غزة... ظروف قاهرة وسكان نصف أحياء

 

شبكة النبأ: بين جدران المنزل هنا يسكن الألم والفقر وكأنها مأساة غزية تتجدد كنا على موعد مع الطفلة، والبراءة الطفلة سومة التي لم تتجاوز العشرة أعوام كانت ترقد بزاوية من زوايا المنزل, المنزل الذى كانت أرضيته ممتلئة بالحفر, كانت سومة على موعد مع المرض (مرض السرطان) ليفتك بجسدها وملامح وجهها الشاحب م أثار المرض.

طفلة فى عمر الزهور وكأنها تحمل هموم الدنيا على كاهلها بسبب مرضها المفاجئ الذى كان صاعقة أخرى على العائلة لتتجدد المأساة الغزية لتلك الأسرة من جديد بعد أن أخذ الفقر والحصار جانبا من معاناتهم, كل ما تتمناه (سومة) أن تبقى على قيد الحياة لتستكمل مسيرتها التعليمية وتنخرط فى مجتمعها كأى طفلة أخرى بعيدة عن المرض وقسوة وقهر الحياة بحصارها وفقرها, يشار إلى أن رب الأسرة أبو رائد لا يعمل ويملك من الأبناء تسعة أبناء ويعتمد فى معيشتهم بعد الله سبحانه وتعالى على المساعدات المقدمة له من وكالة الغوث الدولية التى لا تسد رمق أسرته بمعاناتها, وطالب والد الطفلة كل المسئوليين الوقوف بجانبه لعلاج طفلته وفلذة كبده حيث أنه لا يستطيع توفير المصاريف لعلاجها بالخارج.

من شاهد المعانة يرى مدى المأساة وهنا لزم علينا أن نقف صامتين وأخذ البكاء جانبا ليستكمل الحديث, مأساة حقيقية يعيشها الغزيين فى ظل الحصار، والفقر حيث أن المنزل لا يحتوى على مرتكزات الحياة الأساسية لا يحتوى على (ثلاجة -غسالة - أدوات مطبخ ) وتضع الأسرة ملابسها فى عبوات كرتونية , وهنا حال الأسرة يقول أن الله لا ينسى عبده.

أضرار طويلة الأجل

من جهتهم قال خبراء صحيون فلسطينيون يدرسون تأثير الحصار الاسرائيلي المفروض على قطاع غزة انه يهدد بالحاق ضرر طويل الاجل بصحة الفلسطينيين حيث يجعل الكثير من الاطفال عرضة لضعف النمو أو سوء التغذية.

وذكر باحثون في سلسلة من الدراسات نشرتها دورية لانسيت الطبية (Lancet) أن الهجوم الاسرائيلي على القطاع في مطلع 2009 كان له تأثير مدمر حيث أنه سبب اصابات وعمليات نزوج ومعاناة اجتماعية خاصة بين الاطفال.

ومستويات التوتر بين سكان القطاع مرتفعة أيضا. وتحدثت نساء عن الرعب الذي واجهنه في الولادة تحت الحصار حيث نقل البحث عن احداهن قولها "لا أصدق أنني لم أمت."

وتشير تقديرات الى أن نحو 1400 شخص قتلوا وأصيب كثيرون اخرون في الهجوم الاسرائيلي على قطاع غزة بين ديسمبر كانون الاول ويناير كانون الثاني 2009. ووصف خبراء الصحة الدمار الذي لحق بالبنية التحتية بما في ذلك المنازل بأنه "لم يسبق له مثيل."

وخففت اسرائيل قليلا الحصار الذي فرضته على القطاع بعد فوز حركة المقاومة الاسلامية (حماس) في انتخابات فلسطينية في 2006 . وكانت القيود قد شددت على القطاع بعد انتزاع حماس - التي ترفض مطالب غربية بالاعتراف بحق اسرائيل في الوجود - السلطة في غزة بعد ذلك بعام.

وقالت نيفين أبو رميلة من معهد الصحة العامة والمجتمعية في جامعة بيرزيت بالضفة الغربية ان الحصار المفروض على المنطقة لازال يمثل العقبة الرئيسية أمام تحسين ظروف معيشة وحياة السكان. بحسب رويترز.

ورغم الحصار تسمح اسرائيل بدخول مساعدات طبية وانسانية الى غزة ويقول الجيش الاسرائيلي ان سبعة الاف فلسطيني يقصدون اسرائيل قادمين من غزة كل شهر للعلاج.

