العراق... تشكيل الحكومة ونهاية الطريق المسدود

محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: يوم بعد يوم تتسع رقعة الخلاف والانقسام بين طرفي التحالف الشيعي، ويبدو كأنه وصل إلى نقطة الفراق واللا عودة على الرغم من مطالب البعض بأهمية تدارك أزمة المرشح لرئاسة الوزراء من خلال تقديم شخصية بديلة لنوري المالكي الذي أجمعت قوى الائتلاف الوطني على رفضه، وقررت تعليق المفاوضات مع دولة القانون.

فيما لم تجدي التدخلات الدولية والإقليمية من إيجاد الأرضية المناسبة لتوافق الأحزاب المتنافسة على السلطة، على العكس من التجارب السابقة على هذا الصعيد. حيث استقبلت العاصمة العراقية بغداد ولا تزال العديد من الوفود الدبلوماسية رفيعة المستوى الساعية إلى التقريب بين وجهات النظر.

تقريب وجهات النظر

فقد بحث وفد يمثل مستشارية الامن القومي الاميركي في بغداد مؤخرا مع رئيس "ائتلاف دولة القانون" رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ورئيس "القائمة العراقية" اياد علاوي كلاً على حدة سبل الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية، وتقريب وجهات النظر بين القائمتين ("العراقية" و"دولة القانون") في هذا المجال.

وأفاد بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، ان المالكي تدارس مع الوفد الاميركي الذي ضم طوني بلنكن وبونيت تلوار وعدد آخر من المسؤولين في البيت الابيض، بحضور السفير الاميركي لدى العراق كريستوفر هيل والجنرال ريموند اوديرنو قائد القوات الاميركية في العراق عملية تشكيل الحكومة.

نقل بيان تأكيد المالكي خلال لقائه الوفد الاميركي "أن الجهود ماضية لتشكيل الحكومة العراقية بأسرع وقت ممكن"، مشيرا إلى خطورة المرحلة الحالية التي يمر بها العراق. ولفت الى "ان قرار تشكيل الحكومة يجب أن يكون عراقيا بالدرجة الأولى بعيدا عن التدخلات الخارجية".

من جهته أشاد الوفد بحسب البيان "بما تحقق من إنجازات خلال المرحلة السابقة" معرباً عن إستعداد "الولايات المتحدة لدعم الجهود التي تبذلها الكتل السياسية العراقية لتشكيل الحكومة".

وكان الوفد الاميركي قد استهل زيارته للعراق بلقاء رئيس "القائمة العراقية" اياد علاوي لمناقشة "مجموعة من القضايا المتعلقة بسير المحادثات الجارية لتشكيل حكومة عراقية وأهمية التعجيل بتشكيلها حرصا على مصلحة الشعب العراقي واحتراما لإرادته الوطنية". بحسب يونايتد برس.

ويأتي توافد المسؤولين الاميركيين الى بغداد في ظل استمرار ازمة تشكيل الحكومة، ووسط مؤشرات تظهر رغبة ادارة الرئيس الاميركي باراك اوباما في ايجاد تحالف يجمع ائتلاف علاوي (91 مقعدا) وائتلاف المالكي (89 مقعدا) لتشكيل الحكومة الحالية بمشاركة بعض الأطرف الفائزة الأخرى.

في سياق متصل، وبعد محادثات الوفد الاميركي، المح النائب عن "دولة القانون" حيدر السوداني الى امكانية عقد لقاء رابع يجمع المالكي وعلاوي "لبحث معضلة رئاسة الوزراء بعد قرار "الائتلاف الوطني" العراقي تعليق محادثاته مع "دولة القانون" إلى حين تبديل المالكي.

الا ان مصادر "القائمة العراقية" لم تؤكد لصحيفة "المستقبل" عقد اللقاء بين علاوي والمالكي من دون ان تستبعد "امكانية عقد لقاء قريب جدا في اطار جهود تسوية ازمة رئاسة الوزراء".

