الكوارث الطبيعية وأسباب تكرار تلك الظواهر

تقض مضاجع سكان الأرض ودول وقارات على خط المواجهة

 

شبكة النبأ: أثارت الكوارث الطبيعية وبعض الظواهر المناخية المتكررة التي شهدها العالم خلال الفترة الماضية اهتمام اغلب المهتمين بالشأن المناخي وعلماء الأرض نظرا للتغيرات السريعة والكبيرة حسب ما يراه المختصون.

فقد شهدت العديد من دول العالم مؤخرا عواصف وزلازل ضخمة تكاد تكون غير مسبوقة خلفت أضرار مادية وخسائر بشرية فادحة، الامر الذي دفع ببعض المؤسسات البحثية الى اجراء دراسات علمية علها تخرج بنتائج دقيقة عن سبب الرئيس وراء تكرار تلك الظواهر بهذا الشكل غير المسبوق، على الرغم من ان بعض الدراسات السابقة تعزو الاسباب الى ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يشهده كوكب الأرض.

من جانبها انشأت بعض الدول الساحلية مراكز متخصصة لرصد التغييرات المناخية المتوقعة بالاضافة الى حركة الزلازل الارضية، علها تدفع عن نفسها بعض الاضرار عبر استباق تلك الكوارث المستقبلية.

آسيا الاكثر ضررا

فقد جاءت بنجلاديش وإندونيسيا وإيران وباكستان على رأس قائمة جديدة للبلدان "الأكثر عرضة لمخاطر" الكوارث الطبيعية قامت بتجميعها مؤسسة عالمية لتقييم المخاطر.

وقد صنف مؤشر مخاطر الكوارث الطبيعية، الذي صدر في 27 مايو عن مؤسسة مابلكروفت 229 دولة وفقاً للأثر الإنساني للكوارث الطبيعية من حيث عدد الوفيات سنوياً لكل مليون نسمة من السكان، بالإضافة إلى وتيرة تكرار الأحداث واحتمال وقوع الزلازل والثورات البركانية وموجات التسونامي والعواصف والفيضانات والجفاف والانهيارات الأرضية ودرجات الحرارة المتطرفة والأوبئة. وقد بين المؤشر أن معظم الوفيات الناتجة عن الكوارث منذ عام 1980 حدثت في آسيا.

ومن شأن تصنيف البلدان الأكثر تعرضاً للكوارث الطبيعية على مدى السنوات الـ 30 الماضية أن يساعد الشركات والمستثمرين على تحديد المخاطر التي تتعرض لها الأصول الدولية وفي نفس الوقت دعم الجهود الإنسانية لدفع الحكومات إلى الاستثمار في مبادرات الحد من مخاطر الكوارث.

وتتمثل البلدان الإفريقية الأكثر عرضة لمخاطر الكوارث في إثيوبيا والسودان وموزامبيق حيث يتسبب الجفاف في إسقاط 95 بالمائة من الضحايا. فمنذ عام 1980 تسبب الجفاف في 9,800 وفاة في إثيوبيا و5,300 وفاة في السودان (التي جاءت في المرتبة الخامسة) وأكثر من 3,400 وفاة في موزامبيق (التي احتلت المرتبة التاسعة). بحسب شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين).

ويقول الخبراء أنه على عكس الزلازل والعواصف، يصعب الكشف عن الأضرار الناتجة عن الجفاف، سواء من حيث الأرواح البشرية أو الخسائر الاقتصادية، لأنه كارثة بطيئة النتائج.

وتعتبر فرنسا وإيطاليا، المصنفتان في المرتبة 17 و 18 على التوالي، البلدين الأكثر ضعفاً في أوروبا بسبب الـ 40,000 شخص الذين لقوا حتفهم في موجات الحر في عام 2003 و2006. كما تبقى الولايات المتحدة التي فقدت أكثر من 8,000 شخص على مدى 30 عاماً، عرضة للأعاصير والعواصف وتأتي في المرتبة 37 على القائمة.

وجاءت هايتي والصين - في المرتبة 8 و12 على التوالي - من بين الدول الأكثر تعرضاً للمخاطر. فقد أودى زلزال مقاطعة شنغهاي في 13 أبريل 2010 - الذي كان بنفس قوة الهزة التي ضربت هايتي في 12 يناير - بحياة 2,187 شخص مقابل مقتل 230,000 شخص في هايتي.

أما البلدان الأقل عرضة للمخاطر فتتمثل في أندورا والبحرين وجبل طارق وليختنشتاين ومالطا وموناكو وقطر وسان مارينو ودولة الإمارات العربية المتحدة.

