الصين وأمريكا: أهداف هيمنة متوازية ومصالح قومية متقاطعة

شبكة النبأ: في مسلسل لاستمرار الحرب الباردة بين الصين وامريكا خاصة بعد الضغوط الامريكية الشديدة لرفع قيمة اليوان، دعت الولايات المتحدة الصين إلى شفافية اكبر واحترام حقوق السكان في إقليم شينجيانغ وذلك بعد عام على الاضطرابات الاتنية الدامية التي ضربت هذا الإقليم في شمال غرب الصين.

وفي غضون ذلك قال الممثل التجاري الامريكي رون كيرك ان الولايات المتحدة قلقة من أن مقترحات معدلة في الصين لدعم الابتكار ستظل تنطوي على تمييز ضد الشركات الامريكية. في حين قال جنرال صيني ان زيارة وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس للصين موضع ترحيب في الوقت "المناسب" في إشارة محتملة للرغبة في تخفيف التوترات العسكرية بين القوتين.

واندلعت مواجهات في اورومتشي كبرى مدن الاقليم الغني بالثروات، في الخامس من تموز/يوليو 2009 بين المسلمين الذين يشكلون غالبية فيه والهان الذين يشكلون غالبية في الصين.

وقال متحدث باسم وزارة الخارجية هو مارك تونر لوكالة فرانس برس "نواصل حض الصين على معالجة جميع الاعتقالات والدعاوى المتعلقة باعمال العنف التي وقعت العام الماضي في اورومتشي بطريقة شفافة".

واضاف "طلبنا من الصين ان تكون حقوق جميع المواطنين الصينيين محترمة طبقا للقواعد الدولية". واكد تونر ان الولايات المتحدة ناقشت مع الصين "مرارا" هذه المخاوف من طريق السفارة الاميركية في بكين.

وتقول الصين ان نحو مئتي شخص قتلوا وجرح نحو 1700 آخرين في المواجهات، مؤكدة ان معظم الضحايا من الهان الذين سقطوا في هجمات وحشية شنها الاويغور.

ويؤكد الناشطون الاويغور من جهتهم ان الصين اعتقلت آلافا من منتقدي الحكومة منذ الاضطرابات واتهمت بعضهم بالمشاركة في مخططات "الارهاب الاسلامي".

واعدم تسعة اشخاص معظمهم من الاويغور على ما يبدو في قضية هذه الاضطرابات، بحسب الارقام الرسمية. ويشعر عدد كبير من الاويغور البالغ عددهم ثمانية ملايين في الاقليم بالاستياء مؤكدين انهم يتعرضون منذ عقود لقمع الحكم الشيوعي وتدفق الهان للاقامة في منطقتهم ما يؤدي الى تهميشهم وفق تعبيرهم.

وترفض الصين الاتهامات باساءة معاملة الاقليات وتقول انها عملت من اجل الرخاء في شينجيانغ والتيبت.

واعلنت الصين انها خصصت عشرة مليارات يوان (1,5 مليار دولار) لتقديم مساعدات تنموية لشينجيانغ اعتبارا من 2011 من اجل رفع مستوى معيشة الاويغور.

اوباما ينتقد الصين..

واستغل الرئيس الاميركي باراك اوباما المنبر الذي وفرته نهاية الاسبوع قمة مجموعة العشرين، لتوجيه انتقادات شديدة الى الصين داعيا اياها الى تجاوز مصالحها القومية للمساهمة في اعادة التوازن للاقتصاد العالمي.

وقال اوباما "لا يمكن لاي امة ان تعتبر ان سبيلها الى الازدهار معبد بالصادرات الى الولايات المتحدة" في اشارة واضحة وحازمة للصين مضيفا "بعد سنوات من الاستدانة المسرفة، لا يستطيع الاميركيون ان يضمنوا ازدهار العالم ولن يدفعوا ثمن هذا الازدهار". بحسب فرانس برس.

