تشكيل الحكومة العراقية: اللعب على الأعصاب في الوقت الضائع

انفراط عقد التحالف الوطني واحتمالات التدويل

 

شبكة النبأ:  تتجه خارطة التحالفات السياسية إلى التغيير اثر تعثر مفاوضات أطراف التحالف الوطني وتوجه زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي نحو القائمة العراقية عبر لقاء يجمعه مع زعيمها اياد علاوي.

وبحسب قياديين في دولة القانون والعراقية فان علاوي والمالكي مازالا متمسكين بمنصب رئيس الوزراء ولا يوجد اي تنازل منهما، فيما استغرب أعضاء بالائتلاف الوطني العراقي من تصرفات دولة القانون، مبينين إن هذا الأمر يجعلهم غير مطمئنين على تولي احد قادة دولة القانون رئاسة الحكومة، وقد يكون الائتلاف الوطني في حل من أمره بشأن تحالفه مع دولة القانون.

فقد قالت النائبة عن الائتلاف الوطني ايمان الاسدي" ان ما نستغربه جميعا ظاهرة وجود امور احتياطية تحت الطاولة يمكن ان تخرجها قائمة دولة القانون على حين غرة " حسب تعبيرها.

واضافت" قد يكون التهديد مرة او مفاجأة الجميع مرة اخرى، على حساب التحالفات والوعود السابقة التي قطعها دولة القانون مع التحالف الوطني، وهذا غير جديد علينا من دولة القانون وقادتها الذين في كثير من الاحيان يفاجئوننا بتصريحاتهم".

فيما قال قيادي بارز في الائتلاف الوطني" ان الائتلاف سيكون في حل من امره بعد فتح ائتلاف دولة القانون قنوات حوار بمفرده مع العراقية".

واضاف القيادي الذي رفض الكشف عن اسمه" ان هذه التصرفات تعبر عن تخبط من قبل دولة القانون الامر الذي قد يجعل الائتلاف الوطني العراقي يعيد النظر بالتحالف الوطني وقد نفتح قنوات اتصال جديدة مع العراقية".

ويبدو ان المالكي قد يكون بدأ بسيناريوهاته التي ذكرها في حديث اعلامي للبقاء في السلطة وهي ان في حالة فشله بالترشح عن طريق التحالف الوطني فانه سيتحالف مع الاكراد وبعض اطراف الائتلاف الوطني ، واذا فشل مع الاكراد فانه سيتحالف مع /العراقية/.

إلا ان قياديين في دولة القانون بينوا ان لقاء علاوي والمالكي والحوارات مع العراقية هو ضمن التحالف الوطني وان منصب رئيس الوزراء حسم للتحالف الوطني.

وقال حيدر العبادي القيادي في ائتلاف دولة القانون" ان اللقاء هو ضمن مباحثات التحالف الوطني وليس بديلا عنه، والبعض للاسف يطرحه في هذا المجال ، اذ ان الهدف منه هو الاسراع بتشكيل الحكومة". وأضاف" ان الاتفاق في التحالف الوطني هو ان تكون هناك مباحثات مع الكتل الاخرى ".

التدخل الإقليمي عقّد مسارات تشكيل الحكومة..

وقال رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي ان التدخلات الاقليمية والدولية التي تمارسها اطراف داخلية وخارجية عقدت مسارات عملية تشكيل حكومة عراقية جديدة.

وقال المالكي في حديث لصحفيين في بغداد "دخول العامل الاقليمي او العامل الدولي على قضية تشكيل الحكومة والحوارات هو الذي عقدها وهو الذي صنع الكثير من العقد التي ما زلنا نعاني منها."

ولم تتمكن الاحزاب والجماعات السياسية في العراق من تشكيل حكومة جديدة برغم مرور ما يزيد على ثلاثة أشهر على الانتخابات العامة التي أجريت في السابع من مارس اذار. وما زال التكهن بما قد تؤول اليه مجريات الاحداث في الايام القليلة المقبلة امرا مستحيلا.

وتحدثت أطراف وشخصيات سياسية عراقية رفيعة في الاونة الاخيرة عن وجود تدخلات مباشرة لدول في المنطقة وخارجها في الشأن العراقي وخاصة فيما يتعلق بعملية تشكيل حكومة جديدة. واتهمت بعض تلك الشخصيات احزابا سياسية عراقية بانها تنفذ اجندات خارجية من اجل تشكيل حكومة عراقية تكون موالية لتلك الدول. بحسب رويترز.

وتحدثت تقارير سياسية عن ان العراق اصبح بفعل تلك التدخلات ساحة لصراعات اجندات دول أخرى تسعى الى تصفية حساباتها داخل العراق.

وقال المالكي "اقول مع الاسف ان العامل الخارجي زحف على العامل الوطني زحفا كبيرا بحيث اصبح العامل الوطني معطلا الى درجة كبيرة جدا من اتخاذ اي قرار وهذه ظاهرة خطيرة ينبغي ان تسجل... وهي ان الذين كانوا على راس العملية السياسية تنازلوا بملء ارادتهم للعامل الخارجي."

