المكسيك... عصابات تجتاح المدن أمام عجز السلطة

 

شبكة النبأ: بات العديد من مدن المكسيك تشهد بين الفينة والأخرى نعارك دموية أبطالها في الغالب تجار المخدرات وعصابات الجريمة المنظمة، امام مرأى ومسمع السلطات الامنية التي تبدو عاجزة عن التصدي لها.

حيث سجلت موجات العنف والجريمة ارقاما قياسية في اعداد القتلى والجرحى خلال الاعوام القليلة الماضية، على الرغم من شن السلطات هناك حملة امنية لم توفق في كبح جماح العنف.

وتقترب الحصيلة من 25 الف قتيل منذ كانون الاول/ديسمبر 2006 تاريخ تولي الرئيس فيليبي كالديرون الذي اعلن حربا على مهربي المخدرات يشارك فيها 50 الف عسكري.

مقتل 17 شابا

فقد قتل 17 شابا بالرصاص عندما اطلق مسلحون مجهولون النار خلال حفل في توريون، شمال المكسيك، ليل السبت الاحد كما اعلنت النيابة المحلية والشرطة.

كما اصيب نحو عشرة اشخاص في اطلاق النار هذا، وذلك عندما اقتحمت مجموعة من الرجال "المدججين بالسلاح" الحفل الذي كان مقاما في احدى ضواحي مدينة توريون عاصمة ولاية كواهيلا الواقعة على الحدود مع ولاية تكساس الاميركية كما اوضحت المصادر نفسها.

وقال شرطي ان الهجوم يشبه كثيرا اسلوب مجرمي كارتلات المخدرات ونقل عن شهود عيان قولهم "كانوا يصرخون +اقتلوهم جميعا+ وبدأوا في اطلاق النار". واضاف ان الجناة غادروا المكان مخلفين اكثر من 200 رصاصة فارغة.

واوقعت مذبحة مشابهة نحو 15 قتيلا في شباط/فبراير الماضي خلال حفل في مدرسة بمدينة كويداد خواريث على حدود ولاية شيواوا المجاورة وولاية تكساس.

واعترف احد المتهمين بان القتلة من عصابة "الاستكس" التي تعمل لحساب كارتيل خواريث احد اشهر الكارتلات في البلاد وقد استهدفوا مجموعة من الطلبة اعتقدوا انهم يعملون لحساب كارتيل منافس اخر.

واوقعت اعمال العنف التي تندرج في اطار الجريمة المنظمة وخاصة تهريب المخدرات في المكسيك اكثر 33 قتيلا، بينهم ستة رجال شرطة، في شمال وجنوب البلاد كما اعلنت السلطات.

واودت "حرب الكارتلات" في المكسيك بحياة سبعة الاف شخص منذ مطلع العام وفقا لوزراة العدل، وهو مستوى لم يحدث ان بلغته من قبل. وفي مدار العام كله اوقعت المواجهات بين العصابات وقوات الامن تسعة الاف قتيل. بحسب فرانس برس.

الشرطة الأمريكية

وفي سابقة من نوعها، وجه أباطرة تجارة المخدرات المكسيكية تهديدات مباشرة بالقتل لعناصر شرطة أمريكية في منطقة تجاور الحدود مع المكسيك.

وجاء التهديد بعد مصادرة شحنة ماريغوانا، في "نوغاليس" بولاية أريزونا، وهي مدينة مجاورة للحدود المكسيكية.

وتخوض عصابات (كارتلات) المخدرات المكسيكية حرباً شرسة فيما بينها للسيطرة على السوق المحلية والتجارة إلى الولايات المتحدة، الدولة المستهلكة الأولى للكوكايين في العالم، في صراع دام أوقع  عشرات الآلاف القتلى، إلا أنها المرة الأولى التي يجري فيها تهديد  قوات أمن أمريكية.

في السابق، ثارت تكهنات بشأن تهديدات بالقتل وجهتها عصابات المخدرات المكسيكية لعناصر شرطة أمريكية، غير أنها، ودون شك، أول تهديد مؤكد بحسب مسؤولين أمريكيين.

وبدأت الواقعة قبيل أسبوعين بعدما أحبط ضباط شرطة في "نوغاليس"، خارج ساعات العمل، عملية تهريب ومصادرة كمية كبيرة من الماريغوانا. بحسب السي ان ان.

وقال قائد شرطة نوغاليس" جيفري كيركام، إن المهربين نجحوا في الإفلات والفرار إلى داخل المكسيك.