وفي دراسة للتداعيات الصحية للهجوم الاسرائيلي على القطاع أجريت قبل تخفيف الحصار قام فريق نيفين بتحليل الظروف الصحية لسكان القطاع باستخدام بيانات من مسح عشوائي لنحو ثلاثة الاف أسرة فلسطينية.

وتعرض قرابة ثلث العينة التي تناولها المسح للتشريد أثناء الحرب ودمرت 39 في المئة من منازلهم كليا أو جزئيا. وعند الانتهاء من الدراسة في أغسطس اب 2009 لم يكن قد جرى اصلاح سوى ربع المنازل المتضررة.

وتوصلت الدراسة أيضا الى أن أكثر من 70 في المئة من الاسر تعتمد على المساعدات الغذائية ووصف 57 في المئة من المشاركين في الدراسة ظروف الحياة بأنها "أقل من جيدة".

وأجرت دراسة ثانية بشأن الولادة تحت الحصار مقابلات مع خمس قابلات و11 امرأة للحديث عن تجاربهن في ظل التفجيرات. ووصفت النساء كيف تعاملن مع الخوف والعنف وعدم اليقين حولهن.

ونقلت الدراسة عن احداهن قولها ان الاسوأ كان عندما يحل الظلام. وقالت "لم أكن أفكر مثل الاخرين الذين يواجهون الموت أو القصف وانما كنت أفكر فحسب في حالتي. ماذا سيحدث اذا بدأت الام الولادة أثناء الليل؟ كيف سأتعامل؟ لقد كانوا يقصفون حتى سيارات الاسعاف. كانت الليالي كالكوابيس. كنت كل صباح أتنفس الصعداء لطلوع النهار."

وبحثت خلود ناصر من وزارة التعليم في رام الله الانظمة الغذائية للاطفال الفلسطينيين واثارها على صحتهم وتعليمهم.

وأجرت دراسة على حوالي ألفي طفل ومراهق وتوصلت الى أن واحدا من بين كل أربعة منهم لا يتناول وجبة الافطار وهي المؤشر الرئيسي لعادات الاكل الصحية وأن واحدا من كل عشرة منهم مصاب بالانيميا. وتوصلت أيضا الى أن واحدا من بين كل 17 منهم مصاب بضعف النمو. وذكرت أن حوالي اثنين في المئة منهم مصابون بنقص الوزن وأن 15 في المئة اما مصابون بزيادة الوزن أو بالبدانة.

وكتبت خلود في الدراسة تقول إن هناك حاجة لبرامج تغذية مدرسية شاملة وفعالة تستهدف كل الفئات العمرية وتركز بشكل خاص على المراهقين والبنات لان البيانات عن زيادة الوزن وأنيميا نقص الحديد مثيرة للقلق.

تخفيف الحصار

الى ذلك إذا كانت لديك بعض النقود الفائضة في غزة فيمكنك أن تشتري لاولادك أنواعا جديدة من الشوكولاتة سمحت اسرائيل مؤخرا بدخولها الى القطاع للمرة الاولى منذ بضع سنوات أو أن تنفقها على شراء بعض أدوات المائدة الجديدة وافقت على دخولها أيضا.

لكن اذا كنت تريد الاسمنت والحديد لاعادة بناء منزل دمرته الحرب فسيكون عليك الانتظار لفترة أطول.

ولم تقرر اسرائيل تحديدا بعد ما ستسمح وما لن تسمح بدخوله غزة في اطار نهج جديد تجاه القطاع الذي تفرض عليه حصارا منذ أربعة أعوام. وفي الوقت الذي بدأت تغير فيه سياستها بدأت بعض السلع التي كانت محظورة من قبل تتدفق عبر الحدود.

وحتى الان لا أثر للمواد الاساسية وقطع غيار الالات التي يقول عمال اغاثة ورجال أعمال ان غزة تحتاجها لتوفير السكن للمشردين واحياء الاقتصاد لتخفيف حدة الفقر المتزايد نتيجة الحصار.

وأعلنت اسرائيل في 20 يونيو حزيران أنها ستخفف الحصار في مواجهة موجة غضب دولية بسبب هجومها على سفينة مساعدات تركية حاولت كسر الحصار الشهر الماضي مما أسفر عن سقوط قتلى.

ورحبت بهذا القرار الحكومات الاجنبية التي كانت تحث اسرائيل على رفع او تخفيف الحصار.