واشار المالكي الى ان التدخلات الاقليمية "سوف تعقد المسالة وانا اعتقد سوف لن نصل الى حل" مضيفا ان مثل هذه التدخلات تعني بقاء امر تشكيل حكومة مقبلة مرهونا بما سيؤول اليه صراع هذه الدول واجنداتها السياسية.

وما زالت جميع الاطراف السياسية مختلفة فيما بينها حول مسميات قانونية مثل تسمية الكتلة النيابية الاكبر عددا والتي يعطيها الدستور العراقي حق تشكيل الحكومة وتسمية المرشح لمنصب رئيس الوزراء.

ولم تتمكن الاطراف السياسية من حل هذه الخلافات حتى الان ويخشى كثيرون ان يفتح ذلك الباب امام احتمالات تدخلات دولية لحسم هذه الخلافات.

وجدد المالكي رفضه لاقتراح تشكيل طاولة مستديرة تلتقي حولها الاطراف السياسية المتنازعة من اجل حسم خلافاتها وخاصة تلك المتعلقة بتسمية مرشح لرئاسة الحكومة. وقال المالكي "عقد طاولة مستديرة دون اي ملامح لاتفاق سيكون مصيرها الى الفشل."

علاوي يحمل واشنطن والأمم المتحدة المسؤولية..

ومن جانبه حمل رئيس الوزراء العراقي الاسبق اياد علاوي واشنطن والامم المتحدة مسؤولية "اصلاح ما يمكن اصلاحه قبل الانسحاب" مشيرا الى ان بلاده خاضعة للتدويل منذ مطلع التسعينات.

ونقل بيان عن علاوي قوله "تقع على عاتق الادارة الاميركية والمجتمع الدولي والامم المتحدة مسؤولية اصلاح ما يمكن اصلاحه قبل الانسحاب (...) وياتي في مقدمة المطلوب منهم حماية المسار الديموقراطي الذي ضحى من اجله ابناء العراق".

واشار الى معارضته "الاتفاقية الامنية بين العراق والولايات المتحدة بسبب افتقارها للوضوح في ما يتعلق بجاهزية القوات المسلحة وتنفيذ وثيقة الاصلاح السياسي التي اقرها مجلس النواب السابق، واخراج العراق من الفصل السابع". بحسب فرانس برس.

وطالب ب"تنفيذ هذا البند ووثيقة الاصلاح السياسي، وانقاذ العملية السياسية من المحاصصة والطائفية". واضاف علاوي "لقد اتهمنا منافسونا بأننا نسعى الى تدويل القضية العراقية، تلك القضية المدولة اصلا منذ اوائل التسعينات بسبب غزو النظام السابق للكويت".

وكان رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ندد الثلاثاء بالتدخلات الخارجية قائلا ان "العامل الخارجي زحف على العامل الوطني الذي اصبح معطلا من اتخاذ اي قرار وهذه ظاهرة خطيرة فالذين كانوا على راس العملية السياسية تنازلوا بملء ارادتهم للخارج".

وقال علاوي "يتوهم من يتصور ان القضية العراقية بكل تشعباتها وتشابكاتها يمكن ان تحل عن طريق التدخلات الخارجية، مهما كانت هوية هذه التدخلات التي لم ولن تزيد الملفات العراقية الشائكة الا تعقيدا".

رجل دين شيعي يحذر من الفوضى..

وحذر رجل دين شيعي خلال خطبة الجمعة في النجف من الفوضى في العراق بسبب عدم التوصل الى تشكيل حكومة، معبرا عن الخشية ازاء حدوث انقلاب عسكري او تدخل الامم المتحدة.

وقال صدر الدين القبانجي امام مئات المصلين في الحسينية الكبرى ان "التباطؤ في تشكيل الحكومة مع اقتراب انتهاء المهل الدستورية يضعنا امام ثلاث احتمالات اولها حدوث انقلاب عسكري وهذا امر وارد ونحن لا نريده".

وأضاف اما "الاحتمال الثاني، فهو تدخل الامم المتحدة وفرضها حكومة قد لا تكون ممثلة للشعب والاحتمال الثالث هو استمرار الفراغ الدستوري وحدوث الفوضى في البلاد بسبب عدم تشكيل الحكومة". وتابع مخاطبا السياسيين "يتعين عليكم تشكيل الحكومة". بحسب فرانس برس.

من جهة اخرى، قال القبانجي القريب من المجلس الاعلى الاسلامي العراقي بزعامة عمار الحكيم ان "التظاهر حق مكفول للجميع ولا يمكن لاحد ان يفنده (...) اما مسألة اطلاق النار على المتظاهرين فهو امر مرفوض لا احد يقبله".

أمريكا: لا يمكننا إرغام العراقيين..

وقال السفير الامريكي لدى العراق انه يتعين على الساسة العراقيين أن يتفقوا فيما بينهم على تشكيل حكومة جديدة وان الولايات المتحدة لا يمكنها أن ترغمهم على الاتفاق على حكومة.

