
شبكة النبأ: أعربت أفغانستان عن أسفها
لإقالة القائد الأمريكي الذي ينسب له الفضل في تقليص الخسائر بين
المدنيين في الحرب على طالبان لكنها قالت أنها لا تتوقع ان يحدث هذا
تغييرا في الإستراتيجية.
وأقال الرئيس الأمريكي باراك اوباما الجنرال ستانلي مكريستال قائد
القوات الامريكية وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان من منصبه بسبب
تعليقاته وتعليقات مساعديه التي أغضبت البيت الابيض.
وأدلى مكريستال ومساعدون له في مقال تنشره مجلة (رولينج ستون
Rolling Stone) بتصريحات استخفوا فيها بالرئيس الأمريكي وتهكموا على
قياديين مدنيين كبار آخرين.
وأعفى اوباما مكريستال من منصبه بعد اجتماع استمر 30 دقيقة في البيت
الابيض واختار الجنرال ديفيد بتريوس رئيس القيادة المركزية الامريكية
وقائد مكريستال لتولي مهام قائد القوات الامريكية في أفغانستان ووصف
هذا الاجراء بأنه "الشيء الصواب لمهمتنا في أفغانستان". ويوصف بتريوس
بأنه مخطط حرب العراق وينسب اليه الفضل في تراجع العنف هناك.
وصوّر مقال رولينج ستون مكريستال على انه قائد جريء ينفد صبره في
أحيان من رجال السياسة. بحسب رويترز.
وقال الجنرال ظاهر عظيمي وهو متحدث باسم وزارة الدفاع الافغانية "كنا
نأمل الا يرحل لكن هذه مسألة داخلية بالنسبة لأمريكا." وأضاف مشيرا الى
بتريوس "ننتظر منه ان يتبع تقييم مكريستال الذي قلص الخسائر في الأرواح
بين المدنيين وقلص الاعتقالات ومداهمة المنازل والذي استند الى عمليات
تنسيق للعمليات."
ووصلت الحرب الافغانية الى مرحلة حرجة رغم وجود نحو 150 الف جندي
أجنبي وأصبحت طالبان في أقوى مستوياتها منذ الاطاحة بحكومتها اواخر عام
2001 .
وأصبح شهر يونيو حزيران الجاري الاكثر دموية بالنسبة للخسائر في
الارواح التي تكبدتها القوات الاجنبية بعد ان رفع مقتل أربعة جنود في
حادث سيارة عدد القتلى الى 79 قتيلا.
وقتل أكثر من 300 جندي أجنبي في أفغانستان حتى الان هذا العام
مقارنة بما بلغ 521 جنديا طبقا للاحصاء الذي يجريه موقع على الانترنت
عن حجم الخسائر في الارواح. كما قتل متمردون أكثر بالعشرات ومئات من
المدنيين لكن غالبيتهم في قصف لطالبان وان قتل كثيرون خلال تبادل
لاطلاق النار او خلال ضربات جوية اخطأت في اصابة الهدف.
وعلقت حركة طالبان على قرار اقالة الجنرال الامريكي قائلة ان اوباما
عزل مكريستال لتحميله مسؤولية فشل السياسة.
وقال متحدث باسم الحركة في بيان "استراتيجية اوباما فاشلة لكنه ماكر
ويحاول التبرؤ من مكريستال للحفاظ على صورته وصورة حزبه في أمريكا
والعالم" وأضاف ان الصراع في أفغانستان لا يمكن حسمه من خلال تغيير
الجنرالات.
وقامت استراتيجية مكريستال على مهاجمة طالبان في عقر دارها خاصة في
معقلها بقندهار وفي الوقت نفسه تعزيز الامن بالضغط من أجل تحسين
الحكومة المدنية والتنمية.
ونسب الفضل لبتريوس كقائد للقوات الامريكية بالعراق في قلب موازين
الحرب باستراتيجية مماثلة حين اوشكت اعمال العنف الطائفي في العراق في
التحول الى حرب أهلية.
وعلى الرغم من تمتع بتريوس بعلاقات قوية بكابيتول هيل مقر الكونجرس
حيث من المتوقع ان يوافق مجلس الشيوخ الامريكي سريعا على تكليفه
بالمهام في أفغانستان الا ان مهمته الاولى ستكون اقامة علاقات طيبة مع
الرئيس الافغاني حامد كرزاي.