وأوضح قائلاً: "نحن نأخذ هذه التهديدات على محمل الجد.. تلقينا معلومات من مخبرين يعملون في المكسيك إن كارتل المخدرات وراء هذه العملية مستاءون من مصادرتنا للشحنة."

وتابع: "لقد قالوا للمخبر إنهم يتفهمون أن على رجال الشرطة، أثناء ساعات العمل، واجباً لتأديته، لكنهم سيستهدفون كل من يعترض عملياتهم خارج ساعات الدوام."

وأضاف: "أمريكا تقوم على الحريات.. لن ترهبنا هذه التهديدات لكننا نأخذها على محمل الجد.. طالبت الضباط بحمل السلاح حتى خارج ساعات العمل." وأرسلت دائرة "جماية الحدود والجمارك" الأمريكية تعزيزات أمنية إلى المنطقة."

ولم يتضح بعد أي من عصابات المخدرات المكسيكية وراء تهديد شرطة "ناغاليس"، التي تجاور على الشق الآخر من الحدود المكسيكية منطقة "نوغاليس سونورا" حيث تتصارع عصابتي "سينالوا" و"جواريز."

تخوض حكومة الرئيس المكسيكي فيليبي كالديرون، حرباً شرسة ضد عصابات المخدرات في شمال المكسيك، ونشرت حوالي 50 ألف جندي وآلافا من رجال الشرطة في أنحاء البلاد في إطار حملة وطنية لمواجهة عصابات المخدرات، ولكن هذه الحملة فشلت حتى الآن في وقف أعمال العنف المرتبطة بالمخدرات التي أودت بحياة أكثر من 15  ألف شخص في السنوات الماضية.

انكسار الشرطة

في سياق متصل قتل في اقل من ثلاث ساعات 43 شخصا على الاقل هم 15 شرطيا في مكمن ومواجهة مسلحة و28 معتقلا في مواجهة في احد السجون.

وبدأ اليوم باعلان مقتل 12 من عناصر الشرطة الفدرالية في مكمن نصبه لهم مسلحون في زيتاكوارو غربا فيما كانوا متوجهين في سياراتهم الى العاصمة مكسيكو. ولم تربط السلطات هذا الحادث في شكل مباشر بكارتيلات المخدرات.

كذلك، قتل ثلاثة شرطيين واصيب رابع في مواجهة مع مهربي مخدرات مفترضين في مدينة شيواوا (شمال).

واعلنت وزارة العدل في ولاية سينالوا في شمال غرب البلاد مقتل 28 معتقلا على الاقل اثر مواجهات في سجن بمازاتلان، المنتجع السياحي على المحيط الهادىء.

وقال مصدر في وزارة العدل "قتل 28 شخصا واصيب ثلاثة من عناصر الشرطة"، موضحا ان الضحايا سقطوا جراء مشادة بين المعتقلين. بحسب فرانس برس.

وادت المواجهات بين كارتيلات المخدرات والسلطات المكسيكية الى نحو 23 الف قتيل منذ كانون الاول/ديسمبر 2006، تاريخ تولي الرئيس فيليبي كالديرون السلطة ونشره مذذاك خمسين الفا من عناصر الشرطة والعسكريين.

وتخوض كارتيلات المخدرات حربا في ما بينها للسيطرة على تهريب الممنوعات الى الولايات المتحدة، اول مستهلك للكوكايين في العالم.

مواجهات دامية

كما قتل 20 شخصا على الاقل في هجمات مرتبطة بتجارة المخدرات نفذتها مجموعة من المسلحين في اماكن عدة من مدينة بويرتو ماديرو في ولاية تاموليباس (شمال شرق).

وقال ضابط في الشرطة الفدرالية لوكالة فرانس برس انه حتى الساعة "تم العثور على 20 جثة في اماكن مختلفة في المدينة".

واوضح مصدر في النيابة العامة المحلية ان مجموعة من المسلحين تزرع الرعب في هذه المدينة المطلة على خليج المكسيك، مكثفة هجماتها وعمليات الاغتيال المرتبطة بتجارة المخدرات.

وتشهد ولاية تاموليباس منذ اشهر عدة مواجهات دموية بين كارتيل الخليج وحلفائه السابقين من مجموعة زيتا وهي عصابة تضم عددا من قدامى عناصر الوحدات الخاصة في القوى الامنية والذين تحولوا بعد تسريحهم الى قتلة مرتزقة.

