الأمن بقطع الأعناق والأرزاق..

في الشأن المحلي العراقي

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: حلوةٌ انجازات الحكومة سواء كانت منها السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية والأحلى منها انجازاتها على الصعيد الأمني..

سنتخيل المشهد التالي وفقا للمقدمات التي تجري على ارض الواقع:

سيخرج علينا اللواء قاسم عطا تحت عدسات المصورين التابعين للفضائيات العراقية بزيه الخاكي الكامل، وسيكون محاطا بأفراد حمايته الذين يحيطون به إحاطة الأهداب بالعين سيخرج علينا مرتجلا خطبة عصماء يقول فيها:

بعد الجهود المضنية التي بذلتها قوات الامن العراقي الساهرة على امن المواطن وحمايته وراحته وبعد أن تشكلت عدة لجان أمنية من الجيش والشرطة لدراسة الموضوع وبعد ان تحققت بفضل الله وقوته وحوله انتصارات باهرة على التكفيريين والصداميين والبعثيين والباعة المتجولين وأصحاب المحلات المستقرين..

بعد التوكل على الله وبعد اجتماعات مستمرة ودءوبة تواصلت ليل نهار ارتأينا ان نزف للمواطنين وخاصة مواطني العاصمة بغداد والى تجارها وكسبتها إننا قمنا بنصب حواجز كونكريتية ضخمة على طول الرصيف الممتد من تقاطع شارع الأمين قرب مديرية الشرطة سابقا إلى ساحة الوثبة وتم بحمد الله وتوفيقه حجب المحلات عن أنظار المارة وسوف نصعّب على التجار عملهم ونقطع عن الكسبة أرزاقهم.. نطالب المواطنين العاملين في الشورجة التحلي بالصبر على قطع أرزاقهم بعد أن قطعنا أعناق التكفيريين والصداميين والسلفيين والبعثيين وجميع من يريد المساس بأمن الوطن والمواطن..

 إلى هنا ينتهي القائد الهمام من خطبته وفي الكادر الخلفي تسمع أصوات الجمهور العريض، وهو جمهور افتراضي لا وجود له أمام الكاميرات (يا عطا شيل ايدك هذا الحجي ميفيدك) (قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق) (عاطلون عن العمل في سبيل الأمن والأمان) ( البطالة تفتك بنا)..

يواصل الناطق الإعلامي خطبته:

بعد كل ما ذكرنا قررنا وبعد التوكل على الله الواحد الأحد القهار الصمد ان نفتح شارع الجمهورية العريق أمام حركة السيارات تخفيفا للازدحام المروري الذي تعاني منه تلك المنطقة وهو انجاز تاريخي جديد يضاف الى انجازات الحكومة التاريخية السابقة وليخسأ الخاسئون..

والخاسئون هنا جميع من لهم عمل يزاولونه في شارع الجمهورية والذي يعتبر بأسواقه وخاناته مركز العراق التجاري..

يتبادر إلى الذهن هذا السؤال واطرحه على القادة الأمنيين في العراق والذين تفتقت عبقرياتهم الأمنية الإستراتيجية عن هذا الحل والذي جربوه في الكثير من المناطق سابقا واثبت فشله.. هل ستحمي هذه الكتل الكونكريتية من القيام بعمل إرهابي معين؟ والحاوية التي طولها أكثر من عشرة أمتار تمر عبر السيطرة الأخيرة لشارع الجمهورية باتجاه الشورجة خلف عمارة الضمان ب( 25 ألف دينار ) دون تفتيش يذكر؟ والسيطرة التي اكتشفت سيارة مفخخة، والتي خاطب سائقها أفراد السيطرة بالقول: أنا لا أقصدكم بهذه العملية فدعوني أمر وإلا سيقال بأنه كانت هنا سيطرة عسكرية..

 او هل نتحدث عن العملية الأخيرة في البنك المركزي العراقي، وهو يقع في منطقة يمنع فيها مرور المركبات المدنية إلا بتصريح رسمي، وهو يقع في منتصف شارع الرشيد المغلق من بداية ساحة حافظ القاضي وحتى تمثال معروف الرصافي القريب من شارع المتنبي..ثم كيف تفتح شوارع بأكملها وترفع منها الكتل الكونكريتية إذا صدقنا ادعاءات القوى الأمنية بان الأمن مستتب وتوضع في مناطق جديدة..

ليس أسهل على القوى الامنية من قطع الطرق وتقطيع أوصال المدينة وقد شاهدنا الكثير من ذلك، وليس آخرها قطع الطريق الموصّل من باب المعظم إلى تقاطع شارع الامين بعد تفجير وزراة المالية في المكان الذي انتقلت اليه بعد التفجير الأول لمبناها الرئيسي.. قطعت الطريق بعد حدوث الانفجار، وليس قبله، وبعد انتقال الوزارة إلى مكان ثالث، وسببت الكثير من الإرباك والارتباك في حركة العجلات والأشخاص، لتعود بعد فترة أخرى الى فتحه..

من المعروف أن كلفة القطعة الواحدة من هذه الكتل يبلغ مليون دينار عراقي ويدور الحديث أن شخصية نافذة في الدولة بمنصب رفيع هو من يمتلك معامل تجهيزها.. لربما يريد القادة الامنيون أن يفيدوا هذه الشخصية السياسية عبر ضخ اكبر عدد ممكن من هذه الكتل في شوارع العاصمة بغداد وغيرها من مدن العراق..

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 17/حزيران/2010 - 4/رجب/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م