تشكيل الحكومة العراقية وانفجار غضب الرأي العام

المرجعية تحذر من أزمة واتجاه لتقليص صلاحيات رئيس الوزراء

 

شبكة النبأ: أعلن رئيس الوزراء العراقي المنتهية ولايته نوري المالكي ضرورة أن يكون هناك مرشح واحد إلى منصب رئيس الوزراء، معبرا بذلك عن رأي مخالف لشركائه في التحالف الوطني.

وفي غضون ذلك قال مسؤولون إن التكتلين الانتخابيين الرئيسيين الذين يقودهما الشيعة اتفقا على الحد من سلطة رئيس الوزراء مما قد يمهد الطريق أمام التوصل لاتفاق بشأن تشكيل حكومة بعد أكثر من ثلاثة اشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية.

في حين حذّر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من أن إطالة المهاترات حول الشخصية التي ستتولى رئاسة الوزراء في هذا البلد الذي مزقته الحروب، ستثير غضب الرأي العام كما أنها تنطوي على مخاطر تأجيج أعمال شغب.

وقال المالكي في ختام لقائه رئيس الجمهورية المنتهية ولايته جلال طالباني في مكتبه يجب أن يكون للتحالف الوطني مرشح واحد، وفكرة أن نذهب إلى مجلس النواب بمرشحين متعددين وعرضها على الكتل الأخرى فكرة مرفوضة لا يمكن قبولها. وأضاف أنها "مخالفة للدستور، والمخالفة لا تعني تنازل الكتلة الأكبر عن مرشحها".

وكان زعيم المجلس الإسلامي العراقي الأعلى عمار الحكيم صرح قبل عشرة ايام ان "خيار التوافق اصبح متعذرا وهو عدم امكانية الاتفاق على شخص واحد فكيف يتصلب البعض ويصر على خيارات لا تنتج الا مرشحا واحدا؟".

وقال الحكيم "اذا كان هناك تصلب حيال المرشحين فنأخذهم الى الساحة الوطنية واي مرشح يحظى بثقة 163 من نواب مجلس النواب (325 مقعدا) يمكن ان ينسحب الاخرون لصالحه".

وتابع المالكي "لم يحسم التحالف الوطني مرشحه حتى الآن، والافكار المطروحة حاليا لم تصل إلى درجة الاتفاق على الآليات، لكن هناك اصرارا على ضرورة حسم هذا الموضوع من خلال اجتماعات جديدة تنتهي الى آلية وتسمية" المرشح. بحسب فرانس برس.

وفي مطلع حزيران/يونيو صادقت المحكمة الاتحادية، اعلى هيئة قضائية في البلاد، على نتائج الانتخابات التي تؤكد فوز الليبرالي علاوي (91 مقعدا)، على المالكي (89 مقعدا) في حين حصل "الائتلاف الوطني العراقي" على 70 مقعدا.

ويعتبر علاوي تكليفه تشكيل الحكومة حقا دستوريا لكن الاندماج بين "ائتلاف دولة القانون" و"الائتلاف الوطني العراقي" تحت مسمى "التحالف الوطني" (159 مقعدا) سيحرمه من ذلك لان التحالف اصبح يمثل القوة الرئيسية في البرلمان حاليا.

الحد من سلطة رئيس الوزراء..

وبموازاة ذلك قال مسؤولون إن التكتلين الانتخابيين الرئيسيين الذين يقودهما الشيعة في العراق اتفقا على الحد من سلطة رئيس الوزراء مما قد يمهد الطريق أمام التوصل لاتفاق بشأن تشكيل حكومة بعد اكثر من ثلاثة اشهر من إجراء الانتخابات البرلمانية.

كما فاز التحالف الشيعي الكبير الذي تشكل من اندماج التكتلين بتأييد فصائل اخرى صغيرة وهو ما من شأنه ان يعطيه اغلبية عاملة في البرلمان المكون من 325 مقعدا ومشاركة تمس الحاجة اليها لنواب الاقلية السنية.

وتعتبر مشاركة السنة في الحكومة المقبلة عاملا حاسما لضمان عدم انزلاق العراق مرة اخرى الى صراع طائفي اوسع في وقت تنهي فيه القوات الامريكية عملياتها القتالية في اغسطس اب قبل ان تنسحب بشكل كامل العام المقبل.