واكد الرئيس الاميركي انه من الضروري ايضا ان لا يستفيد اي كان من "افضلية غير مستحقة" في المجال الاقتصادي او التجاري لتأمين نمو مستدام في العالم، داعيا السلطات الصينية الى "التعامل بجدية" مع وعدها باضفاء مرونة على سعر صرف اليوان.

وتتهم واشنطن منذ سنوات بكين بالابقاء بشكل مصطنع على مستوى متدن لسعر صرف عملتها اليوان بهدف تشجيع صادراتها وذلك على حساب الصناعات الاميركية. وبحسب خبراء اقتصاديين اميركيين فان اليوان قد يكون ادنى بنسبة 40 بالمئة من قيمته الفعلية ازاء الدولار.

وفي البيان الختامي دعا اعضاء قمة العشرين "الدول الناشئة التي تملك فائضا" الى "زيادة مرونة" اسعار صرف عملاتها. ولم تتم الاشارة الى اي بلد لكن من الواضح ان الصين هي اكثر المعنيين بالامر.

ويأتي هذا الاعلان بعد اسبوع من اعلان البنك المركزي الصيني نيته اضفاء مرونة على نظامه للصرف ما يفترض ان يسمح باعادة تقييم العملة الصينية. غير ان مسؤولا روسيا قال ان الصين تدخلت اثناء قمة العشرين حتى لا تتم الاشارة في البيان الختامي الى قرارها هذا.

وقال اندري بوكاروف مساعد ابرز مستشاري الرئيس الروسي "اشاد معظم اعضاء مجموعة العشرين بمشاريع الحكومة الصينية بالسماح بتقلب سعر صرف اليوان" لكن "هذه الجملة لن ترد في البيان الختامي بطلب من الصينيين".

واثناء مداخلته في القمة التي نقلتها الصحف، لم يشر هو جينتاو الى اليوان واكد في المقابل على المخاطر الناتجة عن تقلبات سعر صرف العملات الرئيسية على الاستقرار الاقتصادي. وقال دون ان يذكر عملة تحديدا "ان اسعار صرف العملات الرئيسية يتقلب بشدة وتعاني الاسواق المالية العالمية من تقلب متواصل".

واكد عضو في الوفد الصيني السبت في تورونتو ان بلاده لن ترضخ للضغوط بشأن اليوان.

وقال ما شين المسؤول الكبير في لجنة التنمية والاصلاح الدولي للصحافيين "اذا حصل تغيير في سعر صرف اليوان فسيكون مرده الحركية الداخلية للاقتصاد الصيني وليس ضغط اي دولة او هيئة دولية".

وتعتبر الصين ان الانتعاش الاقتصادي العالمي ليس مهددا بسبب اختلال الموازين التجارية بل بسبب سعي الدول المتقدمة لحماية انتاجها من منافسة الدول الناشئة.

وقال الرئيس الصيني في مستهل لقاء مع نظيره الاميركي على هامش قمتي مجموعتي الثماني والعشرين في كندا "أنا سعيد بان ألاحظ انه بفضل الجهود المشتركة التي بذلها الجانبان اخيرا، فان تقدما فعليا تم احرازه بالنسبة الى علاقتنا الثنائية".

واضاف "علينا ايضا ان نعزز التواصل والتنسيق مع الجانب الاميركي حول الموضوعات الاقليمية والدولية المهمة". وتابع الرئيس الصيني "نواجه تحدي تعزيز نهوض كامل للاقتصاد العالمي وتحديات عالمية مختلفة"، معتبرا ان من الضروري البقاء "موحدين" مع الولايات المتحدة.

بدوره، ابدى اوباما رغبة في اعادة ارساء العلاقات الاميركية الصينية على اسس افضل. وقال الرئيس الاميركي مخاطبا نظيره "سيدي الرئيس، انه امر رائع ان التقيكم مجددا. لقد بذلنا جهدا كبيرا، وفريقانا قاما بعمل شاق خلال الاشهر ال15 الاخيرة لبناء علاقة تستند الى الثقة المتبادلة، وفي رايي اننا انجزنا الكثير".