الا أن الخطوات التي اتخذتها اسرائيل حتى الان خيبت امال الفلسطينيين الذين يريدون الحصول سريعا على مواد مثل الاسمنت وليس السلع الاستهلاكية الموجودة بوفرة للقلة التي تملك فائضا من المال.

ولم تبدأ اعادة الاعمار في غزة حتى الان بعد الهجوم العسكري الذي شنته اسرائيل على حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) في 2008-2009 .

وعلى مدار الاسبوعين الماضيين سمح تخفيف الحصار لأصحاب متاجر البقالة بملء متاجرهم برقائق الذرة المصنعة (الكورن فليكس) والكعك والبسكويت والشامبو وشفرات الحلاقة التي تدخل قطاع غزة من خلال معبر كرم سالم. بحسب رويترز.

ومثل معظم البضائع كانت تلك السلع متوفرة وان كان ذلك بثمن باهظ من خلال تجار السوق السوداء الذين كانوا يسدون فجوة الامدادات بادخال السلع عبر الانفاق من مصر التي كانت طريق الامداد الرئيسي لغزة في العامين الاخيرين.

وقال عماد البزم الذي يملك متجرا للبقالة فيما كان يرتب صناديق الكعك التي وصلت للتو من اسرائيل "لا تستطيع السوق استيعاب هذا.

"البلاد بحاجة الى مواد توفر عملا للناس مثل الاسمنت والمعادن والمواد الخام للمصانع" مشيرا الى الصعوبات الاقتصادية في غزة. وتقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) ان 80 بالمئة من السكان يعتمدون الان على مساعداتها الغذائية مقابل 40 بالمئة قبل بضعة أعوام.

ويقول مسؤولون فلسطينيون ان من المتوقع دخول الات غسل الملابس والمبردات ( الثلاجات) وتجهيزات المراحيض في الايام القليلة القادمة. وأبلغ تجار قطع غيار السيارات بأن يترقبوا وصول ماسحات الزجاج والكشافات لكن الى جانب هذا يحتاج أصحاب السيارات في غزة بدرجة أكبر الى مكونات المحركات التي ستدير سياراتهم.

واحتمال أن يتلقى القطاع سلعا عن طريق اسرائيل مبعث ارتياح لتجار مثل خالد النمر الذي يملك شركة لقطع غيار السيارات والذي لا تعمل سيارته بسبب تعطل مضخة لا يستطيع تغييرها.

ومر أكثر من أربع سنوات منذ تلقى بضائع عن طريق اسرائيل. ويجعل ارتفاع تكلفة الاستيراد عن طريق الانفاق من معبر كرم سالم طريقا افضل بكثير.

وقال النمر "اذا كانت تكلفة قطعة غيار 100 يورو فانها تأتي الى غزة من مصر بضعف الثمن" معبرا عن أمله في أن تسمح اسرائيل بدخول المكونات التي ستساعد في اصلاح السيارات المتهالكة التي تجوب طرق غزة المتهدمة.

وخفض التجار الذين يدخلون السلع عبر الانفاق من توقعاتهم للمبيعات وتوقعوا أن تقوض سياسة اسرائيل الجديدة التجارة عبر الانفاق.

وخوفا من انخفاض الطلب على اجهزة التلفزيون المصنوعة في مصر التي كان يبيعها لم يطلب ابو خالد صاحب متجر الاجهزة الكهربائية سوى ربع كميته المعتادة في يونيو حزيران. وقال "أقوم باحضار كمية محدودة لانني أخشى من أن تنخفض الاسعار."

وعلى غرار السلع الاخرى يتوفر الاسمنت والحديد من خلال الانفاق لكن ليس بأسعار تسمح بأن يشتريهما الفلسطينيون الذين يحتاجون لاعادة بناء منازلهم.

وتبدو احتمالات أن تسمح اسرائيل بتدفق هذه المواد بحرية الى غزة في المستقبل القريب ضئيلة.

وتعرف اسرائيل مواد البناء بأنها "مزدوجة الاستخدام" فيما يعني أن بوسع النشطاء استخدامها لاغراض عسكرية مثل انشاء تحصينات وتصنيع صواريخ لاطلاقها على اسرائيل.

وفي اطار سياستها السابقة حظرت اسرائيل جميع السلع باستثناء قائمة بالقليل منها. وهي الان تستعد للسماح بدخول كل شيء باستثناء الاسلحة والمواد مزدوجة الاستخدام. ولم يتم نشر قائمة بالسلع بعد.

