العراق بعد إقرار النتائج ومساومات اللحظة الأخيرة

تصدّع الائتلاف الشيعي يولّد الزخم لدى العراقية

 

شبكة النبأ: صدقت المحكمة العليا العراقية على النتائج النهائية للانتخابات البرلمانية التي جرت في السابع من مارس آذار وهي خطوة مهمة تجاه تشكيل حكومة عراقية جديدة.

وجاء قرار المصادقة بعد أن أعلن القاضي مدحت المحمود رئيس المحكمة العراقية العليا أمام صحفيين من مقر المحكمة في بغداد ان المحكمة قررت المصادقة" على النتائج النهائية للانتخابات العامة لعضوية مجلس النواب لعام 2010 والواردة في الاستمارات المعتمدة من مفوضية الانتخابات العراقية."

ويسمح تصديق المحكمة العليا على النتائج للتكتلات الانتخابية بالبدء في مفاوضات جادة لتشكيل حكومة بعد انتخابات لم تسفر عن فائز واضح. وفازت قائمة العراقية التي تضم عدة طوائف متنوعة من بينها شخصيات سنية بارزة ويرأسها رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي بفارق مقعدين على قائمة دولة القانون برئاسة رئيس الحكومة نوري المالكي.

ورغم ان مدحت المحمود كبير القضاة بالمحكمة قال ان النتائج سيتم ارسالها الى مجلس الرئاسة للمصادقة عليها الا انه قال ان هذا مجرد اجراء دستوري وان "مصادقة المحكمة على النتائج تعتبر نهائية ولا يحق لأي طرف الاعتراض عليها او الطعن بها."

ويأتي التصديق النهائي على النتائج بعد نحو ثلاثة اشهر من الانتخابات التي كان العراقيون يأملون ان تحقق الاستقرار لبلادهم بعد سنوات من الصراع الطائفي. لكن الانتخابات غير الحاسمة أظهرت انقسامات عميقة وفتحت الباب أمام المتمردين لتعطيل العملية السياسية.

واوضح المحمود ان عملية المصادقة تعني بدء العد التنازلي امام عقد الجلسة الاولى لمجلس النواب العراقي وخلال فترة لا تتعدى خمسة عشر يوما وهو ما نص عليه الدستور العراقي.

وقال "الان سيرسل قرار المصادقة الى ديوان الرئاسة لاتخاذ الاجراءات لدعوة مجلس النواب للانعقاد خلال فترة خمسة عشر يوما من تاريخ هذه المصادقة."

ولان أيا من القوائم البرلمانية لم تحقق الاغلبية في مقاعد البرلمان البالغ عددها 325 فان هذه النتائج التي كانت مفوضية الانتخابات اعلنتها بشكل اولي قد فتحت الباب امام خلافات عميقة ما زالت حتى الان تضرب بقوة في المشهد السياسي العراقي والتي تتركز حول احقية الكتلة التي ستشكل الحكومة المقبلة. بحسب رويترز.

وينص الدستور العراقي على احقية الكتلة البرلمانية الاكبر في تشكيل الحكومة. وتقول القائمة العراقية انها الكتلة الاكبر بعد ان جاءت اولا في الانتخابات بينما يقول ائتلافي دولة القانون (89 مقعدا) والتحالف الوطني العراقي الذي يضم اغلبية القوى الشيعية (70 مقعدا) واللذان اعلنا اتحادهما بشكل اولي قبل ايام ان تحالفها بات يمثل الكتلة البرلمانية الاكبر.

الائتلاف الشيعي لم يحسم موقفه..

ولم يتوصل القادة الشيعة في ائتلافي "دولة القانون" و"الوطني العراقي" الى حسم امرهم للاتفاق على مرشح لمنصب رئاسة الوزراء مع بدء العد العكسي لانعقاد الجلسة الاولى لمجل النواب بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات التشريعية.

وأكدت تقارير محلية إلغاء جلسة كانت متوقعة بين الائتلافين. ويتزامن ذلك مع توجيه زعيم المجلس الاسلامي العراقي الاعلى عمار الحكيم انتقادات حادة مبطنة الى رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي.

