اقتصاد العراق... مشاريع طموحة وثروات مبددة

إعداد: احمد عقيل

 

شبكة النبأ: تتضارب الأوضاع في العراق بعد ما مر به منذ تغيير نظام الحكم ، فقد ظن البعض ان هناك أحوال البلد ستتحسن وسيزدهر البلد لينافس باقتصاده دول العالم، وهو ليس بالشيء الصعب او المستحيل على بلد يمتلك أعلى المراكز في أكثر من منتج وأكثر من ثروة، ناهيك عما تحمله ارض العراق من الذهب الأسود والخامات الأخرى التي تكاد ان تكون مفقودة في بعض بلدان العالم، بالاضافة الى ثروة التمر التي كان يمتاز بها العراق على باقي بلدان المنطقة والعالم، كذلك الاراضي الزراعية التي تزرع فيها مختلف المحاصيل، ولكن ما حصل خيب امال الكثيرين، فالعكس هو ما رآه العراقيون، فكل ما ذكرناه ذهب سدى وضاعت الثروات، ولأن هذه الثروات كان يديرها العراقيون بأنفسهم فكان هناك عمل لكل عراقي في المجالات الواسعة، فان خسارة هذه الثروات ادت الى نشر البطالة التراجع الاقتصادي للبلد، ولكن مع ذلك فأن الحكومة الجديدة (التي لم تشكل لحد الان) تعمل جاهدة على ايجاد حلول لأعادة العراق الى سابق عهده، بالرغم من ان بعض الشخصيات وفي مناصب رفيعة المستوى لا يرون ان ذلك ممكن ان يحدث اذا بقى العراق على ما هو عليه من سوء في الادارة والتخطيط .

خطة تنموية بـ186 مليار دولار

فمن الخطط التي تحاول رفع الاقتصاد العراقي ،اطلقت الحكومة العراقية خطة التنمية الوطنية للسنوات الخمسة المقبلة، من 2010 إلى 2014، والتي من المتوقع أن تتضمن ما يقرب من 2700 مشروع في مختلف القطاعات، بقيمة تصل إلى 186 مليار دولار.

وذكر مسؤول في وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي أن هذه الخطة تم تأجيلها لمدة ستة أشهر، بعد أن كان مقرراً إطلاقها مطلع هذا العام، لوجود ملاحظات وتحفظات من بعض المحافظات، مشيراً إلى أن المدة الماضية شهدت وضع ملامح وتفاصيل الخطة الخمسية الجديدة. وأعرب المسؤول العراقي عن أمله في أن تحقق الخطة طفرة في الاقتصاد، وتحسيناً لنوعية الخدمات المقدمة إلى العراقيين، مشيراً إلى أن المواطن "تصاعدت معاناته خلال السنوات الأخيرة، وبلغت حدوداً غير مقبولة"، وفق ما نقلت صحيفة "الصباح" العراقية.

ولفت المصدر إلى أن ما يقارب 2700 مشروع بقيمة 186 مليار دولار ستوزع على مدى السنوات الخمس المقبلة من عمر الخطة، وسيتم تمويلها من خلال الموازنة الاتحادية، وكذلك من خلال الاستثمارات المحلية والأجنبية في الأنشطة التي حددتها الخطة.  بحسب وكالة السي ان ان.

كما وصف إطلاق العمل بخطة التنمية الخمسية الجديدة بأنه "الحدث الاقتصادي الأبرز خلال هذا العام"، لأنها تركز على "بناء الإنسان"، من حيث التعليم، والصحة، وتأمين الماء الصافي، والصرف الصحي لأكبر نسبة ممكنة من السكان، فضلاً عن تركيزها على موضوع البعد المكاني من خلال تقليل الفوارق بين المحافظات. وأفاد المصدر بأن التركيز في تنفيذ البرامج المقررة في الخطة سيكون على قطاعي النفط والكهرباء كأولوية قصوى، على اعتبار أن النفط هو الممول الأساسي للناتج المحلي الإجمالي، وتمويل موازنات الخطط الاستثمارية.