ومنذ تولي مكريستال القيادة في يونيو حزيران من العام الماضي نجح في
اقامة علاقة قوية بالرئيس الافغاني ورافقه في عدد من الجولات في البلاد
في مسعى لاظهار التأييد لحكومة كابول.
وقال متحدث باسم الرئيس الافغاني انه اعرب عن اسفه لرحيل مكريستال
وأضاف ان كرزاي كان يأمل في نتيجة اخرى لكنه يحترم قرار الرئيس
الامريكي باقالة مكريستال.
وقال المتحدث وحيد عمر "كنا نأمل ألا يحدث ذلك لكن القرار اتخذ ونحن
نحترمه." وأضاف "انه يتطلع إلى العمل مع من سيحل محله."
مولن يطمئن أفغانستان وباكستان..
ومن جانبه سعى رئيس أركان الجيوش الأميركية الادميرال مايكل مولن
الى طمأنة كابول واسلام اباد بان إستراتيجية الحرب التي تتبعها واشنطن
ستستمر بعد اقالة قائد القوات الاميركية في افغانستان.
وبعد زيارة الى افغانستان، اجرى الادميرال مولن محادثات في اسلام
اباد مع الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري ومسؤولين عسكريين. بحسب
فرانس برس.
وقالت السفارة الاميركية في العاصمة الباكستانية في بيان ان مولن "اكد
مجددا التزام الولايات المتحدة بناء استراتيجية شراكة طويلة الامد مع
باكستان".
كما اكد رئيس اركان الجيوش الاميركية ان "اقالة الجنرال ماكريستال
من قياد القوة الدولية للمساعدة على احلال الامن في افغانستان (ايساف)
لن تؤثر على الاستراتيجية الاميركية في افغانستان".
والتقى الادميرال مولن الرئيس زرداري وقائد الجيش اشفق برويز كياني
وقائد سلاح الجو راو قمر سليمان، حسبما اضاف البيان. واوضح ان مولن
اشاد بجهود باكستان في مواجهة عنف المتطرفين واكد تقديره للتضحيات التي
قدمتها قوى الامن الباكستانية والمواطنين في معركتهم لاحلال السلام
والاستقرار.
وكان الرئيس الاميركي باراك اوباما اقال ماكريستال بعدما نشرت مجلة
رولينغ ستون مقالا سخر فيه الجنرال من نائب الرئيس جو بايدن وعدد من
اعضاء السلطة التنفيذية في الولايات المتحدة.
وذكرت صحيفة ذي انديبندنت اون صنداي البريطانية ان اقالة ماكريستال
لم تنتج فقط من تصريحات صحافية ادلى بها، بل ايضا من تقييم سلبي جدا
قدمه الى وزراء دفاع الدول الاعضاء في الحلف. وقالت الصحيفة ان
ماكريستال قدم قبل ايام من اقالته، لوزراء الدفاع في دول الحلف الاطلسي
حصيلة سلبية عن الوضع في افغانستان.
الحديث الذي قلبَ الطاولة
حين أعطى الجيش الامريكي مجلة (رولينج ستونRolling Stone) تصريحا
بلقاء القائد الامريكي الاعلى في أفغانستان كان يأمل على الارجح في
ابراز صورة ايجابية قد تجذب مزيدا من المتطوعين الشبان لا تفجير فضيحة
كلفت الجنرال ستانلي مكريستال منصبه.
هذا ما يقوله رئيس التحرير التنفيذي للمجلة اريك بيتس عن منح محرر
المجلة مايكل هاستينجز فرصة كافية غير مقيدة لاجراء حديث مع مكريستال
لموضوعه الذي يحمل عنوان "الجنرال الهارب" والذي أسقط قائد القوات
الامريكية وقوات حلف شمال الاطلسي في أفغانستان.
وقال بيتس لرويترز ان الجيش الامريكي "سمح لنا بالمقابلة لان عددا
كبيرا من قرائنا شبان والوصول الى جيل شاب هو امر ملح جدا بالنسبة لهم."
وقال بيتس ان المجلة الشبابية لها تاريخ طويل في التغطية العسكرية
المتعمقة وسمعة طيبة في التغطية الاخبارية الصريحة.
ومع خوض الولايات المتحدة حربين في العراق وأفغانستان قال بيتس ان
وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) ربما كانت تتوقع ابراز صورة
ايجابية في رولينج ستون على لسان القائد الامريكي الذي يقود العمليات
في أفغانستان مما يعطي فرصة لجذب المتطوعين.
لكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن وأدلى مكريستال ومساعدون له في
مقال تنشره مجلة (رولينج ستون) يوم الجمعة بتصريحات استخفوا فيها
بالرئيس الامريكي باراك أوباما وتهكموا على قياديين مدنيين كبار اخرين.
وقال رئيس تحرير مجلة رولينج ستون انه لم يدهش لصراحة مكريستال
الحادة وصرح بأن الجنرال الامريكي يرى نفسه "كصائد للارهابيين" على
غرار "رعاة البقر".
وذكر ان أكثر تصريحات مكريستال اثارة للجدل جاءت بعد خمس ساعات من
بدء لقائه مع محرر رولينج ستون.
وقال بيتس ان مكريستال "كان محبطا للغاية من التقدم الذي تحققه
استراتيجيته في أفغانستان" ومن بعض القيادات المدنية في البيت الابيض
وانه كان يريد ان يغير المقال مسار الجدل.
اوباما يضع ثقته في بترايوس مجددا
ووضع الرئيس الاميركي باراك اوباما ثقته في "بطل" الحرب في العراق
الجنرال ديفيد بترايوس لقيادة القوات الدولية في الحرب التي تخوضها ضد
حركة التمرد في افغانستان، خلفا للجنرال ستانلي ماكريستال الذي أقيل.
وبقراره الجريء والسريع في اقالة ماكريستال وتعيين بترايوس مكانه،
سعى اوباما لفرض سلطته كقائد اعلى للقوات المسلحة، والى احياء
استراتيجية تصعيد جديدة قد تحدد مصيره السياسي، ولكن بعض انصاره يخشى
من تعثرها.
وقال اوباما ان "الحرب اكبر من اي رجل او امرأة، سواء اكان جنديا ام
جنرالا ام رئيسا"، وذلك بعيد اقالته الجنرال ماكريستال اثر توجيهه في
مقابلة صحافية انتقادات لاذعة الى الرئيس وكبار القادة المدنيين في
الادارة الاميركية.
واوضح الرئيس انه اضطر الى اخذ هذا القرار من اجل المحافظة على
سيطرة السلطة السياسية المدنية على الجيش، محذرا من انه لن يتسامح ابدا
مع اي انقسامات في فريقه المسؤول عن الامن القومي. بحسب رويترز.
وجاء السقوط السريع والمدوي لماكريستال على الرغم من اصوات الدعم
التي لقيها من وراء المحيط سواء من الاوروبيين او من القادة الافغان
وفي طليعتهم الرئيس حميد كرزاي الذي ما لبث ان اعلن خلال مكالمة مع
اوباما الاربعاء عن ترحيبه بتعيين بترايوس.
ويتمتع بترايوس بسمعة ناصعة البياض تسبقه اينما ذهب، وذلك بعدما حقق
في انظار واشنطن نصرا في حرب العراق من خلال الاستراتيجية التي وضعها
والتي قامت على ارسال تعزيزات الى الى هذا البلد، اضافة الى دهائه
السياسي والمامه العميق بكيفية مكافحة التمرد ولا سيما عبر "الصحوات".
وبصفته قائدا للقيادة الاميركية الوسطى، كان بترايوس احد المهندسين
الاساسييين لاستراتيجية زيادة القوات في افغانستان والتي اقرها الرئيس
العام الماضي، فضلا عن انه معروف جيدا سواء في اوروبا ام في اسلام اباد
وكابول.
وحرص اوباما لدى اعلانه امام الصحافيين في حديقة البيت الابيض قراره
اقالة ماكريستال على الاشادة بالجنرال وبسيرته العسكرية "المميزة"،
لافتا في الوقت عينه الى ان "سلوكه مثلما ظهر في مقالة نشرت مؤخرا لا
ينسجم مع المعايير المطلوبة من جنرال".
واوضح اوباما انه لم يعمد الى اقالة الجنرال بسبب "اهانات شخصية"
اثر المقالة في مجلة رولينغ ستون التي هاجم فيها ماكريستال مع بعض
مساعديه مسؤولين كبارا في الادارة بالاسم.
وقال اوباما ايضا انه "وافق على استقالة" الجنرال ماكريستال "باسف"
لكنه شدد على ضرورة "وحدة الجهود" من قبل فريقه بخصوص افغانستان. كما
اكد الرئيس ان تعيين بترايوس مكان ماكريستال لا يعني تغييرا في
الاستراتيجية على الارض.
