العراق وامريكا... استراتيجية الانسحاب والخوف من عودة القاعدة

 

شبكة النبأ: يدرس كبار الساسة في العراق تشكيل حكومة جديدة ولإيجاد منصب اتحادي جديد يمكن أن يكسر جمود أزمة تحديد رئيس الوزراء بعد مرور ستة أشهر على الانتخابات.

ويأمل السياسون بأن يحقق هذا المنصب التنفيذي التوازن في القوى بين أكبر كتلتين فشلتا في تحقيق الأغلبية بمجلس النواب لتشكيل الحكومة، كتلة ائتلاف القانون برئاسة نوري المالكي، وكتلة العراقية بقيادة إياد علاوي.

وأكد هؤلاء الساسة أن الفكرة قد تم تداولها خلال مفاوضات على مدى أشهر مضت، ولكنها بقيت أمام طريق مسدود حتى تقدم الأميركيون باقتراح قوي خلال زيارة جوزيف بايدن نائب الرئيس الأميركي لبغداد.

أمريكا متفائلة

من جهة أخرى قدم مسؤولون أمريكيون تقييما متفائلا للوضع في العراق رغم اخفاق السياسيين العراقيين في تشكيل حكومة بعد مرور خمسة أشهر على الانتخابات ورغم زيادة حادة في عدد القتلى من المدنيين في شهر يوليو تموز.

وقال بن رودس نائب مستشار الامن القومي للرئيس باراك اوباما للصحفيين في البيت الابيض "العراق في مسار ايجابي. حسب رويترز

وكان رودس يتحدث في يوم قتل فيه مسلحون ثمانية جنود عراقيين في محافظة ديالى الشمالية وشرطيين في بغداد في احدث هجمات على قوات الامن العراقية مع استعداد القوات الامريكية لانهاء مهامها القتالية في 31 أغسطس اب.

وأطلع الجنرال ريموند أوديرنو أعلى قائد عسكري امريكي في العراق أوباما ومجلسه للامن القومي على الوضع وقال للرئيس ان شهر يوليو تموز كان ثالث أقل الشهور عنفا في العراق منذ يناير كانون الثاني عام 2004 .

وتقر واشنطن بأن العنف مستمر لكنها تؤكد تراجعه بشدة منذ بلغ ذروته في عامي 2006 و2007 حينما قتل الاف العراقيين في صراع طائفي بين الشيعة والسنة.

ويتوقع مسؤولون أمريكيون تصاعدا في العنف مع محاولة مقاتلي القاعدة استغلال عدم اتفاق الفصائل السياسية على حكومة جديدة بعد الانتخابات البرلمانية في مارس اذار.

وقال توني بلينكن عضو مجلس الامن القومي إن تنظيم القاعدة يحاول العودة الى اللعبة بعد مقتل او اعتقال 34 من بين أكبر 42 قائدا بالتنظيم في الاشهر الاربعة الاخيرة.

وأضاف قوله لقد نكسوا نكسة شديدة لكنهم لم يخرجوا بعد من الصورة.

وتقول الوزارات العراقية إن عدد المدنيين الذين قتلوا في تفجيرات وحوادث اطلاق رصاص وهجمات أخرى تضاعف تقريبا في يوليو تموز الى 396 من 204 في يونيو حزيران. وقتل ايضا 50 جنديا و89 شرطيا.

ويؤكد مسؤولون أمريكيون ما تراه واشنطن من تزايد قدرات قوات الامن العراقية التي ستتولى المسؤولية في 31 أغسطس اب عندما يتحول دور القوة الامريكية التي سيبلغ قوامها نحو 50 ألفا في ذلك الوقت الى دور استشاري ومساعد فقط.

ووعد أوباما بسحب كل القوات الامريكية من العراق بحلول نهاية عام 2011 بموجب اتفاق أمني وقعته الولايات المتحدة والعراق وقال رودس ان "كل الانظمة" في الحكومة الامريكية تعمل نحو الالتزام بهذا الموعد.

لكن مسؤولين أمريكيين قالوا ان بعض العسكريين سيبقون للمساعدة على تدريب القوات العراقية على استخدام المعدات العسكرية التي يشتريها العراق من الولايات المتحدة.

وقال بلينكن ان أولئك العسكريين الذين قد يكون عددهم بالعشرات "وربما مئات" سيعملون تحت اشراف السفير الامريكي وسيكون مقرهم السفارة الامريكية.

وقال جيم جونز مستشار الامن القومي لاوباما ان الجيش الامريكي درب جيوشا أجنبية في أنحاء العالم وقدم لها المشورة.

استراتيجية في خطر

صحيفة الجارديان من جهتها أهمتمت بالشأن العراقي، وخرجت بعنوان يقول: استراتيجية اوباما للخروج من العراق باتت في خطر، مجددا.

وتتحدث الصحيفة عن مغادرة السفير الامريكي الى العراق كريستوفر هيل، وهي مغادرة تقارنها مع مغادرة الحاكم الامريكي للعراق بعد سقوط بغداد بول بريمر، حيث ترى وجود عناصر مقارنة بين ظروف مغادرة الاثنين هذا البلد.

فبريمر غادر، كما ترى الجارديان، زاعما انه ساعد العراق على الحصول على استقلاله، ووضع الاسس لدولة فعالة قابلة للحياة.

وتقول الصحيفة ان هيل وصل الى العراق قبل 16 شهرا بمهمة محددة وهي تحويل دفة الامور من بلد يعاني من فوضى طائفية مزقته تمزيقا، حيث بدا مشروع بوش لعراق ديمقراطي وكأنه جنين ولد ميتا، ولم تعد فكرة كون العراق في مركز شرق اوسط جديد جذابة او حتى قابلة للتحقيق.

