المقاطعة الفلسطينية للمنتجات الإسرائيلية

إستراتيجية جديدة للمقاومة الشعبية

 

شبكة النبأ: في ظل الحكومة الإسرائيلية اليمينية برئاسة بنيامين نتنياهو تراجعت ثقة الفلسطينيين في عملية السلام التي مضى عليها 20 عاما إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق على الرغم من بدء جولة جديدة من المحادثات غير المباشرة التي تتوسط فيها الولايات المتحدة.

وتبحث السلطة الفلسطينية التي تستبعد العمل العسكري ضد إسرائيل عن سبل جديدة للعمل على تحقيق الأهداف الفلسطينية. والمقاطعة جزء من إستراتيجية أشمل للمقاومة الشعبية تتضمن الاحتجاجات على الاحتلال الإسرائيلي والاستيطان في الضفة الغربية.

مقاطعة..

وحظرت السلطة الفلسطينية بيع السلع المنتجة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية في الأسواق الفلسطينية وطلبت من الفلسطينيين الكف عن العمل في المستوطنات بحلول نهاية العام.

وقع الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسوم المقاطعة الشهر الماضي برغم أن الحملة الرسمية بدأت في أواخر العام الماضي منطلقة من دعوات سابقة من جانب نشطاء للمقاطعة الكاملة للمنتجات الإسرائيلية في السوق الفلسطينية. بحسب رويترز.

ويقول المسؤولون الفلسطينيون انه كان ينبغي اتخاذ مثل هذه الخطوة منذ سنوات وخصوصا في ظل دور العمال الفلسطينيين في بناء المستوطنات.

عليه تعين على مصانع ومزارع المستوطنين اليهود إعادة النظر في أسلوب عملها. وقال ديفيد الحياني رئيس بلدية وادي الأردن الإسرائيلية إن احتمال توقف الفلسطينيين بحلول نهاية 2010 عن العمل في المزارع التي يديرها المستوطنون أجبرها على وضع خطط لجلب المزيد من العمال من شرق أسيا.

ويقدر المسؤولون الفلسطينيون أن المستوطنين يبيعون سلعا قيمتها 500 مليون دولار في السوق الفلسطينية. وتجري السلطة الفلسطينية دراسة عن مدى فاعلية المقاطعة حتى الآن.

لكن مراقبين إسرائيليين يقولون انها لن تقوض الجدوى الاقتصادية للمستوطنات. ويشيرون الى أن العديد من المستوطنين يذهبون الى داخل إسرائيل للعمل. وقال أموتس اسيل كاتب العمود بصحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية إن الأثر "لا يذكر من الناحية الاقتصادية".

وتشمل المقاطعة السلع التي تنتج في إسرائيل وتعرض للبيع في الضفة الغربية حيث أصبح الكثير من الأسر يعتمد على طائفة كبيرة من المنتجات الإسرائيلية والواردات التي تصل إليها عن طريق إسرائيل.

ساهمت المقاطعة في تعزيز سمعة رئيس الوزراء سلام فياض الذي ينظر إليه على أنه القوة الدافعة للمقاطعة. وعرضت لقطات تلفزيونية وصور لفياض بينما كان يلقي بكمية من منتجات المستوطنات في النار في وقت سابق هذا العام.

لكن الفلسطينيين الذين يعتمدون في معيشتهم على المستوطنات يساورهم القلق. وحذر بعض زعماء العمال الحكومة الفلسطينية من اتخاذ أي اجراءات قانونية ضد من يستمرون في العمل في المستوطنات.

وأشار المحلل السياسي الفلسطيني هاني المصري ان المقاطعة اذا نجحت في الاستمرار فستكون جزءا مهما من إستراتيجية فلسطينية طويلة المدى أساسها النشاط الخالي من العنف. وأَضاف أنها ستوجه إشارة الى إسرائيل بأن هذا الكفاح سيتصاعد وأن الفلسطينيين لن يقبلوا الاحتلال.

من جهتهم قال مسؤولون إسرائيليون ان المقاطعة تقوض أحدث مسعى أمريكي لتحقيق تقدم في عملية السلام. وذكروا أنها تصل الى حد التحريض على العنف ضد إسرائيل وأضافوها الى قائمة من الشكاوى تشمل إطلاق أسماء ناشطين فلسطينيين يعتبرون إرهابيين في إسرائيل على بعض الشوارع.

فياض يقود المقاطعة

ووزع رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض مؤخرا منشورات تحث الفلسطينيين على مقاطعة منتجات المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية.

وكان فياض يختتم حملة استمرت أسبوعا "لتنظيف" السوق الفلسطينية من بضائع المستوطنين التي يقول أنها تقوض الاقتصاد الفلسطيني. بحسب رويترز.

حيث كانت المنشورات تحمل اسماء وصور 500 سلعة على القائمة السوداء للسلطة الفلسطينية تراوحت بين الفول السوداني وإطارات الأبواب.