وقال علي الاديب القيادي بحزب الدعوة الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي لرويترز "قبلنا بالشروط والمعايير الموضوعة."

واضاف الاديب الذي يرأس فريق تفاوض ائتلاف دولة القانون الذي يقوده حزب الدعوة في المحادثات الائتلافية "انها عملية تنسيق على اعتبار ان الائتلافين سيكونان بمثابة الحزب الذي يراقب حركة رئيس الوزراء ويتابعه ويدعمه في نفس الوقت."

ويقول ساسة ان المنصب الوحيد الذي لا نزاع عليه فيما يبدو هو منصب الرئيس. فالجميع تقريبا يفترض ان الرئيس المنتهية ولايته جلال الطالباني سيعين لفترة جديدة نظرا لتأثير كتلته الكردية ومقاعدها الثلاثة والاربعين.

وما يعوق الفصائل الشيعية بشكل اساسي عن الاسراع بالتوصل لاتفاق هو رغبة المالكي في الفوز بفترة ثانية.

وتعارض الفصائل القوية داخل الائتلاف الوطني العراقي طموحاته وسعت الى تقليص سلطاته في المقابل. فظهور اتفاق مبدئي على الحد من سلطات رئيس الوزراء لا يضمن تعيين المالكي لفترة ثانية.

وقال قصي السهيل القيادي بالتيار الصدري الذي يتزعمه رجل الدين المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر والذي يسيطر على نحو 40 من مقاعد الائتلاف الوطني العراقي السبعين ان الائتلاف يسعى الى "اضفاء الصبغة المؤسسية" على منصب رئيس الوزراء مما يعني ان سلطاته ستمارسها مجموعة سياسية لا شخص بعينه.

وذكر في هذا الاطار "بصراحة هناك رغبة في التحالف (الوطني) في ان يكون هذا الموقع مؤسساتي... يعني غير خاضع للاجتهاد الفردي."

واحد الاجراءات التي اقترحها منافسو المالكي ووافق عليها حلفاؤه تعيين ثلاثة نواب لرئيس الوزراء من فصائل مختلفة ويتولى كل منهم المسؤولية عن إحدى الحقائب الثلاث الكبرى وهي الأمن والمالية والخدمات.

السيستاني يحذر من أزمة سياسية كبيرة..

وحذّر المرجع الديني آية الله علي السيستاني من حدوث أزمة سياسية كبيرة "تستدعي تدخل المرجعية لحلها"، مجددا في الوقت ذاته وقوفه على الحياد إزاء جميع الكتل السياسية.

وقال حامد الخفاف المتحدث الرسمي باسم السيستاني للصحافيين أن "المرجعية لن تدعم أحدا من المرشحين إلى منصب رئاسة الوزراء كما أنها لا تضع فيتو على أي منهم".

وأكد أن المرجعية "تأمل التوصل الى تشكيل حكومة كفوءة قادرة على حل مشاكل البلد في وقت قريب، وان لا تحدث أزمة سياسية كبيرة تستدعي تدخل المرجعية الدينية لحلها".

وأضاف أن المرجع "أكد على مسامع جميع زواره من السياسيين ومنهم وفد العراقية، الذي كان اللقاء بهم طيبا للغاية، ان تشكيل الحكومة يخضع للحوار بين الكتل السياسية ووفقا للآليات الدستورية". وما تزال المحادثات لتشكيل حكومة جديدة تراوح في مكانها بعد اكثر من مئة يوم على الانتخابات التشريعية في السابع من اذار/مارس الماضي.

ونفى الخفاف ما تناقلته تقارير اعلامية حول "دور المرجعية" في تشكيل التحالف بين ائتلافين شيعيين "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، و"الائتلاف الوطني العراقي" الذي يضم الاحزاب الشيعية باستثناء الدعوة. واكد ان "المرجعية الدينية لم يكن لها دور في التحالف كما لم يتم التطرق الى هذا الموضوع ابدا".