وتماشياً مع البيانات الصادرة عن مؤسسة مابلكروفت، أفادت دراسة أجراها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن 85 بالمائة من الأشخاص المعرضين للزلازل والأعاصير الاستوائية والفيضانات والجفاف في السنوات العشر الماضية يعيشون في البلدان حيث التنمية البشرية متوسطة أو منخفضة.

وفي هذا السياق، قال بيدرو باسابه، رئيس المكتب الإقليمي لإفريقيا في الاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة أنه "في هذا النوع من التصنيف العالمي، تتمثل المتغيرات التي يجب النظر إليها في الفترة الزمنية لتحليل البيانات وأنواع الأخطار ونقاط الضعف حيال الكوارث الطبيعية. ذلك أن البلدان التي تواجه أنماطاً مماثلة من الأخطار الطبيعية على نطاق واسع عادة ما تشهد اختلافات كبيرة في الآثار".

وأضاف "إذا نظر المرء إلى تواتر الزلازل والأعاصير في هايتي في السنوات المائة الماضية، فإن الوضع في البلد لا يعتبر مثيراً للقلق، على عكس السنوات العشر الماضية التي شهدت خسائر بشرية كبيرة ناجمة عن الفيضانات التي حدثت في كل عام تقريباً وعن الأعاصير التي وقعت في الأعوام 2004 و2005 و2008. أما من حيث الآثار على سبيل المثال، فإن الزلزال الذي وقع مؤخراً في تشيلي، والذي كان بنفس قوة زلزال هايتي، خلف حوالي 100,000 قتيل ولكنه كبد البلاد من حيث الخسائر الاقتصادية 22 مليار دولار مقابل 8 مليارات دولار المقدرة لهايتي. ولذلك، فإن ضعف تشيلي من حيث الخسائر الاقتصادية أكبر من هايتي التي عانت بدلاً من ذلك من المزيد من الخسائر في الأرواح البشرية".

من جهتها، أبرزت الأرقام الصادرة عن مركز بحوث علم أوبئة الكوارث في بداية عام 2010 أنه في السنوات العشر الماضية تسببت 3,852 كارثة في مقتل أكثر من 780,000 شخص وألحقت أضراراً بأكثر من ملياري غيرهم وتسببت في خسائر اقتصادية تقدر بـ 960 مليار دولار.

ووفقاً للاستراتيجية الدولية للحد من الكوارث التابعة للأمم المتحدة، كانت الزلازل متبوعة بالعواصف (22 بالمائة) ودرجات الحرارة المتطرفة (11 بالمائة) المخاطر الطبيعية الأكثر فتكاً خلال السنوات العشر الماضية وهي لا تزال تشكل تهديداً لملايين الناس في جميع أنحاء العالم.

كما صنفت الاستراتيجية تسونامي المحيط الهندي الذي حدث عام 2004 بأنه الكارثة الأكثر فتكاً لهذا العقد حيث خلف 226,408 قتيلاً، يليه إعصار نرجس في ميانمار في عام 2008 الذي أودى بحياة 138,366 شخصاً ثم زلزال سيشوان في الصين في عام 2008 الذي خلف 87,476 قتيلاً.

وعلقت أنا موس، المحللة البيئية بمؤسسة مابلكروفت، على ذلك بقولها: "نظراً لتغير المناخ من المتوقع أن تزداد أحداث الطقس والمياه المتطرفة. وبالنظر لتأثير ذلك على البلدان التي لا توجد مباشرة في خانة التعرض لمخاطر الكوارث الطبيعية، فإننا ننصح بضرورة قيام البلدان الأكثر ثراءً بالتركيز على الحد من مخاطر الكوارث".

اسوأ المواسم المسجلة

في سياق متصل قد يكون موسم العام 2010 من الاعاصير في المحيط الاطلسي "احد اسوأ" المواسم المسجلة حتى الان وقد تؤدي ثمانية اعاصير الى 14 اعصارا يتوقعها خبراء الطقس الاميركيون الى تفاقم التلوث الناتج عن تسرب النفط في خليج المكسيك ووضع منكوبي زلزال هايتي.

وقالت جاين لوبشينكو مساعدة وزير التجارة المكلفة الوكالة الاميركية للمحيطات والاجواء "يتوقع موسم ناشط جدا على صعيد الاعاصير في حوض الاطلسي هذه السنة (..) قد يكون من اسوأ المواسم المسجلة حتى الان"

ويتوقع هبوب 14 الى 23 عاصف بقوة كبيرة تسمح باعطائها اسما مع رياح دنيا تصل سرعتها الى 62 كيلومترا في الساعة خلال موسم الاعاصير الذي بدأ في الاول من حزيران/ونيو وينتهي في 30 تشرين الثاني/نوفمبر. بحسب فرانس برس.

