
شبكة النبأ: أثارت التسريبات الأخيرة
حول تورط شركة النفط الانكليزية بي بي في عملية الإفراج عن رجل
المخابرات الليبية عبد الباسط المقرحي المدان بتفجير طائرة لوكربي سخط
وانتقادات العديد من الجهات والأطراف الدولية التي اعتبرت الامر تورطا
غير شرعيا كانت رجحت من خلاله كفة المصالح الاقتصادية على القضايا
الإنسانية، وقوانين مكافحة الإرهاب.
إطلاق المقرحي كان خطأ
فقد اعترفت الحكومة البريطانية بأن إخلاء سبيل الليبي المدان بتفجير
طائرة لوكربي عبد الباسط علي محمد المقرحي من السجن العام الماضي
لأسباب إنسانية، كان خطأ.
وقالت صحيفة ذي إندبندنت البريطانية إن الاعتراف جاء على لسان
السفير البريطاني لدى الولايات المتحدة نايجل شاينوولد -في بيان أصدرته
وزارة الخارجية البريطانية- بعد تلقيه رسالة من أربعة أعضاء في مجلس
الشيوخ الأميركي طالبت حكومته بفتح تحقيق في ملابسات الإفراج عن
المقرحي. بحسب رويترز.
وأضاف البيان أن قرار النظر في قضية المقرحي وقع حصريا بيد السلطة
التنفيذية الأسكتلندية, بعد نقل سلطات قضايا العدالة إلى أسكتلندا.
وكان من حق المقرحي بموجب القانون الأسكتلندي أن يُنظر في إخلاء سبيله
لأسباب إنسانية. وقال شاينوولد "علينا أن نحترم استقلالية هذه العملية،
رغم أننا لا نوافق على الإفراج عنه".
BP تواجه تحقيقا
في سياق متصل دعت مجموعة من المشرعين الأمريكيين إلى التحقيق فيما
إذا لعبت شركة "بريتيش بتروليوم" دوراً في الإفراج عن الليبي عبدالباسط
علي محمد المقرحي، المتهم بتفجير طائرة "بان أمريكان" فوق سماء لوكربي،
من أجل تأمين عقود نفطية مع الحكومة الليبية.
فقد كتب السيناتور الديمقراطي، فرانك لوتنبيرغ، في رسالة موجهة إلى
لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ يقول: "طفت مؤخراً تقارير تشير
إلى اتفاقية نفطية في العام 2007 قد يكون لها تأثير على مواقف الحكومة
البريطانية واسكتلندا فيما يخص الإفراج عن المقرحي عام 2009." بحسب
السي ان ان.
وأضاف يقول: "إن أسر ضحايا طائرة 'بان أم' يستحقون معرفة ما إذا
كانت العدالة تراجعت أمام المصالح التجارية في هذه القضية."
ورفض المتحدث باسم شركة النفط البريطانية في هيوستن بتكساس التعليق
على هذه الأنباء وقال: "نحن لن نعلق على توقعات وتخمينات."
يشار إلى أن شركة النفط البريطانية "بي بي" ستبدأ التنقيب عن النفط
قبالة السواحل الليبية خلال الشهور المقبلة.
وكان خبير السرطان البريطاني الذي قدر في وقت سابق أن أمام المقرحي،
3 شهور للعيش، وهو القرار الذي استندت عليه الحكومة الاسكتلندية
للإفراج عن المتهم الأساسي في قضية تفجير لوكربي، لدواع إنسانية، في
خطوة أثارت الكثير من الجدل، قدر مؤخراً بأن أمام المواطن الليبي
المصاب بسرطان البروستات فرصة للبقاء على قيد الحياة لعقد أو ربما
عقدين آخرين.
يذكر أنه في أغسطس/آب الماضي أفرجت السلطات الاسكتلندية عن المقرحي،
الذي أدانته محكمة اسكتلندية بالسجن مدى الحياة في قضية تفجير الرحلة
103 لطائرة تابعة لشركة "بان أم" فوق لوكربي، ما أدى إلى مصرع 270 شخصاً،
عام 1988.
وأثار الإفراج عن المقرحي، بعد قضاء ثمانية أعوام ونصف العام من
فترة عقوبته، والاستقبال الذي لقيه في طرابلس شعبيا ورسميا، وإشادة
الرئيس الليبي معمر القذافي به، غضب الحكومة الأمريكية التي فقدت 189
من رعاياها في التفجير.
وقال د. كارول سيكورا في تقرير نشرته صحيفة "صندي تايمز" البريطانية
إنه: "لأمر محرج أن يبقي "(المقرحي) لهذه الفترة الطويلة."