في هذه الاثناء، اعلن علاوي تقديم كتلته مشروعاً مكتوباً الى الكتل السياسية لتشكيل الحكومة. وقال في تصريحات صحافية ان "العراقية ستبقي الابواب مفتوحة للتباحث مع الكتل السياسية" موضحا ان "هناك مجموعة من الاجراءات ستتخذها "القائمة العراقية" خلال الاسبوع المقبل لتشكيل الحكومة".

إنهاء الأزمة

كما بحث الرئيس العراقيّ مع مستشار نائب الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي تعثر تشكيل الحكومة العراقية.

بحث الرئيس العراقي جلال طالباني في بغداد مع توني بلنكن مستشار نائب الرئيس الاميركي جوزيف بايدن لشؤون الامن القومي الازمة العراقية الناتجة عن تعثر تشكيل الحكومة العراقية.

وخلال اجتماع طالباني مع الوفد الاميركي في العراق وعددا آخر من المسؤولين الاميركيين تم تبادل الآراء حول العلاقات الثنائية بين العراق والولايات المتحدة الأميركية وضرورة تطويرها وتوسيعها بما يعزز روابط الصداقة بين البلدين كما قال بيان رئاسي عراقي .

واشار الى انه جرى ايضا بحث الأوضاع السياسية والمعوقات التي تواجه المسيرة الديمقراطية في البلاد حيث سلَّط طالباني الضوء على المشهد السياسي العراقي والمباحثات الجارية بين الكتل السياسية الهادفة إلى تشكيل الحكومة المقبلة مبيّنا الصعوبات التي حالت دون التوصل إلى اتفاق يرضي تطلعات الكيانات السياسية الفائزة موضحا أن "المسيرة الديمقراطية في العراق لا تزال جديدة ومن الطبيعي أن نعاني من بعض المخاضات العسيرة على طريق ترسيخ هذه التجربة".

وشرح طالباني الخطوات الدستورية الواجب اتباعها لاختيار الرئاسات الثلاث للجمهورية والحكومة والبرلمان وتكليف مرشح الكتلة البرلمانية الأكثر عدداً لتشكيل الحكومة.

وقد اكد الرئيس العراقي وأعضاء الوفد الأميركي أهمية الاسراع في التوصل إلى رؤية مشتركة بين الكتل السياسية الفاعلة لتشكيل حكومة شراكة وطنية حقيقية تمثل مكونات المجتمع العراقي كافة وتحقق تطلعات الشعب.

الائتلاف يرفض المالكي

الى ذلك علق الائتلاف الوطني العراقي بزعامة عمار الحكيم أمس مباحثاته مع ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي حول تشكيل الحكومة، مجددا رفضه ترشيح المالكي لولاية ثانية.

وأوضح بيان رسمي للائتلاف الوطني صدر عقب اجتماع "لقد أبدى الائتلاف الوطني منذ انطلاق حواراته مع دوله القانون في إطار التحالف الوطني الكثير من المرونة والتفاعل من أجل تسهيل عمليه تشكيل الحكومة، إلا أننا وجدنا تمسكا وإصرارا من قبل الأخوة في دولة القانون على مرشحهم الوحيد وهو المالكي".

وأضاف أن "الأمر نراه يعرقل مسيرة أي حوار جاد باتجاه تشكيل الحكومة أو الانفتاح على الآخرين". وتابع "لذا نؤكد تمسكنا بالتحالف الوطني واعتباره الكتلة النيابية الأكثر عددا، ونجدد رفضنا ترشيح المالكي لولاية ثانية".

كذلك أعلن الائتلاف الوطني "تعليق حواراتنا مع دولة القانون لحين استبدال مرشحهم المعلن كما نطالب وبإصرار بضرورة الإسراع بتقديم مرشح بديل عنه". وطالب البيان "تفعيل قرار اجتماع الكتل النيابية بتاريخ 27 يوليو بجعل الحكومة الحالية حكومة تصريف أعمال يومية".

