الوهابيون.. التطرف يُنتج الفتاوى الفوضوية

تضارب فتاوى الاختلاط وإرضاع الكبير وجواز الغناء

إعداد: صباح جاسم

 

شبكة النبأ: رجل دين يفتي بإرضاع الكبير، وآخر يقول إن الغناء حلال، وثالث يتجاوز الفكر الوهابي ويجيز الاختلاط.. هكذا تبدو السعودية في خضم حرب فتاوى محتدمة، تطرح تساؤلات حول من هي الجهات التي يمكن أن تطلق هذه الأحكام الدينية المحورية في بلد تحكم فيه شريعة إسلامية متشددة نابعة من الفكر الوهابي المتطرف والمتناقض الطروحات والرؤى لأبعد الحدود.

أطراف المواجهة هم رجال الدين المتشددون والتقدميون والقضاة والعلماء، وهم يطلقون الفتاوى أو الردود عليها عبر وسائل الاعلام والانترنت في مشهد بات يعرف بـ"فوضى الفتاوى".

ودارت معظم المناوشات في الايام الأخيرة حول فتوى رجل الدين المتشدد عادل الكلباني الذي كان أول إمام اسود للحرم المكي، وهي فتوى اعتبر فيها انه ليس في الإسلام ما يحرم الغناء، مع موسيقى او من دون موسيقى!!. والمعروف انه باستثناء بعض انواع الفولكلور، فالموسيقى تبقى ممنوعة في فتاوى أغلبية الفرق الإسلامية. بحسب شبكة راصد الإخبارية.

وأصر الكلباني على فتواه الا انه اضطر الى التوضيح بانه لا يقصد الغناء الذي فيه "المجون والاسفاف"، مشيرا بشكل خاص الى ان فتواه لا تشمل اغاني الفيديو كليب واغاني كالتي تغنيها الفنانتان اللبنانيتان هيفاء وهبي ونانسي عجرم. الا انه قال بان نانسي عجرم يمكن ان تشملها الفتوى اذا قدمت اغنية "ذات كلمات هادفة".

آل الشيخ والعبيكان وفتوى إرضاع الكبير

وكان رجل الدين عبدالمحسن العبيكان اثار جدلا واسعا ايضا خلال الاسابيع الماضية عبر رأيين أعطاهما وكانا بمثابة فتاوى.

وفي الراي الاول، أيد العبيكان فكرة ارضاع المرأة للرجل البالغ اذا ما ارادت ان تختلط به في الحلال، واعتبر انها في هذه الحالة تصبح بمثابة امه بالرضاعة وبالتالي يصبح محرما لها ويمكنها الاختلاط به. وكانت فتوى مشابهة صدرت في مصر العام الماضي واثارت الكثير من الجدل.

وجلبت فتوى ارضاع الكبير ردود فعل غاضبة وهازئة في المملكة والعالم، حتى ان ناشطات نسائيات "هددن" بإرضاع السائقين الآسيويين الذين يجدن أنفسهن مضطرات للاختلاط بهم من اجل التنقل في السيارات، اذ القيادة ما زالت حكرا على الرجال فقط في السعودية، وذلك بحسب تقارير في الصحف الخليجية.

والعبيكان الذي يشغل منصب مستشار في ديوان العاهل السعودي وغالبا ما ينظر اليه على انه من الوسطيين الذين يودون تطبيق الشريعة الاسلامية بمزيد من اللين في السعودية، اثار غضب المتشددين ايضا عندما افتى بـ"جواز تأخير صلاة الظهر الى آخر وقت لها في المناطق الحارة، وذلك اتباعا للسنة النبوية بالتخفيف عن المسلمين أثناء اشتداد الحر"، وبالتالي الجمع بين صلاتي الظهر والعصر.