طفرة عقارية

بينما تشهد العاصمة العراقية بغداد، والمدن الكبرى في البلاد، طفرة عقارية واضحة، إذ تنتشر ورش البناء مثل الفطر في الشوارع، وسط ارتفاع في أسعار العقارات من جهة، وفي مستوى الرفاهية التي يرغب بها العراقيون من جهة أخرى، ما دفع نحو ظهور مشاريع مثل "بوابة بغداد.  

ورغم حاجة السوق العراقية لمثل هذه الطفرات بسبب النقص الكبير الذي أصابها في كل المجالات بعد سنوات من الحصار والحروب، إلا أن قطاعات أخرى تواجه مشاكل عديدة، أبرزها القطاعات الصناعية التي باتت عاجزة عن منافسة البضائع الرخيصة القادمة من إيران وآسيا، في وقت تغيب فيه خطوات الدعم الحكومية. ومع ارتفاع منسوب الأمن في العاصمة العراقية وتوافد الكثير من الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد، برز مشروع "بوابة بغداد" باستثمارات تصل إلى 250 مليون دولار ويشمل بناء 350 وحدة سكنية مع فندق من فئة الخمس نجوم ومركز تسوق وبرج مخصص للمكاتب في المدينة التي كانت تعتبر واحدة من أخطر مدن العالم.  بحسب وكالة السي ان ان .

والمشروع نتاج تخطيط شركة "أمواج" العراقية والأردنية، والتي يرأسها العراقي الأصل نمير العقابي، وهو من أكبر المشاريع العقارية بعد حقبة صدام حسين، وسينتهي العمل به بعد أربعة أعوام.

وعن الشريحة المستهدفة من المشروع، قال العقابي: "نستهدف المتعلمين من الطبقة المتوسطة، مثل الأطباء والمحامين والمهندسين. "وحول دوافعه لإطلاق نشاطه في بغداد قال العقابي، "العالم كله يعاني مشاكل اقتصادية، وحتى في دول الشرق الأوسط والخليج، ولكن السوق العراقية ما تزال بكر وفيها طلب كبير على كل شيء. "

ويبدو بأن الثقة تتزايد بأن العراق يسير نحو الأفضل، وهو ما يبرر الظهور المتكاثر لمشاريع البناء في بغداد وكل المدن الكبرى، خاصة وأن البلد فيه ثروات كبيرة ولديه الكثير من الاحتياجات بعد عقود من الحرب والحصار.

ولكن بعض القطاعات تشعر بأنها مهمشة بسبب إغراق السوق العراقية بالبضائع الزهيدة الثمن القادمة من آسيا وإيران.

ويقول ثابت البلداوي، صاحب مصنع ألمنيوم في بغداد، إن الحكومة العراقية لم تقم بخطوات ملموسة لدعم أعماله والقطاع ككل، "باستثناء الدعم المعنوي الذي لا يقدم أو يؤخر في الواقع القائم على الأرض. وأضاف البلداوي: "لم نحصل على شيء، الحكومة لم تقدم الدعم المالي لنا وهي تقول إنها تتفهم مطالب القطاع الخاص ولكن الأمر مقتصر على الكلام. "

وللمفارقة، فإن وزير التخطيط العراقي، علي بابان، أقر بهذا الأمر، قائلاً إن مفهوم السوق الحرة تعرض لسوء فهم من قبل واضعي السياسات والخطط الاقتصادية الرسمية، ما أدى لوصول السوق العراقية إلى مرحلة الفوضى التي تأثر بها سلباً أصحاب المشاريع والمصالح الخاصة.