وأعرب الائتلاف عن "انفتاحه على الكتل السياسية الأخرى المستعدة لإبداء المرونة المسؤولة في إطار حفظ مصالح شعبنا والعمل معها على إيجاد حركة تفاوضية جادة من أجل حل الأزمة الراهنة وتشكيل حكومة الشراكة الوطنية.

وقال قصي السهيل القيادي في الهيئة السياسية للكتلة الصدرية في الائتلاف الوطني "كل أطراف الائتلاف الوطني أجمعت على أن العائق هو الإصرار على ترشيح المالكي". وأضاف "لذلك طالبوا بإيجاد بديل عنه".

وطالب باسم العوادي المستشار الإعلامي لزعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم في تصريح لـ"الاتحاد"، القائمة العراقية بتحديد موقفها أيضا من ائتلاف دولة القانون للبدء بحوارات جادة بينها وبين الائتلاف الوطني إضافة إلى التحالف الكردستاني.

وأكد رفض المجلس وقيادات الائتلاف الوطني لازدواجية المباحثات، وأن على الكتل التفاوضية تحديد مواقفها قبل البدء بأي مباحثات مع الأطراف الأخرى، مطالبا القائمة العراقية بالليونة في طرح مشاريعها للتفاوض مع الكتل الأخرى.

لا حكومة قبل رمضان

من جانبه اكد رئيس الوزراء العراقي الأسبق، أياد علاوي، إن من حقه السعي لمنصب رئاسة الحكومة من جديد، بعدما احتلت قائمته "العراقية" المركز الأول في الانتخابات، داعياً خلفه الحالي، نوري المالكي، إلى الاقتناع بضرورة التداول السلمي للسلطة، كما حض المجتمع الدولي على التدخل لدفع المالكي إلى "فهم الرسالة."

وأعرب علاوي، من قلقه من انفجار الوضع الأمني مع استمرار الخلاف حول الحكومة، وقال إن تعديل مواعيد انسحاب القوات الأمريكية لم يعد أمراً ممكناً، لكنه شدد على أن واشنطن لم تنفذ كل أهدافها لأنها ستترك خلفها أجهزة أمنية وسياسية هشة، وطالب واشنطن بإعادة الملف العراقي إلى رأس سلم أولوياتها، مع الملف الفلسطيني، واستبعد التوصل لحكومة جديدة قبل نهاية شهر رمضان المقبل.

وشرح علاوي أسباب تأخر تشكيل الحكومة بالقول: "في البدء كان هناك مشكلة إعادة الفرز وتفسير الدستور، والتي استهلكت الكثير من الوقت، ومنذ شهر دخلنا في المفاوضات الجدية لتشكيل حكومة مع كتل صغيرة وكبيرة، و قد كنا نصر على مناقشة مسائل بينها الصلاحيات العائدة لرئيس الحكومة، وهي صلاحيات كبيرة جداً ولم يكن ينبغي أن تمنح لصاحب هذا المنصب، بصرف النظر عن هويته، وهذا الأمر هو خطأ بدأ منذ أن وضع الدستور ونحن ندفع ثمنه اليوم. بحسب السي ان ان.

ولدى سؤاله عمّا إذا كان من الممكن له أن يقبل الحصول على منصب غير رئيس الحكومة قال: "الأمر يتوقف على الأمور التي نناقشها، وفي نهاية المطاف يجب وضع مقاييس لاختيار رئيس الوزراء، هل نلجأ إلى العملية الديمقراطية؟ أم نعيد الأمر للناس أو الكتل التي فازت بالانتخابات؟ أو لتلك التي شكلت تحالفات جديدة؟"

وتابع: "هذا اختبار حقيقي للديمقراطية في العراق، ولكن الأمر الأهم من المنصب هو مناقشة المسائل الملحة، وعلى رأسها الشراكة الوطنية، لأن هناك اليوم شركاء من الدرجة الأولى، وشركاء من الدرجة الثانية، وهناك شراكات وهمية، ونحن نريد أن تكون الشراكة متكافئة بين كل مكونات المجتمع والتيارات السياسية، وهذا هو أساس تشكّل القائمة العراقية ونحن ندعم هذه التوجه.