اسكتلندا تنفي
من جهتها نفت الحكومة الاسكتلندية انها اجرت أي اتصالات مع شركة
النفط البريطانية بي بي قبل ان تقرر العام الماضي الافراج عن المواطن
الليبي المدان في تفجير طائرة ركاب في اجواء لوكربي عام 1988.
وقالت الحكومة الاسكتلندية انها نقلت عبد الباسط المقرحي الى طرابلس
لاسباب انسانية محضة.
وقال متحدث باسم الحكومة الاسكتلندية "لم نتلق على الاطلاق أي طلبات
من بي بي.. السيد المقرحي..أرسل الى بلاده ليموت (هناك) وفقا لقواعد
القانون الاسكتلندي وبناء على التقرير الطبي لمدير دائرة الصحة
والرعاية في السجون الاسكتلندية وتوصيات لجنة الافراج المشروط وحاكم
السجن." وتتمتع اسكتلندا بسلطات قانونية خاصة بها داخل النظام السياسي
البريطاني.
وزير الخارجية البريطاني ينفي
وفي تناقض حول الامر، نفى وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ
لنظيرته الاميركية وجود اي دليل يربط بين الافراج عن منفذ اعتداء
لوكربي العام الماضي وصفقة لمجموعة بريتش بتروليوم النفطية وسط قلق
متزايد من قبل الولايات المتحدة.
واكد هيغ في رسالة لهيلاري كلينتون ان الحكومة البريطانية تعتبر انه
كان من "الخطأ" الافراج عن عبد الباسط المقرحي في اب/اغسطس الماضي.
الا انه اصر على ان القضاء الاسكتلندي الذي اتخذ القرار تصرف وفق
الاصول رافضا ادعاءات في الولايات المتحدة بان مجموعة "بي بي" حثت على
الافراج عن المقرحي حفاظا على عقد نفطي مهم مع ليبيا.
وكتب هيغ لكلينتون في رسالة نشرتها وزارة الخارجية البريطانية "ليس
هناك اي دليل يدعم باي شكل الادعاءات بوجود دور لبي بي في قرار القضاء
الاسكتلندي الافراج عن المقرحي لاسباب انسانية في العام 2009 او اي
ايحاء بان هذا القضاء اتخذ قراره لتسهيل عقود نفطية لبي بي".
ليبيا لم تتفاوض
من جهته نفى شكري غانم، مدير مؤسسة النفط الوطنية الليبية، وجود
صفقة خلف قضية إطلاق السجين الليبي السابق، عبدالباسط المقرحي، رافضاً
ما أشيع عن وجود اتفاق للإفراج عنه مقابل منح عقود نفطية لشركة BP.
وجاءت مواقف غانم، التي أدلى بها في حديث لـCNN، على خلفية إقرار
شركة النفط العملاقة بممارسة ضغوط على لندن لدفعها إلى السير بالصفقة،
وبالتزامن مع إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية، هيلاري كلينتون، ونظيرها
البريطاني، وليام هيغ، أن قرار إطلاق سراح المقرحي للاعتقاد بأنه في
مرحلة متقدمة من سرطان البروستات كان "خاطئاً."
وقال غانم: "لقد قدت شخصياً المفاوضات مع BP والتي اقتصرت على
الجانب التقني للسماح للشركة بالتنقيب عن النفط قبالة السواحل، ولم يكن
هناك أي نقاش سياسي كما لم أتقبل أي تدخلات من السياسيين بالقضية.
وشدد غانم على أن الاتفاق مع BP كان عام 2007، أي قبل الإفراج عن
المقرحي بعامين، وأعرب عن استغرابه لقرار الكونغرس الأمريكي عقد جلسة
استماع حول القضية قائلاً: "للأمريكيين أن يقوموا بما يردون، فهذا
شأنهم، ولكننا دولة ذات سيادة."
شجب قرار إطلاق المقرحي
فيما دعا مشرعون أمريكيون عقب الاجتماع برئيس الوزراء البريطاني،
ديفيد كاميرون، في واشنطن، إلى إجراء تحقيق مستقل حول ملابسات إطلاق
سراح المواطن الليبي، عبد الباسط المقرحي، المدان الوحيد في قضية تفجير
لوكربي التي راح ضحيتها 270 شخصاً، معظمهم من الأمريكيين، عام 1988.
وفي الغضون، جددت أول زيارة لرئيس الحكومة البريطاني، إلى واشنطن
منذ توليه السلطة، أواصر العلاقة الخاصة التي تربط بين لندن وواشنطن،
وفق البيت الأبيض. نواب أمريكيون يناقشون المقرحي مع كاميرون.