رؤوس أموال خاصة

ومن وجهات النظر التي ترى ان اعادة العراق الى ما كان عليه ليس بالشيء اليسير،قال مسؤول بالبنك المركزي العراقي ان العراق لن يتسنى له على الارجح اجراء خفض أكبر لاسعار الفائدة في 2010 الذي سيسجل فيه نموا متواضعا وعلى الحكومة أن تسعى لتعزيز الاقتصاد من خلال اجتذاب مزيد من رؤوس الاموال الخاصة.

وانخفض النمو في العراق الذي أنهكته عقود من الحرب والعقوبات الاقتصادية وقلة الاستثمارات -باستثناء قطاع النفط الرئيسي- الى أربعة بالمئة من الناتج المحلي الاجمالي العام الماضي من عشرة بالمئة في 2008.

وقال مضر قاسم كبير مستشاري البنك المركزي العراقي انه لا يتوقع تسجيل نمو يزيد عن أربعة في المئة هذا العام وان مركزية التخطيط الاقتصادي تعمل ككابح هيكلي للنمو. وقال "أوجدنا مناخا من الاستقرار لكن علينا أن نوجد مناخا للتنمية.  الاستقرار بدون تنمية لا قيمة له. "وأضاف قائلا "ما لم يطور العراق مشروعات استثمارية. . أعتقد أن الوضع ( الاقتصادي) سيكون صعبا جدا. "

وقال قاسم الذي يشارك في اجتماعات البنك المركزي الشهرية لرسم السياسات ان معدل التضخم الاساسي -الذي يستبعد في العراق الوقود- تراجع الى ثلاثة بالمئة في ابريل نيسان ومن المرجح أن يظل في نطاق يقل من عشرة بالمئة والذي يستهدفه البنك للفترة الباقية من العام. وسمح تراجع التضخم للعراق بخفض سعر الفائدة الاساسي بواقع 100 نقطة أساس الى ستة بالمئة في ابريل لكن قاسم قال انه لا يتوقع اجراء مزيد من الخفض هذا العام رغم ان أسعار الفائدة قد ترتفع.  بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وينظر الى أسعار الفائدة في العراق الي حد كبير على أنها رمزية اذ أن الاقتصاد العراقي خارج القطاع العام وانتاج النفط غير رسمي في الغالب لكنها تعد استرشادية لاسعار فائدة البنوك أكثر من كونها الية نقدية مباشرة. ويحدد البنك المركزي سعر صرف الدينار من خلال مزايدات دورية للعملات. ويفتقر العراق الى الاستثمار ويشهد تباطؤا في عملية اعادة بناء بلد ما زال ينفض عن نفسه اثار الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في 2003 للاطاحة بصدام حسين.

وما زال الاقتصاد العراقي معزولا بشكل كبير عن النظام المالي العالمي ويسيطر عليه النفط الذي تشكل صادراته أكثر من 95 بالمئة من ايرادات الدولة.  ويملك العراق ثالث أكبر احتياطيات من النفط الخام في العالم.

وقال قاسم ان من المهم أن تغير الحكومة المقبلة النظام الاقتصادي الحالي للبلاد وان تولي مزيدا من التركيز لرفع استثمارات الشركات من خلال تطوير شراكات بين القطاعين العام والخاص. واضاف قائلا "المشكلة في العراق أن حوالي 90 بالمئة من ثروة البلاد في يد الحكومة.  لذا تهيمن المركزية على العقلية في كل مكان. "

ومضى قائلا "هذه (الشراكة بين القطاعين العام والخاص) هي النظام الامثل للعراق.  أعتقد أن على الحكومة المقبلة تبني هذا النظام والا فلن يكون هناك حل. "

ويعاني العراق فراغا سياسيا بعد الانتخابات التي جرت في السابع من مارس اذار والتي لم تسفر عن فائز واضح.

