الوعي البيئي في المجتمع العراقي..

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: رغم أهميته فأن موضوع البيئة يكاد يكون مغيبا في النقاش الثقافي العراقي وفي البرامج والخطب الدينية وفي برامج الاحزاب العراقية..

وحتى على مستوى الدستور الحالي والدساتير السابقة لم يولي المشرّعون العراقيون الاهمية لهذا الموضوع الحيوي وقد يكون ذلك مفهوما في الدساتير السابقة على اعتبار ان الاهتمام البيئي العالمي هو وليد ثلاثة عقود وربما اكثر بقليل ففي القانون الاساسي العراقي للعام 1925 لم  نر اي مادة تتعلق بالبيئة.

وفي الدستور المؤقت للعام 1963 وردت المادة 36 والتي اعتبرت الرعاية الصحية حق للعراقيين جميعا تكفله الدولة بإنشاء مختلف انواع المستشفيات والمؤسسات الصحية والتوسع فيها..

وفي الدستور المؤقت للعام 1968 أعادت التأكيد على المادة السابقة وهذه المرة تحت الرقم 37

وفي الدستور المؤقت للعام 1970 ذكرت المادة 33: تلتزم الدولة بحماية الصحة العامة عن طريق التوسع المستمر بالخدمة الطبية المجانية في الوقاية والمعالجة والدواء على نطاق المدن والارياف..

وجاء في المادة 64 من مشروع دستور جمهورية العراق للعام 1991 يتعين على جميع اجهزة الدولة وافراد الشعب المحافظة على البيئة من التلوث وحماية الطبيعة من الاضرار التي تخلّ بجمالها ووظائفها وهي المرة الاولى التي ترد فيها إشارة صريحة الى البيئة وما يتعلق بها ..

أما في دستور العام 2005 وهو الدستور الحالي فقد وردت المادة 33

أولا: لكل فرد حق العيش في ظروف بيئية سليمة

ثانيا: تكفل الدولة حماية البيئة والتنوع الاحيائي والحفاظ عليهما..

في الوقت الحالي فان مشاكل البيئة في العراق كبيرة جدا وتحدياتها ضخمة تستدعي السرعة في المعالجة ووضع الحلول إلا أن واقع الحال يشي بالتلكؤ والبطء وحتى عدم إثارة او الحديث عن هذه المشكلات إلا لدوافع سياسية  بحتة تفيد الاتهام والاتهام المضاد..

هذه المشاكل منها ما يتعلق بالموارد المائية والتي تتناقص عاما بعد عام نتيجة لعوامل خارجية او داخلية.. واهوار جنوب العراق الموروثة من عهد النظام السابق، والتلوث الصناعي والمجاري وشبكات الصرف الصحي ومياهها ونوعية مياه الشرب وكميتها كأحد مقاييس التنمية البشرية، وتلوث المياه وتداعياته على الصحة العامة، وبيئة الارض ومشكلاتها الاساسية وتكونها وتنمية استعمالات الأراضي إحدى صيغ تنمية موارد الأرض وركن من أركان التنمية المستدامة، والنفايات والمواد الخطرة ومواقع الطمر الصحي والمحارق، وإنتاج واستعمال المبيدات الحشرية ونظم خزنها ،والتلوث النفطي وتداعيات الأعمال التخريبية للمؤسسات النفطية، وتلوث الهواء ومصادره وأثره على المقومات والموارد البيئية وأضراره على الصحة البشرية والعالم الاحيائي إلى جانب التكاليف الباهظة للاقتصاد الوطني..

وأخيرا نذكر التلوث الإشعاعي في مختلف ارجاء العراق وهو اخطر انواع التلوث بسبب طول العمر الزمني لبقاء تلك الملوثات..

كل شيء صادم ومستفز في واقع حياتنا اليومية وظاهرة الصدمة والاستفزاز وصورهما متعددة وكثيرة بدءا من خروجك الى العمل وعودتك منه..

هل نعدد مظاهر الاستفزاز والصدمة تلك؟

1-النفايات المنزلية..

 في كل شارع تمر به او تقطعه تتكوم كميات كبيرة من النفايات لا يكلف المواطن نفسه  بوضعها في اكياس القمامة،وحتى لو فعل ذلك يقوم نابشو القمامة وهم (الباحثون عن العلب والقناني وبعض الحاجيات فيها لغرض جمعها وبيعها لاستعمالها مرة اخرى) بنثرها على الارض وتركها مكشوفة..

ويجتمع عليك خطران خطر النفايات المنتشرة وخطر اعادة استعمال تلك النفايات..

2- المطاعم المفتوحة..

لم اجد تسمية يصح اطلاقها على بسطيات الاطعمة المنتشرة على الارصفة غير هذه التسمية ، وقسم منها تابع للمطاعم التي لا تملك مساحة كافية فتنتقل الى الرصيف المقابل للمطعم حيث تتم عمليات الطبخ وعرض المأكولات وتناولها من قبل المرتادين (تشريب باقلاء – مخلمة – قيمر- جلفراي – كبة – مأكولات اخرى) وهي تشكل صدمة للذوق العام اضافة الى فرزها للنفايات المتعددة الاشكال والالوان..

3- نفايات المحلات والمطاعم والاسواق..

تحولت الكثير من المناطق في العاصمة بغداد الى اسواق تجارية ومحلات ومطاعم وغابت المخططات الهندسية المنظمة عن شوارعها فكثيرا مانرى المنازل وقد تم تحويل واجهاتها الى محلات تجارية ومطاعم وحتى ورش صناعية تنشر النفايات والضوضاء والتشويه البصري والجمالي للمدينة..

4 – هدر المياه:

وهي الطامة الكبرى التي لا يهتم لها المواطن العراقي، وخاصة في شهور الصيف حيث يكثر استخدام المبردات الهوائية والتي تعتمد على الماء – وهو هنا الماء الصافي المخصص للشرب – فتراه لا يعير اهمية لجريان الماء المستمر عبر مبردته بسبب عطل الطوافة والتي لا يكلف اصلاحها الا مبلغا زهيدا لا يتجاوز الالف دينار.. في وقت تتحدث التقارير الاعلامية في الفضائيات والصحف عن ان العراق مقبل خلال سنوات قليلة مقبلة على ازمة مياه خانقة ستغير الكثير من ملامحه التي عرف بها..

كثير من مناطق العراق الان تتحسر على قطرة الماء في الانابيب المنزلية وقسم اخر لا يهمه غير العبث بهذه الثروة وهي في طريقها الى الجفاف والنضوب..

نحتاج إلى تنمية الوعي البيئي لدى المواطن العراقي عبر المدارس والجامعات وعبر وسائل الاعلام المتنوعة (برامج – حوارات – إعلانات) وعبر خطب الجمعة والمنابر الدينية المتعددة..

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 20/حزيران/2010 - 7/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م