وأثارت فتاوى الكلباني والعبيكان ردودا من اعلى المستويات في المؤسسة الدينية السعودية. وحذر عبدالرحمن السديس خلال خطبة الجمعة في مكة، من "الغش في العقيدة والعبادة". أما مفتي السعودية عبدالعزيز ال الشيخ فهدَّد بردٍّ حاسم.

وقال المفتي في حديث صحافي "اذا خرج من هو غير مؤهل للفتوى نوقفه عند حده ونمنعه من التجرؤ على الله، حتى لا يحسن الظن به فيقلد في خلاف الشرع".

ورد ال الشيخ على قول الكلباني بان العلماء لديهم "جرثومة التحريم"، وقال انها "كلمة خطيرة لان العلماء لا يحرمون بأهوائهم وإنما يحرمون بالدليل من الكتاب والسنة".

واضاف في هذا السياق "اذا كان الطبيب الجاهل يمنع من العلاج فكيف بالمفتي الجاهل الذي يفتي الناس بغير علم؟ هذا أحق".

وعن فتوى ارضاع الكبير، قال مفتي السعودية "بلا شك انها اوقعت بلبلة، ونحن لا نتهم المفتي بسوء قصد لكن اقول هذه الفتوى لما صدرت وأصر عليها، لم تحقق الغرض المقصود بل كانت سببا في السخرية بالشرع والقدح باحكام الشريعة، وان شخصا ابن اربعين سنة قد يمكن من ثدي امراة ليرضع منها، وان قال قائل يوضع الحليب في اناء، والى آخره، والمهم ان العقول ما تحملتها ولا استساغتها".

وتسعى الحكومة السعودية الى ان يكون هناك جهة واحدة مسؤولة عن اصدار الفتاوى، على ان تكون تحت اشراف هيئة كبار العلماء. والمعروف ان القضاة في السعودية جميعهم رجال دين وتلعب الفتاوى التي يصدرونها دورا محوريا.

ويأمل بعض السعوديين بان تاخذ الفتاوى بحقيقة العصر وبالمتغيرات الجذرية التي طرأت على الحياة.

وقال المؤرخ والكاتب محمد آل زلفى "الناس تحكمهم الافكار القديمة، وهم باتوا يكونون عقلية جديدة، وكثيرون ينتظرون هذه الفتاوى (التحديثية) منذ زمن طويل". واضاف "نحن جزء من هذا العالم وعلينا ان نبني نظاما قضائيا يلاقي احتياجات العصر".

وكان مدير هيئة الامر بالمعروف سيئة الصيت، احمد الغامدي اثار الجدل في وقت سابق هذه السنة بعد ان قال بجواز الاختلاط بين الرجال والنساء. واقيل الغامدي ثم اعيد الى منصبه في لعبة تجاذب قوى خلف الستار بين الاصلاحيين والمحافظين.

الكلباني: الغناء كله حلال

وأكد السعودي الشيخ عادل الكلباني المعروف بآرائه المتناقضة أن "الغناء حلال كله، حتى مع المعازف"، و"لا دليل يحرمه من كتاب الله ولا من سنة نبيه محمد"، معتبراً ان بعض علماء الدين مصابون بـ جرثومة التحريم.

وقد واجه الكلباني اعتراضات من بعض العلماء على خلفية تصريحاته السابقة واستنكروا فتواه بجواز الغناء الشعبي، حتى ان بعضهم قال ساخرا ان عليه ان يبيع في سوق الخضار، في اشارة الى أنه ليس من أهل الفتوى. بحسب صحيفة الوطن الكويتية.

وأبلغ الكلباني، الذي سبق وأكد جواز الاستماع الى الغناء الشعبي مثل «العرضة والهجيني والسامري»، صحيفة «الحياة» السعودية التي تصدر من لندن «أنه عندما اشتد النكير عليه في اباحته ألواناً من الغناء، قرر اعلان كل ما في جعبته «ديانة لله، وعلى طريقة المثل العربي المعروف وداوها بالتي كانت هي الداء».

