إيران ومثلث المخاطر

العقوبات والحرب والاضطراب الداخلي مخاطر إستراتيجية يجب مراقبتها

 

شبكة النبأ: سيختبر نزاع إيران النووي مع الغرب وخطة لخفض الدعم على الأغذية والوقود جرأة وسلطة الزعماء المحافظين الذين تعاملوا بصرامة مع الاضطرابات التي حدثت بعد انتخابات العام الماضي التي ثارت نزاعات حول نتائجها.

وتبدو الجمهورية الإسلامية مصممة أكثر من أي وقت مضى على المضي قدما في أنشطتها النووية على الرغم من المعاناة الاقتصادية التي سببها مسعى قادته الولايات المتحدة لعزل إيران إحدى كبريات الدول المصدرة للنفط بما في ذلك إجراءات تستهدف الحرس الثوري القوي.

وربما تكون حكومة الرئيس محمود احمدي نجاد قد أعادت تأكيد سيطرتها السياسية في الداخل بشن حملة على المعارضة التي اعترضت على إعادة انتخابه لولاية ثانية في احتجاجات خرجت للشوارع. لكن خطتها لإقرار تخفيضات لميزانية الدعم السنوي التي تصل الى 100 مليار دولار قد تثير غضبا شعبيا من جديد.

وتواجه وزارة النفط مهمة صعبة هي جمع 25 مليار دولار تقول ان قطاع الطاقة بحاجة اليها كاستثمارات جديدة كل عام حتى لا تجف صادرات الخام. ويمكن أن يقوض تراجع الاسعار العالمية للنفط النمو الاقتصادي. وفيما يلي المخاطر الرئيسية التي تجدر مراقبتها في ايران، بحسب رويترز:

العقوبات:

على الرغم من محاولة ايران في اللحظة الاخيرة تجنب جولة رابعة من عقوبات الامم المتحدة عبر تقديم تنازلات في خطة متعثرة للوقود النووي اتفقت ست دول كبرى على مسودة قرار لمجلس الامن الدولي ربما يتم التصويت عليه في يونيو حزيران.

وتخلت الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عن اقتراحات تستهدف قطاع الطاقة الايراني للحصول على الدعم من الصين وروسيا لكن قرار الامم المتحدة يمكن أن يضر طهران ويساعد هذا في تفسير السبب في محاولتها تجنب الوصول الى توافق على النص.

وسيوسع ذلك اجراءات الامم المتحدة القائمة من خلال فرض مزيد من القيود على قطاع البنوك الايراني وحظر بيع انواع اخرى من الاسلحة الثقيلة والدعوة الى تفتيش دولي على السفن المشتبه أنها تحمل شحنات مرتبطة ببرنامجي ايران النووي او الصاروخي.

وقال كليف كوبتشان من مجموعة يوراسيا "القرار قوي بشكل مذهل بالنظر الى محاولات الصين وروسيا لتخفيف حدته لمدة اشهر."

غير أن باتريك كلوسون من معهد واشنطن لدراسات الشرق الادنى قال انه من غير المرجح أن يعمل على اقناع طهران بوقف الانشطة النووية الحساسة.

وأضاف "لابد أن يتحلى المرء بقدر لا بأس به من التفاؤل ليعتقد أن قرار العقوبات... سيجبر زعماء ايران المحافظين على تغيير الاتجاه في نواياهم النووية."

ويشتبه الغرب في ان ايران تسعى لتطوير أسلحة نووية. وتقول ايران التي تعتبر قيادتها البرنامج النووي "حقا لا تفريط فيه" ومصدرا للفخر والهيبة الوطنيين انها لا تهدف الا لتوليد الكهرباء.

وفضلا عن الاجراءات التي تعتزم الامم المتحدة اتخاذها يعكف مشروعون أمريكيون على تشريع لفرض عقوبات على امدادت الوقود لايران لزيادة الضغط على البلاد. وأوقف عدد متزايد من المؤسسات الدولية او قلل حجم التعاملات مع ايران.