وذكر علاوي بأن كتلته تمكنت من الحصول على أكبر عدد من المقاعد، رغم ما تعرضت له من قيود واستهدافات بذريعة "اجتثاث البعث" كما لفت إلى أن استطلاعات الرأي التي تجري في العراق تؤكد أن شعبيته تفوق بكثير كل السياسيين العراقيين، بمن فيهم المالكي، وهي الأمور التي رأى أنها تمنحه حق التطلع لمنصب رئاسة الحكومة.

وعن مدى قبوله لعودة رئيس الوزراء الحالي، نوري المالكي، قال: "القرار يعود للعراقيين الذين عبروا عن موقفهم في الانتخابات، كما علينا أن نأخذ بعين الاعتبار البيانات الصادرة عن القوى السياسية مثل المجلس الأعلى والتيار الصدري التي ترفض عودته، وأظن أنه من الضروري على المالكي الإقرار بأهمية التداول السلمي للسلطة."

ورأى علاوي أن المالكي ما زال متشبثاً بالمنصب حتى الساعة، داعياً إياه إلى ضرورة تفهم أهمية الدعوة إلى تقليص السلطات التي يحوزها رئيس الحكومة حالياً وتداول السلطة ووضع معايير موحدة لاختيار رؤساء الوزارات.

وحول ما إذا كان قد بدّل وجهة نظره بالمالكي بعد اجتماعاته الثلاثة معه، علماً أنه كان يصفه بأنه قائد طائفي أسس حكومة طائفية ولا يمكن التعاون معه قال علاوي: "لم أتفاوض مع المالكي فحسب، بل مع شخصيات أخرى، وهذه الشخصيات جاءت بمعظمها من خلفيات طائفية ، ولكن نحن نصر على الحوار معهم، ونعتبر أن هذه هي الطريق المؤدية إلى الخروج من النفق الطائفي عبر إنجاز التغيير الحقيقي."

وتحدث علاوي عن اللقاء الذي جمعه مع زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في سوريا، خاصة وأنه كان يعتبر الصدر من أبرز خصومه، فقال إن اللقاء جاء صدفة باعتبار أنه كان في نفس الزمان والمكان مع الصدر، في العاصمة السورية، نافياً أن يكون اللقاء من ترتيب القيادة السورية.

وتابع: كان هناك مفاوضات بين موفدين من قبلنا ومن قبله يتباحثون الشأن الحكومي، وعندما وصلت إلى دمشق برزت فكرة إجراء لقاء بيننا، وقد حصل ذلك، واجتمعت معه للمرة الأولى، والحوار كان صريحاً وواضحاً وشفافاً، ويمكنني أن أعتبره إيجابياً، وبعد اللقاء أدلى (الصدر) بمواقف متقدمة حول إلغاء الطائفية والمصالحة وحتى اجتثاث البعث، وفي الواقع فقد كرر الكثير من المواقف التي سبق لنا أخذها."

وعن قدرته على الوثوق بالصدر، بعد تجربته التاريخية معه قال: "علينا جميعهاً الوصول للمصالحة، وهذا لا يعني تنازلنا عن المبادئ التي نؤمن بها وعن برامجنا، وقد ناقشت معه أيضاً قضية فرض القانون والنظام.

ودعا علاوي المجتمع الدولي، وتحديداً الأمم المتحدة، إلى المساعدة على "إفهام المالكي الرسالة" حول أهمية ترسيخ مفهوم تداول السلطة في العملية الديمقراطية.

