تغيرات المناخ وسباق العلم لتفادي الكوارث

أمراض جديدة تزحف إلى الشمال بسبب الاحتباس الحراري

 

شبكة النبأ: يتهيأ مختصون في البيئة والمناخ لدراسة  سيناريو محتمل لظاهرة الاحتباس الحراري، الذي يؤدي إلى استمرار انبعاث غازات الدفيئة عند معدلاتها الراهنة، وسيرفع درجات حرارة الكوكب، إلى مستويات قاتلة خلال القرون القادمة.

وتعني ظاهرة الاحتباس الحراري ارتفاع درجات الحرارة إلى معدلات غير طبيعية، وأكد باحثون مختصون إن تغير جغرافية ارتفاع الحرارة يؤدي في المستقبل إلى زحف الأمراض المستوطنة كالملاريا من الجنوب إلى المناطق الشمالية من العالم. وأكد علماء في العام الماضي من أن ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض يمثل "أعظم تهديد صحي في القرن الواحد والعشرين."

المصباح الرطب..

واعتمد الباحثون على قياس أعلى درجات الحرارة المحتملة لما يعرف بدرجة حرارة "المصباح الرطب" وهي تعادل درجة الحرارة المستشعرة عند تعريض جسم رطب لهواء متحرك - واكتشفوا احتمال تجاوز درجات الحرارة تلك، ولأول مرة في تاريخ البشرية، بحال استمرار انبعاث غازات الدفيئة بمعدلها الحالي، وهي معدلات حرارة عالية لا تطاق شهدتها الأرض قبل قرابة 50 مليون سنة مضت.

وتقول الدراسة التي نشرت نتيجتها في دورية "وقائع الأكاديمية الوطنية للع وم" أن التعرض لأعلى من 95 درجة من درجات حرارة "المصباح الرطب" لمدة ست ساعات أو أكثر، ستخلق معدلات إجهاد قاتلة بين البشر والحيوانات على حد سواء. بحسب سي ان ان.

وشرح ستيفن شيروود، من "مركز أبحاث تغيرات المناخ" بجامعة "نيو ساوث ويلز" بأستراليا، والذي قاد البحث: "حد المصباح الرطب، هي النقطة التي يحس فيها الشخص بالحرارة الزائدة وحتى لو كان عارياً وهو مبتل تماماً ويقف في الظل في مواجهة مروحة."

وأضاف: "من المستبعد تماماً أن تصل درجات الحرارة إلى هذا المستوى هذا القرن، ولكن ربما القرن المقبل."

ويحذر خبراء من الأرض يهددها الاحتباس الحراري، وهي ظاهرة ارتفاع درجة الحرارة عن  معدلها،  وعن مسببات هذه الظاهرة ينقسم العلماء إلى من يقول إن هذه الظاهرة ظاهرة طبيعية وأن مناخ الأرض يشهد طبيعيا فترات ساخنة وأخرى باردة، ويقول آخرون إن البشر هم من تسبب في هذه الظاهرة.

 وأكد علماء في العام الماضي  من أن ارتفاع درجات الحرارة على كوكب الأرض يمثل "أعظم تهديد صحي في القرن الواحد والعشرين."

ومن العواقب الصحية الوخيمة للارتفاع درجات حرارة الأرض: تحرك الأمراض المستوطنة في أماكن دافئة، كحمى الضنك والملاريا، نحو الشمال واتساع رقعة تفشيها جراء ارتفاع درجات الحرارة.

إلى جانب فتك موجات الحر الشديد بالمزيد من البشر، بعدما أدت موجة الحر التي اجتاحت أوروبا عام 2003 إلى مصرع أكثر من 70 ألف شخص، وتراجع المحاصيل، مما سيخلق المزيد من الاضطرابات في أمن الغذاء، في عالم ينام فيه 800 مليون شخص جياع يومياً.

تراجع طفيف في غازات الاحتباس الحراري

وأوضح تقرير إن الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري الصادرة عن الدول الصناعية تراجعت بنسبة 2.2 بالمائة في 2008 لتسجل أعلى تراجع لها منذ انهيار الاتحاد السوفيتي مع تباطؤ الاقتصاديات.

ويحتمل أن تكون الانبعاثات تراجعت بصورة أكثر حدة في عام 2009 بسبب الركود الذي يقول محللون انه يكبح الانبعاث بصورة اكبر من السياسات الحكومية التي تهدف الى التحول من استخدام الوقود الاحفوري إلى طاقات أنظف مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وتوضح بيانات حكومية نهائية أرسلت إلى الأمم المتحدة في الأيام الماضية وتستخدم للحكم على مدى الالتزام باتفاقيات المناخ أن الانبعاث من 36 دولة تراجعت 17.10 مليار طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون في 2008 من 17.48 مليار في عام 2007.