وقد تشتد هذه العواصف ليصل ثمان او 14 منها الى مستوى اعاصير مع رياح تفوق سرعتها 119 كيلومترا في الساعة.

وقد تصنف ثلاثة الى سبعة من هذه الاعاصير، اعاصير "كبيرة" (فئة 3 الى 5) مع رياح هوجاء قد تصل الى 178 كيلومترا في الساعة. وقالت لوبشينكو ان ثمة 70 % من الفرص لتتحقق هذه التوقعات.

وفي خليج المسكيك حيث غالبا ما تبدأ هذه الظواهر الجوية، قد يؤثر اي اعصار على التلوث الناجم عن تسرب النفط.

وحذرت المسؤولة من "امكانية ان تنقل الامواج النفط الى اليابسة" مشددة كذلك على ان الرياح قد تخلط ايضا النفط الخام بالمياه وتسرع تحلله الطبيعي. واوضحت ان ثلاثة عوامل اساسية تسمح بتوقع هذا النشاط.

فتحدثت عن احتمال عودة الظاهرة المناخية "ال نينيا" التي ظهرت العام 2007 (تتميز بانخفاض حرارة المحيط الهادئ) ودرجة حرارة مياه الاطلسي اعلى من المعدل ودورة تحصل مرات عدة في العقد مع ظروف جوية مؤاتية لتشكل الاعاصير.

وردا على سؤال حول ارجحية وقوع اعاصير في هايتي حيث لا يزال 1,3 مليون لاجئ في مخيمات غير صحية بعد الزلزال الذي ضرب هذا البلد في 12 كانون الثاني/يناير قالت لوبشينكو انه من المبكر الان مع مطلع الموسم القيام بتوقعات كهذه.

واضافت "لكن هايتي والدول الاخرى في منطقة الكاريبي وهي من ضمن المنطقة المعنية بالاعاصير. والرسالة التي اوجهها الى هذه الدول والثلث الشرقي من الولايات المتحدة هي ان تكون على اتم الاستعداد" للمواجهة.

ويعود الموسم الانشط على صعيد الاعاصير في منطقة الاطلسي الى العام 2005 مع 28 عاصفة من بينها 15 اعصارا سبعة منها اعاصير كبيرة. وكان الاعصار كاترينا احد هذه العواصف وقد اجتاح لويزيانا ولا سيما نيواورلينز.

ودعت الوكالة الاميركية لادارة الازمات التي تعرضت لانتقادات كثيرة لادارتها الاعصار كاترينا الافراد "الذين يقيمون في المناطق التي يحتمل ان يتم اجلاء سكانها الى وضع خطة اجلاء مسبقة من الان لعائلتهم وحيواناتهم الاليفة".

ويمكن للسلطات ان تصدر راهنا تحذيرات بحصول اعاصير 48 ساعة مسبقا اي افضل ب12 ساعة مما كانت عليه سابقا.

هايتي وموزامبيق

في حين تشير وكالات الرصد الدولية الى ان هايتي وموزامبيق هما اكثر الدول عرضة للمخاطر الاقتصادية الناتجة عن الكوارث الطبيعية وذلك وفق تصنيف صدر يشير الي ان بعض الدول الغنية مثل ايطاليا والولايات المتحدة تواجه ايضا مخاطر كبيرة.

وقالت شركة مابليكروفت البريطانية لتقييم المخاطر ان التصنيف يهدف الي اظهار الاثار الاقتصادية للكوارث مثل الزلازل والفيضانات والجفاف والانهيارات الارضية والاوبئة وأمواج المد البحري (تسونامي) والموجات الشديدة الحرارة والشديدة البرودة في الفترة من 1980 الي 2010.

وتصدرت هايتي -التي ضربها زلزال في 12 يناير كانون الثاني قتل أكثر من 300 ألف شخص -التصنيف الذي شمل نحو 200 دولة. واشارت الشركة الى انه حتى لو لم يحدث الزلزال فان هايتي الواقعة في الكاريبي كانت ستحتل مكانا متقدما في القائمة لانها عرضة للاعاصير.

وجاءت موزامبيق -التي عانت فيضانات شديدة مثلما حدث في 2000 عندما قتل 800 شخص على الاقل مع خسائر اقتصادية بلغت قيمتها الاجمالية أكثر من 400 مليون دولار- في المركز الثاني تليها هندوراس وفانواتو وزيمبابوي والسلفادور ونيكاراجوا.