وكان من صلب مهمة هيل، كما تقول الصحيفة، اعادة الاعتبار للمكانة المهزوزة للولايات المتحدة في الشرق الاوسط والعالم عموما.

هيل زعم، كما هو حال بريمر، انه حق نجاحات وانجز شيئا، كما تقول الجارديان، لكن، ونحن في منتصف عام 2010 صار من الصعب ايجاد اي دليل يدعم هذا التفاؤل الذي عبر عنه السفير الامريكي السابق في العراق، فالبلد الآن اسوأ مما كان عليه قبل ان يضطلع بمهمته في بغداد.

وتقول الصحيفة ان المسؤولين الامريكيين ظلوا يضغطون بقوة خلال الاسابيع الماضية من اجل جمع الخصمين الرئيسيين، نوري المالكي واياد علاوي، في شراكة ائتلافية لكسر الجمود في العملية السياسية في العراق.

وتشير الصحيفة الى ان التسوية الامريكية، في حال وافقت عليها الاطراف في العراق، تتضمن الابقاء على المالكي رئيسا للوزراء لكن بصلاحيات اقل من السابق، مقابل استحداث منصب رئيس مجلس الامن الوطني لصالح علاوي، وهو منصب يعطيه صلاحيات تنفيذية واسعة على قوات الامن العراقية.

وترى الصحيفة ان جميع الاطراف سترضى بهذه التسوية، فمن جانب علاوي، المدعوم من سنة العراق، سيكون بصلاحيات كبيرة تجعل منه شخصية قوية في الحكومة حامية لمصالحهم، وستجد عودته للسلطة قبولا سعوديا ومصريا، مقابل تنازل من الداعم الايراني لشيعة العراق مشروط بالابقاء على المالكي رئيسا للوزراء.

ويحدث كل هذا، كما ترى الصحيفة، فيما يصر السفير هيل وعدد من الجنرالات الامريكيين على ان مهمتهم في هذا البلد قد انجزت، بعد سبعة اعوام من الاحتلال، لكن هناك الكثير من العراقيين غير مقتنعين بان المهمة قد انجزت بالفعل.

الا ان الحقيقة، تقول الصحيفة، هي ان مغادرة القوات الامريكية المقاتلة في نهاية اغسطس/آب، في واقعه رمزي، وهي ليست سوى قطعا لصلة اوباما بالميراث الذي خلفته له الادارة السابقة.

وتقول الصحيفة ان ما سيبقى في العراق ستة ألوية امريكية في 94 قاعدة في العراق، وفيما اذا تردد قادة هذه الألوية في ارسال جنودهم لميادين المعارك في العراق ويكتفون بمشاهدة بغداد وهي تحترق، فان موقف وسمعة امريكا ستتعرض الى ضرر يصعب اصلاحه، وهو ما يجعل الحرب في العراق مشكلة لاوباما وليست ميراثا غير مرغوب من سلفه جورج بوش.

واشنطن لن تبقي في العراق

من جهتها اكدت الولايات المتحدة ان وجودها العسكري في العراق بعد انسحاب كامل القوات الاميركية المقرر نهاية 2011 لن يزيد عن بضع مئات من الجنود، وذلك رغم المخاوف التي اعرب عنها الجيش العراقي لجهة عدم جهوزيته لتسلم كامل المهام الامنية قبل 2020.

وفي الوقت الذي اعلن فيه رئيس اركان الجيش العراقي ان انسحاب كامل القوات الاميركية من العراق نهاية 2011 سيكون سابقا لاوانه، اكد مستشار نائب الرئيس الاميركي جو بايدن لشؤون الامن القومي انتوني بلينكن ان هذا الانسحاب حاصل لا محالة.حسب فرانس برس

وقال بلينكن سنفعل في العراق ما نفعله في العديد من بلدان العالم التي نقيم معها علاقات في المجال الامني تشمل بيع تجهيزات (عسكرية) اميركية او تدريب قواتها.

واوضح انه داخل سفارتها في بغداد وتحت اشراف رئيس البعثة الدبلوماسية ستستحدث الولايات المتحدة مكتبا للتعاون الامني سيكون صلة الوصل بين الجيش الاميركي والقوات العراقية.

واضاف مستشار بايدن، الذي يتولى الملف العراقي في البيت الابيض، "في العادة هذا الامر يتطلب عددا قليلا من العسكريين، مضيفا ولكن عندما اقول قليلا لا اعني الاف الجنود، بل العشرات او ربما بضع مئات، هذا بالضبط ما يجب ان يحصل.

وتأتي هذه التصريحات قبل ثلاثة اسابيع من الموعد المحدد لانهاء مهمة القوات القتالية الاميركية في العراق. وقبيل ساعات من تصريح بلينكن اكد البيت الابيض ان الجيش الاميركي يتقدم وفق "المهل المحددة لانهاء مهمته القتالية نهاية آب/اغسطس.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض روبرت غيبس "اننا نعمل ضمن المهل لانهاء مهمتنا القتالية" في العراق.

وجمع اوباما فريقه للامن القومي من مدنيين وعسكريين لمناقشة الوضع في العراق، في وقت لم يتم حتى الان تشكيل حكومة في العراق بعد خمسة اشهر على الانتخابات التشريعية.

