كل فرد حركة وفلسفة التأخر

قراءة في أحدث كتاب للإمام الشيرازي

 

 

 

 

الكتاب: كل فرد حركة وفلسفة التأخر.

الكاتب: الإمام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره)

الناشر: مؤسسة المجتبى للتحقيق والنشر-كربلاء- بالتعاون مع مؤسسة الوعي الاسلامي-بيروت.

عدد الصفحات: 125 من القطع الكبير.

الطبعة: الاولى 2010 .

 

 

 

شبكة النبأ: تتركّز أفكار المصلحين عموما وجهودهم عبر طروحاتهم ومؤلفاتهم على تحسين المسار الانساني المحفوف بالمزالق والاخطاء، وذلك من خلال المؤلفات المعرفية التي غالبا ما تتيسر بين أيدي القراء لكي تتبلور لديهم سبل العيش الكريم والرؤية المعاصرة للحياة، ولم يألُ الامام الراحل آية الله العظمى السيد محمد الحسيني الشيرازي (قدس سره) جهدا في تقديم أفكاره ورؤاه عبر عشرات الكتب والمؤلفات التي تضم عصارة الفكر والمعرفة الهادفة الى تذليل المصاعب وتوضيح السبل الكفيلة بتلبية ما يحتاجه الانسان من دلائل ونصائح تصب في صالحه وتساعده على الحركة المتوازنة والمستقيمة في آن.

ويأتي كتاب الامام الشيرازي موضوع هذا المقال والذي يحمل عنوان (كل فرد حركة) ليشكل إضافة جديدة في المجال المعرفي حيث يبحث في أهم المجالات والتفاصيل الحياتية التي تكتنف رحلة الانسان سواء في أعمال أو انشطته المتعددة او أفكاره ونظرته للحياة أيضا، وهنا يمكن لنا أن نكتشف خارطة توجيهية واضحة وطريق واضح المعالم لأهمية حركة الانسان وتراكمها سواء في المجال العملي الملموس او المجال الفكري المدرَك، حيث يشكل هذا التراكم الحركي فيما لو كان يصب بالاتجاه الصحيح مكسبا قويا للفرد والمجتمع معا.

ويضم هذا الكتاب القيّم بين دفتيه فصلين مهمين، يركّز الفصل الاول على الخطوات الصحيحة والواجب توافرها لطبيعة الحركة الناجحة للفرد وبالتالي للمجتمع عموما، ومنها تركيز الامام الشيرازي على ضرورة نشر الثقافة المعاصرة والوعي المتوازن بين الناس من خلال بناء وانشاء المؤسسات الثقافية والدينية التوجيهية كالمدارس والمساجد والمؤسسات الخيرية والحسينيات والمكتبات العامة والمطابع الهادفة الى تيسسير العلم والمعرفة للجميع.

لهذا لابد أن يسهم الجميع بتيسير السبل المؤدية الى تحقيق هذا الهدف انطلاقا من مبدأ شيوع المسؤولية (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)، ومع تحصيل العرفة يركز الامام الشيرازي على الشروط الاخرى التي لابد من توافرها من اجل زرع الاستعداد والتقبل النفسي للمعرفة من قبل الفرد والمجتمع ومن هذه الشروط، شرط الاطعام، إذ لا يمكن للانسان الجائع أن يتعب نفسه ويحثها على تحصيل المعرفة، كذلك لابد من القضاء على البطالة فهي السبيل المسرّع لتحصيل العلم ايضا من خلال توافر الشرط الانساني الذي يحققه العمل للانسان وكذلك توفير السكن بمساهمة بيت المال او ما يُصطلح عليه الآن خزينة الدولة التي تحتوي على المال العام.

ويخوض الفصل الثاني لهذا الكتاب في فلسفة التأخر ويبدأه بطرح التساؤل الجوهري، لماذا التأخر؟ بمعنى ما هي الاسباب التي تقف وراء تأخر الفرد وبالتالي تخلف المجتمع ككل عن مواكبة العصر، وليس خفيا فيما لو تم كشف الاسباب لكان السعي الى معالجتها أكثر سهولة مما لو بقيت مبهمة وغير معروفة، لهذا يقدم لنا هذا الفصل عرضا وافيا لاهم الاسباب التي تقف حائلا بين الانسان وبين المعرفة والوعي الذي يساعده على بناء حياة متوازنة لاتوغل كثيرا في الماديات على حساب القيم المعنوية ويصح العكس ايضا، بمعنى ثمة توازن بين الاهتمام البشري بالمادة والفكر معا.

ويستهل هذا الفصل مادته بالتركيز على الجانب الذرائعي الذي قد يختبئ وراءه الانسان تهربا من مسؤولياته ازاء نفسه والآخرين معا، ومن هذه الذرائع التحجج بعدم القدرة على اداء ما يلزم اداءه وانتهاج الكسل في معالجة الامور والزهد الكاذب والتذرع بعدم القدرة على الاصلاح الذاتي او المجتمعي مما يؤدي الى هدر الفرص المتاحة للتقدم والتطور المتوازن مع العصر مما يفتح الباب واسعا امام الاستبداد والتفرد السياسي وغيره، ناهيك عن آفة البخل التي يعدها الامام الشيرازي من أبشع آفات فلسفة التأخر.

وينطوي هذا الكتاب القيّم على أفكار عديدة وهامة لحياة الانسان في مجال فلسفة التأخر يمكن اجمالها بالنقاط التالية:

- التأكيد على أهمية التصدي للمسؤولية الفردية والجماعية في آن واحد.

- ضرورة التركيز على توفير البنية التحتية للمعرفة كتأسيس المؤسسات الخيرية والثقافية والمطابع وما شابه.

- أهمية توفير الاشتراطات التي يتطلبها نشر الوعي بين العامة كالقضاء على البطالة وتوفير السكن والخدما المادية والفكرية معا.

- ضرورة إغاثة المنكوبين بفعل الطبيعة او غيرها.

- بث الوعي السياسي وجعله في متناول بسطاء الناس وغيرهم.

- نشر منهج الاستشارة والعمل التشاركي وجعله صيغة عمل قائمة ومتفق عليها بين الجميع.

- تشجيع البعثات الدراسة وتوفيرها لاكبر عدد من الناس.

- تجاوز الذرائعية ونبذ ظاهرة الزهد الكاذب.

- رفض الاقوال والافكار والافعال التي تقف بوجه الخطوات الهادفة للاصلاح.

- ضرورة معرفة النفس أولا.

- نبذ ظاهرة التملق والتشاؤم والتجاوز على حقوق الآخرين.

- نبذ ظاهرة الاغراق في المبالغات تحت اي مبرر كان.

- تجاوز ظاهرة النفاق واعتماد الآداب في القول والسلوك معا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 22/تموز/2010 - 9/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م