ولاحقا، اعلن مسؤول كبير في البيت الابيض هو مدير الشؤون الاسيوية جيف بادر ان الرئيس الصيني سيتوجه قريبا الى الولايات المتحدة في اطار زيارة دولة، وذلك تلبية لدعوة من نظيره الاميركي، على ان يتفق الجانبان على موعد تلك الزيارة.

ولكن في الوقت نفسه، حذر مسؤول في الوفد الصيني في تورونتو من ان الصين لن ترضخ لضغوط مجموعة العشرين في موضوع اليوان.

قواعد دعم الابتكار في الصين

من جانب آخر قال الممثل التجاري الامريكي رون كيرك ان الولايات المتحدة قلقة من أن مقترحات معدلة في الصين لدعم الابتكار ستظل تنطوي على تمييز ضد الشركات الامريكية.

وحاول مسؤولون صينيون طمأنة نظرائهم في الولايات المتحدة الى أن أحدث نسخة من سياسات "الابتكار الداخلي" تعاملت مع المخاوف الامريكية بشأن حماية الملكية الفكرية.

وأبلغ كيرك رويترز في مقابلة على هامش الحوار الاستراتيجي والاقتصادي الذي يستمر يومين بين مسؤولين امريكيين وصينيين في بكين انه لا يزال هناك ما يدعو للقلق.

وقال "ينطوي التحدي على غياب الشفافية مما يترك لدى صناعتنا وفريقنا الكثير من التساؤلات الجادة بشأن السياسات. ما قلناه للصين انه يحق لكل دولة أن تحاول تحفيز الابتكار."

وتابع "هذا ليس بالامر السيء. ولكن اذا فعلت ذلك باسلوب نعتقد انه ينطوي على تمييز ظالم بما يفيد صناعتك المحلية على حساب الصناعات الاجنبية فهذا ليس بالامر الجيد."

وتعليقات كيرك أول رد فعل رسمي من مسؤوليين امريكيين بعدما اعلنت الصين ان القواعد الجديدة هدأت مخاوف الشركات والمسؤولين الامريكيين. بحسب رويترز.

وخلال المقابلة ذكر كيرك ايضا أن المحادثات مع الصين تركز على الحوار وليس الانجازات "الضخمة" وأن المسؤولين الصينيين اشتكوا مما يرونه تحاملا من الكونجرس الامريكي ضد الصين.

وقال كيرك ان تقدم الصين في حماية الملكية الفكرية وازالة الحواجز لفتح الاسواق قد يكونان أكثر أهمية من اصلاحات لعملتها اليوان.

زيارة جيتس والوقت المناسب..

ومن جهة أخرى قال جنرال صيني ان زيارة وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس للصين موضع ترحيب في الوقت "المناسب" في اشارة محتملة للرغبة في تخفيف التوترات العسكرية بين القوتين.

وجاءت تصريحات الجنرال ما شياو تيان نائب رئيس الاركان العامة لجيش التحرير الشعبى الصينى التي نقلتها وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) بعد اسابيع من قول جيتس ان قرار الصين الحد من الاتصالات بين الجيشين قد يقوض الاستقرار الاقليمي.

وقال جيتس ايضا ان جيش التحرير الشعبى الصينى هو العقبة الرئيسية التي تعترض تحسين العلاقات واشار الى ان موقفه (الجيش) لا يتفق مع القيادة السياسية للبلاد. بحسب رويترز.

وخفضت الصين العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة بعد ان أبلغت ادارة الرئيس باراك اوباما الكونجرس في يناير كانون الثاني بخطة بيع اسلحة لتايوان تصل قيمتها الى 6.4 مليار دولار.

وساهمت قضايا اخرى من التبت الى التجارة في توتر العلاقات بين القوة العظمى والعملاق الاسيوي الصاعد في بداية العام. ولكن في الوقت الذي تحسنت العلاقات السياسية لم يحرز تقدم يذكر في العلاقات العسكرية.