ومن المقرر ان ينهي الجيش الاميركي، الذي ينشر حاليا حوالى 64 الف عنصر في العراق، مهمته القتالية في هذا البلد في 31 آب/اغسطس طبقا لخارطة الطريق التي اعلنها اوباما عند توليه مهام الرئاسة مطلع 2009.

اما ال50 الف جندي اميركي الذين سيبقون في العراق بعد هذا التاريخ، من اجل تدريب الجيش العراقي خصوصا، فمن المقرر ان يتم سحبهم بالكامل بحلول نهاية 2011.

وعلى الرغم من التراجع النسبي في اعمال العنف في العراق، الا ان هذا البلد لا يزال يشهد هجمات واعتداءات دامية، وقد سجل سقوط ستين قتيلا على الاقل نهاية الاسبوع الماضي.

وقتل الاربعاء ثمانية جنود عراقيين في انفجار داخل منزل ملغم شمال شرق بغداد، بحسب مصادر عسكرية.

وانعكست هذه المخاوف الامنية في تصريح رئيس اركان الجيش العراقي بابكر زيباري الذي اعلن الاربعاء وللمرة الاولى ان القوات العراقية لن تكون قادرة تماما على تولي الملف الامني قبل 2020 وستكون بحاجة للدعم الاميركي حتى ذلك الحين.

وتعليقا على هذا التصريح قال وزير الدفاع الاميركي روبرت غيتس ان الولايات المتحدة لديها اتفاق مع العراقيين حول موعد الانسحاب.

واضاف اذا تشكلت حكومة عراقية جديدة واذا ارادت البحث (في موعد الانسحاب)، فنحن جاهزون للتفاوض، ولكن هذه المبادرة يجب ان تأتي من العراقيين.

وخلافا لمخاوف رئيس الاركان العراقي اكد بلينكن، نقلا عن الجنرال رايموند اوديرنو قائد القوات الاميركية في العراق، ان "الوضع على الصعيد الامني يتطور ايجابيا".

واذ اقر بان وتيرة اعمال العنف قد تتصاعد مع اقتراب موعد الحادي والثلاثين من آب/اغسطس، اكد بلينكن انه، بالرغم من عدم تشكيل حكومة عراقية جديدة، فليس هناك حاليا "فراغ في الحكم" في العراق، كون الحكومة المنتهية ولايتها تتولى تصريف الاعمال في البلاد.

الجيش العراقي

رئيس اركان الجيش العراقي بابكر زيباري من جهته قال ان الجيش العراقي لن يكون قادرا تماما على تولي الملف الامني قبل 2020 وسيكون بحاجة للدعم الاميركي حتى ذلك الحين.

وقال زيباري لوكالة فرانس برس في مؤتمر عقد لتقييم جاهزية القوات الامنية لحماية البلاد بعد انسحاب القوات الاميركية، ان استراتيجية بناء القوات تسير على ثلاث مراحل مهمة جدا ويجب الحرص عليها.

وحول انسحاب القوات الاميركية يرى زيباري انه على السياسيين ايجاد اساليب اخرى لتعويض الفراغ ما بعد 2011، لان الجيش لن يتكامل قبل عام 2020. واكد لو سئلت عن الانسحاب لقلت للسياسيين يجب ان يبقى الجيش الاميركي حتى تكامل الجيش العراقي عام 2020. حسب فرانس برس

ونشرت الولايات المتحدة 170 الف عسكري في العراق في 2007، لكن العدد يتراجع تدريجيا منذ 18 شهرا. ولم يبق سوى سبعين الف جندي متمركزين هناك حاليا.

وتابع زيباري الان، انا مطمئن جدا لقدرة القوات العراقية مجتمعة (الجيش والشرطة)، على تأمين الملف الامني لانه لاتزال قوات اميركية موجودة، لكن المشكلة تبدأ بعد 2011 موعد الانسحاب الكامل للقوات الاميركية.

وحول قدرة الجيش على تامين الحدود العراق مع دول الجوار قال زيباري يجب ان تكون هناك خطة امنية بالتنسيق مع الدول الاقليمية والولايات المتحدة واتفاقيات حتى تكامل القوات العراقية.

واشار الى ان هذه الاتفاقيات ضرورية للمستقبل لكي تؤمن عدم الحاجة الى بناء جيش كبير وتؤمن في الوقت نفسه الاوضاع الامنية للبلاد.

واشار زيباري في كلمته الى ان العمل المستقبلي للجيش العراقي سيكون باتجاه الاستمرار بمكافحة الارهاب وتقديم الدعم لقوات الامن الداخلية ووضع خطة لانتقال المسؤوليات الامنية تدريجيا الى قوات الامن الداخلية.

واكد ضرورة وضع خطط مسؤولة ومحسوبة لتطوير واجبات الجيش في حماية الحدود والدفاع وتطوير قدراته وفي مجالات الاسناد البري والجوي واللوجستي.

من جهته، قال ممثل الجيش الاميركي جو جونز مدير مهمة التدريب والارشاد في العراق في كلمة ان موضوع جاهزية القوات العراقية مهم جدا لما تقوم به من مهام، وقد حققت تقدما كبيرا في وقت قصير جدا.

بدوره، اقر وزير الدفاع العراقي عبد القادر العبيدي بوجود خلل في اداء قواته. وقال ان "ما حدث في الاونة الاخيرة في مختلف مناطق البلاد سببه الغفلة والاهمال وعدم تطبيق تعاليم المعركة وعدم تنفيذ درجات الانذار.  واضاف ان هذا كله ادى الى كثير من عمليات نجح فيها الارهاب باستهداف مقاتلي قواتنا المسلحة.