وزار حوالي ثلاثة آلاف متطوع أكثر من 255 ألف منزل فلسطيني في كل أنحاء الضفة الغربية لمساعدة العائلات على التمييز بين منتجات المستوطنات والمنتجات المصنعة في إسرائيل التي لا تستهدفها الحملة.

وقال فياض لأسرة فلسطينية في رام الله انه متطوع في الحملة من بيت الى بيت وان الحملة تعتمد على وعي المواطن الفلسطيني. ويقدر المسؤولون الفلسطينيون قيمة بضائع المستوطنين التي تباع في السوق الفلسطينية بحوالي 500 مليون دولار.

وأضاف فياض إن الهدف من المقاطعة هو التخلص من منتجات المستوطنات بحلول نهاية هذا العام واستبدالها ببضائع فلسطينية مما يخلق فرص عمل تشتد حاجة الفلسطينيين إليها.

ويريد الفلسطينيون منع المستوطنين اليهود من تحقيق الازدهار على أساس تجارة تعتمد على الاحتلال الإسرائيلي. والكثير من المستوطنات مناطق صناعية بنيت على أراض احتلتها إسرائيل عام 1967 ويريد الفلسطينيون إقامة دولة عليها.

وقالت السلطات الفلسطينية للفلسطينيين ايضا ان قبولهم العمل في المستوطنات اليهودية سيصبح غير قانوني ابتداء من نهاية هذا العام.

وأكد وزير العمل الفلسطيني أحمد مجدلاني لرويترز ان دولا عربية واسلامية تعاون حكومة فياض في جمع 50 مليون دولار لمساعدة القطاع الخاص على توفير فرص عمل للفلسطينيين الذين يعملون في مستوطنات يهودية.

واستأنفت إسرائيل والفلسطينيون محادثات السلام غير المباشرة هذا الشهر بعد حوالي سنة ونصف بدون مفاوضات. لكن الإسرائيليين ازعجتهم المقاطعة وتكتيكات فلسطينية أخرى يعتبرونها غير شرعية.

من جهته قال رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في باريس يوم الخميس انه "غير سعيد بهذه الحرب الاقتصادية والسياسية."

آثار المقاطعة..

ويعيد أصحاب أعمال إسرائيليون في منطقة صناعية بالضفة الغربية المحتلة التفكير في استراتيجيات أعمالهم للتعامل مع مقاطعة الفلسطينيين لمنتجات المستوطنات.

وفي الوقت نفسه تشعر الشركات الإسرائيلية بالاستياء من الحكومة قائلة إن تطبيق قانون العمل بصرامة أكبر تحملهم على أن يدفعوا للعامل الفلسطيني الحد الأدنى الذي يتقاضاه العامل الإسرائيلي أكثر إضرارا بأعمالهم من العقوبات التجارية والعمالية التي يفرضها عليهم الفلسطينيون.

ويستهدف حظر فلسطيني جديد لمنتجات الأراضي المحتلة ولإقامة علاقات تجارية مع منتجيها المجمع الصناعي ميشور ادوميم وغيره من المصانع التي أقيمت في مستوطنات الضفة أو بالقرب منها.

وقال أفي الكيام عضو لجنة المصنعين في ميشور ادوميم مؤخرا "الضرر من الحظر الفلسطيني ليس بالدرجة التي تدفع مصنعا للإغلاق لكن المناطق الصناعية خارج الخط الأخضر (حدود ما قبل الاحتلال الإسرائيلي) تعرضت لعدة صفعات في الفترة الأخيرة."

ورغم أن بعض المصانع باتت مهجورة في ميشور ادوميم على الطريق الواصل من القدس إلى وادي الأردن والبحر الميت يقول الكيام ان ذلك لا يرجع لمقاطعة الفلسطينيين.

وأشار ان السلطات المحلية للمستوطنات لا تقدم اعفاءات ضريبية للتعويض عن الخسائر المتوقعة في الايرادات من جراء المقاطعة وقانون الحد الادنى للاجور الاسرائيلي الذي طبق على الفلسطينيين ويزيد من تكاليف العمالة.

وأضاف "المصانع انتقلت الى هنا لان العمالة كانت رخيصة اذا كانت هذه الأراضي تحت الإدارة الأردنية وكان يمكنهم دفع 150 شيقلا (40 دولارا) للعامل الفلسطيني في اليوم. لكن الآن يفرض عليهم القانون دفع الحد الأدنى للأجور وكذلك بأثر رجعي." بحسب رويترز.

من جهتا قالت حنا زوهر التي تدير المنظمة الإسرائيلية التي تدافع عن حقوق العمال ان أصحاب الأعمال لم يلتزموا قط بقانون الحد الأدنى للأجور الذي بدأ العمل به في ثمانينات القرن الماضي وان حكما من المحكمة العليا في الفترة الأخيرة هو ما أحدث تغييرا.