وقالت الحكومة الحالية انها منفتحة على عقد شراكات بين القطاعين العام والخاص وتدرس منح رخصة رابعة للهاتف المحمول في البلاد لكيان تسيطر عليه الدولة والقطاع الخاص. والدولة هي رب العمل الاكبر في العراق رغم ان معدل البطالة مرتفع ويبلغ حاليا 18 بالمئة.  وقال قاسم انه يأمل في انخفاض المعدل الى ما بين سبعة وثمانية بالمئة في 2011. ويأمل العراق في خلق ثلاثة ملايين الى أربعة ملايين وظيفة جديدة بحلول 2014 في اطار خطة خمسية للتنمية الاقتصادية.

الاصلاحات الاقتصادية

بينما يعتقد البعض من ان هناك بصيص امل على اصلاح الاقتصاد العراقي ، فقد قال سامي الاعرجي رئيس الهيئة الوطنية العراقية للاستثمار ان الهيئة تعتقد أن العراق سيمضي قدما في اصلاحات اقتصادية لخلق اقتصاد سوق حر متنوع في البلاد بصرف النظر عمن سيتولى رئاسة الحكومة المقبلة بعد انتخابات غير حاسمة.

وقال الاعرجي في مقابلة بمكتبه في بغداد " تريد جميع الاطراف السياسية تنمية هذا البلد وخلق اقتصاد متنوع. "يريد الجميع استخدام نفطنا في خلق اقتصاد متنوع . .  لا اقتصاد ذو وجهة واحدة. "

وستوفر الصفقات للعراق الاموال التي يحتاجها لاعادة البناء بعد سنوات من الحرب والعقوبات وشح الاستثمارات.  لكن البلاد تحتاج أيضا الى تنويع موارد اقتصادها لخلق وظائف.

وقال الاعرجي ان هناك وسيلة رئيسية لجذب الاستثمارات تتمثل في انشاء جهة واحدة يستطيع المستثمر من خلالها انهاء جميع الاجراءات المتعلقة باستثماراته في العراق.

وتابع أن الحكومة تريد تسهيل الاجراءات للاستثمار الاجنبي لكن بعض الوزارات لديها قوانينها ولوائحها الخاصة.  

وعزا هذا الى عقود من التخطيط المركزي للاقتصاد . وأضاف "ليس من السهل أن نغير طريقة التفكير الموجهة مركزيا. "يعيش بعض البيروقراطيين في عالمهم الخاص ولا يريدون التخلي عن سلطاتهم. " بحسب وكالة الانباء البريطانية .

واحتل العراق المرتبة 153 بين 183 دولة في تقرير البنك الدولي "ممارسة أنشطة الاعمال 2010" والذي يقيس الاجراءات المتعلقة بتسهيل أنشطة الاعمال والاستثمارات ومدى تأثيرها على مستوى العالم.  وفيما يتعلق ببدء استثمار جديد احتل العراق المرتبة 175.

وقال الاعرجي ان الهيئة رصدت 750 مشروعا للعراق في البنية التحتية تتكلف 600 مليار دولار - معظمها ضمن خطة اقتصادية تستغرق خمس سنوات وافقت عليها الحكومة - لكنه أقر بأن هذه المشروعات لن تنفذ جميعها بالضرورة. وأضاف "يعتمد عدد المشروعات التي سيجري تنفيذها على مدى كفاءتنا وانفتاحنا. "وتندرج هذه المشروعات المأمولة في قائمة طويلة تتضمن انشاء محطات للطاقة الكهربائية وطرق وكباري ومستشفيات ومحطات لمعالجة المياه ومشروعات سكنية وغيرها.

تمويل عجز موازنة 2010

ومن جانبه أعلن وزير المالية العراقي باقر الزبيدي، حصول بلاده على قرض من البنك الدولي بقيمة 250 مليون دولار، لتمويل العجز في موازنة عام 2010.