ويبدو ان العبيدي كان يشير الى عملية مقتل عدد من الجنود في حي الاعظمية الاسبوع الماضي وحرق جثثهم مطلع الشهر الجاري. واكد العبيدي الحاجة الى وقت طويل جدا (لاي) جيش للوصول من الصفر الى نسبة تصل الى 85 بالمئة من تكامل قدراته.

واضاف ان مفهوم الجاهزية يتعلق بدرجة الاستعداد القتالي وتكامل قوات الاسناد والاتصالات والخدمات للقوات المسلحة البرية والجوية والبحرية.

وتابع ان عمليات الاعداد (الجاهزية) بدأت منذ مدة قريبة عبر ثلاث صفحات وتكاملت خلالها قدرات الاسناد التعبوي والجوي واستلام المهام الامنية في المدن من القوات متعددة الجنسية والسيطرة على الاوضاع الامنية.

تسلم المسؤولية

من جانبها سلمت الولايات المتحدة مسؤولية كل مهامها القتالية الى قوات الأمن العراقية في علامة جديدة على ان انسحابها من العراق يمضي في جدوله الزمني على الرغم من الأزمة السياسية العراقية والزيادة في الآونة الأخيرة في أعمال العنف.

وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما يوم الاثنين الماضي انه سيلتزم بوعده بانهاء العمليات القتالية في العراق بحلول 31 أغسطس اب مع نقل المسؤولية الأمنية الى قوات الشرطة والجيش العراقية التي دربتها القوات الامريكية. حسب رويترز

وقال الجنرال ريموند أوديرنو القائد الاعلى للقوات الامريكية في العراق للصحفيين بعد احتفال المغادرة لآخر قوة قتالية أمريكية "اليوم يوم مهم جدا حيث نواصل تقدمنا نحو المسؤولية الكاملة لقوات الامن العراقية.

وقامت فرقة من الجيش العراقي خلال الاحتفال باستعراض فحص مركبات واجراءات أمنية أخرى تستخدم كثيرا في العراق حيث ما زالت التفجيرات وغيرها من الهجمات أمرا يوميا على الرغم من انخفاض معدل العنف بشكل عام عن الذروة التي وصل اليها في عامي 2006 و2007.

وبينما كانت تلك آخر فرقة قتالية تسلم المسؤولية للقوات العراقية فستبقى ست فرق في العراق بعد مغادرة القوات القتالية الامريكية بنهاية الشهر الجاري.

وستصبح الفرق الست التي تحمل اسم فرق الارشاد والمعاونة واقعا ابتداء من الاول من سبتمبر أيلول عندما تتحول الولايات المتحدة رسميا الى القيام بدور استشاري بينما تواصل تدريب قوات الشرطة والجيش العراقيين.

ولكن عدم قدرة الاحزاب البرلمانية العراقية على الاتفاق على ائتلاف يشكل الحكومة الجديدة حتى بعد مرور خمسة أشهر على الانتخابات تسبب في فراغ في السلطة يفتح الباب أمام التوتر الطائفي وترك الكثير من العراقيين في قلق بشأن قدرة القوات العراقية على الحفاظ على الامن.

وحدثت زيادة كبيرة في الهجمات القاتلة في يوليو تموز مما زاد المخاوف من أن المسلحين يحاولون استغلال الموقف السياسي لإثارة صراع طائفي.

وقال اوديرنو في أبو غريب على المشارف الغربية لبغداد "واصلت قوات الامن العراقية تأدية وظيفتها على مدار الوقت ولم تتأثر بالمرة بتأخر تشكيل الحكومة."

وقال عبد القادر جاسم وزير الدفاع العراقي الذي حضر الاحتفال أيضا ان مساعي السياسيين لتشكيل ائتلاف حاكم أمر سياسي وان المسؤولية الاولى للقوات العراقية هي حماية العراقيين.

وتقوم القوات الامريكية بدوريات تدعم فيها نظيرتها العراقية منذ شهور ويقول القادة الامريكيون ان 50 ألف جندي الذين سيبقون في العراق بنهاية هذا الشهر سيكفون حال وقوع أي زيادة غير متوقعة في أعمال العنف.

دفعة اولى من دبابات ابرامز

من جهة أخرى اعلن متحدث باسم وزارة الدفاع العراقية السبت وصول 11 دبابة من طراز "ابرامز" الاميركي، تمثل الدفعة الاولى من 140 دبابة تعاقد العراق على شرائها العراق، الى ميناء في البصرة، اقصى جنوب البلاد.

وقال اللواء الركن محمد العسكري تسلمنا اليوم الوجبة الاولى من دبابات ابرامز الاميركية حديثة الصنع.

واوضح ان الدبابات التي وصلت الى ميناء ام قصر (جنوب) وعددها 11 هي ضمن 140 دبابة تعاقد العراق على شرائها من الولايات المتحدة. حسب فرانس برس

واضاف ان هذا التجهيز ياتي ضمن استعداد القوات العراقية لاستلام المسؤولية الامنية ويتزامن مع خطة انسحاب القوات القتالية الاميركية.

واعلن الجيش الاميركي في اذار/مارس 2009، ان العراق سيتسلم 140 دبابة من طراز "ابرامز" على دفعات تشمل كل منها 35 دبابة خلال فترة 18 شهرا.

وبحسب الجيش الاميركي فان جميع الدبابات ستصل قبل كانون الاول/ديسمبر 2011.

وستبدا احدى كتائب المدرعات في الجيش العراقي برنامج تدريب على هذه الدبابة ينتهي اواخر العام المقبل.