ويأمل العراقيون أن تجلب انتخابات السابع من مارس اذار الاستقرار مع استعداد الولايات المتحدة لانهاء العمليات القتالية في اغسطس اب قبل انسحاب كامل للقوات بحلول نهاية 2011.

لكن اسابيع من اعمال العنف والطعون في نتيجة الانتخابات كشفت عن الالام المتزايدة للديمقراطية الناشئة في العراق وسط خلافات بين الفئات الرئيسية على من سيرأس الحكومة.

وقال كريستوفر هيل الذي كان يتحدث في مركز ابحاث تشاثام هاوس بلندن ان الكثيرين من الناس تساءلوا لماذا لم تبلغ الولايات المتحدة العراقيين بما عليهم ان يفعلوه.

لكنه اضاف ان هذا لم يحدث في 2006 عندما شكل رئيس الوزراء نوري المالكي حكومة وحدة وطنية بعد مفاوضات مطولة وبينما كان للولايات المتحدة دور أكثر نفوذا. وقال ان الولايات المتحدة لن تفعل هذا الان "لانه لن ينجح".

ولم يفز أي حزب منفرد بأغلبية مطلقة في الانتخابات البرلمانية. وتقدم تحالف متعدد الطوائف تسانده الاقلية السنية بفارق مقعدين على ائتلاف دولة القانون الشيعي الذي يتزعمه المالكي والذي تحالف بعد ذلك مع كتلة شيعية اخر.

ورغم الصعوبات قال هيل انه يعتقد ان الساسة العراقيين سينجحون في تشكيل حكومة جديدة. واضاف قائلا "سنبذل كا ما في وسعنا للمساعدة... لكننا لا يمكننا ان نقول للعراقيين كيف يشكلون حكومتهم."

وتزايد العنف الدموي منذ الانتخابات مما يبدد امال العراقيين في الاستقرار بعد سبع سنوات من الغزو الذي قادته الولايات المتحدة للاطاحة بصدام حسين. وعلى الرغم من هذا قال هيل ان الولايات المتحدة ستفي بتعهدها لسحب قواتها من العراق العام القادم.

مفوضية اللاجئين تدعو لتشكيل حكومة غير طائفية

ومن جانب آخر دعا المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين في الامم المتحدة انطونيو غوتيريس اثناء حفل في بيروت السياسيين العراقيين الى تشكيل حكومة على اسس غير طائفية، معتبرا ان ذلك قد يسهم في تحسين الوضع الامني في العراق وحل مشكلة آلاف اللاجئين في الداخل والخارج.

وقال غوتيريس لوكالة فرانس برس خلال حضوره حفل استقبال مع لاجئين معظمهم من العراقيين في مركز مؤسسة عامل في الضاحية الجنوبية لبيروت "نامل ان تتمكن الحكومة (العراقية) المقبلة من جمع العراقيين معا عبر برنامج عمل حقيقي وغير طائفي".

واوضح عقب حلقة نقاش مع اللاجئين الحاضرين تحدثوا فيها عن مشاكلهم، ان "تشكيل حكومة عراقية على اسس غير طائفية سيمثل افضل طريقة لمساعدة الوضع الامني على التحسن وعودة اللاجئين الى بلدهم بكرامة". واعتبر غوتيريس ان "البعض يعتقدون ان مشكلة اللاجئين العراقيين اصبحت من الماضي، لكنها ازمة مستمرة في الداخل والخارج".

وشدد على ان الوضع الامني في العراق عموما "لا يسمح للاجئين بالعودة" رغم ان "هذا الوضع ليس نفسه في كل المناطق"، مبديا قلقه حيال "الاحداث الاخيرة"، في اشارة الى التفجيرات التي تطال عددا من المناطق. وقال ان المفوضية العليا لشؤون اللاجئين "ممتنة لسوريا والاردن على قبول خروج بعض العائلات والعودة اليها بهدف اختبار الوضع في العراق".

ويزور غوتيريس لبنان للمرة الاولى وذلك لمناسبة بدء اسبوع اليوم العالمي للاجئين في 20 حزيران/يونيو، علما انها المرة الاولى التي يتم فيها الاحتفال بهذا اليوم في الشرق الاوسط.

وكان غوتيريس حذر في دمشق من اعادة اللاجئين العراقيين الى بلدهم بشكل غير طوعي قبل استتباب الامن في هذا البلد. واعلن ايضا ان 100 الف عراقي لجأوا الى دول شرق اوسطية اثر حرب العراق العام 2003 وحصلوا منذ 2007 على تعهد باستضافتهم في بلدان اخرى.

وفي نهاية ايار/مايو 2010، كان عدد العراقيين الذين غادروا دول اللجوء في الشرق الاوسط الى بلدان اخرى 52 الفا و173 شخصا من اصل مئة الف. ويحتل العراقيون المرتبة الثانية من حيث عدد اللاجئين في العالم مع 1,8 مليون لاجىء في سوريا والاردن ولبنان ومصر وتركيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/تموز/2010 - 18/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م