ما تجدر مراقبته؟

- مؤشرات على انقسامات مجلس الامن الدولي بشأن العقوبات

- رد فعل ايران على الخطوات العقابية الجديدة

هل يشعر الحرس الثوري باثار قرار الامم المتحدة؟

يذكر مشروع قرار الامم المتحدة للمرة الاولى الحرس الثوري بوصفه مرتبطا ببرنامجي ايران النووي والصاروخي.

ويحث الدول على أن تكون حذرة في التعامل مع القوة ويقول ان بعض الاعضاء والمؤسسات التي يسيطر عليها سيدرجون على قوائم الافراد والمؤسسات التي تواجه تجميد الاصول وحظر السفر.

ويبدو أن الحرس الثوري الذي وصفته واشنطن بأنه يسهم في انتشار أسلحة الدمار الشامل قد اكتسب مزيدا من النفوذ منذ تولى احمدي نجاد الحكم عام 2005 حيث ساعد في اخماد احتجاجات المعارضة الحاشدة العام الماضي.

وكانت وزارة الخزانة الامريكية قد قالت ان دوره الاقتصادي في صعود اذ أن له صلات بشركات تملك استثمارات بمليارات الدولارات في مجالات الاعمال والمقاولات والتمويل والتجارة.

وقد يجعله هذا عرضة لاي خطوات دولية فعالة تستهدف تعاملاته التجارية في الخارج.

وقال المحلل الدفاعي بول بيفر ومقره لندن ان القوة لها "شبكة جيدة الى حد كبير" من الشركات في الخليج وأماكن أخرى يعتقد أنها أنشئت لشراء مكونات للانظمة الصاروخية الايرانية والاغراض العسكرية الاخرى.

وأضاف "اذا أمكن تحييد الحرس الثوري اقتصاديا فسيترنح النظام."

وتابع أنه لا توجد مؤشرات على حدوث هذا بعد لكن الخطوات المقترحة من الامم المتحدة سيكون لها أثر على القوة وتعاملاتها التجارية. لكن نيكول ستراك من مركز أبحاث الخليج في دبي قالت ان الحرس أعد نفسه لعقوبات قوية محتملة.

وأضافت "من الصعب على أجهزة المخابرات (الغربية) أن تتعقب الانشطة الكاملة لمصالح الحرس الثوري داخل ايران وخارجها."

وقال ايان انتوني من المعهد الدولي لابحاث السلام في ستوكهولم ان من الصعب تطبيق الاجراءات التي تستهدف التعاملات المالية وربما يكون من السهل التحايل عليها.

وأضاف "ستعرف البنوك عملاءها لكن كيف يمكن التدقيق في الطرف الاخر من المعاملة بفعالية.. من غير المرجح أن تكون الشركة الايرانية لتصنيع القنابل."

- رد فعل الحرس الثوري على عقوبات الامم المتحدة

- مزيد من المؤشرات على نمو دوره الاقتصادي في ايران

الصراع العسكري:

لا تستبعد الولايات المتحدة واسرائيل عدوتا ايران الرئيسيتان العمل العسكري اذا فشلت الدبلوماسية في انهاء الخلاف النووي.

وقصفت اسرائيل التي يفترض أنها تملك الترسانة النووية الوحيدة بالشرق الاوسط مفاعلا نوويا عراقيا عام 1981 وهاجمت منشأة نووية سورية مزعومة عام 2007 .

لكن بعض المحللين شككوا في قدرتها على ضرب ايران قائلين ان الاهداف المحتملة بعيدة جدا ومتفرقة وتخضع لدفاع مشدد بحيث لا تستطيع الطائرات الحربية الاسرائيلية التعامل معها بمفردها.