ويبلغ عديد الجيش العراقي حاليا 260 الف عسكري لكن الوزارة تسعى الى زيادته ليصل الى 300 الف جندي مزودين بافضل واحدث انواع الاسلحة.

وسبق للجيش الاميركي ان سلم العراق 8500 عربة مصفحة من طراز هامفي اعيد تاهيلها.

يشار الى ان تخصيص ثمانية مليارات دولار من ميزانية البلاد، للقوات الامنية.

خشية تجدد العنف

الرئيس الامريكي باراك اوباما من جهته قال إن واشنطن ستفي بتعهدها بانهاء العمليات القتالية في العراق نهاية الشهر الحالي لكن كثيرا من العراقيين يخشون ان ينذر الانسحاب الامريكي بتصاعد العنف.

وتراجع العنف منذ بلوغه الذروة في عامي 2006 و 2007 لكن التفجيرات وغيرها من الهجمات مازالت تقع بشكل يومي ويقول مسؤولون عراقيون ان عدد القتلى المدنيين ارتفع الشهر الماضي.

ولم يتمكن زعماء الكتل السياسية المتنافسة من الاتفاق على حكومة ائتلافية منذ انتخابات برلمانية غير حاسمة في السابع من مارس اذار مما زاد التوتر وفتح الطريق امام المسلحين.حسب رويترز

وقال سمير احمد (32 عاما) وهو عامل في بغداد قتل متشددون اخاه في ذروة الحرب الطائفية عام 2007 الانسحاب الامريكي من العراق سيفسح المجال امام المليشيات والجماعات المسلحة لان تعمل بحرية وبأريحية وكما تشتهي. هذه الجماعات ستنشط من جديد وستعود بغداد الى ايام العنف والقتل.

انا اعتقد ان الوضع الامني سينحدر الى الاسوأ واتوقع حربا اهلية تأكل الاخضر واليابس.

وتعهد اوباما في خطاب أمام مجموعة من قدامى المحاربين الامريكيين يوم الاثنين بالوفاء بوعده بانهاء العمليات القتالية للقوات الامريكية في العراق بنهاية أغسطس اب رغم المأزق السياسي الذي يمكن ان ينطوي على خطورة والذي اثار مخاوف من تجدد التمرد.

وسيترك الانسحاب الامن في عهدة قوات الشرطة والجيش التي تلقت تدريبا امريكيا لكن كثيرين يتساءلون عما اذا كانت تلك القوات مستعدة لحماية بلد في حالة حرب.

وقال طالب جامعي يدعى باقر صادق (21 عاما) اعتقد ان القوات الامنية العراقية ماتزال غير قادرة على حفظ الامن.

الانسحاب الامريكي سيفتح الطريق مرة اخرى امام عودة العنف وسيعود الاقتتال الطائفي الى العراق من جديد.

قال موظف حكومي في بغداد يدعى محمد سعدون (43 عاما) ان على اوباما ان يفي بتعهده بترك العراق دولة مستقرة.

واضاف واجب امريكا ان تجعل الوضع العراقي مستقرا وان تنفذ وعودها السابقة بجلب الديمقراطية والاستقرار والرخاء للشعب العراقي.

وتابع في اشارة الى سياسة ينحي كثير من العراقيين باللائمة عليها في تمهيد الطريق امام العنف الذي اعقب الغزو الامريكي "الانسحاب هو تخلي الادارة الامريكية عن الشعب العراقي وتركه فريسة للاحزاب السياسية. نتائج قرار الانسحاب ستكون سلبية وهو قرار اسوأ من القرار الامريكي بحل الجيش العراقي في العام 2003.

انسحابهم سيترك العراق يعيش في فراغ امني كبير وسيمهد الطريق للمليشيات وللتدخلات الاقليمية لانهم كانوا الرادع لايقاف العديد من التدخلات الخارجية والعمليات الارهابية.

وتقول السلطات العراقية ان عدد القتلى المدنيين جراء التفجيرات والهجمات الاخرى ارتفع لمثليه تقريبا في يوليو تموز الى 396 من 204 في يونيو حزيران في حين قتل 89 ضابطا بالجيش العراقي وخمسون جنديا. ويشكك القادة العسكريون الامريكيون في بغداد في تلك الارقام قائلين انه لم يقتل سوى 161 مدنيا.

وهاجم مسلحون نقطة تفتيش أمنية في العاصمة العراقية بعد فجر يوم الثلاثاء وقتلوا خمسة من رجال الشرطة في هجوم ضمن سلسلة من الهجمات التي استهدفت قوات الامن في الاونة الاخيرة. ورفع المهاجمون علم دولة العراق الاسلامية التابعة لتنظيم القاعدة فوق نقطة التفتيش.

وتعتزم الولايات المتحدة خفض قواتها بحلول اول سبتمبر ايلول الى 50 الف جندي من اقل قليلا من 65 الفا في الوقت الحالي ونحو 150 الفا في ذروة الحرب. وستتولى القوات المتبقية - على الاقل من الناحية الرسمية - تدريب ودعم قوات الجيش والشرطة العراقيين.

وقال قادة عسكريون امريكيون انه لن يتغير شئ يذكر في نهاية الشهر. وأضاف القادة ان القوات الامريكية تسير دوريات دعما للقوات العراقية منذ اشهر وان القوات المتبقية وعددها 50 الفا ستكون كافية لمواجهة اي زيادة غير متوقعه في العنف.