وقال الزبيدي في بيان نشر على موقع وزارة المالية الإلكتروني إن القرض جزء من 500 مليون دولار، تم الاتفاق عليها مسبقاً"، موضحاً أنه "في حال عدم توفير السيولة النقدية سيضطر العراق إلى طلب الجزء المتبقي من قيمة القرض. "

وسبق لصندوق النقد الدولي إقراض العراق 470 مليون دولار، سددتها بغداد عام 2007، كما منح الصندوق قرضاً آخر في ديسمبر/ كانون الأول 2007، بقيمة 744 مليون دولار تم تسديده في مارس/ آذار 2009.

وأوضح الزبيدي أن مدة القرض تبلغ 15 سنة منها أربع سنوات ونصف فترة إمهال، بفائدة لا تتجاوز 1. 2 في المائة، إذ يكون تسديد القرض باستقطاعات نصف سنوية خلال المدة، موضحاً أن القرض سيقدم نقداً للعراق لاستخدامه في تمويل العجز في موازنة عام 2010.

وقد أقر البرلمان العراقي أواخر يناير/ كانون الثاني الماضي موازنة بقيمة 72. 5 مليار دولار وبعجز 19. 6 مليار دولار.  بحسب وكالة السي ان ان .

كما نسب بيان وزارة المالية إلى ممثل البنك الدولي، جان ميشيل هابي، قوله إن "القرض لا يحتاج إلى ضمانات، وذلك لكون العراق من أحد مؤسسي البنك الدولي"، مضيفاً أن "القرض يأتي دعماً للعجز في الموازنة العراقية، ودعم سياسة الإصلاح المالية والقطاع الخاص. "

ودعا المسؤول الدولي إلى "تعزيز الإدارة المالية والتنموية في العراق، ووضع الحلول لها لتوسيع الخدمات الأساسية والحماية الاجتماعية للمواطن"، لافتاً إلى دور وزارة المالية في "حماية العراق من الوقوع في الأزمة المالية العالمية. "

واعتبر هابي أن تسديد العراق لمستحقاته التي كانت مجدولة في العام 2009 "يعكس نجاح بغداد في إصلاح سياساتها المالية، واستغلال الموارد المالية الكبيرة التي تجنبها من ارتفاع أسعار النفط. "وقال مشرعون ان ابرام صفقات سياسية لعبت دورا في ذلك أيضا.

وأضافوا أن منافسي رئيس الوزراء نوري المالكي حاولوا الحصول على موافقة الحكومة على قانون من شأنه أن يمنع المالكي من استخدام أي موارد حكومية في حملة الانتخابات المقرر اجراؤها في السابع من مارس اذار وذلك في مقابل اقرار الميزانية.

الصادرات غير النفطية

وبينما تبذل الجهود الرامية لتحويل العراق الى نموذج لسوق حرة متنوعة الموارد في الشرق الاوسط ، لكنها تواجه مصاعب ومازال هذا البلد يعتمد على صناعة النفط المتداعية بعد ستة أعوام من الاطاحة بالرئيس الراحل صدام حسين.

وفي الوقت الذي يتشبث فيه بالاستقرار يحتاج العراق لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل.  

لكن القطاع النفطي - الغني بالاحتياطيات غير المستغلة والمتداعي بسبب سنوات من العقوبات والحروب وضعف الاستثمارات - لايزال يدر كل الايرادات تقريبا.

وتقدم صادرات التمر وهو محصول ذو أهمية تاريخية جزءا ضئيلا من عشرات المليارات من الدولارات التي يدرها النفط على العراق سنويا الى جانب كميات صغيرة من الجلود والمشغولات اليدوية والمواد التي تستخدم لصناعة الاسمدة.  بحسب وكالة الانباء البريطانية .