وتراجعت الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة بنسبة 2.8 بالمائة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2001 وتراجعت الانبعاثات من الاتحاد الأوروبي بنسبة 2.0 بالمائة. ومن بين اكبر الدول الصناعية صاحبة الانبعاثات كانت روسيا هي الاستثناء الرئيسي حيث سجلت زيادة نسبتها 1.9 بالمئة في 2008. بحسب رويترز.

وقاد التراجع العام في 2008 لهبوط انبعاثات الدول الصناعية 6.7 بالمئة عن مستويات عام 1990 وهو العام المعياري للحكم على جهود تفادي موجات الحر والفيضانات وحالات الجفاف وانقراض الانواع وارتفاع مستويات البحر.

من جهته قال بيب كانادل من مشروع الكربون العالمي في منظمة الكومنولثت للبحوث والعلوم الاسترالية لرويترز "التراجع في انبعاثات الكربون من الدول المتقدمة في 2008 هو على الأرجح علامة على تأثير الأزمة المالية العالمية. "لا أساس للظن بان التراجع جاء نتيجة لجهد جديد ومنسق في تخفيضات الانبعاثات مع النتائج المفاجئة في 2008." وقد ساهم أيضا وصول أسعار النفط الى ذروتها عند 147 دولارا أمريكيا للبرميل في يوليو تموز 2008 في انخفاض استخدام الطاقة.

وطبقا لبيانات الأمم المتحدة فان التراجع البالغ نسبته 2.2 بالمائة هو الأكبر بالنسبة للدول الصناعية منذ التراجع المفاجئ بنسبة 3.5 بالمائة في 1992 وهو العام الذي يعقب انهيار الاتحاد السوفيتي وصناعات المداخن في الكتلة الشيوعية السابقة.

ولم تقدم بلدان متقدمة قليلة من بينها استراليا حتى الان ارقام 2008. وقال كانادل ان الانبعاثات العالمية يحتمل ان ترتفع اجمالا في 2008 يدفعها نمو في الصين والهند اللتين لا تقدمان بيانات سنوية.

وستساعد تراجعات عام 2008 العديد من الدول الصناعية في الوفاء بالاهداف طبقا لبروتوكول كيوتو للامم المتحدة. ومن المقرر ان تخفض الدول المتقدمة ماعدا الولايات المتحدة انبعاثاتها بمعدل 5.2 بالمئة على الاقل عن مستويات 1990 في الفترة ما بين عامي 2008 و 2012.

تغير المناخ يزيد التكاليف الصحية

وقالت جماعة معنية بحماية الطبيعة وجماعة صحية، ان التغير المناخي قد يزيد التكاليف التي تتكبدها الولايات المتحدة بسبب الحساسية بأنواعها والربو لتتجاوز التكلفة الحالية البالغة 32 مليار دولار سنويا.

وقال الاتحاد الوطني للحياة البرية ومؤسسة الربو والحساسية ان ارتفاع حرارة كوكب الارض يعني أن مواسم الحصاد ستمتد لفترات أطول مما سيؤدي الى انتاج المزيد من حبوب اللقاح التي تثير الحساسية في معظم أجزاء شرق الولايات المتحدة الذي يمثل ثلثي البلاد ويتسم بالكثافة السكانية العالية.

وذكر التقرير أن تكلفة التعامل مع الحساسيات و الربو الناجم عن الحساسية في الولايات المتحدة تبلغ 32 مليار دولار من حيث التكاليف الطبية المباشرة وأيام العمل المهدرة وانخفاض القدرة على الانتاج.

من جهتها قالت اماندا ستاودت العالمة المتخصصة في المناخ في اتحاد الحياة البرية " يمكن أن يسمح التغير المناخي للأشجار ذات القابلية العالية للتسبب في الحساسية مثل البلوط والجوز لتبدأ تحل محل أشجار الصنوبر والراتينجية والتنوب والتي لا تسبب الحساسية بوجه عام مما يعرض المزيد من الناس لمثيرات الحساسية التي تظهر في فصل الربيع."

وأضافت ستاودت أن الأعراض المشابهة لتلك التي تظهر في الربيع تصل مبكرة 14 يوما قبل موعدها الذي كان متعارفا عليه منذ 20 عاما.