وقالت مابليكروفت ان بعض الدول الصناعية كانت ايضا ضمن تلك التي تواجه خطرا كبيرا وفي مقدمتها ايطاليا التي جاءت في المركز التاسع عشر فيما يرجع الي حد كبير الى زلازل وموجة حارة في 2003.

وجاءت الولايات المتحدة في المركز الثلاثين بعد خسائر اقتصادية كبيرة بسبب اعاصير مثل الاعصار كاترينا في 2005. وجاءت الصين -حيث قتل زلزال سيشوان في 2008 حوالي 90 ألف شخص- في المركز السادس والعشرين.

وقالت انا موس محللة شؤون البيئة في مابليكروف في بيان "كاترينا كلف الولايات المتحدة 45 مليار دولار بينما قدرت الحكومة الصينية تكلفة زلزال سيشوان في 2008 بحوالي 123 مليار دولار." وكنسبة مئوية الي الناتج المحلي الاجمالي فان الدول النامية هي الاكثر عرضة للخطر.

وتقول لجنة علماء المناخ التابعة للامم المتحدة ان الاحتباس الحراري الناتج عن تراكم الانبعاثات الغازية التي يسببها بشكل رئيسي حرق الوقود الحفري سيعني حدوث تصحر وفيضانات وموجات حارة ومزيد من العواصف العاتية والانهيارات الطينية.

وأبلغ موس رويترز ان التصنيف وضع بناء على قاعدة بيانات دولية للكوارث مقرها في بلجيكا الى جانب الخسائر الاقتصادية كنسبة مئوية من الناتج المحلي الاجمالي بالاضافة الى عوامل الوفيات وتكرار الكوارث.

موسم النينو

الى ذلك ومع بدء ظاهرة النينيو رسمياً، قد تحتاج فرق الاستجابة للكوارث في جميع أنحاء العالم إلى الاستعداد لمواجهة أمطار موسمية أشد وأعاصير أعنف وأكثر تكرراً.

وفي هذا الإطار، قال روبا كومار كولي، رئيس قسم تطبيقات وخدمات المناخ العالمي في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أن "هناك إجماع عالمي بأننا في بداية موسم النينيو ولكن لا يمكننا الحديث عن شدة الأحداث المصاحبة له حتى الآن، بل علينا الانتظار حتى تبدأ بالظهور". ويتميز موسم النينيو بانخفاض غير عادي في درجات حرارة المنطقة الاستوائية الشرقية من المحيط الهادئ وارتفاع درجات الحرارة، وفقاً لموقع وكالة الفضاء الأميريكية "ناسا" الإلكتروني.

وتمنع درجات الحرارة الأكثر انخفاضاً من المعتاد في المحيطات تشكّل الغيوم الممطرة فوق المنطقة الاستوائية الشرقية من المحيط الهادئ بما في ذلك المحيطات المفتوحة جنوبي المكسيك وأمريكا الوسطى، ولكنها في الوقت نفسه تزيد من هطول الأمطار فوق المنطقة الاستوائية الغربية من المحيط الهادئ في إندونيسيا وماليزيا وشمال استراليا. بحسب رويترز.

وهذا بدوره يؤثر على التيارات النفاثة أو الرياح القوية في الأجزاء العليا من الغلاف الجوي بالإضافة إلى سلوك العواصف خارج المناطق المدارية في كل من نصفي الكرة الشمالي والجنوبي. وباختصار إنها ظاهرة نينيو عالمية.

وكان المركز الوطني للأعاصير التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية قد توقع حدوث النينيو وأفاد أن فرصة حدوث 14 إلى 23 عاصفة مسماة بسرعة رياح تفوق الـ 62 كلم في الساعة بحلول مايو 2010 تصل إلى 70 بالمائة. وهذا يزيد بكثير عن المتوسط الذي يبلغ 11 عاصفة مسماة في موسم الأعاصير في منطقة المحيط الأطلسي الذي بدأ في يونيو.

وكان أول الأعاصير إعصار "أليكس" الذي ضرب المنطقة في 30 يونيو. وقد أفادت الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي الأمريكية أن "أليكس" كان الأول الذي يسجّل في حوض المحيط الأطلسي في شهر يونيو منذ عام 1995 والأقوى في مثل هذا الشهر منذ عام 1966.