ولم تلق دعوات الحكومة للاستثمار في القطاعين الزراعي والصناعي اذانا صاغية وقوبلت بمقاومة من المشرعين والرأي العام في سعيها لخصخصة صناعات تديرها الدولة كانت العمود الفقري للنظام الاشتراكي الذي انتهجه صدام. وقال مسؤول بوزارة التجارة العراقية "هناك نوع من الجمود في صناعاتنا. "مازلنا نفتقر الى الاستراتيجية الصناعية والزراعية الواضحة.  كل ما نملكه هو نظريات... مرت خمس سنوات وليس لدينا سوى نظريات. "

وقال صفاء الدين الصافي القائم بأعمال وزير التجارة في مقابلة "في ظل الوضع الحالي يعمل العراق لاعادة بناء نفسه والدول في مثل هذه المرحلة هي دول مستوردة وليست مصدرة. "

ويوظف القطاع الزراعي أكبر عدد من العمال في العراق ويحلم بعض العراقيين بعودة العراق الى المكانة التي كان يحتلها في الخمسينيات والستينيات كمنتج اقليمي كبير للقمح.

ويستورد العراق حاليا أغلب احتياجاته الغذائية وهو من أكبر مستوردي القمح في العالم حيث يشتري نحو ثلاثة ملايين طن سنويا لصالح برنامج البطاقات التموينية الحكومي الهائل. وتضررت أيضا صناعة التمور بشدة بسبب الجفاف والحرب وغياب الادارة الملائمة.

وجرت ازالة الكثير من البساتين بسبب الحرب الايرانية العراقية في الثمانينيات وست سنوات من هجمات المسلحين وأعمال العنف منذ عام 2003. وقال فرعون أحمد حسين مدير الهيئة العامة للنخيل ان انتاج التمر حاليا يدور بين 300 و350 ألف طن سنويا أي نحو ثلث مستواه في العام 2000.

الفنادق والمصارف

ويتطلع العراق الى مؤتمر الاستثمار الذي ينعقد في العاصمة الاميركية ، يرى المستثمرون العراقيون ان الاستثمار في مجال المصارف والفنادق يبقى الافضل لتحقيق افضل الايرادات.

ومع تحسن الوضع الامني في البلاد وفتح بورصة بغداد ابوابها يلاحظ عملاء الشركات المالية ان التهافت على اشده على اسهم الفنادق. وقال علي جمال الوسيط في شركة الجوهرة للاستثمار "اوصي بقطاعي السياحة والخدمات المصرفية" (بالنسبة للمستثمرين الاجانب) خصوصا السياحة مع بناء فنادق جديدة واخرى يجري تجديدها، فباب الاستثمار في قطاع السياحة اصبح مفتوحا".

وعلى الجانب الاخر من قاعة البورصة حيث يتجمع عدد آخر من الوسطاء توقع سلمان حسن الخفاجي ان "تدر الفنادق والمصارف ارباحا جيدة، بمجرد تواصل تحسن الاوضاع الامنية" مؤكدا "ان قيمة اسهمها سترتفع بمعدل غير اعتيادي". واشار الخفاجي الذي قال انه حقق ارباحا في سوق البورصة هذا العام بلغت 50 مليون دينار (43 الف دولار تقريبا)، الى انه "ينبغي للاجانب الاستثمار في قطاع السياحة، لانه سيحقق النتائج الافضل".  بحسب وكالة فرانس برس .

وقدر وزير المالية باقر جبر صولاغ ان العراق بحاجة الى 400 مليار دولار لاعادة اعمار البلاد، وهو مبلغ سيكون من الصعب على الحكومة تدبره. ووافق مجلس الوزارء على موازنة سنوية مقدارها 67 مليار دولار خصص معظمها لرواتب الموظفين الحكوميين، للعام 2010، وترك مقدار محدود منها للمشاريع. ووفقا لعبد الجبار الربيعي المدير المنتدب لشركة فندق المنصور ميليا على ضفاف نهر دجلة وسط بغداد، فان الاستثمارات الاجنبية تتزايد. وقال الربيعي انه "يتوقع موافقة المجموعة الكويتية على استثمار 300 مليون دولار في غضون ستة اشهر، لتبدأ ببناء فندق جديد بجوار فندق المنصور". واكد ان "تحسن الوضع الامني يضاعف العمل" واشار الى ان عدد زبائن الفندق ارتفع بنسبة عشرين بالمائة خلال الاشهر القليلة الماضية. ونبه الى ان هذه الزيادة لا تقتصر على هذا الفندق وانما شملت فنادق اخرى.