وقال بيتر ويزمان الباحث في المعهد الدولي لابحاث السلام "لا شك أن هذا سيكون من الصعوبة الشديدة بمكان... ان لم يكن مستحيلا تدمير كل المنشات المعنية لوقف برنامج نووي ايراني محتمل."

وكان الاميرال مايك مولن رئيس هيئة الاركان الامريكية المشتركة قد قال ان الخيارات العسكرية المتاحة للولايات المتحدة يمكن أن تعطل التقدم النووي الايراني لكنها لا يمكن أن تعيد البلاد الى الوراء كثيرا.

وتهدد ايران بالرد اذا هوجمت باستهداف المصالح الاسرائيلية والامريكية في الخليج واغلاق مضيق هرمز. ويغادر نحو 40 في المئة من نفط العالم منطقة الخليج عبر المضيق الاستراتيجي.

وتفوق القوة العسكرية الامريكية نظيرتها الايرانية بكثير لكن طهران يمكن أن تنتقم بشن هجمات كر وفر في الخليج وبالاستعانة بحلفاء في المنطقة مثل حزب الله وحركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس).

ما تجدر مراقبته؟

- التصريحات الاسرائيلية التي تشير الى الغضب من عدم بذل ما يكفي من الجهود الدولية لكبح جماح البرنامج النووي الايراني.

- اي حوادث امريكية ايرانية في الخليج وعلى امتداد الحدود العراقية.

ما مدى الامان الذي تتمتع به القيادة؟

عادت شوارع طهران والمدن الايرانية الاخرى الى طبيعتها بعد الاضطرابات التي أعقبت انتخابات الرئاسة التي قالت المعارضة انها جرى التلاعب بها. وتنفي السلطات هذا.

وعلى الرغم من أن السلطات نجحت في انهاء الاضطرابات التي انتشرت على نطاق واسع تاركة المعارضة المؤيدة للاصلاح بخيارات قليلة. ويقول محللون وسكان ان الاستياء لا يزال موجودا بين أنصار المرشح المهزوم مير حسين موسوي.

وربما تختبر قوتهم في ذكرى الانتخابات في 12 يونيو حزيران اذ دعا زعماء المعارضة الى احتجاجات سلمية في ذلك اليوم.

وقال دبلوماسي غربي في طهران "أعتقد أنه ستكون هناك بعض المظاهرات المتفرقة التي ستقمع بسرعة."

وكشفت الانتخابات عن انقسامات عميقة في المؤسسة لكن المحافظين الذين يحكمون البلاد أوضحوا أنهم لن يتسامحوا مع اي جهود أخرى لتقويض موقفهم ويبدو أن لهم اليد العليا على الاقل في الوقت الحالي.

وتفجرت اخر أعمال عنف كبيرة في الشوارع في ديسمبر كانون الاول حين قتل ثمانية أشخاص في اشتباكات بين أنصار المعارضة وقوات الامن.

وفي ظل استعداد الحرس الثوري للمواجهة السريعة لاي تحد جديد للجمهورية الاسلامية وزعيمها الاعلى اية الله علي خامنئي فان من غير المرجح فيما يبدو أن تتحقق امال المعارضة في التغيير السياسي والاجتماعي عما قريب.

وهزت انتخابات العام الماضي شرعية القيادة لكن "حتى الان أثبت النظام صموده ويبدو مسيطرا بشكل كامل على المؤسسات الامنية والعسكرية."

ما تجدر مراقبته؟

- حجم الاحتجاج المناهض للحكومة في 12 يونيو حزيران

- أي مؤشر على الانقسامات داخل القيادة السياسية والعسكرية

قطاع النفط الذي يواجه صعوبات:

تريد إيران التي تتباهى بامتلاك ثاني اكبر احتياطي من النفط والغاز في العالم رأس المال والتكنولوجيا الغربيين للمساعدة في تحديث قطاع النفط وتوسيع نطاق قطاع الطاقة المهم لكن العقوبات الامريكية وعقوبات الامم المتحدة تردع المستثمرين.