وأوضحت ان "القانون الإسرائيلي كان دائما يضمن ظروف عمل للعمال الفلسطينيين ويمكنهم الان المطالبة بهذه الحقوق وبمدفوعات بأثر رجعي حتى سبع سنوات."

وقال اسي وهو شريك في أعمال رخام عائلية رفض ذكر اسم عائلته ان مصانع المستوطنات اليهودية تدرس العودة لداخل حدود 1948 بسبب تزايد صعوبة العمل في المستوطنات حتى في عهد حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتياهو الموالي للمستوطنين.

واضاف "يجب ان نفعل ما في وسعنا لنتمكن من البقاء. لا نؤمن بمساندة الحكومة لاننا لا نحصل على شيء منها ولا نتوقع الحصول على شيء." وتابع " الحكومة تخلت عنا. لم نحصل على اي اعفاءات ضريبية والحياة تزداد صعوبة علينا هنا."

وأكد الكيام ان مصنعا انتقل بالفعل الى منطقة صناعية في وسط اسرائيل لكن اسي أبدى ثقته في وجود سبل للصمود ومراوغة المقاطعة من جانب الفلسطينيين وبعض أسواق التصدير الاجنبية.

وتابع "سننقل بضائعنا الى القدس ونغلفها بطريقة بحيث لا يتصور أحد أنها جاءت مما وراء الخط الأخضر."

وأضاف "الجانبان يعرفان الحقيقة ويعرفان كذلك ان احدا لن يتمكن من فرض تنفيذ قانون لا يريده اي من الطرفين."

وتأمل السلطة الفلسطينية أن تقوض مقاطعتها من قدرة الجيوب الاستيطانية على البقاء على الاراضي المحتلة. وأعطت العمال الفلسطينيين مهلة حتى نهاية العام لترك عملهم في الشركات الاسرائيلية في الضفة الغربية.

ويعمل نحو 4500 فلسطيني في منطقة ميشور ادوميم الصناعية التي تضم عشرات المصانع والورش التي تصنع منتجات منها مواد البناء وأدوات السباكة وأطر الالومنيوم. ورفض العمال الحديث

وأفاد المسؤولون الفلسطينيون ان نحو 25 ألف فلسطيني يعملون في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس حيث يقيم 500 ألف يهودي وسط ثلاثة ملايين فلسطيني.

وتوقع الكيام ان يجد الفلسطينيون سبيلا للبقاء والعمل في ميشور ادوميم نظرا لصعوبة الاوضاع الاقتصادية و"لانهم يحتاجون لكسب عيش لاعالة أسرهم."

تنديد وتهديد إسرائيلي..

وندد رئيس نقابة أصحاب العمل في إسرائيل شراغا بروش مؤخرا بقرار مقاطعة البضائع المنتجة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، محذرا الفلسطينيين من خسارة الوظائف وانتقال محتمل لمواقع الأنشطة إلى إسرائيل.

وأضاف بروش الذي يرئس جمعية الحرفيين في إسرائيل "لا افهم المصلحة من مقاطعة هذه البضائع. لان الإسرائيليين لديهم حل وهو نقل المصنع وتوفير وظائف للاسرائيليين على الأراضي الإسرائيلية".

وكان بروش يتحدث اثناء نقاش في وزارة الخارجية الفرنسية مع وزير الصناعة والتجارة الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر، بناء على دعوة فاليري هوفنبرغ ممثلة فرنسا المكلفة "الاطار الاقتصادي والثقافي والتجاري والتربوي والبيئي" في الشرق الأوسط.

وأعرب بن اليعازر عن "معارضته للمقاطعة". وقال اثناء النقاش الذي نظم على هامش زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الى باريس بمناسبة انضمام بلاده الى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية "اعتقد انه امر سيء. ان 30 الف شخص يعملون في صنع هذه المنتوجات، وبالتالي فهذا يعني 30 الف عائلة الان من دون عمل".

والشهر الماضي، وقع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس مرسوما يمنع بيع المنتجات المصنعة في المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.

ويعيش حوالى نصف مليون اسرائيلي في اكثر من 120 مستوطنة في الضفة الغربية المحتلة وفي القدس الشرقية التي ضمتها إسرائيل.بحسب الفرانس برس.

وأكد بروش ان إنتاج هذه السلع التي تواجه المقاطعة "يوفر رواتب جيدة للعمال الفلسطينيين الذين يتلقون أجورهم بموجب القانون الإسرائيلي" الذي ينص على حد ادنى وإعانات اجتماعية. وأعلن أن عدد الفلسطينيين العاملين في الضفة الغربية لدى شركات إسرائيلية هو 25 ألفا.

وأوضح "أن هؤلاء الأشخاص يقبضون رواتب مهمة لعائلاتهم"، وهذا يفيد 150 ألف شخص" يضاف اليهم "150 ألف شخص آخرين يعملون في المحيط (مطاعم ومحطات وقود ...)".

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 19/حزيران/2010 - 6/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م