ويأتي هذا الهجوم الجديد بعيد ساعات من مقتل 19 شخصا في هجوم شنه حوالى 30 قاتلا مأجورا في مركز للعلاج من ادمان المخدرات في شيواوا قرب الحدود مع الولايات المتحدة.

جنود ومهربين

وعلى صعيد متصل افادت الشرطة المحلية ان مواجهة داخل مقبرة بين جنود ومهربين مفترضين للمخدرات انتهت الثلاثاء بعشرة قتلى في تاكسكو على بعد 170 كلم من العاصمة مكسيكو.

وقال مدير الشرطة في ولاية غيريرو فالنتين دياز لوكالة فرانس برس "حتى الان نعلم ان عشرة اشخاص قتلوا ولكننا نجهل ما اذا كانوا جنودا او قتلة ماجورين مفترضين".

وياتي تبادل اطلاق النار الذي اندلع في مقبرة للبلدية غداة يوم دام في المكسيك قتل فيه 15 شرطيا في مواجهات مع مهربين و28 معتقلا داخل احد السجون ينتمون الى عصابات تهريب الممنوعات.

55 جثة في منجم مهجور

من جهتها ذكرت السلطات المكسيكية أن الشرطة اكتشفت عشرات الجثث في منجم مهجور يشتبه بأن عصابات للمخدرات تستخدمه للتخلص من جثث ضحاياها. وتم حتى يوم السبت استخراج 55 جثة من المنجم بعضها في مراحل متقدمة من التحلل.

تم اخراج 55 جثة من مدفن سري في ولاية غويريرو في اهم اكتشاف من نوعه في المكسيك، على ما اعلنت النيابة العامة المكسيكية في هذه الولاية الواقعة جنوب البلاد والتي تشهد حربا بين عصابات المخدرات.

واكتشف هذا المدفن في فتحة تهوئة لمنجم بعمق مئة متر في قرية تاكسكو السياحية. وقال البيرتيكو غوينتو سيييرا المتحدث باسم النيابة العامة للولاية خلال مؤتمر صحافي الاثنين "في مساء يوم السبت بلغ عدد الجثث المستخرجة من هذا المدفن 55". واضاف ان عمليات البحث "انتهت".

ولم يتم التعرف بشكل مؤكد الا على اربع جثث بينها جثة مدير سجن. وتعتقد السلطات ان هذه الحفرة استخدمت من قبل عصابات المخدرات للتخلص من ضحاياها.

وقد يتطلب التعرف على الجثث ال 51 الاخرى على الاقل ثلاثة او اربعة اسابيع، بحسب السلطات. وقدر المحققون ان الجثث وضعت في هذه الحفرة خلال الاشهر الستة الماضية.

وتواصل قوات الامن البحث في عشرة آبار قريبة من منجم تاكسكو حيث ابلغ جيران عن روائح كريهة منبعثة، بحسب النيابة العامة.

وتقدمت 50 اسرة الى سلطات الولاية لطلب معلومات عن الجثث المستخرجة من الحفرة معربة عن خشيتها من وجود اقارب مفقودين في وسط البلاد في الاشهر الاخيرة، بين الجثث، بحسب المتحدث باسم النيابة.

وولاية غيريرو المحاذية للمحيط الهادىء تستخدم معبرا للكوكايين والهروين المورد من اميركا الجنوبية ليعاد تصديره الى الولايات المتحدة اكبر مستهلك عالمي للمخدرات.

سجناء يخرجون ثم يعودون

الى ذلك اظهرت التحقيقات ان مرتكبي ثلاث جرائم اودت بحياة 35 شخصا في شمال المكسيك هم سجناء كانت ادارة السجن تخلي سبيلهم في الليل وتزودهم بأسلحة حراسهم لينفذوا هذه الجرائم تحت الطلب، على ما اعلنت النيابة العامة.

وقال متحدث باسم المدعي العام ان "المشتبه فيهم في تنفيذ هذه الاعمال هم مجموعة من السجناء الذين سمح لهم بالخروج من السجن واستخدام اسلحة الحراس لارتكاب هذه الجرائم".

ففي 18 تموز/يوليو قتل 17 شخصا باطلاق نار اثناء حفلة، وفي 15 ايار/مايو قتل تسعة شباب في ملهى ليلي، اما العشرة الآخرون فقد لقوا حتفهم في الاول من شباط/فبراير في حادث اطلاق نار ايضا.