غير أنها قالت انها "ستسمح وتوسع نطاق دخول مواد البناء مزدوجة الاستخدام" لمشاريع تحت اِشراف دولي وأعطت مثلا بخطة للامم المتحدة لبناء 150 منزلا في جنوب قطاع غزة.

وتقول اللجنة الرباعية الدولية للوساطة في السلام بالشرق الاوسط - وتتكون من الامم المتحدة وروسيا والولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي - ان التطبيق الكامل للسياسة الاسرائيلية الجديدة سيمثل "تحولا كبيرا في الاستراتيجية" نحو تلبية احتياجات غزة.

وتقول اونروا ان بامكانها بدء العمل فورا في مشاريع للبناء في أنحاء غزة اذا حصلت على المواد التي تحتاجها.

وقال عدنان أبو حسنة المتحدث باسم اونروا "لدينا البنية التحتية ولدينا المهندسون ولدينا الخرائط ولدينا كل شيء. ولكن ليس لدينا الاسمنت او الحديد."

وأضاف "لن يحدث الكاتشب والمايونيز اي أثر حقيقي" مشيرا الى المنتجين الغذائيين اللذين تم السماح بدخولهما مؤخرا عبر معبر كرم سالم الى غزة. وتابع يقول "نحتاج الى مئات الالاف من الاطنان من الاسمنت والحديد."

وقال علي ابو شهلا امين عام جمعية رجال الاعمال الفلسطينيين انه يشعر بالقلق من أحاديث عن استمرار حظر السلع "مزدوجة الاستخدام".

وأضاف أن هذا سيؤدي لاستمرار تعطيل القطاع الخاص معتبرا أن اسرائيل تريد تخفيف الضغط عن نفسها لا الحصار.

أكياس الرمل بدل الاسمنت

على صعيد متصل بدأ بعض البنائين في قطاع غزة استخدام مواد بديلة لبناء منازل غير تقليدية. وتخلى سكان غزة عن انتظار وصول الاسمنت والحديد لاعادة بناء منازلهم وبدأوا استخدام أكياس معبأة بالرمل والطين بدلا من مواد البناء التقليدية.

وفي شمال قطاع غزة حيث هدمت القوات الاسرائيلية مئات المنازل خلال الحملة العسكرية التي استمرت ثلاثة أسابيع في عام 2008 لم يعد البناءون يستخدمون الاسمنت والحديد اللذين لا يسمح بدخولهما الى غزة منذ فرضت اسرائيل حصارا على القطاع.

وقال عامل يدعى محمد عواد "نبدأ بأكياس طحين نعبيها (نملاها) رمل وطينة ونخلطها ونناول بعض بالسطول (دلاء). وبعد ما نزلطها (نناولها لبعضنا البعض) نسحبها وعلى الدباقة ندبقها (نضغطها) بجي (يأتي) واحد ثاني بحط (يضع) سلك."

وأضاف "هذا السلك عبارة عن بمسك المدماق فوق المدماق.. فوق اخوه (طبقة فوق طبقة من أكياس الرمل) ."

ويشيع استخدام أكياس الرمل والخشب في بناء المنازل في ايران وجنوب افريقيا لكنه أمر نادر في الشرق الاوسط والمناطق الفلسطينية.

وتعهدت دول مانحة بتقديم أربعة مليارات دولار لتمويل اعادة اعمار قطاع غزة بعد الحملة العسكرية الاسرائيلية لكن المسؤولين في القطاع قالوا ان العمل لا يمكن ان يبدأ قبل ان تسمح اسرائيل بدخول جميع مواد البناء.

وذكر المهندس أحمد الخالدي المشرف على أحد المواقع التي تستخدم فيها أكياس الرمل في البناء بشمال غزة ان نقص مواد البناء التقليدية دفع سكان غزة للبحث عن مواد بديلة.

وقال "قلة اللي هو الاسمنت ومواد البناء كالحديد.. كالحصمة.. اللي مش موجودة في قطاعنا حاليا.. فكان لا بد انه نبحث عن بدائل.. لا بد ان نبحث عن ما هو جديد. فكانت فكرة قديما فكرة البناء في الطين والان فكرة البناء بأكياس الرمل زي ما انتم شايفين (كما ترون)."

وقال مهندس اخر ان المباني التي يستخدم الطين وأكياس الرمل في بنائها تحتفظ ببرودة الجو في الصيف وبالدفء في الشتاء.

