القلم يموت!

هادي جلومرعي

هل يكون القلم وصفا معنويا لاماديا لحركة المادة على الورق او موضع تسطير الكلمات؟ وهل الكتابة وصفا معنويا أيضا لفعل غير قابل للنقض بالبداء او غيره؟

التطور الهائل الذي مرت عواصفه على ساحة البشر وأكتسح معه المعالم التقليدية لفعل القلم والكتابة غير من مفاهيم عدة كانت سائدة توحي بأن الكتابة هو مايسطره الكاتب بالحبر على الورق وإن القلم هو الآلة التي تطبع الحروف بألوان شتى.

ورد في القرآن الكريم قول الله تعالى وفي مواضع عدة منه: كتب ربك على نفسه الرحمة. وقوله: كتب عليكم الصيام. وقوله: ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر. وقوله: وليكتب كاتب.

وليس المقصود بالكتابة فعل اليد والقلم الذي تمسك به. فهذه تعابير معنوية للدلالة على أمر قضى به الله على عباده كفعل الصيام والصلاة والحج والتذكير والتأكيد على امر سيحصل في المستقبل. والكتابة وردت بمعنى إثبات الحقوق وحفظها في موارد الدين والمعاملات بين الناس. وهو فعل مادي ملموس.

منذ أشهر عديدة وأنا انظر بدهشة الى القلم الذي أمسك به قبل ان اوقع به كتابا او انسج رسالة قصيرة او توصية بأحد ما. فقد تعودت وتعود كثير غيري العمل على جهاز الحاسوب واللاب توب. وكنا لانعرف هذه المسميات في زمن مضى او كنا نعرفها ونجهل العمل عليها حتى تعلمنا بفضل آخرين ومساعدتهم لنا.

الكتابة بقيت لكنها انتقلت من الورق الى الشاشة. والقلم تحول من آلة ممسوكة باليد تدفعها أصابع لتخط أمرا الى نقر على لوحة مفاتيح طبعت عليها حروف عربية او بلغات اخرى.

القلم والكتابة لم يفقدا حياتهما كما قد يتصور البعض لكن التغير الحاصل في الإستخدام هو الذي سيطبع تصوراتنا عنهما لان بقاءهما أثر وليس شكلا لآلة تستخدم بأساليب مختلفة.

وماعلينا إلا أن نتعود ذلك لكي لانصاب بمرض التوحد وننطوي على ذات خائفة من الغد.

hadeejalu@yahoo. com

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 18/آب/2010 - 7/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م