وفي منطقة بحر الكاريبي في أمريكا الوسطى، يعد موسم النينيو خبراً سيئاً بالنسبة للجزر الضعيفة مثل هايتي، التي لا تزال تتعافى من الزلزال الذي ضربها في يناير 2010.

وقال كوبس أوليفير، وهو عالم في قسم بحوث التنبؤ في دائرة الأرصاد الجوية في جنوب إفريقيا أن الأثر المحتمل للنينيو على إفريقيا وخاصة منطقة إفريقيا الجنوبية، لم يتضح بعد، حيث قال: "بدأت ظاهرة النينيو بالظهور للتو وسنحتاج على الأرجح إلى شهر أو اثنين قبل أن نعتبرها ظاهرة نينيو بالفعل".

وقد استخدم أوليفير وزملاؤه بيانات هطول الأمطار التي تم جمعها خلال أحداث النينيو من عام 1961 وحتى عام 2002 لأشهر أغسطس وسبتمبر وأكتوبر، وهي الأشهر التي يتوقع أن يكون فيها هذا الحدث أكثر وضوحاً.

وقال أنه "عادة ما تسود أجواء أكثر رطوبة في أوغندا والأجزاء الجنوبية من السودان خلال النينيو ... بينما تميل الأجواء لأن تكون أكثر جفافاً في أجزاء من أنغولا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وموزامبيق وتنزانيا وكينيا والصومال ومدغشقر".

ومع أن الوضع "متغير جداً" في جنوب إفريقيا، ولكن "يبدو بشكل عام أننا قد نحصل على أمطار ربيعية مواتية في سبتمبر وأكتوبر، وتدعم التوقعات الأخيرة لدينا ذلك".

وقال كولي إن خبراء الأرصاد الجوية في جنوب شرق آسيا، حيث بدأ موسم الأمطار الموسمية قد تنبئوا بموسم أمطار موسمية اعتيادي. وقد عانت المنطقة من أمطار شحيحة ناجمة عن النينيو أثرت على إنتاج الغذاء في كل من الهند وباكستان وبنجلاديش ونيبال وفيتنام والفلبين وتايلاند.

ومع أن يوليو هو الوقت الذي تبدأ فيه العواصف الشديدة، التي تعرف في شمال غرب المحيط الهادئ بالأعاصير الاستوائية، ولكن كولي يرى أنه لا توجد "صلة قوية جداً بين النينيو ومثل هذه الأعاصير".

ارتفاع مستوى مياه المحيط الهندي

من جهة اخرى يقول علماء في دراسة ان مستويات المياه ترتفع بشكل لم يسبقه مثيل في المحيط الهندي مما يعرض ملايين الناس للخطر على امتداد السواحل المنخفضة في بنجلادش واندونيسيا وسريلانكا.

ويقول باحثون من جامعة كولورادو والمركز الوطني لبحوث الغلاف الجوي ان ارتفاع مستويات البحار يرجع جزئيا الى التغير المناخي ويفجره ارتفاع درجات حرارة البحار والتغيرات التي تطرأ على أنماط دوران الغلاف الجوي.

وفي كلمة بمناسبة تسلمه جائزة نوبل للسلام العام الماضي حذر الرئيس الامريكي باراك أوباما من انه اذا لم يفعل العالم شيئا لمواجهة تغير المناخ "فسوف نواجه المزيد من الجفاف والمجاعات والتشريد الجماعي مما سيشعل المزيد من الازمات التي تستمر لعقود." بحسب رويترز.

ويقول مؤلفا احدث دراسة ان ارتفاع مستويات البحار قد يفاقم اثار الفيضانات ويعرض المحاصيل الزراعية والمنازل وحياة البشر لخطر اكبر. ويجادلان بان هناك حاجة الى فهم افضل للتغيرات لتحسين التخطيط لتقييم الخطر في المستقبل.

وترتفع مستويات البحار بصفة عامة في انحاء العالم بنحو ثلاثة ملليمترات سنويا. ويلقي العلماء باللوم على ارتفاع درجات الحرارة التي تتسبب فيها النسب المتزايدة من الانبعاثات الغازية مثل ثاني اكسيد الكربون الذي ينجم عن حرق الوقود الاحفوري والذي يحبس الحرارة داخل الغلاف الجوي.

وتمتص المحيطات جزءا كبيرا من هذه الحرارة الزائدة مما يؤدي الى تمددها وارتفاع مستويات مياه البحار. ويتسبب ارتفاع درجات الحرارة في ذوبان أنهار الجليد واجزاء من جرينلاند المغطاة بالثلج والقطب الجنوبي المتجمد.