من هو ماكريستال؟
انه عسكري زاهد يحب العمل ويكره المطاعم الفخمة، ويُعرف عن الجنرال
ستانلي ماكريستال، قائد القوات الامريكية في افغانستان، الهفوات
والسقطات الكلامية، حتى قبل الجدل والغضب الذي اثاره عندما انتقد علنا
وبشدة شخصيات بارزة في ادارة الرئيس الامريكي باراك اوباما. بحسب
رويترز.
هذا الجنرال، الذي كان قائدا للقوات الخاصة السرية في الجيش
الامريكي، ليس محبا، بل ويرى صعوبة في التعامل مع الاضواء والاعلام.
كرهه للاضواء ظهر منذ قرار وزير الدفاع الامريكي روبرت جيتس اقالة
القائد السابق للقوات الامريكية في افغانستان الجنرال ديفيد ماكيرنان
في مايو/ايار من عام الفين وتسعة، ليخلفه ماكريستال (55 عاما) في
المنصب.
فقد دخل ماكريستال في مواجهات كلامية علنية في وسائل الاعلام مع
نائب الرئيس الامريكي جو بايدن حول استراتيجية الحرب في افغانستان في
اكتوبر/ تشرين الثاني الماضي، معتبرا ان حصر رؤية بادين لهذه
الاستراتيجية في اطار الحرب على الارهاب "قصر نظر".
فخلال المراجعة الامريكية الشاملة للاستراتيجية في افغانستان في
الخريف الماضي، حذر ماكريستال من ان المهمة ستفشل اذا لم يحصل على دعم
عسكري اضافي في شكل قوات اضافية من آلاف الجنود.
ذلك التقييم العسكري السري، الذي وجد طريقه متسربا الى الصحافة، زاد
من الضغط على البيت الابيض حتى قبل ان يقرر اوباما شكل الاستراتيجية
الجديدة.
ويرى مراقبون ان اكبر اخطاء ماكريستال هو ما جاء في المقابلة التي
اجراها مع مجلة "رولينج ستون" الامريكية الاسبوعية التي انتقد فيها
رؤية ادارة اوباما للحرب في افغانستان.
كما انه قلل من شأن بادين ووجه الاهانة لمستشار الرئيس لشؤون الامن
القومي جيم جونز، وهو جنرال سابق وبارز، حيث وصفه ماكريستال بأنه "مهرج".
المرجح ان الحياة المهنية ماكريستال، الممتدة على مدى 34 عاما، باتت
على المحك، كما ان سمعته تعرضت لعطب صار من المستحيل اصلاحه. الا ان
فقدان ماكريستال سيعني ايضا فقدان قائد محنك له خبرة واسعة في التعامل
مع استراتيجيات مكافحة الارهاب التي تنتهجها ادارة اوباما حاليا في
افغانستان، الى جانب انه يحظى باحترام الرئيس الافغاني حامد كرازي.
كما ان رحيله عن منصبه الحالي سيعرقل خطط الحرب التي وضعت على امل
البدء في سحب القوات الامريكية من افغانستان بحلول منتصف العام المقبل.
وتخرج ماكريستال من اكاديمية "وست بوينت" العسكرية الامريكية
المرموقة في عام 1976، وهو سليل اسرة لها باع وتاريخ طويل في الخدمة
العسكرية.
فوالده هو الجنرال هربرت ماكريستال، الذي خدم في المانيا التي
احتلها الغرب عقب الحرب العالمية الثانية، كما ان اولاده خدموا او
عملوا في اطار الخدمة العسكرية بشكل او آخر.
ترقى ماكريستال منذ تخرجه من وست بوينت في المراتب العسكرية على مدى
ثلاثة عقود، حتى تولى منصب قائد القوات الخاصة للفترة من عام 2003 وحتى
2008.
وخلال تلك الفترة كان مسؤولا عن تصفية عدد من "الاهداف البشرية
المهمة" بالنسبة للامريكيين في العراق وافغانستان، مثل ابو مصعب
الزرقاوي زعيم تنظيم القاعدة في العراق الذي اغتيل في عام 2006 بضربة
جوية امريكية.
ماكريستال، المتزوج وله ابن بالغ، يصنَّف على انه مدمن عمل، ويعيش
حياة تقشف وزهد، لا يأكل بانتظام ولا ينام إلا أربع او خمس ساعات
يوميا، ويكره المطاعم الفخمة، ولا يحب ان يكون تحت الأضواء. |