ولدى سؤاله عن توقعاته حول الوقت المتبقي قبل تشكيل الحكومة الجديدة قال: "بصراحة، هناك بعض دول الجوار التي تلعب دوراً في تعقيد الوضع، ولكن بجدية، لا أظن أن أي تطور يمكن أن يحصل قبل نهاية أغسطس/آب المقبل، أو شهر رمضان."

وحول الانسحاب الأمريكي الذي يتواصل رغم الأزمة السياسية الداخلية قال علاوي: "الأمر ليس مرتبطاً بعدد القوات الأمريكية، بل بمدى وضع أهداف محددة والعمل على تحقيقها، فمن هذه الأهداف التي كان يجب بذل المزيد من الجهود لتحقيقها مثلاً بناء الجيش وقوات الأمن والاهتمام بالإصلاح السياسي والعمل لإخراج العراق من ولاية الفصل السابع في قرارات مجلس الأمن وطمأنة دول الجوار مثل إيران وسوريا إلى أن العراق لن يكون منصة لضربها.

وأضاف: "كان يجب الاهتمام بكل هذه القضايا لأن الأهداف هي الأهم وليس الوقت الذي يمضيه الجيش على الأرض، ولكن اليوم أرى أن على واشنطن الالتزام بالمواعيد المحددة للانسحاب لأنها خضعت للتوافق الثنائي ولا أحد يرغب بتوجيه أصابع الاتهام مجدداً إلى الولايات المتحدة.

وبحسب علاوي فإن العراق لم يعد على رأس أولويات واشنطن التي تنظر حالياً في ملفات أخرى، بينها أفغانستان والأزمة المالية العالمية والأوضاع في السودان والصومال والأراضي الفلسطينية، وأضاف أن على أمريكا ترتيب أولوياتها بالشكل الصحيح عبر إيلاء المزيد من الاهتمام للعراق بسبب دوره في استقرار المنطقة، دون إغفال الملف الفلسطيني.

وقال علاوي إن الولايات المتحدة لا يجوز أن تنظر إلى العراق على أنه بلد أنجزت فيه مهامها وبات بوسعها تركه دون مصاعب باعتبار أن الأوضاع فيه ما تزال صعبه.

وشرح علاوي: "العراق مازال كسيحاً أما ديمقراطيته فهي طرية العود، ونحن ما نزال نصارع لاستكمال بناء المؤسسات وبداية السير على طريق علمنة الدولة، ولهذا أصر على أن تنال القائمة العراقية فرصة تولي السلطة، ليس لأنني أقودها، بل لأن تركيبتها الوحدوية تمثل مستقبل هذا البلد، كما أصر على أن تقوم واشنطن بإعادة العراق إلى رأس قائمة أولوياتها."

وعن القدرات الأمنية المحلية، أشاد المالكي بشجاعة أجهزة الأمن وعناصر الجيش وإصرارها على مواصلة عملها، ولكنه جزم بأنها غير قادرة بعد على تولي مهام الأمن بشكل كامل في البلاد، سواء على مستوى الجيش أو المخابرات أو الشرطة.

وأبدى علاوي خشيته من تسارع وتيرة العنف في العراق، معرباً عن قلقه من حصول المزيد من التوترات الأمنية إن استمر تأخر تشكيل الحكومة، وقال إن على الجميع العمل من أجل الإسراع بتشكيل الحكومة من جهة، وخلق أجواء متفهمة لوضع العراق في المنطقة من جهة أخرى.

مسؤولية امريكية

على صعيد متصل قال هادي العامري الامين العام لمنظمة بدر ان واشنطن تعيق تشكيل حكومة عراقية جديدة بإصرارها على أن تشكل الكتلتان الرئيسيتان الفائزتان في الانتخابات ائتلافا حكوميا مما يتيح لجيران العراق التدخل في شؤونه.

وقال العامري النائب العراقي الذي يتزعم منظمة بدر الجناح المسلح السابق للمجلس الاعلى الاسلامي العراقي ان الولايات المتحدة تضغط على القادة العراقيين لتشكيل حكومة من الكتلتين الرئيسيتين اللتين يتزعمهما رئيس الوزراء نوري المالكي ورئيس الوزراء السابق اياد علاوي.