وعما اذا كان يسمع الغناء، قال الكلباني للصحيفة «لا اسمعه ولا اسمح لأهلي بسماعه، ولكن ليس ايماناً بتحريمه وانما من باب الورع».

وأوضح الكلباني في تحليله للغناء مع المعازف، على موقعه الالكتروني، أنه لم يصح من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ما يستدل به على تحريم الغناء بآلة أو بدون آلة، وقال «وكل حديث استدل به المحرمون اما صحيح غير صريح، واما صريح غير صحيح، ولابد من اجتماع الصحة والصراحة لنقول بالتحريم».

وقال الكلباني، امام وخطيب جامع المحيسن، شرق الرياض، «قرأت أقوال المحرمين قبل، وبعد، وكنت أقول به، ولي فيه خطبة معروفة، ورجعت عن القول بالتحريم لما تبين لي ان المعتمد كان على محفوظات تبين فيما بعد ضعفها، بل بعضها موضوع ومنكر».

ونبه الكلباني في رسالة كتبها على شكل مقال عنوانه «تشييد البناء في اثبات حل الغناء» نشرها على موقعه الالكتروني الى أنه لا يريد من الناس ان يغنوا ويتركوا القرآن والسنة، ولكنه، كما يقول «أقول قولي هذا ديانة وبيانا لحكم سئلت عنه فأبديت رأيي».

ولفت الى أنه قد تنازع الناس في الغناء منذ القدم، «ولن أستطيع في رسالة كهذه ان أنهي الخلاف، وأن أقطع النزاع، ولكني أردت فقط الاشارة الى ان القول باباحته ليس بدعا من القول، ولا شذوذا، بل وليس خروجا على الاجماع».

وتابع الكلباني « هناك فئة كبيرة من علمائنا وطلبة العلم منا مصابون بجرثومة التحريم، فلا يرتاح لهم بال الا اذا أغلقوا باب الحلال، وأوصدوه بكل رأي شديد، يعجز عن فكه كل مفاتيح الصلب والحديد، لأنه يغلق العقول فلا تقبل الا ما وافقها، ولا تدخل رأيا مهما كان واضحا جليا، ومهما كان معه من نصوص الوحيين، لأنها اعتقدت واقتنعت بما رأت».

فتوى إرضاع الكبير تحولت لتحرشات جنسية

وما زالت فتوى عالم الدين السعودي والمستشار في الديوان الملكي الشيخ عبدالمحسن العبيكان بإرضاع الكبير تثير الكثير من ردود الفعل الغاضبة في المملكة المحافظة، وجاء اخرها حين وصفت كاتبة سعودية، بأن الفتوى كشفت ستر المسلمات وتحولت إلى تحرشات جنسية في الشوارع، وخاصة عقب نشر صحيفة 'سبق' الاليكترونية السعودية خبرا مفاده ان سائقا مصريا طلب من إحدى المعلمات السعوديات في المنطقة الشرقية للمملكة التي يقوم بتوصيلها يومياً من منزلها إلى المدرسة التي تعمل بها، تطبيق الفتوى عليه. واستغربت المعلمة من طلب وجرأة السائق، وقالت في اتصال هاتفي لـ'سبق': اعتدنا- أنا وزميلاتي- منذ بداية الفصل الدراسي الثاني أن يقوم سائق مسن من الجنسية المصرية بإيصالنا إلى المدارس التي نعمل بها يومياً، واليوم أثناء توجهنا إلى مدارسنا سألني السائق عن الفتوى التي أصدرها الشيخ العبيكان وقلت له لا أعرف عنها شيئاً، وفضلت السكوت'.

وكان العبيكان أثار الجدل عبر فتوى تختص بجواز إرضاع الكبير، مؤيدا في الوقت نفسه أقوالا منفردة لمشايخ محسوبين على الأزهر، ووجهت بانتقادات لاذعة من قبل العديد من العلماء.