بالرغم من ان الوضع الامني قد استقر تقريبا،ولكن الهجوم المزدوج الذي استهدف وزارتي المالية والخارجية ، جدد خوف الشركات والمستثمرين الاجانب الذين كانوا على وشك دخول السوق العراقية. وعلى الرغم من ذلك، مازال الاعتقاد السائد في بورصة بغداد هو تواصل التحسن الامني وهو العامل الاكثر تاثيرا في جذب الاستثمارات للبلاد.

سكك حديدية بثلاثة مليارات دولار

من جانبها قالت وزارة النقل العراقية انها ستدعو شركات أجنبية لبناء شبكة سكك حديدية حول بغداد بتكلفة ثلاثة مليارات دولار بهدف تحسين خطوط الشحن ونقل الركاب المحلية والاقليمية.

ويعاني العراق من بنية تحتية متداعية بعد عقود من الحرب والعقوبات والتراجع الاقتصادي لكن الدولة تأمل أن تمكنها احتياطيات النفط الغنية من الازدهار بعد أن بدأ العنف الطائفي الذي فجره الغزو الامريكي للبلاد عام 2003 ينحسر.  بحسب وكالة الانباء البريطانية .

وقالت الشركة العامة للسكك الحديد العراقية انها ستعلن في غضون أسبوع مشروعا لإحياء خطة تعود الى ثمانينيات القرن الماضي لبناء خط سكك حديدية حول بغداد ومحطتي ركاب رئيسيتين.  وقالت ان المشروع سيستغرق أربع سنوات. ووصف هلال القريشي مدير ادارة المشروعات في الشركة المشروع بالضخم وقال انه سيعتبر قلب شبكة السكك الحديدية العراقية.

وقالت وزارة النقل في بيان منفصل ان الخط سيربط جميع خطوط السكك الحديدية التي تمتد الى الاقاليم والدول المجاورة وسيحل جميع مشاكل الازدحام التي تعاني منها شبكة السكك الحديدية في بغداد. وقال القريشي انه بموجب الخطة لن تدخل قطارات الشحن بغداد نفسها بل ستحمل وتفرغ حمولتها في ميناء جاف يقع جنوبي العاصمة مباشرة.

ويشمل المشروع بناء محطتي ركاب رئيسيتين في غرب وشرق بغداد. ومن المقرر أن تبلغ الطاقة الاستيعابية للشبكة 23 مليون راكب و46 مليون طن من البضائع سنويا. وكانت شركة ايطالية قد وضعت تصميمات المشروع في الثمانينيات لكنها لم تنفذ.

الاستيراد من الأردن

بينما أفادت بيانات دائرة الإحصاءات العامة الأردنية بأن العراق استحوذ على 17. 6 في المئة من صادرات الأردن خلال الشهرين الأولين من السنة، ليحتل المرتبة الأولى من بين أكثر من مئة دولة تصل إليها صادرات المملكة.

وأوردت البيانات أن قيمة الصادرات إلى العراق بلغت 111. 29 مليون دينار (157. 18 مليون دولار)، في مقابل 117. 87 مليون دينار للفترة المماثلة من عام 2009. وتشير الأرقام إلى أن العراق استحوذ على ثلث صادرات الأردن لمنطقة التجارة الحرة، التي تضم 17 دولة، والتي بلغت 330. 9 مليون دينار، فيما استورد الأردن من العراق ما قيمته 14 مليون دينار.

وازداد حجم التبادل التجاري بين الأردن والعراق عام 2009 عن 1. 5 بليون دولار، في مقابل 1. 4 بليون عام 2008.  بحسب وكالة يونايتد برس.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 17/آب/2010 - 6/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م