وكان ممثل المرجع السيستاني الشيخ عبد المهدي الكربلائي قد تحدّث في خطبة الجمعة في مدينة كربلاء

وقال -فيما اعتُبر على نطاق واسع رسالة من السيد السيستاني الذي يتمتع بنفوذ كبير في العراق- انه ينبغي تكثيف المناقشات بين الكتل السياسية.

زيباري يحذر من غضب العراقيين..

ومن جهته حذر وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري من أن إطالة المهاترات حول الشخصية التي ستتولى رئاسة الوزراء في هذا البلد الذي مزقته الحروب، ستثير غضب الرأي العام كما أنها تنطوي على مخاطر تأجيج أعمال شغب.

وقال زيباري لوكالة فرانس برس ان انطلاق تظاهرات صاخبة احتجاجا على انقطاع الكهرباء يمكن ان يشكل نذيرا للمزيد من المتاعب.

ويعاني الاقتصاد من مشاكل نظرا للفراغ السياسي منذ اجراء الانتخابات في السابع من اذار/مارس الماضي، وهي ثاني انتخابات تشريعية منذ الاطاحة بنظام الرئيس السابق صدام حسين في العام 2003.

واضاف زيباري ان "الفشل في تشكيل حكومة وعدم التوصل الى حلول حتى الآن، واستمرار المناورات والتنافس على المناصب" قد يتطلب تدخل الامم المتحدة للمساعدة في التوصل الى اتفاق لانهاء الازمة.

وتابع "ما شاهدناه في البصرة السبت كان تحذيرا، والغضب الذي اظهره المتظاهرون كان غير عادي".

وتظاهر الآلاف في المدينة الواقعة في جنوب العراق وسط درجات حرارة مرتفعة مطلع الاسبوع بلغت 55 درجة مئوية مطالبين باستقالة وزير الكهرباء كريم وحيد.

وحمل بعضهم نعشا ملفوفا بعلم اسود كتب عليه "الكهرباء"، في حين حطم بعضهم زجاج نوافذ احد مباني المحافظة، الامر الذي يعكس غضبهم ازاء النقص في امدادات الطاقة.

وقال زيباري أن هناك خطرا من طموح السياسيين بمن فيهم رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ورئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي، بحيث يطغى ذلك على مطالب الناس للخدمات الرئيسية.

وأضاف أن "الخلافات حول منصب رئيس الوزراء هي احدى العقبات الرئيسية أمام التقدم (...) لا يوجد الكثير من الاهتمام بالناس، وكيف يشعرون، وكيف يعيشون خلال قيظ هذا الصيف مع انعدام الكهرباء".

وتابع ان "الناس تعبوا من نقص الخدمات، وعدم اتخاذ إجراءات فيما كل الجدل على شاشات التلفزيون يدور حول تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب".

وقال زيباري "لقد تم استقطاب المجتمع" وهذه الانتخابات كرست الطائفية فالشيعة صوتوا لصالح الشيعة، والسنة صوتوا لصالح السنة والاكراد صوتوا لصالح الاكراد.

وتابع ان اللقاء الذي جرى في 12 حزيران/يونيو بين المالكي وعلاوي كسر الجليد بينهما لكنه لم يحقق اي تقدم، وهناك حاجة لتوسيع نطاق التحالف.

واكد ان "دولة القانون والتحالف الوطني العراقي والكتلة العراقية والتحالف الكردستاني بحاجة لاجراء محادثات مشتركة اذا ارادوا تحقيق تقدم". واضاف ان "الوضع ليس ميؤوسا منه لكنه ليس سهلا. لقد دعونا الكتل الرئيسية الاربع الى الاجتماع لكسر الجليد في بادىء الامر، وثانيا الدخول في مفاوضات جادة تؤدي إلى تشكيل حكومة شراكة لا تستثني احدا".

اجتماعات فيلتمان بقادة الكتل السياسية..

وتقتصر اجتماعات مساعد وزيرة الخارجية الاميركية جيفري فيلتمان مع كبار القادة العراقيين حتى الآن على جوجلة الاراء فيما يختص بتشكيل الحكومة التي ما تزال خاضعة لتجاذبات حادة ادخلتها نفقا مسدودا.