وقال في فتواه 'إذا احتاج أهل بيت ما إلى رجل أجنبي يدخل عليهم بشكل متكرر وهو أيضا ليس له سوى أهل ذلك البيت ودخوله فيه صعوبة عليهم ويسبب لهم إحراجا وبالأخص إذا كان في ذلك البيت نساء أو زوجة فإن للزوجة حق إرضاعه'.

وأيد أستاذ الدراسات العليا في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، صالح السدلان، فتوى إرضاع الكبير ضمن ضوابط شرعية، مشدداً على أنه لا دليل على كلام من قال إن هذه الفتوى خاصة بحالة واحدة ولا تعمم، مؤيداً ما قاله العبيكان.

ودافع العبيكان عن فتواه وقال ان هناك حملة بدأت تشن ضده من قبل بعض الأشخاص بسبب حربه على الإرهاب والغلو والتطرف الديني. وأوضح العبيكان في تصريحات صحافية 'عندما حاربت الإرهاب، وكنت شديدا في محاربته انعكست تلك المحاربة عليّ، فهناك متطرفون وإرهابيون يثيرون البلابل والقلاقل على أي قول يقوله العبيكان حسدا وبغيا'. وأضاف العبيكان 'هنالك حساد يستغلون أي فتوى تصدر مني وتكون جديدة على بعض العامة لإثارة البلبلة'.

وقالت بشرى فيصل السباعي، في مقال لها نشرته صحيفة 'عكاظ' السعودية تحت عنوان 'حياء وحياة المسلمات'، أن فتوى الشيخ العبيكان بإرضاع الكبير، 'كشفت ستر المسلمات في الإعلام ومواقع الإنترنت، وأصبحت مادة لأفحش التحرشات اللفظية التي تتعرض لها النساء في الشوارع'.

وأضافت أن 'الرأي العلمي في موضوع فتوى الشيخ العبيكان، دعا إليه لتحليل التعامل بين رجل وامرأة لا قرابة بينهما يعتبر من الممارسات المهيجة للشهوة ولو تم بشكل غير مباشر (عبر كأس) فهو سيثير الخيالات الجنسية حول صاحبة محتوى الكأس'. وأضافت أن الشيخ أبو إسحاق الحويني ذهب لاشتراط 'المباشرة' بدون واسطة 'كأس' وهذه تصنف علميا كممارسة جنسية باسم (Lactaphilia)، فلهذا لتطبيق الفتوى أثر عكسي، خاصة مع جو التهييج الشهواني للفضائيات، وعدم إدراك العمالة لخلفيتها الفقهية'.

وتابعت 'أن الفتوى تفتح في نفسية الشخص باباً لخيالات منحرفة تتعلق بالمحارم عموما لدخول عنصر الاستثارة الجنسية على مبدأ تلك الصلة عبر ذلك الإجراء، لتدفع المسلمات ثمن تلك الفتوى من كرامتهن وحياتهن'.

وقالت الكاتبة 'بسبب فتوى العبيكان صار الفقه الإسلامي عرضة للسخرية والتشنيع، وهذا ينفر الشباب عن الدين وبخاصة الإناث ناهيك عن غير المسلمين فالفتوى تناقلها الإعلام العالمي بشماتة'. وأضافت 'هناك أزمة في لغة الخطاب الدعوي بالنسبة للمرأة'.

شيخ الطريقة العزمية: الوهابية هي الأخطر على الأمة

من جانب آخر أكد محمد علاء الدين ماضى أبو العزائم شيخ الطريقة العزمية، أن الوهابية هى الأخطر على الأمة الإسلامية، لأنهم يحقرون رموز آل البيت، متسائلاً من مصلحة مَن عدم الاقتداء بآل البيت وبمَن نقتدي.