واضاف العامري أن واشنطن تريد إقصاء الكتل الاخرى بما فيها منظمة بدر التي فازت بأحد عشر مقعدا في البرلمان. بحسب رويترز.

وقال "الامريكان يعتقدون أن أفضل تحالف هو بين (ائتلاف) دولة القانون وبين (القائمة) العراقية وأن يكون رئيس الوزراء السيد المالكي ورئيس المجلس السياسي للامن الوطني الاستاذ علاوي وبهذه الطريقة يمكن ابعاد المتطرفين من الصدرية والبدرية وغير ذلك."

وتابع قائلا في مجمع المجلس الاعلى الاسلامي في بغداد "اصرار الامريكان على مشروعهم هو الذي أعاق تشكيل الحكومة."

وأضاف "اليوم الذي يقف في وجه المشروع (تشكيل الحكومة) هم الامريكان وليس غيرهم لا السعودية لا السوريين ولا الايرانيين. يأتي التدخل الاقليمي عندما يحصل اصرار على المشروع الامريكي.

ووصلت الكتل السياسية العراقية الى طريق مسدود بعد الانتخابات التي جرت في السابع من مارس اذار ولم تتمخض عن فائز واضح.

ويمثل المجلس الاعلى الاسلامي العراقي الذي ينتمي اليه العامري والتيار الصدري المكونين الرئيسيين في الائتلاف الوطني العراقي.

ويعارض الصدريون المالكي منذ أن أرسل الجيش العراقي لسحق ميليشيا جيش المهدي التابعة للتيار في 2008.

وذكر العامري (56 عاما) الذي حاربت منظمته ضد نظام الديكتاتورري صدام حسين من المنفى في ايران أن السبيل الوحيد لانهاء الجمود هو وقف التدخل الخارجي واختيار مرشح جديد لرئاسة الوزراء.

وقال "الحل هو أن يأتي شخص لا يوجد موقف ضده.. هذا هو الحل. العراق فيه الكثير.. أي واحد غير المالكي وأي واحد غير علاوي.

اليوم بمجيء اي واحد منهم سينقسم الشارع. بمجيء علاوي سيصير 159 شيعيا (داخل مجلس النواب) ضده وبمجيء المالكي راح يصير 100 في البرلمان من الاخوة السنة ضده."

وقال العامري ان هناك "موقفا موحدا" داخل الائتلاف الوطني يقضي بعدم دعم المالكي لولاية ثانية وان الائتلاف الوطني طلب من ائتلاف دولة القانون تسمية مرشح اخر من الكتلة.

وأردف قائلا "اليوم نحن في الائتلاف الوطني بالاجماع نرفض ترشيح المالكي فكيف نذهب الى البرلمان ونصف التحالف هو يرفض المالكي. كيف سنمشي.

المرجعية الشيعية

من جانبها حذرت «المرجعية الدينية في العراق بزعامة آية الله علي السيستاني، من مخاطر تأخر تشكيل الحكومة العراقية لإنهاء معاناة العراقيين جراء النقص الكبير في الخدمات.

وقال الشيخ احمد الصافي أمام جموع المصلين في كربلاء خلال خطبة صلاة الجمعة إن «الناس والجمهور عندما يسمعون كثرة المواعيد في موضوع تشكيل الحكومة حيث يحدد موعد لإعلان تشكيل الحكومة... ثم يأتي موعد آخر ينسف الموعد الأول وهذا يؤشر الى حال من الإحباط لدى الناس ويعكس أن المسؤول السياسي عاجز عن إدارة الأزمة في شكل ينهى معاناة العراقيين».

