عراقيو دمشق في رمضان... قلوب منكسرة وعيون تربو العودة

تحقيق: شاكر المحمدي

 

شبكة النبأ: ساجدة أرملة وأم لخمسة أطفال، تقول: أتمنى العودة لبلدي، وها قد أقبل علينا شهر رمضان وما زلنا نعاني المحنة في غربتنا. مشيرة الى أن الانتظار قد طال وحياتنا أصبحت عدم.

لافتة الى أن أجواء رمضان في العراق ليس لها مثيل، فهناك الجار يسأل عن جاره، ويتفقد الغني المسكين، فيما تعلوا أصوات المآذن بالترحيب والتهليل. والناس تتجول في الأسواق للتبضع والتهيؤ للصيام. أما هنا فحالنا قد تغير كثيراً، وأغلب الأرامل لم تحصل إلا على مئون المنظمات الإنسانية والتي لا تكفي الحاجة. شاكية الى الله تعالى الفرج.

غلاء الأسعار

من جهتها تقول أم دلير من ديالى: أنها السنة في الخامسة في دمشق وهذا رمضان السادس علينا، ولا شك أن العالم بأسره يشهد تزايد للأسعار خصوصا عند حلول هذا الشهر الكريم والأعياد التي تليه لكن المشكلة تتضاعف عند الغربة وخاصة لمن لا يمتلك له مصدر رزق ثابت.

وتضيف خلال حديثها لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، نحن نعاني كثيراً فقد منعت عنا مساعدات الجمعيات الخيرية بسبب بعض المشاكل التي افتعلت، وكان المقصود منها بالدرجة الأساس النيل من اللاجئين.

وتشير، تلك الجمعيات كانت تسد عنا معانات كبيرة.  فيما تؤكد أم سناء الى أن الصائم في رمضان يحتاج الى الأطعمة المميزة، والأجواء الروحانية وكل هذا فقدناه في ديار غربتنا، فلا نسمع الترحيب والاستقبال له ولا نجد مائدته التي كانت توصف في العراق بالموائد الخيرية، ما جعل رمضان يمر على الأرامل واغلب العوائل العراقية دون تذوق اللحم إلا لمرة أو مرتين، وأحيانا تأتينا من خلال مساعدات أحد الخيرين، أما العدس فهو الآخر اليوم بات من الموائد الصعبة علينا، فسعر الكيلو غرام منه يزيد عن الدولارين ونصف الدولار. وأسعار اللحوم التي كانت قبل رمضان بما يقارب 7 دولارات ونصف وأحيانا بأقل لكن ومع حلول هذا الشهر المبارك أرتفع إلى ما هو أكثر من 12 دولاراً للكيلو غرام. وهكذا بقية السلع.

مخيم فلسطين واليرموك

أبو خديجة 44عام، يقول: منظمات المساعدات القائمة على خدمة الفلسطينيين لم تمنع المغتربين العراقيين من خيراتهم فقد بات اليوم أبناء الشعبين يتقاسمون خبزت عيشهم.

ويضيف، تقوم هذه المنظمات بتوزيع وجبة إفطار قبل وقت الإفطار وفي مساجد محددة. مشيراً خلال حديثه مع (شبكة النبأ المعلوماتية)، تجد الأيتام والأرامل مصطفين في طوابير ينتظرون دورهم لتسلم وجبة الافطار ما يجعل الأمر ومن خلال هذه الصورة يدمي القلوب. متسائلاً: أين كان هذا الشعب وأين أصبح، فيما العراق بلد الخير الذي كان يفيض من خيراته على المحتاجين والمساكين وأبنائه واليوم يستجدون لقمتهم أمام أبواب المساجد والمنظمات الأنسانية علهم يجدوا ما يسد رمقهم.

ويتابع، مائدة العراقيين كانت تضرب بها الأمثال في بلدان الجوار لتنتهي بقطعة من الخبز وأناء صغير لم يكد يسد رمق طفل صغير في العراق.