صعود نسبي لاعمال العنف

الناطق باسم وزارة الدفاع محمد العسكري من جانبه قال ان التصاعد النسبي الاخير في عدد الهجمات ببغداد، يعود سببه الى الثقة الزائدة بالنفس لافراد الجهات الامنية بعدم حدوث اعمال عنف، مضيفا ان ما حدث لايعفي من الاهمال والتقصير لعمل هذه القوات.

واضاف العسكري ان المستوى العام لاحداث العنف انخفض عموما هذا العام، وما حدث مؤخرا في بغداد خاصة، كان سببه الثقة الزائدة لافراد الجهات الامنية بعدم حدوث اعمال عنف، وذلك لايعفي من الاهمال والتقصير. حسب اصوات العراق

واضاف ان المجاميع المسلحة في هذه الفترة ليست لديها خطط معينة، وانما تستغل اية ثغرة تجدها، ونجد ذلك جليا في استهداف المدنيين، مشيرا الى ان هذه المجاميع لا تملك القدرة على مواجهة اهداف حقيقية.

وانفجرت عبوة ناسفة على الطريق العام بشارع فلسطين شرقي بغداد في حادث هو الثالث من نوعه، ما أدى إلى اصابة اربعة مدنيين بجروح متفاوتة.

وكان مصدر امني ذكر في وقت سابق أن عبوة ناسفة انفجرت صباح اليوم مستهدفة سيارة مدنية يستقلها ضابط شرطة برتبة رائد في منطقة الحرية شمالي بغداد، ما ادى إلى إصابته وإثنين من المارة بجروح متفاوتة، فيما انفجرت عبوة ناسفة ثانية قرب ساحة الخلاني وسط بغداد ما ادى إلى اصابة مدنيين اثنين بجروح متفاوتة.

وشهدت العاصمة بغداد أحداث عنف اخرى تمثلت في قيام مسلحين مجهولين بشن هجوم فجر اليوم على نقطة تفتيش للشرطة العراقية قرب ساحة اللقاء غربي بغداد، مستخدمين اسلحة كاتمة للصوت، ما ادى إلى مقتل خمسة من افرادها.

بينما سقطت قذيفتا هاون، إحداهما على الشارع العام في منطقة الداودي والثانية خلف مطعم الساعة في حي  المنصور غربي بغداد دون وقوع اي خسائر.

يأتي ذلك في وقت تشهد الساحة السياسية فيه خلافات مستمرة بين الكتل الرئيسية الفائزة في انتخابات آذار مارس من هذا العام، على خلفية تنافسها للفوز بمنصب رئاسة الوزراء وتشكيل الحكومة القادمة، خاصة بين اكبر ائتلافين، العراقية ودولة القانون، مع عدم تحقيق اي منهما الغالبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده. وقد تأجلت عدة جلسات للبرلمان وتم خرق المهلة الدستورية المحددة لانتخاب رئاسة جديدة للبرلمان ورئيس للجمهورية.

وكانت منطقة الاعظمية شمالي بغداد يوم (29/7) مسرحا لهجمات واشتباكات مسلحة راح ضحيتها 16 قتيلا بينهم ستة من الجيش وثلاثة من عناصر الشرطة بالاضافة الى 14 جريحا بينهم سبعة من المدنيين.

عقب ذلك ان القوات الأمنية فرضت طوقا على منطقة الانفجارات والاشتباكات، التي شهدت توترا وحظرا للتجوال، ونفذت عمليات دعم وتفتيش بحثا عن المتورطين في الهجوم .

وتأتي هذه الاحداث مع بدء العد العكسي لانسحاب القوات الامريكية من العراق، وسينخفض عدد العسكريين الامريكيين في العراق الى حوالى خمسين الفا في نهاية اب اغسطس الجاري بالمقارنة مع 144 الفا عند تولي اوباما الرئاسة. وبموجب الخطة الاميركية، فان آخر عناصر القوة العسكرية ستغادر العراق بحلول نهاية كانون الاول ديسمبر 2011.

وكانت القوات الأمريكية قد انسحبت من المدن العراقية في 30/6/2009 تمهيدا لانسحاب القوات القتالية من البلاد بحلول آب أغسطس 2010 الجاري، حسب خطط الانسحاب الأمريكي من العراق، بمقتضى الاتفاقية الأمنية التي وقعها العراق مع الولايات المتحدة الأمريكية في 13 كانون الأول ديسمبر 2008، وشهدت الأشهر الماضية تسليم العديد من القواعد العسكرية إلى القوات العراقية بمقتضى الاتفاقية.

م هـ ا (تق)

أوباما سينسحب

صحيفة وول ستريت جورنال من جهتها قالت إن الرئيس الأمريكي جدد، بكلمته أمام مؤتمر قدامى المقاتلين المعوقين في أتلانتا، عزم بلاده على إنهاء المهمة القتالية الأمريكية في العراق بحلول 31 من آب أغسطس الجاري برغم تصاعد العنف بالعراق الشهر الماضي واستمرار الجمود السياسي فيه.

وذكرت الصحيفة أن تصريحات الرئيس باراك أوباما تأتي في وقت أصبح فيه الوضع الأمني في العراق أكثر إثارة لقلق الإدارة الأمريكية التي تولت السلطة بتعهد يقضي بإنهاء مسؤول لحرب العراق التي تنهي اليوم عامها السابع. حسب اصوات العراق

وأضافت الصحيفة أن شهر تموز يوليو الماضي شهد أكبر زيادة في عدد الوفيات المتصلة بالحرب على مدى ما يزيد عن عامين، مبينة أن الشهر الماضي شهد مقتل 535 شخصا غالبيتهم من المدنيين.