وشددت اسرائيل حصارها لقطاع غزة الذي تهيمن عليه حركة المقاومة الاسلامية ( حماس) منذ عام 2007 بعد أن انتزعت الحركة السيطرة على القطاع من حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. بحسب رويترز.

وفي أواخر ديسمبر كانون الاول عا م 2008 شنت اسرائيل حملة عسكرية على غزة لمعاقبة النشطاء على اطلاق صواريخ وقذائف مورتر على جنوب اسرائيل عبر الحدود. وقال مسؤولون فلسطينيون في غزة ان الهجوم الاسرائيلي أدى الى مقتل زهاء 1300 فلسطيني وتدمير 5000 منزل.

مشاكل المياه

كما يعاني قطاع غزة منذ وقت طويل من نقص المياه. والمصدر الطبيعي الوحيد للمياه العذبة في غزة هو الخزان الجوفي الساحلي الذي تتناقص مياهه بسبب الاستخدام المتزايد وتراجع سقوط الامطار في السنوات الماضية. والمياه المعبأة في قطاع غزة يأتي معظمها من اسرائيل.

ويقول السكان ان المياه التي تصل اليهم في منازلهم عن طريق الانابيب مالحة ولا تصلح للشرب وان المشكلة تفاقمت في السنوات الاخيرة.

وذكر رجل من الاهالي يدعى منتصر الحسيني أن المياه أصبحت ملوثة وزادت ملوحتها. ويتزايد تسرب المياه المالحة من البحر الى الخزان الجوفي بسبب انخفاض منسوب المياه فيه. ولكن المحطة الوحيدة لتحلية المياه في قطاع غزة لا تزيد طاقتها على 35 مترا مكعبا في الساعة.

وذكر أحمد الرباعي المهندس المشرف على محطة تحلية المياه أن هذه الكمية لا تكفي حتى لتلبية احتيجات منطقة واحدة في قطاع غزة.

وأصبحت مشكلة المياه في غزة سياسية. واتهمت جماعة هيومان رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان اسرائيل في تقرير العام الماضي بحرمان الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة من حقهم في الحصول على مياع مناسبة للاستخدام الادمي.

وجاء في التقرير أن اسرائيل تستهلك ما يزيد على أربعة أمثال الكميات المخصصة للفلسطينيين من مصادر المياه المشتركة يوميا. بحسب رويترز.

كما أشِارت المنظمة الى أن اسرائيل تمنع الفلسطينيين من تطوير بنية أساسية فعالة في قطاه المياه.

ووصفت سلطات المياه في اسرائيل التقرير بأنه "منحاز وغير صحيح".

وقال منذر عيسى شبلاق مدير عام مصلحة مياه بلديات الساحل لرويترز ان العديد من مشروعات تطهير مصادر المياه وانشاء محطات جديدة للتحلية توقفت منذ سيطرت حركة المقاومة الاسلامية (حماس) على قطاع غزة عام 2007. وتفرض اسرائيل حصار على غزة وتمنع دخول مواد البناء الى القطاع.

وذكر شبلاق أن الزيادة السكانية في غزة أدت الى زيادة استهلاك المياه من الخزان الجوفي الساحلي فانخفض منسوبه كثيرا عن مستوى سطح البحر وتسربت مياهه المالحة الى مياه الخزان العذبة.

وقال "أسباب ارتفاع ملوحة مياه غزة فيها أكثر من سبب. أهمها انه عدد سكان غزة متزايد والسحب الزائد من الخزان الجوفي على اعتبار انه الخزان الجوفي هو المصدر الوحيد لتزويد سكان قطاع غزة بالمياه. مقابل انه هناك تناقص عبر السنوات الماضية واضح في كمية الامطار المتساقطة في قطاع غزة بفعل التغيير المناخي."

والمياه من قضايا الوضع النهائي التي يتعين الاتفاق عليها في أي اتفاق للسلام بين اسرائيل والفلسطينيين.

منشآت الصرف الصحي

في سياق متصل قال تقرير أعدته منظمة الصحة العالمية إن أكثر من ستة كيلومترات ونصف من الشاطيء في قطاع غزة يعتبر ملوثا وغير صالح للسباحة وان 11 من شواطيء القطاع تصنف على أنها ملوثة.

ويتم ضخ مياه الصرف الصحي في غزة في البحر المتوسط بمعدل يقدر بحوالي 80 ألف متر مكعب من مياه الصرف المعالجة جزئيا و20 ألف متر مكعب من مياه الصرف غير المعالجة يوميا.

