لسنا ملائكة ولستم شياطين

إلى فضيلة شيخ الأزهر الشريف

محمود جابر

الشيعة والسنة، أو السنة والشيعة. مدرستان عظيمتان في الإسلام. لكل من المدرستين أعلامها ومفكريها وقادتها وجهابذتها، ولا يمكن لعاقل أن يتصور أنه يمكن أن يلغى واحدة منهما بجرة قلم أو بخطبة عصماء أو بتنظير فكرى مهما أوتى من قوة أو رجاحة عقل لسبب غير بسيط، وهو أن كلتا المدرستان قد ضربتا بجذورهما عبر مئات السنين وعبر منهج قويم من التأويل والتفسير الذي تلقته الأمة بالقبول وجرى عليه العمل والاعتقاد لملايين من المسلمين منهم من قضى ومنهم من يزال يحمل راية العلم والفهم والدرس والدعوة إلى الله على هدى.

ولقد عهدنا – ونشهد الله تعالى – في مراجعنا العظام أنهم لا يذكرون إخواننا من أهل السنة إلا بكل خير وتقدير واحترام، ولقد حدثني غير واحد من أصدقائي من أهل السنة أنه تعرف في بلاد المهجر على بعض من علماء الشيعة وجرى بينهم حوارات ومناقشات ولم يحاول أحد منهم أن يدعوه إلى مذهب آل البيت (ع).

هذا ولقد قمت بتأليف العديد من الكتب والكتيبات التي تخص آل البيت ومذهبهم وسيرتهم، وهذه الكتب متاحة للجميع ومتداولة في الأسواق المصرية وأتحدى أحد كائن من كان أن يثبت أنني أو أحد من شيعة مصر نحاول تشييع المجتمع المصري أو أن نقصى هذا المذهب عن بلادنا، فغاية ما نحلم به أن يدرك إخواننا من أهل السنة أننا مسلمين لنا ما لهم وعلينا ما عليهم، وأننا نأكل ذبيحتهم ونتوجه إلى قبلتهم، نصلى خمسنا ونصوم شهرنا ونخرج زكاة أموالنا ونحج ونعظم بيت الله الحرام، ونتمنى أن يعاملنا الخاصة من هذا المنظور.

وهذا المقال هو تعقيب على مقال فضيلة شيخ الأزهر الشريف الدكتور أحمد الطيب المنشور بالأهرام يوم السبت 5 يونيو 2010 بعنوان " الخلاف المذهبي والصراع الموهوم ".

ورغم أن فضيلته يتحدث من منظور مختلف – شكلا – عن قبول مذهب " آل البيت" كمذهب من مذاهب أهل الإسلام، وهذا تطور ملحوظ وهام نشكر فضيلته عليه ونشد على يديه ونسال الله تعالى أن يجزيه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء بما يقول، بيد أن فضيلته وكما جاء في مقاله يتهم المتشيعين الجدد " يقصد المصريين"، بأنهم يقومون بتوزيع كتيبات وكراسات لا تعترف بمذهب " أهل السنة"، وهنا نستميح فضيلته عذرا ونقول لفضيلته يا فضيلة شيخ الأزهر الشريف : إن من يكفر ويكتب المقالات ويؤلف الكتب والكراسات ويقوم بتوزيعها مجانا هم من يحملون الألقاب العلمية من الأزهر الشريف وللأسف وسأذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر :" على السالوس ومحمد عبد المنعم البرى وعلى الشريف وعبد المنعم فؤاد ومحمد عمارة.

 وهذا الأخير نشر في مارس 2008 مجموعة من المقالات يتهم الشيعة وعلمائهم بالكذب والتعصب والخروج عن الإسلام.. نعم الخروج عن الإسلام يا فضيلة شيخ الأزهر.. فقد اتهم محمد عمارة شيعة آل البيت "ع" بأنهم يؤلهون أئمتهم وهذا هو عين التكفير الديني، ولم تخلو سلسلة المقالات تلك من التصريح بالخيانة السياسية قديما وحديث كما جاء في المقال الخامس والذي افرد فيه "عمارة" الحديث عن علاقة سماحة آية الله العظمى السيد السيستانى وبول بريمر ممثل "هولاكو" القرن العشرين – على حد وصف عمارة- وانه لولا الشيعة ومراجعهم ما سقطت العراق، الغريب أن سلسلة المقالات تلك لم تنشر في الأهرام ولا الجمهورية بل نشرت في جريدة صوت الأزهر (!!)

ونسال فضيلتكم عن الاجتماع الذي تم في أول فبراير من هذا العام للتهديد والتنديد بمنع وإغلاق أي مركز دراسات شيعي يقوم في مصر وهذا التهديد جاء على لسان المغفور له الشيخ محمد سيد طنطاوى " شيخ الأزهر السابق " أليس هذا يعنى أن الأزهر ورجاله كانوا على خط تكفير الشيعة ومنع تداول كتبهم، وللعلم فهدا التوقيت الذي شهد موجة التكفير هذه ظهر في الأسواق مجموعة من الكتب الشيعية كان منها " النبوة في نهج البلاغة" للدكتور أحمد راسم النفيس والذي تم منعه من التداول في الأسواق كما ظهر كتاب " الشيعة والتشيع للكاتب نفسه، وقد ظهر لكاتب المقال كتاب " أهل البيت " و " الوحدة الإسلامية " بالاشتراك مع الدكتور أحمد عبد الرحيم السايح ولم يحمل أي من هذه الكتب أي مسحة هجوم أو إقصاء على أحد من أهل السنة وعلمائهم ورموزهم، ومع هذا نحن لا ننفى التشدد عن بعض الشيعة والمتشيعين كما لا ننفى التكفير للشيعة عن بعض أهل السنة والأزهريين، فنحن لسنا ملائكة ولستم شياطين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 8/حزيران/2010 - 23/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م