وهاجم أبو العزائم خلال احتفال الطريقة بمولد الإمام علي بن أبى طالب عليه السلام، الإخوان المسلمين، قائلا: إن الإخوان يعتبرون أنفسهم هم المسلمين الحق أما نحن فلا، كما واصل شيخ العزميين هجومه الحاد منتقدا الجمعية الشرعية حيث قال إن الجمعية الشرعية تعتبر نفسها الوحيدة التى تقدم خدمات وتطبق الشريعة.

من جانبه انتقد الدكتور أحمد فتحى أستاذ متفرغ فى علم الحديث، منتقدى الحديث عن الإمام على أو الاحتفال بمولده، موضحا أن السنة النبوية تدافع عن الإمام على بن أبى طالب وتحث على حبه، موضحا أنه لا يوجد فرق بين السنة والشيعة فالكل مسلمون.

الجدير بالذكر أن الطريقة العزمية تنظم هذا الاحتفال منذ خمس سنوات من عام 2005، وهى الطريقة الوحيدة من بين الـ76 طريقة التى تحتفل بمولد السيدة فاطمة الزهراء والإمام على بن أبى طالب، وحضر الاحتفال عدد من الشيوخ من بينهم الشيخ عبد الخالق الشبراوى شيخ الطريقة الشبراوية، والشيخ عيسى الجوهرى شيخ الطريقة الجوهرية.

مداخلات ساخنة بين البريك وشخصيات شيعية

ومن جهة أخرى شهدَ لقاء خاص جمعَ في مكتب الشيخ حسن الصفار الداعية السلفي سعد البريك بعدد من رجال الدين والناشطين الشيعة نقاشات سياسية صريحة حول التعايش والمشكلة الطائفية في المملكة.

وبعد كلمة ترحيبية من الشيخ حسن الصفار أثار الشيخ البريك في كلمته جملة قضايا عقدية وسياسية أبرزها اتفاق السُنة مع ما وصفه بالتشيع العلوي وأن المشكلة بنظره تكمن في "الدس.. والإختراق الأعجمي لواقع الشيعة العرب".

وطالب البريك بما وصفه بيان يجيب على المسائل "التي يتوهم كثير من عموم السنة إنها الفيصل في الخلاف والاختلاف" من قبيل سلامة القرآن من التحريف والموقف من الصحابة وامهات المؤمنين.

سياسيا، ومع اعرابه عن أحقية الشيعة بالمطالبة بحقوقهم إلا أن استدرك بأن الوضع العمراني في المنطقة أفضل بكثير من محافظات جنوبية وشمالية في البلاد. بحسب شبكة راصد الإخبارية.

من جهته عقّب الشيخ الصفار على كلام البريك برفضه وضع الشيعة بإستمرار في زاوية الاتهام ومطالبتهم يوميا بإعلان برائتهم من التهم.

وحول البيان الذي طالب به البريك قال الصفار بأن هناك عشرات البيانات والكتب التي صدرت من مرجعيات شيعية بارزة في الحوزة العلمية تبين الأصول العقدية للمذهب الشيعي. واستدرك بقوله أن "المتطرفين لن يسكتوا حتى ولو صدرت آلاف البيانات لأنهم يعيشون على إيقاظ الفتن".

وإتهم الصفار الجانب السلفي بـ"التردد" في قبول التوقيع على وثيقة شرف كان توصل اليها مع عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبدالمحسن العبيكان والذي نصّ أهم بنوده على عدم اساءة أي طرف لرموز ومقدسات الطرف الآخر.

وقال في السياق ذاته أنه تلقى دعوة من جهات عليا في ايران لحضور مؤتمر مزمع لمناقشة تحريم الاساءة لرموز المسلمين.

وشهد اللقاء الذي دام نحو ثلاث ساعات مداخلات ساخنة جائت من جانب الشخصيات الشيعية والسنية التي حضرت اللقاء.

وتعليقا من جانبه على كلمة البريك رفض الشيخ عادل بوخمسين ما وصفها بخطوط حمراء واشتراطات سياسية او عقائدية لتلبية حقوق المواطنين الشيعة في المملكة.