ويتسرب ما يقدر بما يتراوح بين 10 الاف و30 ألف متر مكعب اضافية من مياه الصرف المعالجة جزئيا في الارض فيما تقول مصلحة مياه بلديات الساحل انه يؤدي الى تلوث خزانات المياه الجوفية الطبيعية ويهدد المصدر الاساسي لمياه الشرب.

وقال فريد عاشور مدير مصلحة مياه بلديات الساحل ان الصرف الصحي أصبح مشكلة منذ سنوات ولا يوجد حل عاجل يلوح في الافق. بحسب رويترز.

وتوجد منشآت معالجة مياه الصرف الصحفي الثلاث في القطاع في بيت لاهيا ومدينة غزة ورفح.

وقال عاشور ان ضخ المياه في البحر هو الخيار الوحيد.

وأضاف لرويترز أن المشكلة موجودة في منشآت معالجة مياه الصرف لانها لا تستطيع معالجة مياه الصرف الى مستوى يجعلها صالحة لاعادة الاستخدام. وأضاف أن البلديات تضطر للاسف الى التخلص من الفضلات الطبيعية بضخها في البحر لان هذا هو الخيار الوحيد.

ومع تلوث كل من مياه البحر والمياه الجوفية وصلت السموم الى امدادات الطعام في غزة والفواكه والخضروات والاسماك واللبن واللحوم وفي النهاية يتناولها سكان غزة.

ويقول عاشور انه من أجل تسهيل معاجلة مياه الصرف في غزة يتعين السماح بدخول أنابيب مياه يتراوح قطرها بين 2.5 و7.5 سنتيمتر وأسمنت وقطع غيار ضرورية ومعدات عبر المعابر التي تفرض اسرائيل قيودا عليها في الوقت الراهن.

كما تسبب نقص الوقود في قطاع غزة في تعطل امدادات الكهرباء وهو ما يعرقل عمليات المعالجة بشكل مناسب.

وعلى بعد عشرة كيلومترات من حدود غزة تقع مدينة عسقلان الاسرائيلية حيث يقضي الاسرائيليون أيضا فصل الصيف في اللعب والسباحة في البحر المتوسط لكن بلدية المدينة تشتكي من تلوث المياه والشواطيء.

وقال بيني فاكنين رئيس بلدية عسقلان "هذه المشكلة لن تكون مشكلة عسقلان ربما تكون مشكلة للبحر المتوسط بالكامل. وربما تصل الى قبرص وتركيا واليونان. وربما تتسبب في اضرار مروعة للبيئة في البحر."

غلاء الأسعار

كما أصبحت ظاهرة غلاء الأسعار من المشاكل التي تهدد سكان قطاع غزة، فقد تضاعفت كثيرا خلال الحصار حتى عجز أغلب السكان عن تلبية احتياجاتهم الضرورية للحياة والعيش الكريم.

تشهد الأسواق في غزة غلاء أسعار فاحش، في كافة السلع والمواد الأساسية نتيجة الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على القطاع، حيث أن مليون ونصف مواطنا يعانون الأمرين من جراء هذا الحصار ويئنون تحت وطأة هذا الغلاء.

لقد أصبح المواطن الفلسطيني غير قادر على شراء ما يحتاجه من السلع والمواد الضرورية للحياة، فقد تضاعفت الأسعار وانعكس ذلك على السوق، بالإضافة إلى تدني الأجور ومستوى المعيشة والفقر المنتشر.

هذه الكارثة الإنسانية تحارب المواطن الفلسطيني بجميع أطيافه وفئاته بلقمة عيشه التي لا يستطيع أحد أن يستغني عنها، وأكثر من يعاني أصحاب الدخل المحدود والفقراء فقد وصل سعر كيلو التفاح إلى ثلاثة دولارات ، السلع متوفرة في الأسواق، إلا أن قلة من السكان قادرون على شرائها، فثمانون بالمئة منهم يعيشون على المساعدات الإنسانية.

في ظل هذه الظروف يجد أهالي القطاع أنفسهم وجها لوجه أمام احتلال جديد يسعون للصمود أمامه، أصحاب المحلات يلجؤون إلى تهريب البضائع عبر الأنفاق السرية التي تعتبر الوسيلة الوحيد ة أمامهم للحصول على بعض ما يحتاجه الناس. والأهالي يتبعون سياسات تقشف على أمل التوفيق بين ما لديهم من مال مع غلاء الأسعار الجنوني الذي يمنعهم في أغلب الأحيان من الحصول حتى على أبسط السلع الضرورية للحياة كالخبز والطحين والخضار.