وقالت فاليري مارسيل خبيرة الطاقة في مؤسسة تشاتام هاوس البحثية بلندن "انها صناعة مهملة...هم بحاجة الى المال وبحاجة الى التكنولوجيا وبحاجة الى قيادة حازمة."

وتتوقع وحدة المعلومات التابعة لمجلة ايكونوميست (ايكونوميست انتليجنس يونيت) أن تبلغ عائدات تصدير النفط 63.4 مليار دولار هذا العام من انتاج يبلغ 3.82 مليون برميل يوميا مرتفعة عن 9 ر53 مليار العام الماضي لكن الكميات أقل كثيرا من مستويات ما قبل الثورة التي كانت تتراوح بين سبعة وثمانية ملايين برميل يوميا.

وبدأت ايران اصدار سندات للمساعدة في التنمية المالية لمشاريع أساسية للطاقة أبرزها حقل بارس الجنوبي كما بدأت تتجه الى مؤسسات من الصين ودول اسيوية أخرى متعطشة للطاقة من أجل الاستثمارات وصفقات التوريد.

وقال صمويل سيسزوك من مؤسسة (اي.اتس.اس) جلوبال انسايت أن كل الاستثمارات بايران في حالة جمود لان شركات النفط الصينية أيضا "تحجم عن تحويل مذكرات التفاهم إلى عقود."

ما تجدر مراقبته؟

- أن توقف مزيد من الشركات الغربية تعاملاتها مع إيران.

- أن تحل محلها مؤسسات صينية وأسيوية أخرى أو لا.

الاقتصاد تحت ضغط:

التحدي الاقتصادي الرئيسي أمام احمدي نجاد الآن هو تطبيق خطة لخفض الدعم الضخم وهي مسألة محفوفة بمخاطر سياسية واقتصادية بالنسبة للرئيس.

والخفض التدريجي للدعم على سلع تتراوح من الخبز الى البنزين مهمة ضخمة للسلطات التي تقول ان هناك حاجة إلى الإصلاح لتعزيز الاقتصاد وخفض اعتماده على البنزين المستورد.

ويقول منتقدون للخطة بما في ذلك مشرعون بارزون انها قد تذكي التضخم وتثير اضطرابات اجتماعية. وتقول الحكومة ان المعوزين سيحصلون على تعويض في صورة مبالغ نقدية. ويعاني الايرانيون في ظل معدل التضخم السنوي الذي يبلغ عشرة في المئة ونسبة البطالة الاعلى.

وقاوم نواب خططا لاقتطاع 40 مليار دولار من ميزانية الدعم هذا العام ولم يوافقوا الا على نصف هذا المبلغ. ومن المقرر بدء سريان القانون اعتبارا من سبتمبر ايلول.

وقال كوبتشان "هذه النتيجة وهي العلاج بالصدمة لها القدرة على تنشيط الحركة الاصلاحية لانها من المؤكد ستؤدي الى تضخم عال وربما تنطوي على تطبيق فاشل للسياسة وقد تستغل المعارضة الاثنين."

ويقول صندوق النقد الدولي ان الاقتصاد الايراني سينمو ثلاثة في المئة هذا العام و3.2 في المئة عام 2011 بعد نمو بلغ 1.8 في المئة عام 2009 وهي نسبة أقل من منطقتي الشرق الاوسط وشمال افريقيا.

وتقول اليسا راليس المحللة في مؤسسة (اتش.اي.اس) جلوبال انسايت ان انخفاض أسعار النفط الذي يتزامن مع العقوبات المقترحة يمكن "أن يضع ضغطا شديدا نحو الهبوط " على ميزاني ايران الداخلي والخارجي وقد يعطل الاستثمار والتجارة وتعافيها.

ما تجدر مراقبته؟

- المشاكل او التأجيلات في اصلاحات الدعم

- اي مؤشر على الاضطراب الاجتماعي

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 6/حزيران/2010 - 21/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م