وقال "من الجميل جدا أن نتقارب وأن نفهم بعضنا بعضا.. ولكن لا نضع خطوطا حمراء ولا نضع اشتراطات قبل المضي وقبل المسير".

وغمز بوخمسين من قناة مقارنة البريك بين الجانب العمراني المزدهر في القطيف ومقارنته بجيزان وعرعر بالقول "الحقوق أعمق من شارع ومن بناية ومن حديقة".

ودعا في مقابل ذلك إلى تحقيق المساواة في مختلف الجوانب العقدية والتعليمية والوظيفية والاعتبارية والوطنية على حد تعبيره.

إلى ذلك رفض الناشط الحقوقي علي البحراني في تعليقه على البريك رفض مقارنة وضع المواطنين الشيعة في المملكة بالسنة في ايران.

وقال البحراني "عندما نتحدث بأن ليس لدينا مساجد لا تؤخذ علينا أن في إيران ليس هناك مساجد للسنة. متسائلا "ما دخلنا في إيران؟ أنا هنا مواطن سعودي".

وتابع بأن الدلائل على التمييز الطائفي الرسمي بحق الشيعة "كثيرة وبالمئات". مستدلا في السياق ذاته بمنع السلطات للمواطنين الشيعة من اقامة صلاة الجماعة في مدينة الخبر.

وردا على دعوة البريك لاصدار بيان شيعي يحدد الموقف من قضايا عقدية لدى السنة قال الكاتب الاسلامي محمد الهرفي "ليست القضية قضية بيانات.. لان الذي لا يحكم عقله أساسا ويريد فعلا أن يصل إلى حقيقة، لو جاب الشيعة ألف بيان لقلنا هذه تقية". وأضاف "القضية ليس الشيعة متهمين أساسا حتى يبرءوا ساحتهم".

وقال الهرفي بأن الأديان والطوائف عاشت سويا في البلاد الاسلامية على مر التاريخ وكانت "المواطنة" هي القاسم المشترك بين الجميع. وتابع "لا يصح أن نسمع من السنة أن يسئ للشيعة الشيعة كفار وتقية وكلام كثير لا أول له ولا آخر".

وأضاف الهرفي "الحد الأدنى أن لا يسيء بعضنا إلى البعض الآخر لا سرا ولا علنا.. في مجلسي لا أسيء إلى الشيعة وإذا تحدثوا في حسينياتهم ومجالسهم لا أحب أن اسمع شيئا يسيء إلي".

من جهته رفض الشيخ فيصل الكاف تحويل اللقاءات السنية الشيعية إلى "جلسات توصيل رسائل". وقال الكاف "عندنا نحن مشكلة أهل السنة، فإذا أتينا هنا (للشيعة) حتى إذا رجعنا نقول نحن بينا وقلنا وأوضحنا وأوصلنا الرسالة وقلنا للجماعة لا تتكلموا في الصحابة". ودعا إلى جعل اللقاءات أكثر إثمارا وأكثر فائدة بحسن التواصل وحسن التعامل على حد قوله.

وتمنى استاذ الدراسات الاسلامية الدكتور مسفر القحطاني تحويل الأفكار التي تحدث عنها الحضور إلى ما وصفه واقع تطبيقي وقيما مشتركة "وليست مجرد حقائق تمليها المصلحة السياسية الآنية".

المتشدد السكران: أحذّر رجال الدين من التحول إلى وكلاء للصفار

ومن جانبه حذر كاتب سلفي متشدد رجال الدين السعوديين السلفيين من التحول إلى ما وصفهم بوكلاء للشيخ حسن الصفار في الترويج للمذهب الشيعي وسط المجتمعات السنية.

وقال الكاتب المتشدد ابراهيم السكران "أحذر إخواني الفضلاء أن لايتحولوا إلى وكلاء للصفار من الداخل السني فيبشروا بمشروعه الدعائي الخطير الذي يستهدف الترويج للشيعة".

