والآخرين لمعرفة المزيد بشأن هويات وجنسيات هؤلاء الأفراد."

وبدورها رجحت "مهمة المساعدة الدولية" في بيان صادر عنها، أن الضحايا ربما فريق من أطباء عيون تابع لها، وأوردت:  "الفريق كان في نورستان بدعوة .. وبعد إكمال مهامهم الطبية، كانوا في طريق العودة إلى كابول.. في هذه النقطة ليس لدينا الكثير من التفاصيل."

ونفت المنظمة، وهي منظمة إنسانية تضم عدد من المنظمات المسيحية، مزاعم طالبان بأن الطاقم الطبي التابع لها كان يحمل نسخاً من الإنجيل.

ويتواصل العنف الدموي في أفغانستان التي شهدت الشهر الماضي سقوط 66 قتيلاً بين صفوف القوات الأمريكية، ليصبح يوليو/تموز من أكثر الشهور دموية على القوات الدولية المنتشرة في أفغانستان منذ الغزو الأمريكي الذي أطاح بنظام طالبان في أواخر عام 2001.

وبلغت خسائر القوات الدولية بشكل عام، خلال نفس الشهر، إلى 88 قتيلاً.

وكان شهر يونيو/ حزيران الماضي الأكثر دموية بالنسبة للقوات الأمريكية، إذ انتهى بخسارة الجيش الأمريكي 60 جندياً، وفق الإحصاء الذي تعده CNN، إلا أن يوليو/تموز تجاوزه بحصيلة بلغت 66 قتيلاً.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/آب/2010 - 7/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م