انهيار الاقتصاد

من جهته وظف وائل وادية في مصانعه للوجبات السريعة 250 عاملا في فترة ما ولكنه اليوم مع منع اسرائيل وصول منتجاته لسوق الضفة الغربية لم يعد يوظف سوى بضع عشرات من العمال فيما تبقى له من الشركة التي بناها على مدار 25 عاما. ويقول متأسفا "لقد رجعت الى المربع الاول."

كان 20 شخصا يعملون على سفينة صيد يمتلكها جمال بصله واليوم لا يعمل لديه سوى اربعة بعد ان فرضت اسرائيل قيودا على ابحارها. وبعد ان كان دخله خمسة الاف دولار شهريا يحصل حاليا على مساعدات من وكالات اغاثة ويعجز عن دفع مصاريف دراسة ابنه في الجامعة. ويقول "اعاني من الاحباط النفسي."

وراود محمود الهندي المهندس المدني حلم مستقبل ناجح في مجال محترم واليوم بعد مرور أكثر من عام على تخرجه لم يتح له الاقتصاد المتداعي أول فرصة عمل ويقول "كل الطرقات مقفلة امامك فقدنا كل الامل."

وتعهد الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بتحويل غزة الى سنغافورة على البحر المتوسط. واليوم بعد أربع سنوات من العقوبات تحولت لشيء مختلف تماما.

ودمر الحصار الاسرائيلي الذي تم تشديده بعد تولي حركة المقاومة الاسلامية (حماس) السلطة الاقتصاد ومعه الامل في مستقبل أفضل لسكان غزة وعددهم 1.5 مليون نسمة.

وشددت القيود الاسرائيلية على المعابر الى غزة بعد فوز حماس في الانتخابات البرلمانية عام 2006 ومرة اخرى بعد ان أسر نشطاء في غزة جنديا اسرائيليا ومرة ثالثة اثر سيطرة حماس على القطاع عام 2007 .

ويقدر رجال الاعمال وخبراء الاقتصاد الفلسطينيون الخسائر بعشرات الالاف من الوظائف المفقودة وتدمير الصناعة في غزة.

والاصعب هو قياس حجم الامال المهدرة للشبان الفلسطينيين الذين يريدون مغادرة القطاع ان استطاعوا لذلك سبيلا.

ورجال الاعمال الذين كانوا يرون ان السلام مع اسرائيل سيحقق عائدا ورخاء يتشككون الان في هذا المفهوم. ويقولون ان سياسة اسرائيل استهدفتهم وليس حماس التي قويت قبضتها على الحكم فيما تتداعى غزة.

وترفض حماس تقديم اي تنازل أكثر من اي وقت مضي. وتحجم عن الاذعان للمطالب الغربية بالاعتراف باسرائيل ونبذ العنف. ويعتبر الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة حماس منظمة ارهابية.

وتعتبر اسرائيل غزة "كيانا معاديا".

وحتى الدول التي تتعاطف مع المخاوف الامنية لاسرائيل انتقدت الحصار وساهم هذا الضغط في صدور قرار في يونيو حزيران بتخفيف بعض جوانب هذه السياسة.

وبدأت المواد الاستهلاكية والمواد الخام التي كانت محظورة من قبل تعبر الحدود الى غزة في الاسابيع الاخيرة. وتقول اسرائيل انها ستسمح بدخول كل شيء ما عدا الاسلحة والمواد التي يمكن ان تستخدم في صنعها. ويشير منتقدون الى مثالب عديدة في السياسة الجديدة.

فالكميات التي تعهدت اسرائيل السماح بدخولها تقل كثيرا عن احتياجات غزة العادية وذلك دون الاخذ في الاعتبار الاحتياجات الاضافية لاقتصاد يحتاج لاعادة بناء بعد الهجوم العسكري الذي شنته اسرائيل على القطاع قبل 18 شهرا من أجل هدف معلن هو وقف الهجمات الصاروخية عبر الحدود.

ولم يرد ذكر للصادرات رغم انها بنفس القدر من الاهمية.

وتقول ساري باشي مديرة جمعية جيشا الاسرائيلية لحقوق الانسان "ما يقلقنا أن حق سكان غزة لا يقتصر على استهلاك (السلع) بل الانتاج والتصدير والسفر. تستمر سياسة الحرب الاقتصادية."