وقالت الوول ستريت جورنال، إن هذا العدد من القتلى هو الأكبر منذ أيار مايو 2008 إذ شهد مقتل 563 شخصا، مضيفة أن عدد المصابين تجاوز الشهر الماضي الألف شخص غالبيتهم من المدنيين.

وذكرت الصحيفة أن مسؤولين عراقيين وأمريكيين يرون أن تصاعد العنف يشير إلى أن المسلحين يستغلون الجمود الذي دام خمسة شهور تقريبا الذي أصاب الجهود الرامية لتشكيل حكومة عراقية جديدة في محاولة منهم لزرع الاضطرابات الطائفية والإفادة منها.

وبينت الصحيفة أن أي طرف عراقي لم يحصل على الأصوات التي تكفيه في انتخابات السابع من آذار مارس البرلمانية لتشكيل حكومة كما أن الدبلوماسيين الأمريكيين والدوليين فشلوا حتى الآن بمساعدة الفصائل المتناحرة للتوصل إلى حل وسط.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في البيت الأبيض وقادة من الجيش الأمريكي قولهم إن العنف في العراق يبقى متدنيا مقارنة بأسوأ أيام الحرب، كما تذكر الصحيفة.

ومضت قائلة كادت الاضطرابات التي حدثت في عامي 2006 و2007 عندما كان العراق يشهد مأزقا سياسيا مماثلا أن تجر البلد إلى شفير حرب أهلية.

وذكرت الصحيفة أن مسؤولين في الإدارة الأمريكية يقولون إن الولايات المتحدة تخطط لتعيين قائد عسكري جديد وسفير جديد في العراق في آب أغسطس الجاري بأمل أن ترى حكومة عراقية قبل العملية الانتقالية.

وقال أوباما في خطاب ألقاه بشأن العراق إنه تعهد عندما أصبح رئيسا لأمريكا بإنهاء الحرب في العراق بطريقة مسؤولة، مبيناً أن نهاية شهر آب أغسطس الحالي سيكون عدد القوات التي عادت إلى الولايات المتحدة 90 ألف شخص.

وأضاف في الخطاب الذي ألقاه خلال مؤتمر لقدامى المقاتلين المعوقين في اتلانتا انه ستتم نقل المسؤولية إلى العراقيين، وبالفعل تم تسليم المئات من القواعد إلى القوات العراقية، لافتا إلى أن “الإرهاب والعنف” في العراق اليوم في أدنى مستوياته.

وشدد أوباما على أن الولايات المتحدة ستبقي على قوة انتقالية في العراق خلال الأشهر المقبلة، على أن تسحب قواتها بالكامل بحلول نهاية 2011، مشيرا إلى أن القوات الأمريكية “ستركز خلال هذه المرحلة الانتقالية على دعم القوات العراقية وتدريبها وعلى القيام بمهمات مضادة للإرهاب وحماية المبادرات الأمريكية المدنية والعسكرية.

وقال إن الالتزام الأمريكي في العراق “يتبدل من مجهود عسكري إلى مجهود مدني بقيادة الدبلوماسيين”، لكنه أقر أن هذه المهام “خطيرة وسيكون هناك على الدوام مسلحون يحاولون وقف تقدم العراق”.

وسينخفض عدد العسكريين الأمريكيين في العراق إلى نحو خمسين ألف في نهاية آب أغسطس بالمقارنة مع 144 ألفا عند تولي أوباما الرئاسة.

وبموجب الخطة الأميركية، والاتفاقية الأمنية المبرمة بين العراق والولايات المتحدة، فإن آخر عناصر القوة العسكرية الأمريكة ستغادر العراق بحلول نهاية كانون الأول ديسمبر 2011. 

آلاف العراقيين يودون الذهاب الى أمريكا

من جانب آخر يتوق المواطن أحمد للخروج من العاصمة العراقية بغداد بعد أن هدد بالقتل هو أو أطفاله بسبب عمله مع وسائل اعلام غربية بعد الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 .

ومثل الاف اخرين يتمنى أحمد أن يحصل على تأشيرة لجوء للولايات المتحدة كي يهرب من التفجيرات واطلاق الرصاص والتهديدات بالقتل في بلده.

يقول أحمد وهو أب لولد وبنتين ابلغني الاصوليون عبر الهاتف.. ان لم تترك العمل سنقتلك أو نقتل احد أطفالك. حسب رويترز

ويأمل الصحفي الذي يخشى ذكر اسمه كاملا أن ينضم الى 4.7 مليون عراقي فروا من ديارهم منذ عام 2003 فيما تصفه وكالة الامم المتحدة لشؤون اللاجئين بأنه أسوأ أزمة انسانية في الشرق الاوسط منذ أخرج الفلسطينيون من ديارهم عام 1948 .

وانحسر العنف في العراق منذ ذروة القتال الطائفي عامي 2006 و2007 لكن حوادث التفجيرات واطلاق النار لا تزال تقع بصورة متكررة. وتشير بيانات حكومية الى أن عدد القتلى المدنيين تضاعف تقريبا في يوليو تموز مقارنة بيونيو حزيران.

ولم يفر جميع العراقيين الى الخارج. وتقول وكالة شؤون اللاجئين ان نصف المشردين وعددهم 4.7 مليون نزحوا الى مناطق أخرى في العراق وبعضهم يعيش في مبان عامة.