وقال المتحدث ان السجناء كانوا يتحركون بناء على اشارة مديرة السجن مارغاريتا غوميز، الموقوفة حاليا على ذمة التحقيق، الى جانب ثلاثة من موظفيها بتهمة "ارتكاب اعمال ثأرية تحت الطلب باستخدام آليات رسمية لنقل اسلحة الحراس" من السجن الى الاماكن التي نفذت فيها الجرائم. بحسب فرانس برس.

واظهرت تحقيقات الشرطة ان "اربعة بنادق من نوع آي أر-15 استخدمت لارتكاب هذه الجرائم" وهو نوع البنادق الذي يستخدمه حراس السجن.

وتشهد المكسيك صراعا دمويا بين عصابات تهريب المخدرات والقوى الامنية اسفرت عن مقتل 25 الف شخص منذ العام 2006، رغم نشر تعزيزات قوامها 50 الف جندي وشرطي.

يقتحمون الزفاف ويخطفون العريس

من جهة اخرى أبلغ مسؤولو ادعاء بأن مسلحين اقتحموا حفل زفاف بكنيسة في مدينة سيوداد خواريز المكسيكية، وخطفوا العريس وثلاثة معه، وقتلوا آخر، قبل ان يلوذوا بالفرار.

وقال كارلوس غونزاليس المتحدث باسم مكتب الادعاء العام بولاية شيهواهوا إنه "من غير الواضح في ما إذا كان هذا العمل مرتبط بعنف العصابات أو تجارة المخدرات،" مضيفا أن الحادث لا يزال قيد التحقيق.

وأشار غونزاليس إلى أن "الضحية الذي يبدو أنه شاب في بداية العشرينيات من العمر، قتل بإطلاق النار في الظهر، موقف السيارات التابع للكنيسة." بحسب السي ان ان.

وقالت تقارير محلية إن الضحية كان يحاول الفرار من موقع إطلاق النار، حيث دخل المسلحون واختطفوا العريس، وعمه وشقيقه، والأشبين (صديق مقرب من العريس)."

وتعد سيوداد خواريز المدينة الأكثر عنفا في المكسيك، إذ سجل فيها أكثر من 2600 حالة وفاة ذات صلة بجرائم المخدرات في عام 2009.

تسليم الحاكم السابق

من جهتها اعلنت مصادر قضائية ان الحاكم السابق لولاية مكسيكية مثل امام قاضية في الولايات المتحدة التي تسلمته قبل يوم وسيحاكم بتهمة حماية تهريب مخدرات مقابل رشاوى بقيمة ملايين الدولار.

وماريو ارنستو فيلانويفا مدريد متهم بتسهيل ادخال الكوكايين الى الولايات المتحدة ويمكن ان يحكم عليه بالسجن مدى الحياة اذا ادين. وقد مثل امام القاضية الاتحادية في نيويورك نعومي بوشوالد ونفى الاتهامات الموجهة اليه. وقالت مصادر قضائية ان بوشوالد امرت بحبسه.

ويفيد الاتهام ان فيلانويفا الذي كان حاكم ولاية كوينتانا رو الجنوبية في التسعينات ابرم اتفاقا مع كارتل خوريز للمخدرات لحماية شحنات كوكايين مرسلة الى الولايات المتحدة وتمر عبر ولايته.

وكان يحصل على ما بين 400 و500 الف دولار لقاء مرور الشحنة الواحدة وجمع "ملايين الدولارات بفضل تهريب المخدرات" بين 1994 و1999.

وقالت وزارة العدل الاميركية في بيان ان "فيلانويفا مدريد وضع الشرطة والبنى التحتية للحكومة في الولاية بتصرف الكارتل". واوضح البيان ان عناصر من شرطة الولاية والشرطة الاتحادية كانوا يؤمنون الحماية لفرق تهريب المخدرات التي كانت تقوم بانزال الكوكايين من القوارب ثم تقوم بتمريرها في هذه الولاية على متن شاحنات صهاريج.

واضاف ان "مستودعات تملكها حكومة الولاية كانت تستخدم لتخزين المخدرات وتفريغ الكوكايين القادم بالطائرة من بيليز". وتابع ان "اعضاء في الكارتل كانوا يحصلون على وثائق شخصية وتصريح بحمل اسلحة نارية ليتمكنوا من السفر في كوينتانا رو بدون مشاكل".

واكد المصدر نفسه ان الرجل اودع ملايين الدولارات في حسابات في الخارج. ويبدو انه قام بسحب 11 مليون دولار من حساباته في مصرف ليمان براذرز في 1999 في نهاية ولايته قبل ان ينتقل للعيش في مكان سري. وقد اعتقل في 2001.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/آب/2010 - 22/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م