وقال السيناتور تشارلس شومر، الذي التقى وثلاثة من أعضاء الكونغرس
بكاميرون لزهاء الساعة، حول إطلاق الحكومة الاسكتلندية للمقرحي، لدواع
وصفت بأنها إنسانية، العام الماضي: "طلبنا لتحقيق مستقل لا يزال مطروحاً
على الطاولة.. القضية لم تغلق بعد."
وكان السكرتير الصحفي للبيت الأبيض، روبرت غيبس، قد استبق لقاء
أوباما بكاميرون، بالتشديد قائلاً: "من منطلق إيماننا القوي، فالقضية
سيعاد طرحها باستمرار.. لأنه ما كان يجب إطلاق سراح مفجر لوكربي."
وإلى ذلك، انتقد الرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة البريطاني في مؤتمر
صحفي مشترك عقب اجتماعهما، قرار السلطات الاسكتلندية إطلاق المقرحي.
وكان مشرعون أمريكيون قد طالبوا بتحقيق حول إمكانية تورط شركة النفط
في إطلاق المقرحي للحصول على عقود في المقابل.
وبدوره قال الرئيس الأمريكي إن الخطوة أصابت معظم الأمريكيين
بالدهشة والخيبة والغضب.
لماذا الان
كتب أربعة من اعضاء مجلس الشيوخ الامريكي -هم فرانك لوتنبرج وروبرت
مينينديز من نيوجيرزي وكريستين جيليبراند وتشارلز شومر من نيويورك-
مجموعة خطابات للحكومتين الامريكية والبريطانية أشاروا فيها للقضية.
ويشغلهم الامر في جزء منه لان الكثيرين من الذين قتلوا في تفجير
طائرة لوكربي كانوا من نيويورك ونيوجيرزي.
واستاء بعض السكان من الافراج عن المقرحي لاعتبارات صحية واغضبهم
أنه مازال على قيد الحياة وخارج السجن.
وتزامنت خطاباتهم مع موجة استياء بين الامريكيين من شركة النفط
البريطانية العملاقة بعد أن تسببت بئرها في تسرب نفطي يلوث مياه خليج
المكسيك منذ نحو ثلاثة أشهر.
وطالب أعضاء مجلس الشيوخ الاربعة الحكومة البريطانية ووزارة
الخارجية الامريكية بالتحقيق في ظروف اطلاق سراح المقرحي لاعتبارات
انسانية. بحسب رويترز.
وقالت الحكومة البريطانية انها لا تعتزم اعادة دراسة اتفاق نقل
السجناء مشيرة الى أن المقرحي افرج عنه لاعتبارات انسانية بسبب سوء
حالته الصحية بموجب اجراء قانوني مختلف.
دليل إدانة المقرحي
وجود شكوك في صحة الأدلة التي اعتمدت لإدانة الليبي عبد الباسط علي
المقرحي في قضية تفجير طائرة بانام الأمريكية على بلدة لوكربي
الإسكتلندية سنة 1988.
و أظهرت بعض الاختبارات التي أجريت أن أدلة الطب الشرعي حول القطعة
الحاسمة التي أدانت المقرحي لا يمكن أن تكون قد نجت خلال انفجار
الطائرة.
وقد عثر على الشظية التي يُعتقد أنها جزء من الزناد، داخل أشلاء
قطعة من الثياب، بعد أسبوعين من وقوع الحادث، وظلت مهملة لبضعة أشهر
دون أن يعيرها أحد أي اهتمام، قبل أن تصير الأساس الذي سيستند عليه
التحقيق. بحسب بي بي سي.
وقادت تلك الأشلاء المحققين إلى مالطا حيث أكد صاحب متجر للثياب
–بعد مرور سنوات على الحادث وبعد أن نشرت الصحف صورة المشتبه به- أن
المقرحي هو الذي اشترى قطعة الثياب تلك.
ووجد برنامج نيوزنايت الذي تبثه القناة الثانية في تلفزيون بي بي سي،
أن الشظية تلك لم تخضع لاختبارات كيماوية للتأكد من أنها استخدمت
لإطلاق عملية التفجير.
وقال مستشار الأمم المتحدة والخبير الأوروبي في شؤون المتفجرات جون
وايات للبرنامج إن هناك مزيدا من الشكوك في ان تكون تلك الشظية من زناد
العبوة الناسفة.
خاصة وأن الانفجار وقع على ارتفاع 10 آلاف قدم مما أدى إلى انتشار
الشظايا على مساحة واسعة، ووقوعها على أرض رطبة رخوة.
لكن عملية الإفراج هذه أغلقت القضية، ومنعت المقرحي من الاستمرار في
عملية الاستئناف التي كان ينوي خلالها نقض دليل الإدانة الذي سجن
بسببه. |