ووصف السكران في مقالة تداولتها مواقع الكترونية متشددة مشروع الشيخ الصفار بأنه "تحول إلى مصيدة يستغفل بها بعض أهل السنة". بحسب شبكة راصد الإخبارية.

جاء ذلك على خلفية لقاء الداعية السلفي المعروف الشيخ سعد البريك مؤخرا بناشطين وشخصيات شيعية بارزة في مكتب الشيخ حسن الصفار بالقطيف.

 وحول اللقاءات السياسية التي يعقدها الصفار برموز دينية سلفية قال السكران "يستضيفهم على موائد فاخرة لا للدعوة والجدال بالحسنى لبيان الحق وإبطال الباطل وإنما لاستتابتهم مما يسميه الأخطاء التاريخية".

وغمز من قناة الرموز السنية التي تدعو إلى التقارب مع الشيعة بالقول انهم "أدو الدور المطلوب تماماً وأخذوا يلطمون مع الشيعة على التقارب والمساواة ومظلومية الشيعة في السعودية".

وكان كتاب سلفيون متشددون اعتبروا في وقت سابق زيارة الشيخ البريك للقطيف ولقاءه الشيخ الصفار وشخصيات شيعية بارزة مكسبا شيعيا يصب باتجاه التمكين الشيعي في السعودية.

ويرجع متابعون غضب الكتاب السلفيين المتشددين على الشيخ البريك لتصريحاته غير المسبوقة تجاه الشيعة.

وصرح البريك بالقول "تبين لي من خلال إطلاع وانكباب على بعض مصادر ومراجع الشيعة المعتمدة أن حقيقة التشيع العلوي لا نختلف فيه مع أحبابنا وإخواننا أبدا".

كما ورد عنه القول "السنة ليسوا سواء فيهم من وقع في التكفير وسفك الدماء وإزهاق الأرواح.. وكذلك نقول لأبنائنا وأحبابنا لا تنظروا إلى الشيعة بأنهم شريحة واحدة وشكل واحد ولا يجوز إن يختزل التشيع في شخص".

وتعرض البريك إلى هجوم واسع في الوسط الديني السلفي والمواقع والمنتديات الالكترونية المتشددة لزيارته القطيف وانفتاحه على مواطنيه الشيعة.

في مقابل ذلك برزت كتابات مؤيدة للقاءات السنية الشيعية في المملكة ورأت فيها طريقا نحو الاستقرار والتقارب والعيش المشترك.

وقال الكاتب نجيب يماني "جزى الله الشيخ البريك وغيره من العقلاء مثل هذه الزيارات ولن نخسر شيئاً بإذن الله فهذا الوطن لنا جميعاً".

وحول موقف المتشددين الرافضين للقاءات السنية الشيعية قال يماني "أما من أبدى أسفه وتباكى على هذه الزيارة وأغرق مناديله بدموع الندم فما هذه إلا دموع تماسيح".

وتسائل يماني "على ماذا يتباكون. هل يريدونها حرب طوائف لا تبقي ولا تذر أم مناورات تسودها الشتائم وتخوين الآخر واتهام كل طرف في عقيدته ودينه.. هل من يعيش معنا على تراب الوطن الواحد عدواً لنا بالله كيف تحكمون".

وأضاف في مقالة تداولتها مواقع الكترونية "الإخوة الشيعة في هذا الوطن إخوة لنا لهم مواقف وطنية صادقة مخلصة على مدى السنوات الماضية وفي كثير من الأحداث التي مرت على الوطن".

من جهته وتعليقا على لقاء البريك بالصفار اعتبر الكاتب في صحيفة الاقتصادية السعودية سعيد ابوملحة هذه اللقاءات "منطلقات لتوجه شعبي سوف تقوده هذه الرموز ليشكل سمة فريدة لمجتمع ينشد الوئام، والاستقرار، والتقارب، والبناء المشترك".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 4/تموز/2010 - 21/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م