وقال في هذا الصدد خلال ندوته الاسبوعية "اخاطب الساسة واقول لهم انزلوا من بروجكم العاجية وطموحاتكم الشخصية (...) عليكم ان تتنازلوا عن مطالبكم وعن طموحاتكم وهذا التصلب". واضاف "لا بد لنا ان ندعوكم لتذكر الحكمة الشهيرة "لو دامت لغيرك لما وصلت اليك".

وتابع ان "مبدأ الشراكة الحقيقية وحضور القوائم الاساسية في الحكومة المقبلة يمثل ركيزة مهمة (...) لايمكن ان نتخلى عن هذا الاساس لأي سبب من الاسباب وسوف لن نتحمل وزر حكومة تستثني وتستبعد اي من المكونات الاجتماعية الاساسية في بلادنا".

وختم الحكيم مشيرا الى ان "التحالف بين الائتلافين ما يزال متماسكا وهناك تطور ملفت في التوصل الى آلية لاختيار رئيس الوزراء نتمنى من جميع القوى في الائتلافين ان تتحلى باعلى مستويات المسؤولية وان تقبل بالحلول الوسط". ويشير بذلك الى اتفاق بين الائتلافين حول آليات اختيار رئيس الوزراء المقبل. بحسب فرانس برس.

وقد اعلن القيادي في دولة القانون عدنان السراج قبل يومين ان الائتلافين توصلا الى "آلية اختيار رئيس الوزراء التي تعتبر انجازا مهما كونها من العقبات الرئيسية".

وكشف ان الائتلافين "وضعا اربعة شروط لمن ينبغي عليه ان يتسلم رئاسة الحكومة، وهي ان يكون مؤمنا بالدستور ومقبولا من قبل الشركاء السياسيين، وان يديم العلاقات الخارجية والداخلية، وان لا ينفرد بالسلطة".

وذكر السراج بان "آليات الاختيار تتمثل في ان يكون المرشح متوافقا عليه وان يحصل على نسبة ثمانين بالمئة من اصوات الائتلافين، اذ ان حصوله على هذه النسبة يعني انسحاب المرشحين المتنافسين". وتابع ان "المرشحين المتنافسين هم المالكي من دولة القانون، وعادل عبد المهدي وابراهيم الجعفري من الائتلاف الوطني العراقي".

وفي هذا السياق، قال بهاء الاعرجي النائب كتلة "الاحرار" التابعة للتيار الصدري ان "الايام القليلة المقبلة ستشهد تشكيل الكتلة الاكبر داخل البرلمان والتي ستكلف بتشكيل الحكومة خصوصا بعد الاتفاق على البرنامج الحكومي". واضاف ان "المسائل الخلافية الباقية بين الائتلافين سيتم حسمها بما في ذلك مرشحهما الى رئاسة الوزراء (...) وسيذهب الائتلافان الى جلسة البرلمان الاولى بمرشح واحد و برنامج حكومي واضح".

معارضة الصدريين لترشيح المالكي..

ومن جانبه اعتبر القيادي في ائتلاف دولة القانون علي الأديب، أن تصريحات التيار الصدري المعارضة لترشيح رئيس الوزراء نوري المالكي لولاية ثانية تعبير عن موقفهم وليس الائتلاف الوطني ككل.

وأوضح الأديب لوكالة أصوات العراق أن “هذه التصريحات لا تعبّر عن موقف الائتلاف الوطني وإنما هي تعبير عن موقف الصدريين فقط، ومن حقهم ترشيح الجعفري لرئاسة الوزراء كون ذلك حقا مشروعا لأي كتلة سياسية في تقديم مرشحها لرئاسة الحكومة”.

وأضاف “نحن في دولة القانون نطالب الائتلاف الوطني باتخاذ موقف موّحد وثابت لجميع مكوناته لأن هذا التناقض في المواقف من شأنه تأخير التوافقات السياسية المرتقبة”.

واعتبر أن “تصريحات من هذا القبيل  تصدر بشكل مستمر عن شخصيات تمثل التيار الصدري وليست للمرة الأولى وإنما هي امتداد لتصريحات سابقة، ولكل منا تجربته الخاصة ورأيه الخاص. ونحن نقول إن هنالك التزامات متبادلة بين رئيس الوزراء والكتلة التي ينتمي إليها لنجاح عمل الحكومة وكل منا ملزم بما ألزم به نفسه”.