وفيما اعتبره بعض المسؤولين الامريكيين نوعا من الصد رفضت الصين زيارة مقترحة لجيتس بهدف رأب الصدع اثناء جولته في اسيا أوائل يونيو حزيران. وقال ما ان الصين ستكون مستعدة لاستضافة وزير الدفاع الامريكي في المستقبل.

ونقلت شينخوا عن ما قوله ردا على سؤال حول ما اذا كان من الممكن لجيتس أن يزور الصين "لا نزال نرحب بزيارته للصين في الوقت الملائم للجانبين."

ونفت الصين تقارير وسائل الاعلام بأن تدريبا للمدفعية في بحر الصين الشرقي جاء ردا على المناورة العسكرية المزمعة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.

وقالت (تشاينا ديلي) وهي صحيفة رسمية تصدر باللغة الانجليزية ان التدريب بالذخيرة الحية الذي يستمر ستة ايام ابتدءا من يوم الاربعاء في بحر الصين الشرقي اعتبره بعض المحللين "ردا على المناورة المشتركة (المزمعة) بين بحريتي الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية في البحر الاصفر."

الصين تدين أمريكي بسرقة أسرار الدولة

وقالت السفارة الامريكية في بكين ان السلطات الصينية أصدرت حكما بالسجن ثماني سنوات على جيولوجي أمريكي أدين بتهم سرقة أسرار الدولة عقب توسطه في صفقة لبيع قاعدة بيانات نفطية وذلك بعد احتجازه منذ أكثر من عامين ونصف العام.

واحتجزت السلطات الصينية عام 2007 الجيولوجي شيو فينج (44 عاما) وهو مواطن أمريكي ولد في الصين بعد ان توسط لبيع قاعدة بيانات نفطية للشركة التي كان يعمل بها في ذلك الوقت وهي شركة ( أي.اتش.اس) انيرجي الاستشارية التي تعرف الان باسم شركة (أي.اتش. اس).

وقالت مؤسسة ديوهوا التي تدافع عن حقوق السجناء في الصين والولايات المتحدة ان شيو أدين بمحاولة الحصول على اسرار الدولة والاتجار فيها بعد مرور عام على انتهاء محاكمته. وذكرت ان قاعدة البيانات صنفت فقط على انها من أسرار الدولة بعد بيعها. بحسب رويترز.

وقال ريتشارد بوانجان المتحدث باسم السفارة الامريكية في بكين "نحن مستاءون من الحكم بالسجن ثماني سنوات على الدكتور شيو وتغريمه 200 الف يوان (29540 دولارا).

وسلطت الاضواء على قوانين أسرار الدولة الغامضة في الصين العام الماضي حين احتجز المواطن الاسترالي ستيرن هو وثلاثة من زملائه في شركة التعدين العملاقة ريو تينتو بتهمة سرقة أسرار الدولة خلال مفاوضات متوترة على خام الحديد.

وأدين الاربعة في وقت لاحق بتهم أقل منها تلقي رشا وسرقة أسرار تجارية. ولم يكشف الحكم على اثنين من كبار المسؤولين الصينيين في صناعة الصلب اتهما بتسريب الاسرار رغم مرور أكثر من ثلاثة أشهر على ادانتهما في محاكمة مغلقة بشنغهاي.

ولم تظهر قضية شيو الى العلن الا بعد عامين من احتجازه. وقال جيرومي كوهين وهو خبير قانوني يقدم المشورة لاسرة شيو انه خلال فترة احتجازه عذب بالحرق بالسجائر.

وكتب كوهين وهو أستاذ بكلية الحقوق بجامعة نيويورك في رسالة بالبريد الالكتروني "من الواضح ان العقوبة مشددة للغاية خاصة وان الادلة واهية لدرجة ان الادعاء اضطر الى اعادتها مرتين الى الشرطة كما اعادت المحكمة القضية الى الادعاء مرتين ثم استغرق الامر منها عاما تقريبا حتى تتوصل الى قرار."

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 8/تموز/2010 - 25/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م