اطلالة على شهر الضيافة الالهية

رفعت الواسطي

نقرأ في القرآن الكريم {شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان} الحمد لله على نعمه كلها بجميع محامده كلها والحمد له في الاولى والآخرة وعظيم الحمد لله المنعم علينا بشهره الكريم حيث الضيافة الالهية ومنه يكون أحلى وأروع مانعطر به مسامعنا ونمتع به أبصارنا وتتفتح من خلاله مدارك العقول بكلام الله المبارك في قرآنه المحكم الذي فيه هدى للناس يهديهم الى الطريق الصحيح بلا ضلالة أو تحريف أو غشاوة فكل ماورد في القرآن هو كلام الله عز وجل منزها خالصا هو الحق المبين والحجة على عباده وثقل الله الاول بين الناس ما ان تمسكوا به لن يضلوا أبدا مع الثقل الثاني الذين اذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ولن يفترقا الى يوم الورود الى الله تبارك وتعالى يوم المشهد العظيم حيث المحشر والحساب.

اطلالة شهر رمضان اطلالة على القرآن بكلامه الهادي المبين وطالما ان المضيف في هذا الشهر المبارك هو الخالق عز وجل فمن الاولى ان يكون كلام المضيف هو الموجه فينا والباعث على خضوع القلب وخشوعه بالعبادة والتوجه اليه بالتوسل والدعاء لان رحمته وسعت كل شئ وقوته قهرت كل شئ وخضع لها كل شئ وذل لها كل شئ.

هكذا يفترض ان نكون حملة القرآن في شهر الضيافة الالهية نقرأه بقلوب عامرة بالخشوع كي تفتح لنا أبواب الرحمة الالهية في معرفة القرآن وكنوزه التي مازالت غير مكتشفة اليوم فهو كما ورد في سيرة النبي المصطفى قيل لرسول الله (صلى الله عليه واله) إن أمتك ستفتن سُئل وما المخرج من ذلك ؟

فقال : كتاب الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد من إبتغى العلم في غيره أضّله الله.

قال رسول الله (صلى الله عليه واله) : من أراد علم الأولين والآخرين فليقرأ القرآن.

ان فرصة عظيمة بهذين المفهومين الضيافة الالهية والهدى القرآني الذي يبين لنا ويوضح لنا معالم الحق ودلائله الواضحة والمفرقة عن الباطل كيف نميز بين الخير والشر بين النافع لنا عن الضار ونحن نعيش عصر الفتن والضلالة عصر الاكاذيب واستغلال العقول وغسلها غسلا مشوها وضالا، كيف نستطيع ان نتحرك بثقة وقوة ايمانية، ببساطة من يفهم الدعوة الى الله خالصة من كل رياء ومغانم شخصية فأمام الكرم الالهي لابد ان تذوب النفس بحب الله في الخير والرحمة بين الناس لنكون كما امرنا الله ورسوله {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم}

وطالما قرآن هذه الاية المباركة ونحفظها كما نحفظ اسمائنا يفترض مع الحفظ ان نعيش الرحمة بيننا كي نكون من المرحومين في هذه الدنيا وتتنزل علينا بركات السماء بأعمالنا التي تعود لنا بالنتائج كيف ستكون هل هي نتائج طيبة ومثمرة نافعة لنا وللناس أم نتائج خبيثة تضر الناس وتعود عليهم وعلينا بالتهلكة والخسارة ؟ هل يمكن أن نسال أنفسنا مثل هذه الأسئلة الى أين نحن ماضون ؟ والى أي الطرق سنسلك للوصول الى أهدافنا وماهو الهدف من هذه الرحلة القصيرة من أعمارنا الفانية ؟ هل جربنا مثل هذه الأسئلة على أنفسنا وبين أصدقائنا والاهل والاحبة ؟ هذا العام وفي هذا الشهر الكريم من منا فقد عزيزا له من الاهل والاصدقاء ؟ أين رحلوا وكيف ماتوا وماذا قدموا؟ لابد من مراجعة للنفس ومحاسبة للعقل هل هو مدرك للامور أم نعيش الحياة كماهي البهائم ونحن انطوى فينا العالم كله كما يعبر الامام أمير المؤمنين فالانسان سيد المخلوقات وهو الذي يعمر الارض كماعمرها من سبق وفق مايعرف بالحضارة البشرية.

اطلالة شهر رمضان المبارك اطلالة على الخير والبركة والنعمة واطلالة على السلام والمعرفة وحب الخير فكل ما هو منسوب لله هو الخير والبركات والنعم التي لاتعد ولاتحصى ونحن على أعتاب الضيافة الالهية فهنيئا لكل من كان خفيف الظل مهذبا نفسه ومتأدبا بادب القرآن ناطقا بكلام الله عارفا بأحكامه مميزا بين الحق والباطل كما ورد في كتاب الله هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان.

ان مايمر به العالم اليوم هو مناسبة لنا أن نعيد النظر بكل مايتعلق بأفكارنا ومانتبناه من شعارات قد خدعنا بها أو كانت غشاوة على البصائر والقلوب وهذا الشهر المبارك مناسبة طيبة ان نقرا كلام الله عز وجل قراءة متدبرة ومتأملة لما تمر علينا من آيات الله الدالة على وجوده ورحمته وعظمته وسلطانه وملكه وملكوته لنحظى بنعمة التوفيق الالهي في معرفة حقائق الايمان كيف نتذوقها وكيف تتفتح لنا سبل الهداية والرحمة فكم من موهبة هنيئة قد أعطاني، وعظيمة مخوفة قد كفاني، وبهجة مونقة قد أراني، هذه الكلمات هي النابعة من معرفة القلب بما أنعم المنعم علينا فليس من المروءة ان لانعيش شهر القرآن الكريم ونحن في ضيافة من أنزل القرآن في شهره المبارك بل ان الكتب السماوية والواح الانبياء ابراهيم وموسى وعيسى وحبيبه المصطفى كلها نزلت في شهر رمضان لما فيه من حرمة وعظمة أسرار تحتاج الى أوعية نقية تكتشف بعضا منها. نسال الله تبارك وتعالى بعزته ورحمته ان ينزل علينا بركاته ويفيض علينا من نعمه ورحمته وان يهيء لنا أسباب الوقوف على حقائق الايمان ومعرفة الهدى واعلام التقى انه سميع مجيب.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 12/آب/2010 - 1/رمضان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م