واستخدم فريق الباحثين في دراستهم بيانات طويلة الامد للمد البحري وملاحظات التقطت عبر الاقمار الصناعية ونماذج للمناخ وضعها الكمبيوتر لبناء صورة لارتفاع مستويات البحار في المحيط الهندي منذ الستينات.

ووجدوا ان مستوى البحر يرتفع بشكل خاص على طول سواحل خليج البنغال وبحر العرب وسريلانكا وسومطرة وجاوا وان هذه المناطق قد تعاني من ارتفاعات اكبر من المتوسط العالمي.

ولكنهم وجدوا ايضا ان مستويات البحر تنخفض في مناطق اخرى. وتشير الدراسة الى ان جزر سيشل وزنجبار على ساحل تنزانيا تشهد اكبر معدل لانخفاض مستوى البحر.

هزة "ألمايور- كوكباه" حركت كاليفورنيا نحو 3 أقدام

من جانب آخر كشفت صور التقطها رادار وكالة الفضاء والطيران الأمريكية -ناسا-  أن الهزة الأرضية  التي ضربت كاليفورنيا وجنوب غربي الولايات المتحدة في إبريل/نيسان الماضي، حركت مدينة حدودية مع المكسيك نحو 80 سنتمتراً، في حادث ليس الأول من نوعه بعد زلزال شيلي، الذي أزاح مدينة بقرابة 3 أمتار من مكانها.

وتحركت مدينة "كاليكسيكو"  بفعل  الهزة العنيفة، التي أطلق عليها اسم "ألمايور- كوكباه" وبلغت قوتها 7.2 بمقياس ريختر، بحوالي 2.5 قدماً نحو الجنوب وللأسفل.

ووقعت الهزة، الأعنف التي تضرب المنطقة منذ 120 عاماً، على عمق 32 ميلاً جنوب-جنوب شرقي مدينة "كاليكسيكو"، ويقول العلماء أنها تسببت بأضرار جسيمة للصفائح الأرضية مسببة آلاف الهزات الارتدادية، كان آخرها الذي وقع في "السينور" بقوة 5.7 درجة في 14 يونيو/حزيران الحالي.

وسبق وأن تسبب هزات أرضية عنيفة في تحريك مناطق من مواقعها الأصلية، مثل زلزال تشيلي، وبلغت قوته 8.8 درجة بمقياس ريختر، في مطلع العام الجاري، مؤدياً لتحريك مدينة "كونسبسيون" المجاورة لمركز الهزة، نحو 10 أقدام نحو الغرب، والعاصمة، سانتيغو، بحوالي 11 بوصة نحو جهة الغرب-شمال غرب. بحسب السي ان ان.

ويشار إلى أنها خامس أقوى هزة أرضية مسجلة على مدى التاريخ الحديث. وأزاحت الهزة العنيفة التي وقعت  في 27 فبراير/شباط الفائت، أنحاء من أمريكا الجنوبية بعيداً عن بعضها مثل جزر الفوكلاند وفورتليزا بالبرازيل.

كما حرك زلزال "لوما بريتا"، الذي ضرب صدع سان أندرياس في كاليفورنيا الشمالية، بقوة بلغت 6.9 درجة، صفيحة المحيط الهادئ بـ 6.2 أقدام (نحو مترين) إلى الشمال الغربي ، ورفعها بمقدار 4.3 قدماً (1.3 متراً) فوق صحيفة "نورث أمريكان".

وعلى المدى الطويل ، فأن الزلازل وتحرك الصفائح في صدع سان أندرياس، يدفع "سان فرانسيسكو من موقعها الحالي نحو لوس أنجلوس بوتيرة ثابت تصل إلى نحو قدمين سنوياً - نفس معدل نمو الأضافر، وسط توقعات أن تلتحما بعد مرور ملايين السنوات.

وتؤدي الهزات الأرضية العنيفة أيضاً لتغير محور الأرض،  فقد أثر زلزال تشيلي المدمّر، على دوران كوكبنا  بشكل قلص معه الأيام التي يتم احتسابها من خلال دورة الأرض حول محورها.

 وقال العلماء إن هذا التأثير لا يمكن الشعور به، ولكنه قابل للقياس عبر الأجهزة المتطورة التي تشير إلى أن أيام الأرض باتت أقصر بما يعادل 1.26 ميكروثانية، وفقاً لآخر الحسابات، علماً أن كل ميكروثانية تعادل جزء من مليون جزء من الثانية.

وبحسب العلماء، فإن الزلزال الذي وقع في أعماق الأرض أثر على توزّع كميات الصخور في الطبقات الدنيا، وكان له بالتالي انعكاسات على دوران الكوكب.