وقال الشيخ جمال البطيخ، القيادي في قائمة "العراقية" بزعامة رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي لفرانس برس أن "المسئولين الأمريكيين لم يتحركوا فعليا حتى الآن، يريدون أن تنضج الأفكار وان تتعب الكتل السياسية في مفاوضاتها". وأضاف "لديهم مشاريع توافقية، لكن كل المقترحات التي طُرحت رفضتها العراقية، لأننا لا نقبل إلا بحقنا الدستوري في تشكيل الحكومة".

وأضاف "إنهم لا يريدون التأثير، ولذلك ينتظرون لمعرفة اين تنتهي مطالب النخب السياسية (...) حمل فيلتمان عدة احتمالات منها تقاسم السلطة" بين علاوي والتحالف الوطني المنبثق عن الاندماج بين قائمتين شيعيتين.

وتابع البطيخ "لدى الاميركيين حلولا وسطية ومن صالحهم وبأي طريقة تشكيل حكومة، لا يهمهم من يشكلها، على اعتبار انهم يسعون الى سحب قواتهم في ظل وجود حكومة" في اشارة الى سحب جميع الوحدات القتالية بحلول اول ايلول/سبتمبر.

وختم مؤكدا ان "جميع الاطراف متمسكة بمطالبها، وهناك جمود في المفاوضات (...) لدينا قلق على مستقبل العراق من ظاهرة الاستئثار بالسلطة التي مسحت كل مفاهيم الديموقراطية" في اشارة الى تحالف الاحزاب الشيعية الدينية.

من جهته، قال النائب عباس البياتي عن قائمة "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ان فيلتمان "التقى القائمة وحض على تشكيل حكومة شراكة وطنية من جميع الاطراف الفائزة في الانتخابات".

وتابع "لم يتدخل في التفاصيل لكنه تحدث عن ضرورة الاسراع في الاتفاق بين الكتل السياسية على تشكيل الحكومة (...) لكنه لم يتحدث عن احقية اي طرف ولم يتطرق الى حق اي طرف في تشكيل الحكومة".

بدوره، قال حسين الشعلان وهو من العراقية ايضا "التقى فيلتمان القائمة العراقية كان اللقاء صريحا ومحاولة لتقريب وجهات النظر بين الكتل السياسية".

وأضاف دون مزيد من التفاصيل "أوضحنا بدورنا بعض الأمور التي طرحت على فيلتمان من قبل الكيانات الأخرى (...) أكدنا خلال اللقاء تمسكنا بالحق الدستوري لتشكل الحكومة والاسباب الموجبة لذلك".

كما قال النائب البارز عن التحالف الكردستاني محمود عثمان "بحسب المعلومات التي وصلتنا، فان زيارة فيلتمان هدفها الإسراع في تشكيل الحكومة لكنه لم يطرح مشروعا او يقترح امرا خاصا".

وأضاف ان "المهم للاميركيين هو تشكيل الحكومة قبل نهاية آب/اغسطس، (موعد انسحاب الوحدات القتالية) لأنهم يريدون ان يتم ذلك بعد تشكيل الحكومة".

وأكد أن "زيارته ممكن ان تشكل عاملا مساعدا لكن الأمور أصبحت معقدة وخصوصا في ما يتعلق بتحديد الكتلة الاكبر وعدم توصل التحالف الوطني حتى الان الى معالجة مسالة من هو المرشح الى رئاسة الوزراء".

وستبقى جلسة البرلمان مفتوحة لاجل غير محدد حتى الاتفاق على الرئاسات الثلاث، الجمهورية والحكومة ومجلس النواب.

وكان البرلمان السابق أبقى العام 2005 جلسته الأولى مفتوحة مدة 41 يوما.

ويتعين على البرلمان انتخاب رئيسه ونائبيه والرئيس الجديد للجمهورية الذي يقوم بدوره بتكليف زعيم اكبر كتلة نيابية بتشكيل الحكومة المقبلة. لكن سياسيين ودبلوماسيين يعربون عن اعتقادهم بان الجمود السياسي في البلد لن ينتهي قبل عدة اسابيع للتوصل الى اتفاق شامل بشأن توزيع المناصب الرئيسية في الدولة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 23/حزيران/2010 - 10/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م