واضاف: «مع تشخيصنا لمشكلة تشكيل الحكومة لكننا لا نقول إنه لا يوجد حل. لا، هناك حلول لكننا نقول إن تأخير تشكيل الحكومة يضيف معاناة جديدة لمعاناة العراقيين ويولد حالا من الاحباط واليأس ويبين أن أصل المشكلة هو السعي للوصول الى المناصب».

من ناحيته، قال الشيخ جلال الدين الصغير أمام العشرات من المصلين في جامع براثا في بغداد إنه «لا تبدو في الأفق القريب صورة لتشكيل الحكومة العراقية الجديدة وإن السياسيين قد يواجهون انتخابات جديدة».

وأضاف العضو البارز في «المجلس الأعلى الاسلامي» والنائب السابق: «نحن مهددون بين 3 قضايا... إما أن تبقى الحال على ما هي عليه وتكون الحكومة حكومة تصريف أعمال ويكون البرلمان معطلا والشعب هو الذي يتلظى، والثانية هي أن يأتي يوم الرابع من أغسطس ليجري الحديث عن تدخل أممي وارجاعنا إلى نقطة المربع الأول ويعينوا هم حكومة لنا وهذا يعني تعطيل البرلمان وإجراء انتخابات جديدة وأمور أخرى. والأمر الثالث أن ندخل في الفراغات الأمنية وهو ما يجرى اليوم من أعمال عنف خطيرة تحدث على الأرض».

تحذير كردي

من جانبه حذر رئيس حكومة إقليم كردستان برهم أحمد صالح، من مغبة “التداعيات الخطيرة” لأزمة تشكيل الحكومة الاتحادية على مكونات الشعب العراقي كافة، داعيا القوى الكردية إلى توحيد مواقفها للمحافظة على “المكاسب التي تحققت” في البلاد.

وجاءت تصريحات رئيس حكومة إقليم كردستان العراق في الاحتفالية التي أقيمت في ناحية بارزان (150كم شمال مدينة أربيل) بمناسبة الذكرى 27 للعملية التي سميت بـ”أنفلة البارزانيين” التي قام من خلالها النظام السابق في مثل هذا اليوم من عام 1983، باعتقال نحو 8 الاف بارزاني من الرجال والشبان والفتيان، وقادتهم إلى مصير مجهول، حيث عثر بعد عام 2003 على جثامينهم مدفونة في مقابر جماعية.

وقال صالح في كلمته بالمناسبة إن هذه الذكرى والعراق “تحل اليوم يمر بوضع صعب في ظل أزمة تشكيل الحكومة التي وصلت إلى منعطف خطير يلقي بظلاله على الحياة السياسية لمكونات الشعب العراقي كافة”، مشيرا إلى أن “المرحلة الحالية تتطلب من القوى السياسية العراقية بعامة وفي كردستان بخاصة أن تجتمع حول برنامج لحماية مكاسب الشعب من حرية وديمقراطية”.

وكان صالح قد زار بغداد مؤخرا وأجرى اتصالات بعدد من كبار المسؤولين فيها ومنهم نائب رئيس الجمهورية د.عادل عبد المهدي، بشأن سبل الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية. بحسب أصوات العراق.

وأضاف صالح إن الحالة في الإقليم “مرتبطة بالأوضاع في عموم العراق”، مستطردا لهذا “ينبغي أن لا يدير الكرد ظهورهم لها على خلفية الاستقرار السياسي والأمني الموجود في مناطق الإقليم”.

وشدد صالح على ضرورة “تعزيز العملية الديمقراطية في العراق أنحاء كافة وعدم السماح بإعادة النظام الشمولي”، منوها إلى أن من الضروري “عدم السماح لبغداد مرة أخرى أن تصبح مركزا للدكتاتورية واتخاذ قرارات بالضد من طموحات شعب كردستان وباقي أبناء الشعب العراقي”.

وتابع أن “هذا ليس واجبنا فقط إنما هو واجب القوى الوطنية العراقية التي دعمت التحول في البلاد لحماية المشروع الديمقراطي الفدرالي في العراق”.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 3/آب/2010 - 22/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م