مآسي رمضان في المهجر

في السياق ذاته تقول الارملة أم جهينة: أنا أم لولدين ولي طفلة هي أكبر أبنائي في الثانية عشر من عمرها أما أبني الكبير ذو الخامسة والعشرون عام، فقد حصل على لجوء إلى أمريكا تاركاً الحمل على أكتافي لوحدي وذلك كله بسبب قرارات اللجوء المجحفة مع العوائل العراقية.

وتضيف لـ(شبكة النبأ المعلوماتية)، بعد أن تمزقت العوائل بسبب هجرتها ازدادت تمزقا أكثر بتفريقها من خلال قرارات اللجوء وقبول أشخاص من العائلة دون أخرين. مؤكدة الى انها لا تشعر بشهر رمضان منذ هجرتنا الى دمشق و تركنا البلاد مغادرين ومودعين كل شيء كان يمتاز بطعم جميل وكيف كنا نستقبل هذا الشهر بلهفة.

موضحة، الى أن غلاء الأسعار في بلدنا كان أهون علينا من الآن، فقد كنا إذا حرمنا من شيء نجد الجيران والمقربين يساعدونا.

وتسترسل شاكية: من لنا بغربتنا فبعد أن كنا نستقبل رمضان بالشوق وحنين الخيرين أصبحنا اليوم نستقبله بالدموع والحرمان والغربة مارين من أمام المحال التجارية في الاسواق متحسرين، فقوائم الأسعار بازدياد ودموعنا بأشد حرارة. وهذه الدموع لن تنقطع طيلة الشهر كله فمن لم يجد شيء لرمضان لم يجد شيء لاستقبال العيد بعد رحيله .

الأطفال والحرمان

من جهتها تقول غادة الكوفية: لقد طال الحرمان أطفالنا المساكين والذين لا ذنب لهم بكل ما جرى فنحن تعودنا إلا نأكل ما نشتهيه في رمضان فهل يعني هذا أن نعود الصغار ألا يجددوا لباسهم كما هو حال أقرانهم. مضيفة: أنهم صغار ولم يتفهموا الحال بعد وكيف لنا ونحن قد تعودنا التجوال في الأسواق وشوارعها المزدحمة خلال هذا الشهر المبارك. لافتة الى اننا أستغنينا عن كل طقوس وعادات رمضان التي تعودنا عليها في بلادنا، فغلاء الأسعار وشدة الحاجة جعلتنها نجلس في منازلها تحسبا لأحراج أنفسها أو خوفاً من طلبات لا نستطيع توفيرها لأطفالنا. وتشير، الى أن الدموع لم تعد هي، فنحن لا نستطيع إظهارها أمامهم حتى لا يتألموا أكثر.

مشاكل أخرى

فيما أكدت أم إقبال 38عام الى أن حالة الحرمان والعوز حولت حياة العراقيين إلى صورة لا تطاق. فهنا كبت وهناك غلاء وارتفاع أسعار ومناظر أبواب المساجد التي تدمي القلوب لوقوف الناس منتظرين وجبة فطورهم.

وتضيف لـ(شبكة النبأ المعلوماتية): أما ما خفي خلف الجدران وأبواب المنازل فكان أفضع، حيث هناك عوائل عراقية لا تتمكن من الحصول على لقمة إفطارها شاكية إلى الله ضعف حيلتها، ناهيك عن سماع لمز وغمز أبناء البلد الذين باتوا يشكون حالهم بسبب مضايقتنا لهم. وتؤكد، الى أن كثرة اللاجئين في سوريا غيرت مجرى حياتهم من خلال ارتفاع أسعار الإيجارات والأطعمة والألبسة الى أضعاف ما كانت عليه ، فمازالت عيوننا وقلوبنا تتطلع إلى العودة.

وتختتم ام اقبال، نناشد السلطات العراقية حل مشاكلنا ومطالبة أن يزوروا أبنائهم الذين أنتخبوهم. لافتة الى انه قد حان الآن لوضح حل لما نحن فيه فإذا لم يجدوا حل لمشكلة عودتنا ليضعوا حلا على الأقل لمساعدتنا مؤقتا فاليتامى والأرامل لا أحد لهم اليوم ألا الله.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/آب/2010 - 5/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م