وقال بنجامين فونغ شاو، خبير "ناسا" في مختبر ميريلاند: "كل تحرك يقوم على انتقال كميات كبيرة من المادة في الأرض يؤثر على الدوران."

والزلازل هي عبارة عن هزات أرضية تصيب قشرة الأرض وتنتشر في شكل موجات خلال مساحات شاسعة منها.

وتعاني قشرة الأرض دائما من الحركات الزلزالية نظرا لعدم استقرار باطنها إلا أن هذه الهزات المستديمة يكون عادة من الضعف بحيث لا نشعر بها ولا ترصدها إلا أجهزة الرصد.

قتلى بعواصف رعدية بفرنسا لم تشهدها منذ 1827

وفي حالة فريدة لم تشهدها فرنسا منذ العام 1827، أسفرت العواصف الرعدية القوية على السواحل الجنوبية لفرنسا عن مقتل ما لا يقل عن 20 شخصاً، في حين تم إنقاذ 1000 شخص ونقلوا إلى ملاجئ مؤقتة.

وأغلقت السلطات الفرنسية جميع المدارس في منطقة "فار" الساحلية المتأثرة بالعواصف الرعدية، مشيرة إلى أن ما يزيد على 96 ألف مواطن باتوا من غير كهرباء.

وكانت مياه الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة قد بدأت الثلاثاء واستمرت مساء الأربعاء، بينما حذرت السلطات من احتمال حدوث المزيد من العواصف الرعدية التي "قد تصبح عنيفة للغاية" على السواحل الجنوبية. بحسب السي ان ان.

وشاركت حوالي 11 طائرة مروحية في عمليات الإنقاذ وتم نقل ألف شخص إلى ملاذات آمنة، وذلك بمشاركة نحو 1200 رجل إطفاء و650 شرطياً.

وكانت السلطات الفرنسية قد ذكرت في وقت سابق أن 12 شخصاً اعتبروا في عداد المفقودين، غير أنه تم العثور عليهم جميعاً في وقت لاحق، إما أحياء أو أموات.

وكان رجال الإنقاذ والطوارئ قد هرعوا لإنقاذ السكان العالقين، مع بدء الأحوال الجوية غير العادية، حيث نقل عن شهود عيان احتجاز العشرات من السكان إما في سياراتهم أو منازلهم أو على أسطح المباني.

ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية أن الأجهزة المعنية تلقت حوالي 1500 اتصال لطلب المساعدة، مشيرة إلى أن منطقة دراغينيان البالغ عدد سكانها 40 ألف نسمة، شهدت مقتل 8 أشخاص، فيما ارتفع مستوى المياه إلى أكثر من مترين في الشوارع. وإلى جانب إخلاء السكان، تم كذلك إخلاء 500 سجين من سجن المدينة.

ونقلت الوكالة عن هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية "ميتيو فرانس" إشارتها إلى أن هذه الظاهرة تتسم بأنها تتخذ طابعاً فريداً، إذ لم يتم رصد حالة مماثلة منذ العام 1827.

قصص مأساوية خلفها الإعصار فيت

الى ذلك كشف انزياح الإعصار فيت الذي ضرب سلطنة عمان عن الكثير من القصص الإنسانية، التي حدثت خلال الفترة الماضية.

ناصر الحسني، من سكان ولاية "قريات" بمحافظة مسقط، مازال غير مستوعب للصدمة، فقد أتى الإعصار "فيت" على منزله، الذي انتهى من بنائه قبل أقل من عام، وبعد نحو عامين من تهدم منزل عائلته نتيجة الإعصار "غونو" الذي ضرب نفس المنطقة منتصف عام 2007.

محمد العيسائي، طالب بجامعة "السلطان قابوس" ندد بما وصفها بـ"المجازفات" التي يقول بها بعض العُمانيين للدخول في الأودية، وعدم الالتزام بتعليمات الجهات المعنية.

وتابع قائلاً في هذا الصدد: "رأيت أحدهم يغامر بإنقاذ أخيه، الذي بدأ أنه يغرق، لكنه لم يكن يملك أدوات الإنقاذ، حاولنا أن نثنيه عن عزمه لكن دون جدوى.. بعد عشر دقائق من المحاولات جرفته مياه الوادي، وبعد ساعات انتشلت جثته بينما تم إنقاذ أخيه."