وزادت كميات السلع التي تدخل غزة.

وتقول باشي انه في الاسبوع المنتهي يوم 24 يوليو تموز دخلت 979 شاحنة محملة بالسلع بزيادة بنسبة 40 في المئة عن رقم الشهر السابق ولكنها لازالت تمثل 40 في المئة فقط من الكميات التي كانت تدخل غزة قبل سيطرة حماس على القطاع.

وقال الاقتصادي الفلسطيني عمر شعبان "تحتاج غزة لخطة مارشال" في اشارة لخطة المعونة الامريكية التي ساعدت الاقتصاد الاوروبي على ان يبدأ من جديد بعد الحرب العالمية الثانية. وأضاف "مصطلح (اقتصاد) لم يعد ينطبق هنا."

وارتفعت نسبة البطالة وتصل حاليا لنحو 40 في المئة مقارنة مع 30 في المئة عام 2007 حسب بيانات البنك الدولي. وتقول وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا) التابعة للامم المتحدة ان 80 في المئة من السكان يعتمدون حاليا على المساعدات الغذائية ارتفاعا من 40 في المئة قبل عدة سنوات.

ويعوق التعافي ان قائمة الممنوعات الاسرائيلية تشمل مواد البناء مثل الاسمنت وحديد التسليح ضمن سلع اخرى ذات استخدامات مزدوجة تقول اسرائيل انه يمكن استخدامها لاغراض عسكرية. وتقول اسرائيل انها ستسمح بدخول هذه المواد فقط لمشروعات تنفذ تحت رقابة دولية.

والاسمنت وحديد التسليح متوافران بالفعل لحماس ولاي شخص يستطيع تحمل تكلفة خدمات المهربين الذين يمكنهم توفير كل ما تحتاجه عبر انفاق من مصر.

وتجسيدا لنوعية جديدة من الصناعة تعتمد على اقصى استغلال لما هو متاح اضحى اعادة تدوير الانقاض احد القطاعات القليلة النشطة في غزة. وتنقل قطع ضخمة من الاسمنت تجمع من انقاض المباني على ظهر عربات تجرها الحمير لمصانع تحولها الى طوب.

وتأثرت جميع القطاعات بالحصار من الغذاء الى صناعة الاثاث وعليها اما التكيف او التوقف. ويسمح للصيادين بالابحار لمسافة ثلاثة اميال بحرية فقط من الشاطيء مما اضطرهم للتخلي عن مراكب الصيد الكبيرة والاستعانة بقوارب صغيرة اذ تواجه خطر اعتراضها من جانب البحرية الاسرائيلية اذا تخطت مسافة الاميال الثلاثة ويتم ذلك بمساعدة مصر.

ولم تبحر سفينة الصيد المملوكة لبصله والتي تكلفت 80 ألف دولار في عام 1992 منذ اربعة اعوام واليوم وهي مرابطة على الشاطيء في رفح تظلله وهو يصلح شباك الصيد.

ويقول بصله فيما قاطعه صوت دوي طلقتين تحذيرتين من سفينة حربية في الافق "اليوم قوارب اصغر.. شباك صيد اصغر..صيد سمك اقل."

كما اضطر وادية صاحب مصنع الوجبات السريعة للتكيف. فقد حول ما تبقى من مصنع البسكويت الذي دمرته القنابل لمعمل لتخليل الخضروات. وقد تراجعت اعماله مثل بصله.

وبدأ وادية يتسلم مواد تعبئة من اسرائيل في الاسابيع الاخيرة ولكن قائمة امنياته تشمل الات جديدة والوصول للسوق في الضفة الغربية مرة اخرى حيث كان يبيع معظم انتاجه. وقال "كما سمحوا بدخول بضائع يجب عليهم ان يسمحوا بخروجها لوضع حد لهذه الازمة."

وفيما يحصي رجال الاعمال في غزة تكلفة الصحار خلص كثيرون الى ان اسرائيل سعت لتدمير حياتهم عن عمد.

ويقول عمرو حمد المدير التنفيذي لاتحاد الصناعات الفلسطينية ان السياسة أفقدت اسرائيل ما كان لها من اصدقاء فلسطينيين في غزة. وتابع "نفقد طبقة رجال الاعمال الشرعيين وهي اخر طبقة تؤمن بالسلام. تخسر اسرائيل الاصدقاء وتخلق وحوشا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/آب/2010 - 22/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م