عراقيون يتأرجحون على خط الفقر

خبير: الدولة العراقية تعمل على زيادة نسبة الفقر

تحقيق: نهلة جابر

 

شبكة النبأ: تشير التقديرات التي أجريت على الفقر في العراق انه في التسعينات من القرن الماضي نتيجة للحصار الاقتصادي الذي طال الشعب العراقي، إلى بروز اتساع كبير في ظاهرة الفقر ليشمل قطاعات اجتماعية واسعة انحدر بعضها تحت خطه.

 فحسب تقديرات الأمم المتحدة فان "45 % "من المواطنين العراقيين باتوا يصنفون ضمن الفقراء .

و"الفقر" بحسب تصنيف الباحثين والمختصين بالشؤون الاقتصادية يقاس بحجم الدخل الذي يحصل عليه الفرد، ومن خلاله يمكن التمييز بين الفقير وغيره، وكما إن هناك فقرا فان هناك خطا للفقر وشكلا أخرا له اشد قتامه ولوعة وهو ما يوصف الفقر المدقع.

المحامي راضي المياحي، يرى إن اغلب الأنظمة القمعية تتخلص من أزماتها بترحيلها إلى مواطنيها وهذا ما فعله النظام السابق من خلال تخلصه من أزماته عندما وضع الشعب العراقي بمواجهتها ومنها حالة الحصار التي أعقبتها الحروب.

ويقول المياحي في حديثه مع (شبكة النبأ المعلوماتية)، "لمعالجة ظاهرة الفقر واتساع رقعته لابد من استتباب الأمن وبدء عمليات الاستثمار الذي يخلق فرصا قادرة على امتصاص البطالة وتوفير العمل مما سيخلق دخلا ماديا  يحد من تلك الظاهرة".

أما كاظم مهدي الأسدي وهو موظف مصرفي، فيؤيد ما ذهب إليه المياحي حيث يقول، "لا يمكن مواجهة الفقر إلا عن طريق عدد من الوسائل والعوامل السياسية - الاقتصادية وتطبيق القوانين التي تنص على تفعيل الاستثمار واستقرار امني -اجتماعي" .

في حين ترى السيدة جميلة غضبان وهي موظفة في جامعة البصرة، إن دعم البطاقة التموينية في بلد ثري مثل العراق جزء من مكافحة الفقر، فتقول، "ترويج مساعي "صندوق النقد الدولي لإلغاء الحصة التموينية التي توزعها الدولة على المواطنين سيسهم دون شك في رفع حالات الفقر إلى مستويات أعلى، خصوص إن لا طاقة لفئات كثيرة على تحمل أعباء أسعار المواد الغذائية أو مجاراة التضخم الحاصل".

وتشير جميلة خلال حديثها مع (شبكة النبأ)، "تم رفع الدعم عن الوقود مما تسبب بموجة مستمرة لارتفاع الأسعار لمختلف السلع والمواد الغذائية المحلية أو المستوردة على حد سواء".

جهل السلطة والافتقار إلى الرعاية الصحية

عصام حيدر التميمي مدرس مادة الاقتصاد في إحدى المدارس الثانوية، يقول، "نسمع عن عقد الكثير من المؤتمرات بشان العراق ولم نجد مؤتمرا واحد منها حول الفقر والفقراء، الذين يزدادون يوما بعد يوم".

ويضيف التميمي، "ذلك يعود للسياسات الاقتصادية المرتجلة التي يضعها البعض في قمة السلطة دون بحث الواقع الشعبي في بلد عانى من الحروب والحصار".

ويشدد، "لابد من بحث الوضع الاجتماعي في العراق واتخاذ خطوات سريعة حاسمة لإنهاء البطالة وخلق فرص عمل متساوية للجميع".

الى ذلك يشير الطبيب مازن مهدي التميمي إن الفقر ينعكس في معظم الأحيان على نوع وطبيعة الرعاية والخدمات الصحية على أفراد المجتمع، مما يؤثر سلبا على التنمية  الاجتماعية، فيقول، "على الدولة وضع خطط علمية يمكن تطبيقها لتأمين الرعاية الطبية لمن يصنفون كفقراء، واعتماد مقدار اكبر من الشفافية والنزاهة في تطبيق وسياسات وبرامج الدوائر الصحية، تسهم في إعانة تلك الشريحة على الظروف التي تواجههم".