وأكدت  انه في فصل الخريف ستكون نباتات الرجيد اكبر حجما ومحملة بكم اكبر من حبوب اللقاح على مدى موسم نمو أطول. وهناك أدلة ايضا على أن نبات الرجيد اكبر مسبب للحساسية بالولايات المتحدة ينمو أسرع مع ازدياد نسبة ثاني اوكسيد الكربون في الجو.

وينتج ثاني اوكسيد الكربون أحد الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تؤدي للتغير المناخي عن مصادر من صنع البشر مثل العربات التي تسير بالوقود الاحفوري ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم فضلا عن مصادر طبيعية بما في ذلك التنفس البشري.

وقالت ستاودت "مع انبعاث المزيد من ثاني اكسيد الكربون فان كل نبات من نباتات الرجيد يستطيع انتاج المزيد من حبوب اللقاح بل وأن ينتج حتى المزيد من حبوب اللقاح المسببة للحساسية وبالتالي فان حساسيات الخريف ستزداد تدهورا."

وذكر معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لادارة الطيران والفضاء الامريكية (ناسا) أن درجات الحرارة سجلت ثاني أعلى متوسط سنوي لها العام الماضي وأن العقد من 2000 الى 2009 كان الاكثر حرارة على الإطلاق. بحسب رويترز.

وأوضح التقرير ان هذا يعني أن المناطق الزراعية ومناطق النمو الطبيعي تتجه شمالا مما يسمح للاشجار التي تحمل حبوب اللقاح بالاستمرار على نطاق أوسع من النطاق المتعارف عليه تاريخيا.

ويعاني نحو عشرة ملايين مواطن امريكي مما يسمى الربو التحسسي الذي تحدث فيه أزمات الربو بسبب حبوب اللقاح او مسببات الحساسية الاخرى التي يحملها الجو. ويرجح التقرير أن تزيد هذه الأزمات لان الاحتباس الحراري يجعل مسببات الحساسية هذه اوسع انتشارا واكبر عددا وأكثر فعالية.

تيار مائي في أعماق المحيط

واكتشف العلماء تيارا مائيا سريعا في عمق المحيط يعادل حجمه 40 مرة حجم نهر الأمازون قرب القارة القطبية الجنوبية يمكن أن يساعد الباحثين في مراقبة تأثير تغيرات المناخ على المحيطات في العالم.

ووجد فريق من العلماء الاستراليين واليابانيين في دراسة نشرت مؤخرا ان هذا التيار جزء رئيسي من منظومة دورة المحيطات العالمية التي تساعد على التحكم في مناخ الكوكب.

من جهته قال ستيف رينتول أحد المشاركين في الدراسة لرويترز "لم نكن نعرف ما اذا كان (التيار) جزءا مهما من الدورة أم لا. . وهذا يظهر بوضوح أن الأمر كذلك."

وأضاف رينتول من المركز التعاوني لابحاث المناخ القطبي ونظم البيئة في هوبارت ان الدراسة تثبت أنه أسرع تيار في عمق المحيط يتم العثور عليه حتى الان حيث تصل متوسط سرعته الى 20 سنتيمترا (7.9 بوصة) في الثانية. كما انه يحمل أكثر من 12 مليون متر مكعب في الثانية من المياه المالحة شديدة البرودة من القارة القطبية الجنوبية.

وقال رينتول "على هذا العمق الذي يبعد ثلاثة كيلومترات من السطح تعتبر هذه اقوى سرعة مسجلة شهدناها حتى الان الامر الذي كان مفاجأة حقيقية لنا."

وتابع ان التيار يحمل مياها كثيفة غنية بالاوكسجين تجري في الاعماق قرب القارة القطبية الجنوبية متجهة شمالا الى أحواض المحيطات العميقة حول هضبة كيرجولين بجنوب المحيط الهندي ثم يتفرع.

ويمثل التيار جزءا من شبكة أوسع نطاقا تمتد في محيطات العالم وتعمل مثل حزام ناقل عملاق لتوزيع الحرارة حول العالم. بحسب رويترز.

كما ان المحيطات مخزن رئيسي لثاني أكسيد الكربون وهو الغاز الرئيسي المسبب للاحتباس الحراري الذي ينبعث اما بشكل طبيعي أو من خلال النشاط الانساني خاصة من احتراق الوقود الحفري.

وعلى سبيل المثال يدفع تيار الخليج (جلف ستريم) المياه الدافئة الى شمال المحيط الأطلسي مما يعطي شمال أوروبا طقسا معتدلا نسبيا. ويقول العلماء انه اذا توقف هذا التيار -مثلما حدث في السابق- فان ذلك سيصيب أجزاء من أوروبا بالتجمد الشديد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 9/حزيران/2010 - 24/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م