ومن ولاية "جعلان"، التي مازالت معزولة بسبب انقطاع الطرق، قال سعيد الحرسوسي: "فقدت أخي سيف، الذي جرفته السيول.. كان المنظر فظيعاً، ونحن نرى السيول تجرفه بسيارته ونحن لا نستطيع أن نساعده." بحسب السي ان ان.

وأضاف: "لم يكن بالقرب منا أي من رجال الدفاع المدني، كانت الأجواء صعبة جداً، والحركة معدومة، والإعصار يعصف بنا، ويقتلع المنازل من أساسها."

وبالإضافة إلى شقيقه، فقد الحرسوسي أيضاً منزله وخمسة من أفضل جماله، التي تحقق مراكز في سباقات الهجن المحلي والخليجية، لكن ذلك لا يحزنه بقدر ما يحزنه أنه أصبح بدون منزل، وسيضطر للبقاء في مراكز الإيواء هو وأسرته المكونة من خمسة أفراد.

ولم ينس الحرسوسي أن يشير إلى أنه يمتلك المال لشراء منزل، لكن كل المنازل في الولاية تعرضت للخراب، وبناء منزل جديد سيحتاج إلى وقت طويل، ليس أقل من عام.

وتتكفل الحكومة العُمانية بتعويض جميع من تتضررت ممتلكاتهم أثناء الأعاصير والكوارث الطبيعية، إلا أن ذلك يحتاج إلى وقت حتى يتم حصر الأضرار.

وانتهت السلطات قبل أشهر من بناء أكبر سد حماية في المنطقة، إلا أن السد فاض وغمر ولاية "قريات" بالكامل، بعدما التقى أكثر من 120 وادياً في الولاية، قبل أن تجري في مجرى واحد يلتقي بالبحر.

وكان الإعصار "فيت" قد اجتاح السواحل العُمانية الخميس الماضي، وخلف أكثر من 16 قتيلاً وعشرات المفقودين، كما تسبب بهدم مئات المنازل، في ولايات "قريات"، و"صور"، و"جعلان"، و"نيابة الأشخرة."

ومازالت مئات الأسر في ولاية قريات تعيش في منازل مؤقتة منذ إعصار "غونو"، في يونيو/ حزيران 2007، في وقت لم تنته فيه الحكومة من بناء منازل بديلة لهم في منطقة أكثر أمناً، من تلك التي صارت عرضة لمرور الأودية والفيضانات.

حفرة الجحيم بعاصمة غواتيمالا

كما خلفت الإمطار الغزيرة الناجمة عن العاصفة الاستوائية "أغاثا" التي اجتاحت ثلاثة من دول أمريكا الوسطى، بالإضافة إلى 115 قتيلاً، حفرة هائلة بوسط منطقة سكنية شمالي العاصمة الغواتمالية، غواتيمالا.

وقال شهود عيان إن مبنى من ثلاثة طوابق ومنزلا هويا بداخل الحفرة، التي عزاها السكان إلى سوء نظام الصرف الصحي في المنطقة التي شهدت انفتاح ثقب هائل بالأرض مماثل العام الماضي.

وخلفت "أغاثا"، وهي الأولى بموسم العواصف المدارية بالمحيط الهادئ، 92 قتيلاً، بالإضافة إلى 54 مفقوداً و59 جريحاً في غواتيمالا، الدولة الأكثر تضررا من العاصفة الاستوائية. بحسب السي ان ان.

ونشرت "أغاثا" الدمار بمناطق شاسعة في غواتيمالا حيث دمرت الانزلاقات الأرضية المباني والمساكن ودفنت العديد من الضحايا أحياء، وارتفعت منسوب المياه إلى معدلات خطيرة في تسعة من الأنهار، فيما انهار 13 جسراً. وقامت السلطات بإجلاء 110 ألف شخص من مناطقهم السكنية.

ولقي 14 شخصاً مصرعهم ودمر أكثر من 140 مسكناً وتضرر ما لا يقل عن 700 في هندوراس حيث أعلن الرئيس بورفيريو لوبو حالة الطوارئ. وتشير توقعات الإرصاد الجوي إلى استمرار هطول الأمطار الغزيرة على مدى الأيام الثلاثة المقبلة.

وفي السلفادور، تم الإبلاغ عن ما لا يقل عن 179 انهيارات أرضية، وقال الرئيس موريسيو فونيس إن تسعة أشخاص لقوا مصرعهم.

وتشهد الدول الثلاث أمطارا غزيرة غير مسبوقة ويتوقع ارتفاع منسوب مياه الفيضانات جراء الأمطار إلى متر واحد في بعض المناطق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 19/تموز/2010 - 6/شعبان/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م