في الكويت البرلمان والدستور تحت المجهر

مرتضى بدر

في سابقةٍ هي الأولى من نوعها، وجّه أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح انتقادات حادة إلى البرلمان، وأكد أنّ الدستور يشجّع الخلافات السياسية وأنّ النواب قد خيبوا آمال الشعب. وتابع الأمير: “خطأ البرلمان في أداء وظيفته يعود إلى الدستور الكويتي؛ لأن هذا الدستور يمزج بين النظامين البرلماني والرئاسي؛ ولذلك فلا هو رئاسي صرف ولا برلماني بالمطلق وإنما هو يجمع بينهما معاً”... جاء ذلك في مقابلةٍ مع صحيفة (فرانكفورتر) الألمانية ونشرتها وكالة الأنباء الكويتية.

قد يلحظ المتابع للشأن الكويتي أنّ أمير الكويت هو من أشعل الضوء الأخضر لإجراء بعض التعديلات على الدستور، خصوصا تلك المواد التي تدخل في صلب موضوع استجواب الوزراء. الحديث حول التعديلات الدستورية بدأ منذ التسعينات من القرن الماضي، وازدادت النقاشات حوله قبل الانتخابات الأخيرة.

 ففي 19 مارس 2009 نقلت شبكة (العربية نت) تصريحاً لرئيس (جمعية تنمية الديمقراطية) ناصر العبدلي قال فيه: “نحن بحاجة إلى إدخال تغييراتٍ جذريةٍ على نظامنا الديمقراطي. وتابع: “يجب إعادة النظر كلياً في الدستور من أجل تطبيق نظام برلماني حقيقي... وإذا لم يحصل شيء من هذا القبيل، فإننا سنعود إلى المربع الأول بعد الانتخابات، وسنشهد الأزمات نفسها، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تعليق البرلمان”.

منذ يونيو 2006 جرت في الكويت ثلاثة انتخابات برلمانية، وبسبب العلاقة المتوتّرة بين الحكومة والجماعات الإسلامية؛ أقدم أمير البلاد على حلّ مجلس الأمة مرتين منذ ذلك التاريخ، والمؤشرات كانت تشير إلى تفاقم الأزمة من جديد مع بدء أعمال مجلس الأمة، وهذا ما حدث فعلاً مع تقديم طلب استجواب لعدد من الوزراء.

وفي أواخر العام الماضي اشتدت الأزمة بعد أن هدد بعض النواب باستجواب رئيس الوزراء في حال عدم إجراء تعديلات وزارية في حكومته.

تدوير الوزراء بهدف إسقاط الاستجواب أصبح عرفاً سياسياً في الكويت، وهذا ما أدى إلى بقاء التوتر بين المجلس والحكومة طوال تلك الفترة. الإسلاميون وبعض القوى الوطنية يراهنون في حلّ الأزمة على عاملين، الأول: المزيد من الضغوطات، والثاني: عامل الزمن، اللذان سيؤديان - حسب اعتقادهم - إلى المزيد من التنازل عن الصلاحيات لصالح الشعب.

لا أقول إنّ مراهنات الإسلاميين وغيرهم أضغاث أحلام، أو ضرب من الخيال، إلا أنّ هكذا نوع من المراهنات فيه كثير من المبالغة. ونظراً لأن الدستور الكويتي يعتبر من الدساتير الجامدة؛ فأعتقد أن حل هذه الأزمة المستمرة يكمن في أمرين، الأول: خلق توافق بين الحكم ومجلس الأمة حول التعديلات الدستورية وفق ما اشترط عليه الدستور الكويتي، خاصة أن المادة الدستورية (174) جاءت واضحة وصريحة، حيث يمنع أي طرف من القيام بأي إجراء انفرادي على تعديل مواد الدستور. والأمر الثاني هو ضرورة ابتعاد جميع الأطراف عن العصبية القبلية والطائفية والأسرية.

عبد الله بشارة أكد في مقابلة مع جريدة (إيلاف) الإلكترونية بتاريخ 17 أغسطس من العام الماضي: “أنّ الحكومة الكويتية في موقف حرج؛ لأنّها لا تملك أغلبية برلمانية”، وعليه يرى بشارة أنّ هناك خيارين أمام الحكومة للحل، وهما: إجراء تعديل للدستور بحيث يتضمّن اكتمال النظام الديمقراطي، أو السماح للوزراء في الحكومة بالتصويت على مسألة طرح الثقة”.

في الواقع، إن انتقادات أمير الكويت للبرلمان والدستور قد مهدت الطريق لإجراء تعديلات ضرورية. والمطبخ الكويتي اليوم مليء بالأفكار والمقترحات، والجميع قلبه على الكويت، والرهان يبقى بالطبع على الحكماء في الحكومة والقوى السياسية الدينية والوطنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/أيار/2010 - 4/جمادى الآخرة/1431

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1431هـ  /  1999- 2010م