ويؤكد التميمي خلال حديثة لـ(شبكة النبأ)، "العراق قادر على تجاوز أزمة الفقر أسوة بمختلف دول العالم الغنية نظرا لإمكانياته وموارده المادية الكبيرة".

أسباب ومعالجات مقترحة

بدوره يحدد الحقوقي عدنان محسن الكناني عوامل عدة لتجاوز الفقر وخطوطه منها إعادة تفعيل عجلة الاقتصاد الوطني عن طريق نشاط القطاع الصناعي العام والخاص من خلال دعمه وتأهيله إلى جانب الاهتمام الجدي بالقطاع الزراعي وإخضاع الاستيراد بكل أنواعه لضوابط صارمة مرحلية متغيرة والعمل باتجاه تشجيع الإنتاج المحلي وتطويره ويرى انها  عوامل ستسهم في إيقاف الفقر وتجاوزه مستقبلا .

أما الأستاذ المساعد في مركز دارسات الخليج العربي بجامعة البصرة، صدام الشبيبي يرى إن أسباب ظاهرة الفقر في العراق تعود لعدة عوامل ومراحل معروفة منها الحروب الداخلية والخارجية والتعامل السيئ مع موارد المجتمع الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل جزء كبيرا في زيادة الفقر والفقراء خاصة، فيقول، "بعد غزو النظام الديكتاتوري السابق للكويت وفرض العقوبات الاقتصادية على العراق عام 1990، تدنت موارد الدولة واتسعت حلقة الفقر مع انخفاض القدرة الشرائية للدينار العراقي، فتدهورت الأحوال المعيشية لغالبية العراقيين لدرجة دفعت الكثير من الناس إلى بيع ما يملكونه من سلع وأثاث أو بيع جزء من الحصة التموينية لسد بعض الاحتياجات الضرورية".

ويستطرد الشبيبي في حديثة لـ(شبكة النبأ)، "سنوات الحروب والحصار شهدت تدهورا مستمرا في حصة الفرد العراقي من النتاج المحلي الإجمالي وتدني دخول الإفراد، إذ ذكرت منظمة الغذاء والزراعة الدولية ان عام 2005 شهد انخفاض مستويات الدخول المعيشية لثلثي سكان العراق وأصبح دخل الأسرة حوالي ثلث دخلها مقارنة بعام 1988.

ويضيف، "بعد التغيرات السياسية التي حصلت في عام 2003 ونظر لظروف الاحتلال وتدهور الأوضاع الأمنية تزايدت مشكلة الفقر، بسبب ارتفاع مستويات التضخم وازدياد العاطلين عن العمل، فضلا عن مشاكل التهجير في بعض مناطق العراق، إذ خسرت الكثير من الأسر العراقية ما تملكه.

الدولة تعمل على زيادة الفقراء

ويكشف الشبيبي لـ(شبكة النبأ)، "توجد دراسة معدة من قبل الجهاز المركزي للإحصاء وتكنولوجيا المعلومات بالتعاون مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أجريت عام 2006، حددت (31 %) من الأسر العراقية تعاني من الحرمان والفقر وان محافظات الجنوب هي الأكثر حرمانا بين محافظات العراق الأخرى خلال فترة الثمانينات والتسعينات الأمر الذي يؤكد استمرار حالة الفقر بسبب الظروف والعوامل المذكورة آنفا.

ويضيف، "البيئة الاقتصادية الجديدة المتمثلة باقتصاد السوق وتطبيق وصفة صندوق النقد الدولي ستزيد من فقر الفقراء اذ إن رفع أسعار الوقود، فضلا عن ارتفاع أسعار السلع وتوقعات رفع الدعم عن الحصة التموينية كلها شواهد تشير إلى ان الفقراء لا يمكنهم مواجهة فقرهم إذا لم تكن هنالك برامج تنموية تعالج وبجدية تامة المشكلة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 21/تموز/2010 - 8/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م