ومن جانب آخر قال متحدث إعلامي باسم مكتب الشهيد الصدر، إن الإجابة على رسالة رئيس الجمهورية للائتلاف الوطني بشأن الموعد الذي يقترحه لعقد الجلسة الأولى للبرلمان الجديد تتم من خلال “عقد جلسة تشاورية لمكونات الائتلاف”.

وأضاف محمد البهادلي لوكالة أصوات العراق في أول رد فعل لأحد مكونات الائتلاف الوطني على رسالة طالباني، أن الإجابة على أي موضوع يكون “عن طريق جلسة تشاورية يطرح خلالها الموضوع على مكونات الائتلاف لمناقشته والمصادقة الجماعية عليه”.

وكان الائتلاف الوطني العراقي ذكر أن رئيس الجمهورية جلال طالباني بعث لهم رسالة دعاهم فيها لتقديم مقترحاتهم بشأن عقد الجلسة الأولى لمجلس النواب الجديد وذلك قبل إصدار مرسوم جمهوري بهذا الشأن. بحسب وكالة اصوات العراق.

ويضم الائتلاف الوطني العراقي عددا من القوى والأحزاب الشيعية الرئيسة يتقدمها المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بزعامة عمار الحكيم، ومنظمة بدر، وانضم إليه التيار الصدري وحزب الفضيلة وتيار الإصلاح الذي يرأسه إبراهيم الجعفري رئيس الرئيس السابق لحزب الدعوة والحكومة، وحزب الدعوة/ تنظيم العراق(جناح العنزي) ومنظمة العمل الإسلامي وحركة حزب الله في العراق، فضلا عن من الشخصيات الشيعية أمثال أحمد الجلبي  رئيس المؤتمر الوطني، وموفق الربيعي.. كما يضم الائتلاف عددا من الشخصيات السنية وممثلين عن الطوائف والمكونات العراقية الأخرى، كما هي الحال مع الشريف علي بن الحسين، نصير الجادرجي (الحزب الوطني الديمقراطي) الشيخ فواز الجربا، وحميد الهايس.

مقتل سياسي من كتلة العراقية

ومن جهتها قالت كتلة العراقية التي فازت بالانتخابات البرلمانية في العراق التي جرت في مارس آذار أن أحد أعضائها اغتيل بالرصاص، وهو ثاني سياسي من الكتلة يقتل منذ الانتخابات. وكان القتيل فراس الجبوري مرشحا على قائمة العراقية لكنه لم يفز بمقعد في البرلمان المكون من 325 مقعدا.

وقال مصدر بالشرطة طلب عدم الكشف عن هويته ان الجبوري قتل برصاص مسلحين يرتدون زي الشرطة خلال الليل في منزله الواقع بالقرب من مدينة الموصل المضطربة بشمال العراق.

وذكر أن المسلحين فتشوا عدة منازل في قرية الجبوري قائلين انهم يبحثون عن قذائف مورتر. وأضاف أنهم لدى دخولهم منزل الجبوري" قيدوا اخيه وعندما نزل الى الطابق الأسفل أطلقوا النار عليه وقتلوه."وقالت العراقية أن قتل الجبوري ذو طبيعة سياسية.

وفي 24 مايو أيار قتل مسلحون المرشح الفائز بشار محمد حامد العكيدي في الموصل أيضا مما أثار شكاوى من جانب العراقية بأنها تتعرض للاستهداف في حملة عنف منذ فوزها بفارق ضئيل في انتخابات السابع من مارس. بحسب فرانس برس.

وقالت انتصار علاوي المسؤولة البارزة في كتلة العراقية لرويترز "العراقية استهدفت قبل الانتخابات والاعتداءات عليها مستمرة." وأضافت "نحن لا نعرف من سوف نفقد مرة اخرى. نحن ندعو الحكومة العراقية لتوفير الحماية للمرشحين الفائزين."

وصادقت المحكمة العليا في أول يونيو حزيران على نتائج الانتخابات مؤكدة فوز العراقية بفارق ضئيل. لكن العراق مازال بلا حكومة مما يذكي التوترات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 7/حزيران/2010 - 22/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م