وتعشم أحمد فيما هو أفضل عندما عاد للعراق بعدما قضى عاما كأستاذ زائر في الولايات المتحدة عام 2008 . لكن احلامه سرعان ما تبخرت.

يقول تحولت الخروقات الامنية من القنابل الملغومة والقنابل المزروعة بالطرق الى المسدسات الكاتمة للصوت والاغتيالات وغياب الخدمات..لا مياه ولا كهرباء... أخشى على سلامة أطفالي عندما يذهبون للمدرسة.

والولايات المتحدة مقصد مفضل لعراقيين مثل أحمد لكن فرصهم في الذهاب الى هناك ضئيلة. ويحاول البعض بدلا من ذلك الذهاب الى أوروبا أو دول مجاورة مثل لبنان أو سوريا أو تركيا أو الاردن التي يسهل الحصول على تأشيرات لدخولها.

وقال مارك ستوريلا منسق برنامج استقبال اللاجئين في السفارة الامريكية في بغداد "نتوقع أن يسافر نحو 4500 عراقي الى الولايات المتحدة في اطار البرنامج هذا العام وبالتالي سنضاعف اعداد العام الماضي."

ورغم انه لم يذهب سوى 66 عراقيا الى الولايات المتحدة عام 2004 بموجب هذا البرنامج الا ان العدد يرتفع باطراد.

فقد حصل نحو 13828 لاجئا عراقيا على تأشيرات وسافروا للولايات المتحدة من العراق ودول مجاورة عام 2008 . وقفز العدد الى 18838 في عام 2009 .

ويمنح برنامج استقبال اللاجئين الاولوية للعراق وافغانستان وكليهما يستضيف عشرات الالاف من القوات الامريكية. ويأتي على رأس القائمة منح تأشيرات لمن تتعرض أرواحهم للخطر لانهم يعملون مع الحكومة أو الجيش الامريكي أو مع منظمات تتخذ من الولايات المتحدة مقرا لها.

ويستغرق الحصول على تصريح أمني لدخول الولايات المتحد شهورا. لكن بعد أن تجشموا كل هذه المشقة يقرر بعض اللاجئين الذين جربوا العيش في أمريكا أن يتركوا فرصة تأتي مرة في العمر ليعودوا الى ديارهم برغم الخطر.

ويقول بشير رشيد محمود الذي يعمل مصورا تلفزيونيا في قناة سي.ان.ان التلفزيونية الاخبارية الامريكية لم أستطع أن أصدق انني ذاهب الى الولايات المتحدة وان حلمي يتحقق.

لكن كل هذه المشاعر انقلبت عندما حطت الطائرة في مطار نيويورك. الحقيقة ليست مثل ما أراه في الافلام أو ما أسمعه من الاصدقاء. شعرت بحالة من الاغتراب..بالضياع.. شعرت باختناق.

وتقدم محمود بطلب للحصول على تأشيرة أمريكية بعد أن تلقى تهديدات بالقتل من القاعدة. لكن خيبة الامل اصابته بعد شهرين قضاهما في تكساس.

يقول الثقافة والناس والحياة كلها تختلف عن بلدي... قابلت بعض الاصدقاء العراقيين حاولوا اقناعي بالبقاء لكنني لم استطع وحسب.

رغم انني أعرف ان هذه الفرصة قد لا تأتي مرة ثانية الا انني قررت العودة.

55 مليون قنبلة عنقودية

وزارة البيئة العراقية، من جهتها كشفت عن أن أكثر من 55 مليون قنبلة عنقودية ألقيت على العراق بين العام 1991 و،2003 بينما بلغ عدد سكان البلد المحتل في آخر إحصائية أجرتها وزارة التجارة 49 .23 مليون نسمة، فيما أكدت لجنة الصحة في مجلس النواب السابق فشل تشريع قانون يعنى بالمعوق العراقي وفقا لصحيفة الخليج الإماراتية.

وقالت وزيرة البيئة العراقية نرمين عثمان على هامش الاحتفالية التي نظمتها الوزارة في مقرها ببغداد تحت شعار اقرعوا الطبول من أجل منع القنابل العنقودية في تصريح لموقع السومرية نيوز، إن “تقارير المنظمات الدولية تشير إلى وجود أكثر من 55 مليون قنبلة عنقودية ألقيت على العراق إبان الحروب التي خاضها بين عام 1991 وعام 2003، مشيرة إلى أن 15% إلى 40% من القنابل العنقودية التي تحتوي على 200 قنبلة صغيرة لم تنفجر وتحولت إلى ألغام أرضية . حسب اريبيان بزنس

وأضافت عثمان أن العراق لا يملك أي قاعدة بيانات صحيحة بشأن عدد الألغام والقنابل الموجودة على أرضه والضحايا الذين سقطوا جراءها، لافتة إلى أن ما يتم اعتماده من تقارير صادر عن منظمات دولية ومنظمات المجتمع المدني .

وأشارت عثمان إلى أن وزارة البيئة تقوم بإزالة المواقع التي تضررت بالقنابل العنقودية غير المنفجرة، بالتعاون مع وزارة الدفاع العراقية والمنظمات الدولية، مبينة أن أكثر المواقع تضرراً بالقنابل العنقودية هي المناطق الجنوبية، فيما يعتبر إقليم كردستان الأكثر تضرراً بالألغام الأرضية .

وكانت مؤسسة شؤون الألغام في إقليم كردستان العراق قد أشارت في عام 2007 إلى وجود 2039 حقل ألغام في إقليم كردستان العراق، بينها حقول تغطي مساحة ألفي متر مربع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/آب/2010 - 7/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م